المستشار نبيل جلهوم | ||
المهندس عبدالدائم الكحيل | الدكتور عبدالله بن مراد العطرجى | بطاقات عطاء الخير |
دروس اليوم | أحاديث اليوم | بطاقات لفلي سمايل |
|
تسجيل دخول اداري فقط |
انشر الموضوع |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
|||
|
|||
خطبتى الجمعة من المسجد الحرام بعنوان :رمضان شهر التزكية
خُطَبّ الحرمين الشريفين
خطبتى الجمعة من المسجد الحرام مع الشكر للموقع الرسمى للحرمين الشريفين ألقى فضيلة الشيخ/ عبد الرحمن بن عبد العزيز السديس حفظه الله خطبة الجمعة بعنوان: رمضان شهر التزكية الَّتِي تحدث فيها عن فضل شهر رمضان في تزكية القلوب، واستغلال شهر رمضان المبارك بالمبادرات الطيبة في الإصلاح بين المسلمين. الخطبة الأولى الحمد لله من علينا بحلول مواسم أثنت بها الجوارح والسرائر، ولهجت بها الألسن والضمائر، فحمدًا لله بإثر حمد عَلَى فضلٍ تكاثر في ازدياد، وشكرًا دائمًا في كل وقت نروم ثوابه يوم التنادي، وأشهد ألا إله إِلَّا الله وحده لا شريك له، أجزل للصائمين الأجر في الأوائل والأواخر، وأشهد أن نَبِيّنا وسيدنا محمدًا عبد الله ورسوله، خير من صام وقام فنال أسمى الذخائر، من اقتفى هديه حاز المآثر والمفاخر، صلى الله وسلم وبارك عليه وعَلَى آله وذريته البدور الزواهر، وصحابته البالغين أسمى البشائر ومن تبعهم بإحسان إِلَى يوم تبلى السرائر. أَمَّا بعد: ... فاتقوا الله عباد الله، وزكوا أعمالهم وأقوالكم في شهر الْقُرْآن بالتقوى والإخلاص، وبادروا بالتوبة قبل أن يؤخذ بالنواص ولات حين مناص { يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُون } [البقرة/183]. وكُــــــــن مُخبِتًــــــــــا لله بالتقـــــوى الـــــتـــــي هي الزادُ للأخرى ودَع كلَّ من ألوَى. فحسبُك وانزِل حيثُمـــــا نزل الهُدى وكُن حيثُما كـــان التـــــورُّع والتقــــــــــوى معاشر المسلمين ها قد أظلنا شهر المرابح بظلاله ونواله، وجماله وجلاله، شهرٌ عاطر، فضله ظاهر، بالخيرات زاخر، انبجلت بيمنه الصباح، وتأرَّجَت الأمصارُ بعبَقِه الفوَّاح، شهرٌ أشرقت في أفق الزمان العاتم كواكبه، وعادت والعود أحمد بسلامة الإياب أمجاده ومراكبه، لينضح أرواحنا اللهفاء بالروح والريحان، والازدلاف إِلَى المولى الديان، الله أكبر. شهر رمضان نفحة ربانية تفعم حياة المسلمين بالذكر والقربات، وفيه تلهج الألسن بعاطر التلاوات وتبهج الأنفس بهدي الصيام ونور القيام، وفد ليوقظ رواقد الخير في القلوب، ويعطل روافد الحوب ومساقي الذنوب، وفد ليرهف أحاسيس البر في الشعور، ومعاني الإحسان وبسط الحبور، فتبرأ النفوس الشاردة الكزة من أثقال الحياة، وتخففوا من أوهاق المادة المعناة، فالأذن سامعةٌ والعين دامعةٌ والروح خاشعةٌ والقلب أواه. هذا نسيم القبول هب وهذا سيل الخير صب، وهذا الشيطان قد غل وتب، عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( إذَا كَانَ أَوَّلُ لَيْلَةٍ مِنْ شَهْرِ رَمَضَانَ صُفِّدَتِ الشَّيَاطِينُ، وَمَرَدَةُ الجِنِّ، وَغُلِّقَتْ أَبْوَابُ النَّارِ، فَلَمْ يُفْتَحْ مِنْهَا بَابٌ، وَفُتِّحَتْ أَبْوَابُ الجَنَّةِ، فَلَمْ يُغْلَقْ مِنْهَا بَابٌ، وَيُنَادِي مُنَادٍ: يَا بَاغِيَ الخَيْرِ أَقْبِلْ، وَيَا بَاغِيَ الشَّرِّ أَقْصِرْ، وَلِلَّهِ عُتَقَاءُ مِنَ النَّارِ، وَذَلكَ كُلُّ لَيْلَةٍ ) أخرجه الترمذي وابن ماجة بسند صحيح جاء الصيام فجاء الخير أجمعه ترتيل ذكرٍ وتحميدٍ وتسبيح، فالنفس تدأب في قولٍ وفي عملٍ صوم النهار وبالليل التراويح. معاشر المؤمنين أحسنوا استقبال شهركم بالتوبة النصوح والتعفف الربوح عن سفاسف الأمور الجنوح. يَا أُمَّتِي اسْتَقْبِلُوا شَهْـرًا بِرُوْحِ تُقًى وَتَوْبَـةِ الصِّدْقِ فَالتَّأْخِيْـرُ إِغْوَاءُ تُوْبُوْا إِلَى رَبِّكُـمْ فَالذَّنْبُ دَاهِيَـةٌ ذَلَّتْ بِـهِ أُمَـمٌ وَاحْتَلَّهَـا الـدَّاءُ الصيام عباد الله ترسٌ للمسلم من الخطايا والأزار، ولئمةٌ دون التلطخ بالأدران والأكدار، وجنةٌ واقية من لهيب النَّار، ألا فلتجعلوا لجوارحكم زمامًا من العقل والنهى، ورقيبًا من الروع والتقى، حفظًا للصيام عن النقص والانثلام. يقول صلى الله عليه وسلم: ( الصِّيَامُ جُنَّةٌ يَسْتَجِنُّ بِهَا الْعَبْدُ مِنَ النَّارِ ) أخرجه الإمام أحمد . ولا يتحقق ذلك إِلَّا بصوم الجوارح عن الموبقات والفوادح وعفة اللسان عن اللغو والهذيان، وحفظ الكلام عن الكِلام، وغض البصر عن الحرام، وكبح الأقدام عن قبيح الإقدام، وبسط ندى الكلف والتورع عن الأذى والكف، والضراعة إِلَى الله بقلوب وجلت نقية، وطويات عَلَى صادق التوبة والإخلاص والتوحيد والسنة مطوية. يا صائماً ترك الطعام تعفـفـا أضحى رفيق الجوع واللواء ابشر بعيدك في القيامة رحمةً محفوفـةً بالبر والأنداء يقول صلى الله عليه وسلم: ( رُبَّ صَائِمٍ لَيْسَ لَهُ مِنْ صِيَامِهِ إِلَّا الْجُوعُ، وَرُبَّ قَائِمٍ لَيْسَ لَهُ مِنْ قِيَامِهِ إِلَّا السَّهَرُ ) أخرجه ابن ماجة والنسائي . وهل مقاصد الصيام عباد الله إِلَّا تهذيب النفوس وترقيتها وذمها عن أدرانها وتزكيتها، وذلك هُوَ المراد الأسمى والهدف الأسنى بشرعة الصيام ألا وهو التقوى، يقول الإمام ابن القيم رحمه الله: الصيام لجام المتقين، وجنة المحاربين، ورياضة الأبرار والمقربين، وهو لرب العالمين من بين سائر الأعمال، وهو سرٌ بين العبد وربه، لا يطلع عليه سواه. ويقول الإمام الكمال بن الهمام رحمه الله: إن الصوم يسكن النفس الأمارة بالسوء ويكسر ثورتها في الفضول المتعلقة بجميع الجوارح. أمة الصيام والْقُرْآن رمضان شهر الْقُرْآن وكان جبريل عليه الصلاة والسلام يدارس نَبِيّنا صلى الله عليه وسلم فيه الْقُرْآن، وصح عنه صلوات الله وسلامه عليه أَنَّهُ قال: ( الصِّيَامُ وَالْقُرْآنُ يَشْفَعَانِ لِلْعَبْدِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، يَقُولُ الصِّيَامُ: أَيْ رَبِّ، مَنَعْتُهُ الطَّعَامَ وَالشَّهَوَاتِ بِالنَّهَارِ، فَشَفِّعْنِي فِيهِ، وَيَقُولُ الْقُرْآنُ: مَنَعْتُهُ النَّوْمَ بِاللَّيْلِ، فَشَفِّعْنِي فِيهِ، قَالَ: فَيُشَفَّعَانِ ) أخرجه الإمام أحمد والبيهقي بإسناد صحيح . فما أعظمه من شهر اغدودقت فيه أصول المنن، واخضوضرت فيه قلوب النازعين إِلَى أزكى سنن، يقول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: ومن تدبر الْقُرْآن طالبًا الهدى منه تبين له طريق الحق، فتدبر الْقُرْآن إن رمت الهدى، فالخير تحت تدبر الْقُرْآن. أَيُّهَا المسلمون أَيُّهَا الصائمون هذه الأيام المباركة فرصة سانحة لمراجعة النفوس وإصلاح الأعمال بما يحمله هذا الشهر الكريم من دروس عظيمة في التسابق في الخيرات والأعمال الصالحية، فهل عملت الأمة عَلَى الإبقاء عَلَى الصورة المشرقة الَّتِي اتسم بها هذا الدين الإسلامي في وسطيته واعتداله، ومكافحته للغلو والتطرف والإرهاب؟ وهل تصدت لكل ما يفيد عَلَى العالم أمنه واستقراره وتعزيز التسامح والتعايش بين الشعوب ونبذ العنصرية والطائفية؟ هل وقفت بحزم أمام من يريد هز ثوابتها والنيل من محكماتها والتطاول عَلَى مسلماتها وقطعياتها؟ فالبدار البدار إِلَى فضل الله الممنوح وبابه المفتوح قبل فوات الروح، واجعلوا هذا الشهر شهر المبادارت، تراحموا تسامحوا تصافحوا تصالحوا صلوا أرحامكم واحفظوا أوقاتكم وتعاهدوا قلوبكم وحققوا مقاصد الصيام قولًا وعملاً، فرمضان فرصةٌ لاستشعار المعاني السامية الَّتِي قصد إليها الدين الإسلامي الحنيف، يتوارد في تحقيق هذه الرسالة العظيمة الأسرة والمسجد والمدرسة والجامعة والمجتمع، ووسائل الإعلام وقنوات التواصل الحديثة، وهل كفاء ذلك إِلَّا المنازل العلا في الجنان مفتحة بالدخول مع باب الريان، فيا طوبى للصائمين ويا بشرى للقائمين. شهر الأمانة والصيانة والتقى والفوز فيه لمن أراد قبولا طوبى لعبد صح فيه صيامه ودعا المهيمن بكرة وأصيلا ألا فاشكروا ربكم أن بلغكم هذا الشهر المبارك وإن من تمام الشكر كثرة الإحسان فيه ومساعدة المحتاجين والتيسر عَلَى عباد الله أجمعين. أعوذ بالله من الشيطان الرجيم { شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِيَ أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِّنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ وَمَن كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَر ٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ يُرِيدُ اللّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلاَ يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ وَلِتُكْمِلُوا ْ الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُواْ اللّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُون } [البقرة/185]. بارك الله لي ولكم في الْقُرْآن والسنة ونفعني وإياكم بما فيهما من الآيات والحكمة، أقول قولي هذا وأستغفر الله العظيم الجليل له ولكم ولسائر المسلمين والمسلمات من كل الذنوب والخطيئات فاستغفروه وتوبوا إليه إِنَّهُ هُوَ التواب الغفور. الخطبة الثانية الحمد لله العلي الشكور، أجزل للصائمين الأجور وحباهم بالتقى والسرور وأشهد ألا إله إِلَّا الله وحده لا شريك له، شهادةً نرجو بها الفوز يوم النشور، وأشهد أن نَبِيّنا محمدًا عبد الله رسوله، خير من صام ودعا إِلَى الله حَتَّى عم الحق والهدى والنور، صلى الله عليه وعَلَى آله وصحبه الهداة البدور وسلم تسليمًا كثيرًا. أَمَّا بعد: ... فيا عباد الله اتقوا الله قولًا وفعالًا اتقوه خضوعًا وامتثالًا بكرًا وأصالة تحققوا عزًا وجلالًا وسؤددًا وكمالًا، إخوة الإيمان ما أحسن أن تجعلوا يا رعاكم الله من شهر الصيام شهرًا للمبادارت، فما أجمل أن تنطلق من