![]() |
![]() |
المستشار نبيل جلهوم | ||
المهندس عبدالدائم الكحيل | الدكتور عبدالله بن مراد العطرجى | بطاقات عطاء الخير |
دروس اليوم | أحاديث اليوم | بطاقات لفلي سمايل |
|
تسجيل دخول اداري فقط |
رسائل اليوم رسائل بيت عطاء الخير اليومية |
انشر الموضوع |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
|||
|
|||
![]() من: الأخت / الملكة نــور الأمثال في القرآن جزء عاشر الأمثال في القرآن للدكتور الشيخ محمد راتب النابلسي الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين ، وعلى آل بيته الطيبين الطاهرين ، اللهم أخرجنا من ظلمات الجهل والوهم إلى أنوار المعرفة والعلم ، ومن وحول الشهوات إلى جنات القربات . قال تعالى : { فَمَا لَهُمْ عَنِ التَّذْكِرَةِ مُعْرِضِينَ * كَأَنَّهُمْ حُمُرٌ مُسْتَنْفِرَةٌ * فَرَّتْ مِنْ قَسْوَرَةٍ } [ المدثر : 49 - 51 ] البشر نوعان ؛ مُقبل ومُعرض : أيها الأخوة الكرام ، آية المثل هي قوله تعالى : { فَمَا لَهُمْ عَنِ التَّذْكِرَةِ مُعْرِضِينَ * كَأَنَّهُمْ حُمُرٌ مُسْتَنْفِرَةٌ * فَرَّتْ مِنْ قَسْوَرَةٍ } [ المدثر : 49 - 51 ] بالمناسبة ، من الصور البلاغية والبيانية التشبيه ، فقد يشبه الله في قرآنه الكريم شيئاً بشيء بأداةٍ ووجه شبه ، فإذا قلت مثلاً : عليٌ كالأسد في الشجاعة ، فعليٌّ مشبه ، والأسد مشبه به ، والأداة هي الكاف ، ووجه الشبه ، هو الأسد ، في أي تشبيهٍ لابدّ من مشبهٍ ومن مشبهٍ به ومن أداة التشبيه ومن وجه الشبه ، هذه أركان التشبيه ، لذلك قد تكون الأداةُ مثل ، أو الكاف ، أو ما شاكل ذلك ، وقد تحذف الأداةُ ويحذف وجه الشبه عندئذٍ يكون التشبه بليغاً ، عليٌ أسدٌ ، فقد حذفنا وجه الشبه في الشجاعة ، وحذفنا أداة التشبيه الكاف ، وقد يكون التشبيه تاماً ، فيه وجه الشبه ، وأداة، ومشبه ، ومشبه به . في هذه الآية الله عز وجل يُشبه الإنسان الذي أعرض عنه بالحمر، ذكرته فلم يتذكر ، نبهته فلم ينتبه ، وعظته فلم يتعظ ، لفتّ نظره فلم يلتفت ، بالغت في توضيح الحقائق له فجعل أصابعه في آذانه ، وقال : إنا عن هذا الكلام معرضون ، هذا الإنسان المعرض ، فالبشر نوعان : مقبل ومعرض ، مستقيم ومنحرف ، من أهل الدنيا أو من أهل الآخرة ، محسن أو مسيء. من أعرض عن ذكر الله عز وجل له حياة شقيّة تعيسة : في النهاية البشر على اختلاف مللهم ، ونحلهم ، وانتماءاتهم ، وطوائفهم ، ومذاهبهم ، وتياراتهم ، وتابع هذا التقسيمات إلى ما شاء الله ، كلها تقسيمات بني البشر ، لكن البشر جميعاً عند خالق البشر صنفان : { فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى * وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى * فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى } [ الليل : 5 - 7 ] عرف الله ، انضبط بمنهجه ، أحسن إلى خلقه ، سلم ، وسعد في الدنيا والآخرة ، غفل عن الله ، تفلت من منهجه ، أساء إلى خلقه ، هلك وشقي في الدنيا والآخرة ، هم نموذجان ، فهذا الذي ذكرته فلم يتذكر ، نبهته فلم ينتبه ، دعوته فلم يستجيب ، أعرض عن ذكر الله . { وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكاً } [ طه : 124 ] له حياة شقية . ضيق القلب هي المعيشة الضنك التي يعاني منها القوي والغني الغافل عن الله عز وجل : لكن هناك أحد المفسرين لفت نظري في هذا التساؤل ، قال: فما بال الأقوياء والأغنياء ؟ ملك يملك كل البلاد ، كفرعون مثلاً ، ما معيشته الضنك؟ لو طلب الأشياء النادرة المستحيلة كانت أمامه ، هذا شأن الملك دائماً ، والغني الذي يملك مليارات ممليرة ، ما معنى المعيشة الضنك عند هؤلاء؟ عند الأقوياء وعند الأغنياء ، المال موجود ، الأطباء كلهم في خدمته ، القصور ، الطعام ، الشراب ، الأثاث ، الثياب ، المكانة ، هؤلاء الأقوياء والأغنياء ما هي المعيشة الضنك التي يعيشونها ؟ على الشبكية لا يوجد معيشة ضنك، هناك بيوت ، و قصور ، ومركبات ، وطعام ، ووجاهة ، وإعلان ، وإعلام ، ما معنى المعيشة الضنك عندهم ؟ قالها هذا المفسر : إنها الشدة النفسية ، ضيق القلب ، صدقوا ولا أبالغ ، بقلب المعرض عن الله من القلق والخوف ما لو وزع على أهل بلد لكفاهم . تشبيه الإنسان الغافل عن الله بحمر سمعت صوت الأسد فولت هاربة لا تلوي على شيء : قال تعالى : { فَمَا لَهُمْ عَنِ التَّذْكِرَةِ مُعْرِضِينَ * كَأَنَّهُمْ حُمُرٌ مُسْتَنْفِرَةٌ } لعلكم تذكرون أن حمر الوحش ، الحمر المخطط طولاً ، بيضاء وسوداء ، هذه الحمر إن سمعت صوت الأسد ولت مدبرة لا تلوي على شيء. لذلك قال تعالى : { كَأَنَّهُمْ حُمُرٌ مُسْتَنْفِرَةٌ * فَرَّتْ مِنْ قَسْوَرَةٍ } قسورة : الأسد ، معنى ذلك أن الله يشبه هذا الإنسان الغافل ، هذا الإنسان المعرض ، هذا الإنسان الشارد ، هذا الإنسان الذي لم يستجيب ، لم يرعوِ ، لم يتأثر ، لم يفعل شيئاً في حياته ، هو غارق بملذاته وشهواته ، هذا شبه بحمر سمعت صوت الأسد فولت هاربة لا تلوي على شيء ، المستنفرة غير نافرة ، طبعاً نَفَرَ ينفرُ نافر، هنا مستنفرة ، من شدة الخوف ، أي بعضها ينفر من بعض . هناك تجربة دقيقة جداً تعني شيئاً كثيراً ، جاؤوا بقرد وضعوه بقفص ، علقوا في سقف القفص فاكهة الموز ، والقرد يحبها كثيراً ، فلما تطاول ليأكل من هذه الفاكهة جاء من يضربه وينهاه ، لما تطاول ثانيةٍ جاء من يضربه وينهاه ، ثالثةً رابعةً فيئس ، أدخلوا عليه قرداً آخر ، فلما تطاول هذا الآخر ليأكل من هذه الفاكهة ، القرد الأول هو الذي نهاهُ وعنفه. أحياناً الناس يخافون، من مظاهر خوفهم أنهم يُخوفون بعضهم بعضاً ، أي إذا الإنسان