عرض مشاركة واحدة
  #2  
قديم 07-21-2013, 02:13 AM
بنت الاسلام بنت الاسلام غير متواجد حالياً
Moderator
 
تاريخ التسجيل: Sep 2010
المشاركات: 3,019
افتراضي

ومع شدَّة الكربِ والبلاءِ العظيم تحتاجُ الأمةُ إلى الأمل،
ويبُثُّ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - الأملَ في النفوس، والتفاؤُلَ بالغلَبَة،
واليقينَ بوعد الله ونصرِه؛ بل زادَهم ذلك إيمانًا ويقينًا،
{ وَلَمَّا رَأَى الْمُؤْمِنُونَ الْأَحْزَابَ قَالُوا هَذَا مَا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَصَدَقَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ
وَمَا زَادَهُمْ إِلَّا إِيمَانًا وَتَسْلِيمًا }
[ الأحزاب: 22 ]
عن البراء بن عازبٍ - رضي الله عنه قال :
( أمرَنا رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - بحفر الخندَق،
وعرَضَ لنا صخرةٌ في مكانٍ من الخندَق لا تأخُذ فيها المعاوِل،
فشكَوها إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -،
فجاء رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم
فأخذ المِعوَلَ فقال: بسم الله فضربَ ضربةً فكسرَ ثُلُثَ الحجر،
وقال: الله أكبر، أُعطِيتُ مفاتيح الشام،
والله إني لأُبصِرُ قصورَها الحُمرَ من مكاني هذا
ثم قال: بسم الله وضربَ أخرى، فكسرَ ثُلُثَ الحجر،
فقال: الله أكبر، أُعطيتُ مفاتيح فارس، والله إني لأُبصِرُ المدائِن،
وأُبصِرُ قصرَها الأبيضَ من مكاني هذا
ثم قال: بسم الله وضربَ ضربةً أخرى، فقطعَ بقيَّة الحجر،
فقال: الله أكبر، أُعطيتُ مفاتيح اليمن، والله إني لأُبصِرُ أبواب صنعاء من مكاني هذا )
رواه أحمد.
ربَّى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أصحابَه والمسلمون
من بعدهم على أن النصرَ لا يتحقَّقُ بعد كلِّ هذا إلا من عند الله،
هو مصدرُ النصر رغم التضحِيات والقِتال،
{ وَمَا النَّصْرُ إِلَّا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ }
[ آل عمران: 126 ]
ليس بتخطيطِنا ولا عُدَّتنا ولا عَتَادنا؛ بل بما سخَّرَه الله - تبارك وتعالى - من أسبابٍ،
قال الله تعالى:
{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ
إِذْ جَاءَتْكُمْ جُنُودٌ فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحًا وَجُنُودًا لَمْ تَرَوْهَا وَكَانَ اللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرًا }
[ الأحزاب: 9 ]
النصرُ من عند الله، ولو خذَلَكم الشرقُ والغربُ، وقلَّ العددُ والعتَاد،
قال الله تعالى :
{ إِنْ يَنْصُرْكُمُ اللَّهُ فَلَا غَالِبَ لَكُمْ وَإِنْ يَخْذُلْكُمْ فَمَنْ ذَا الَّذِي يَنْصُرُكُمْ مِنْ بَعْدِهِ
وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ }
[ آل عمران: 160 ]
الدعاءُ - عباد الله - أساسُ النصر ورُوحُه؛ فعندما اشتدَّ الكربُ بالمُسلمين
حتى بلَغَت القلوبُ الحناجِر، وزُلزِلُوا زِلزالاً شديدًا
دعا رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - على الأحزاب:
( اللهم مُنزِل الكتاب، سريعَ الحساب، اهزِم الأحزاب، اللهم اهزِمهم وزلزِلهم )
واستجابَ الله الدعاء؛ فشتَّت الله شملَهم بالخلاف،
وأرسلَ عليهم الرِّيحَ البارِدة الشديدة، وألقَى الرُّعبَ في قلوبِهم،
وأنزلَ جنودًا من عنده، قال الله تعالى:
{ إِنَّهُمْ يَكِيدُونَ كَيْدًا (15) وَأَكِيدُ كَيْدًا }
[ الطارق: 15، 16 ].
ولله - سبحانه وتعالى - جندٌ لا يعلمُهم البشرُ ولا يرَونَهم،
جنودٌ في السماء وجنودٌ في الأرض،
{ وَمَا يَعْلَمُ جُنُودَ رَبِّكَ إِلَّا هُوَ }
[ المدثر: 31 ]
{ وَرَدَّ اللَّهُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِغَيْظِهِمْ لَمْ يَنَالُوا خَيْرًا
وَكَفَى اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ الْقِتَالَ وَكَانَ اللَّهُ قَوِيًّا عَزِيزًا }
[ الأحزاب: 25 ].
إخوة الإسلام:
إن الباطلَ مهما صالَ وجالَ، أو انتفشَ زيفُه في زمان، فسيعُود إلى الذلِّ والصَّغَار،
هذه سُنَّةُ الله الماضِيَة، قال الله تعالى:
{ بَلْ نَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَى الْبَاطِلِ فَيَدْمَغُهُ فَإِذَا هُوَ زَاهِقٌ }
[ الأنبياء: 18 ]
وقال:
{ وَقُلْ جَاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقًا }
[ الإسراء: 81 ].
بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم،
ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم، أقول قولي هذا،
وأستغفر الله العظيم لي ولكم، فاستغفروه، إنه هو الغفور الرحيم.
نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة
الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له،
وأشهد أن سيِّدَنا ونبيَّنا محمدًا عبدُه ورسولُه، بلَّغ الرسالة، وأدَّى الأمانة، ونصحَ الأمة،
صلّى الله عليه وعلى آله وصحبِه أجمعين.
نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة
فأُوصِيكم ونفسي بتقوى الله، قال الله تعالى:
{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ }
[ آل عمران: 102 ].
وفي كل محنةٍ وبليَّة يبقَى في الموقف رجالٌ يُشارُ إليه بالبَنان.
رجالٌ يصدُقُون في العهد، ويُوفون بالوعد. رجالٌ يكون مِحور النصر،
ومنبَع الثبات، ومصدرَ الأمل والتفاؤُل، يشحَذُون الهِمَم، ويشدُّون العزائِم،
ويتلفُّ حولَهم الصادِقون، ولا يصِلُ إليهم المُخذِّلون.

رد مع اقتباس