![]() |
![]() |
المستشار نبيل جلهوم | ||
المهندس عبدالدائم الكحيل | الدكتور عبدالله بن مراد العطرجى | بطاقات عطاء الخير |
دروس اليوم | أحاديث اليوم | بطاقات لفلي سمايل |
|
تسجيل دخول اداري فقط |
انشر الموضوع |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
|||
|
|||
![]() 46 خطبتى صلاة الجمعة بعنوان / طعم الرضا لفضيلة العضو الشيخ / نبيل عبدالرحيم الرفاعى أمام و خطيب مسجد التقوى - شارع التحلية - جدة حصريــاً لبيتنا و لتجمع الجروبات الإسلامية الشقيقة و سمح للجميع بنقله إبتغاء للأجر و الثواب ================================================== ================================ الحمد لله أهل المغفرة و التقوى ، أحاط بكل شيء علماً ،و أحصى كل شيء عدداً ، له ما في السماوات و ما في الأرض و ما بينهما و ما تحت الثرى . أحمده سبحانه و أشكره و أتوب إليه و أستغفره . نعمه لا تحصى ، و آلاؤه ليس لها منتهى . و أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له و أشهد أن سيدنا و نبينا محمداً عبده و رسوله . أخشى الناس لربه و أتقى ، دل على سبيل الهدى و حذر من طريق الردى ، صلى الله و سلم و بارك عليه و على آله و أصحابه ، معالم الهدى و مصابيح الدجى و التابعين و من تبعهم بإحسان و سار على نهجهم و أقتفى . أمــا بعــد : فأوصيكم ـ أيها المسلمون ـ و نفسي بتقوى الله سبحانه و العمل على مرضاتِه و تَركِ ما يُسخطه ، فما زاغ من أتقاه ، و لا خاب من رجاه ، [ يونس :61 ، 62 ] . أيها الناس ، إنَّ مِن الأمور التي لا يماري فيها العقلاء و لا يتجاهلها الأحياء ، أنَّ الطمأنينة و الاستقرارَ النفسي مطلب البشر قاطبةً و إن اختلفوا في تحديد معاييرها و سبُل الوصول إليها ، و ربما ضاقت بعض النفوس في نظرتها لمثلِ هذا المعنى الرفيع ، فحصرته كامنًا في المال و تحصيله ، و نفوسٌ أخرى حصرته في الجاه و المنصب ، و نفوسٌ غيرها حصرته في الأهل و الولد . و هذه المفاهيم و إن كانت لها حظوة في معترك الحياة الدنيا ، إلا أنها مسألةٌ نسبيّة في الأفراد و وَقتيّة في الزمن ، و الواقع المشاهَد أن الأمر خلافُ ذلكم ، فكم من غني لم يفارق الشقاء جنبيه ، و لم يجد في المال معنى الغنى الحقيقي ؛ إذ كم من غنيٍّ يجد و كأنّه لم يجد ، و كم من صاحب جاهٍ و منزلة رفيعة لم يذق طعم الأنس و الاستقرار و لا لاح له طيفُه يومًا ما ، و كم من صاحب أهلٍ و ولدٍ يتقلّب على رمضاءِ الحزن و القلق و الاضطراب النفسيّ و عدم الرضا بالحال ، بينما نجد في واقع الحال شخصًا لم يحظَ بشيء من ذلكم البتةَ ؛ لا مال و لا جاهٍ و لا أهل و لا ولد ، غيرَ أن صدرَه أوسع من الأرض برمّتها ، و أنسَه أبلغُ من شقاء أهلها ، و طمأنينَتَه أبلجُ من قلقهم و إضطرابهم ، لماذا ؟ و ما هو السبب عباد الله ؟ لأنّ تلكم الأصناف قد تباينت في تعاملها مع نعمة كبرى ينعم الله بها على عبده المؤمن ، نعمةٍ إذا وقعت في قلب العبد المؤمن أرته الدنيا واسعةً رحبة و لو كان في جوف حجرةٍ ذرعُها ستة أذرعٍ ، و لو نزِعت من قلب العبد لضاقت عليه الواسعة بما رَحُبت و لو كان يتقلّب بجنبيه في القصور و الدور الفارهة . إنها نعمةُ الرضا عباد الله ، نعم نعمة الرضا ، ذلكم السلاح الفتّاك الذي يقضي بحدّه على الأغوال الهائلة التي ترعب النفسَ فتضرب أمانها و إطمئنانَها بسلاح ضعف اليقين و الإيمان ؛ لأن من آمن عرف طريقَه ، و من عرف طريقه رضي به و سلكه أحسنَ مسلكٍ ليبلغَ و يصل ، لا يبالي ما يعرض له ؛ لأن بصرَه و فكره متعلقان بما هو أسمى و أنقى من هذه الحظوظ الدنيوية . و لا غروَ ـ عباد الله ـ أن يصل مثل هذا سريعًا ؛ لأنّ المتلفِّت لا يصل و لا يُرجى منه الوصول ، يقول المصطفى (( ذاق طعم الإيمان من رضي بالله ربًّا و بالإسلام دينًا و بمحمد رسولاً )) رواه الترمذي ، و قال (( من قال : رضيتُ بالله