تكلم بكلمة حق هناك من يعترض عليه ، يقول له : ليس لك من هذا الكلام ، دعك من هذا الكلام ، انجُ بريشك ، الناس عندئذٍ يسهمون بتخويف بعضهم بعضاً، لذلك : { الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَاناً وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ } [ آل عمران : 173 ] فأنت أحياناً مشكلتك مع الناس ، لو وقفت موقفاً أخلاقياً ، لو وقفت موقفاً جريئاً ، لو وقفت موقفاً رائعاً ، الذين يخوفونك هم الذين حولك ، { فَمَا لَهُمْ عَنِ التَّذْكِرَةِ مُعْرِضِينَ * كَأَنَّهُمْ حُمُرٌ } جمع حمار، وهو حمار الوحش ، { مُسْتَنْفِرَةٌ } كل حمار ينفر الآخر ، ليست القضية المجموع خاف من هذا الوحش ، لا ، الواحد من هؤلاء الحمر يخوف الآخر ، { فَرَّتْ مِنْ قَسْوَرَةٍ } القسورة هي الأسد . كل إنسان أعرض عن ربه وتوجه إلى شهواته فهو ممن تنطبق عليه الآية التالية : لذلك أيها الأخوة ، من يتمنى أن يشبه في القرآن الكريم بالحمر المستنفرة ؟ هذا كلام الله ، هذا هو الحق المبين ، هذا هو كلام خالق السماوات والأرض ، فكل إنسان أعرض عن ربه ، وتوجه إلى شهواته ، ولم يستجيب لنداء الله عز وجل ، فهو ممن ينطبق عليه هذا الكلامُ العظيم ، { فَمَا لَهُمْ عَنِ التَّذْكِرَةِ مُعْرِضِينَ * كَأَنَّهُمْ حُمُرٌ مُسْتَنْفِرَةٌ * فَرَّتْ مِنْ قَسْوَرَةٍ } مثلاً : تجد إنساناً غافلاً عن الله ، شارداً ، غارقاً في ملذاته ، في انحطاطه ، قد يشعر بألمٍ في القسم الأيسر من صدره ، يذهب إلى الطبيب فإذا هي آفة قلبية ، تقربه من الموت ، الهلع ، والخوف ، والجزع ، واختلال التوازن ، شيء لا يصدق . مرة سألت طبيب قلب مقيم في أمريكا عن حال مرضاه الذين أصيبوا بأمراض القلب ، قال لي : فزعهم عجيب ، الإنسان إذا شرد عن الله ، ولم يستجب لله ، ليس له عمل يقبله الله عز وجل ، هذا إذا أصابه مرض عضال انهارت معنوياته . حدثني أخٌ كريم يعمل مضيفاً في طائرة ، هذه الطائرة دخلت في سحابة مكهربة وكانت على وشك السقوط ، طبعاً تحطمت مقدمتها ، تحطم زجاج الطيار، واختل توازنها ، وكانت على وشك السقوط ، يصف لي ركاب الطائرة وصفاً لا يصدق ، أكثرهم يضربُ وجهه بيديه ، بعضهم مزق ثيابه ، بعضهم صاح : يا ويلتاه ، أي وضع الركاب وضع مخيف ، فاضطراب الركاب سبب ضغطاً على الطيار ، فطلب من بعض المضيفين أن يهدئهم ، فقال له : لا أحد يستجيب لي ، فأجابه : ابحث عن إنسان هادئ ، فوجد إنساناً هادئاً فقال : هذا أنسب إنسان ، فقال له : قم وأعن الطيار على تهدئة الركاب ، وجده مغمىً عليه ، هذا الوحيد . { فَمَا لَهُمْ عَنِ التَّذْكِرَةِ مُعْرِضِينَ * كَأَنَّهُمْ حُمُرٌ مُسْتَنْفِرَةٌ * فَرَّتْ مِنْ قَسْوَرَةٍ } |
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|
|
![]() |