كل واحدٍ منا مبادرة الاستعداد وحسن الاستقبال وتجديد التوبة والإكثار من قراءة الْقُرْآن والتدبر والتسامح والتصافي ونبذ الحسد والأحقاد وسلامة الصدور والقلوب، ووضع السلاح بين الفرقاء والاجتماع والاعتصام بالكتاب والسنة، وحسن الظن بالمسلمين، والصدقة والإحسان، وأعمال الخير والبر، والعناية بالبيت والأسرة، وصلة الرحم والأقارب. والاهتمام بالشباب والفتيات، وحسن التربية لهم ووحدة الأمة والبعد عن الخلاف والفرقة وتعزيز منهج الوسط والاعتدال وتحقيق الأمن والسلام، والولاء والانتماء، واللحمة الوطنية، ولزوم الجماعة والإمامة، والعمل عَلَى حسن الختام، والعمل للجنة والوقاية من النَّار. وحفظ الأوقات، ومواثيق الشرف القيمية لمنصات التواصل وقنوات الفضاء والإعلام الجديد، وتسخير التقانة لخدمة الدين وأمن الأوطان في تجافي عن الشائعات المغرضة والافتراءات الكاذبة. ألا فلهجوا عباد الله بالشكر والثناء عَلَى ما تنعمون به من شرف الزمان والمكان في شهر رمضان المبارك، في بيت الله الحرام، فقد سخرت لكم منظومة الخدمات الشاملة المحفوفة بالأمن والأمان، والاستقرار والاطمئنان بفضل الله ثُمَّ بفضل العناية الفائقة والرعاية الجليلة من ولاة أمر هذه البلاد المباركة، جعله الله في موازين أعمالهم الصالحة، وحققوا التعاون مع إخوانكم رجال الأمن في حفظ الأمن والنظام. وتحية تقدير وإجلال وفخر واعتزاز لرجال أمننا ولأبطالنا الأشاوس ولجنودنا البواسل المرابطين عَلَى ثغور وحدود بلادنا، عَلَى تضحياتهم وانتصاراتهم، فهم تاج رؤوسنا ومبعث آمالنا و اعتزازنا، ودعواتنا الحراء لهم من رحاب الحرم الشريف، متوجةً بشرف الزمان والمكان، فصبرًا صبرًا، وثباتًا ثباتًا، وظفرًا عاجلاً وانتصارًا. والهجوا يا رعاكم الله في هذه الأيام المباركة بالدعوات الطيبات في شهر النفحات وارفعوا أكف الضراعة لكم ولأهليكم وولاة أمركم وأوطانكم وأمتكم، وألحوا عليه سبحانه وتعالى بالدعاء وارفعوا إليه الابتهال والنداء أن ينصر إخوانكم المستضعفين والمشردين واللاجئين والمنكوبين والمأسورين والمضطهدين في دينهم في كل مكان، أن يفرج كروبهم وهمومهم ويكشف شدائدهم وغمومهم إِنَّهُ سميع مجيب. هذا وصلوا وسلموا رحمكم الله عَلَى النَّبِيّ الكريم ذي الشرف الصميم والفضل الفخيم كما أمركم المولى العظيم في الذكر الحكيم فقال جل في علاه: { إِنَّ اللَّهَ وَمَلاَئِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا } [الأحزاب/56]. وقال صلى الله عليه وسلم: ( مَنْ صَلَّى عَلَيَّ صَلَاةً صَلَّى الله عَلَيْهِ بِهَا عَشْرًا ) رواه مسلم([5]). صلاة عليك نبي الهدى بشيرًا لأمته مرشدًا، صلاةً تعطل أرواحنا بحبك تدني إلينا المدى، اللَّهُمَّ صل عَلَى محمد وعَلَى آل محمد كما صليت عَلَى إبراهيم وعَلَى آل إبراهيم إنك حميدٌ مجيد، وبارك عَلَى محمدٍ وعَلَى آل محمد كما باركت عَلَى إبراهيم وعَلَى آل إبراهيم في العالمين إنك حميدٌ مجيد. وارض اللَّهُمَّ عن الخلفاء الراشدين والأئمة المهديين الذين قضوا بالحق وبه كانوا يعدلون، أبي بكر، وعمر، وعثمان، وعلي، وعن سائر الصَّحَابَة والتابعين ومن تبعهم بإحسان إِلَى يوم الدين، وعنا معهم برحمتك وكرمك يا أكرم الأكرمين.
|
|
|