ربًّا و بالإسلام دينًا و بمحمّد رسولاً و جبت له الجنّة )) رواه أبو داود . إنّ للرضا ـ عباد الله ـ حلاوةً تفوق كلَّ حلاوة ، و عذوبةً دونها كلُّ عذوبةٍ ، و له من المذاق النفسي و الروحيِّ و القلبيّ ما يفوق مذاقَ اللسان مع الشهد المكرَّر . فهذان الحديثان ـ عباد الله ـ عليهما مدار السعادة و الطمأنينة ، و بإستحضارهما ذكرًا و عملاً تتمكّن النفس من خوض عُباب الحياة و مقاومة أعاصيرها دون كُلفةٍ أو نصب ، مهما خالط ذلك من مشاقٍّ و عنت . أيها المسلمون ، إن الأمة في هذا العصر الذي تموج فيه الفتن و تتلاقح فيه الشرور و النكبات لهي أحوج ما تكون إلى إعلان الرضا بالله ربًّا و بالإسلام دينًا و بمحمّد نعم عباد الله ، إنها أحوج ما تكون إلى إعلان ذلكم بلسانها و قلبها و جوارحها ؛ لأن ما تعانيه الأمة المسلمة اليوم يصدق فيه قول الحسن البصري يرحمه الله حينما سئل : من أين أتِي هذا الخلق ؟ قال : " من قِلَّة الرضا عن الله " ، قيل له : و من أين أتي قلّة الرضا عن الله ؟ قال : " من قلّة المعرفة بالله " . و لا جرم ـ عباد الله ـ أننا نسمع مثل هذا الإعلان على الألسنِ كثيرًا ، بيدَ أن هذا ليس هو نهاية المطاف و لا غاية المقصد ، بل إننا أحوج ما نكون إليه في الواقع العمليّ ليلامسَ شؤوننا المتنوّعة في المأكل و المشرب و العلم و العمل و الحكم و الاقتصاد و الثقافة و الإعلام و سائر نواحي الحياة . إن النفوسَ مشرئبّة و الأحداق شاخصة إلى أن ترى في واقع الناس الرضا بألوهيّة الباري جلّ شأنه المتضمّنة الرضا بمحبّته وحده و خوفه وحده و رجائه وحده و كلِّ ما من شأنه أن يُصرَفَ له وحده ، [ الأنعام : 162-164 ] . إنه الرضا بربوبيته سبحانه المتضمِّن الرضا بتدبيره و تقديره و أن ما أصاب العبد لم يكن ليُخطئه و ما أخطأه لم يكن ليصيبَه ، و إذا رضي العبد بربوبية الله و ألوهيته فقد رضي عنه ربُّه ، و إذا رضي عنه ربّه فقد أرضاه و كفاه و حفظه و رعاه ، و قد رتّب الباري سبحانه في محكم التنزيل في غير آيةٍ رضاه عن الخلق برضاهم عنه فقال في عدّة آيات : [ المائدة :119 ، التوبة : 100 ، المجادلة :22 ، البينة :8 ] . عباد الله ، إن انتشارَ الرضا بدين الله في أرضه لهو مظنّة سعادة المجتمعات المسلمة برمّتها ، و متى عظّمت الأمة دينها و رضيت به حكَمًا عدلاً في جميع شؤونها أفلحت و هدِيَت إلى صراط مستقيم . و إن واقعَ مجتمع يشدّ الناسَ إلى التديّن و يذكّرهم بحقّ الله و تُشَمّ رائحة التديّن في أروقته لهو المجتمع الرضيُّ حقًّا المستشعرُ ضرورةَ هذا الدين له كضرورةِ الماء و الهواء ؛ لأن كلّ أمّة تهمل أمرَ دينها و تعطّل كلمةَ الله في مجتمعها فإنّما هي تهمل أعظَم طاقاتها و تعطِّل أسباب فلاحها في الدنيا و الآخرة . فيا لله العجب كيف يتحلَّل أقوام عن دينهم و يستخفّون به و يقعدون بكلّ صراط يوعدون و يصدون من آمن به يبغونها عوجًا ؟ ! و يالله العجب كيف يتوارى أقوام بدينهم و لا يظهرونه إلا على استحياءٍ أو تخوّف ؟ ! أين هؤلاء من قول النبي (( ثلاث من كنّ فيه وجد حلاوةَ الإيمان : أن يكون الله و رسوله أحبَّ إليه مما سواهما ، و أن يحبَّ المرء لا يحبّه إلا لله ، و أن يكرهَ أن يعود في الكفر بعد إذ أنقذه الله منه كما يكره أن يُلقى في النار )) رواه أبو داود و النسائي ؟ ! ألا ما أعظمَ الأمةَ الواثقةَ بنفسها الراضيةَ بربها و دينها و رسولها تردّد في سرِّها و جهرها : " رضينا بالله ربًّا و بالإسلام دينًا و بمحمد إن الاضطرابَ و التفرّقَ و الذلَّ و الخوف و الفوضى كلُّ ذلك مرهون سلبًا و إيجابًا بالرضا بالدين وجودًا و عدمًا ، [ آل عمران :85 ] . إنه الدين الكاملُ الصالح لكلِّ زمان و مكان ، إنه دين الرحمة و الرأفة و القوّة و الصدق و الأمانة و الإستقامة و العبودية لله ، دين متين خالدٌ لا يُقوَّض بنيانه و لا تُهزّ أركانه ، دينٌ لا يشوبه نقصٌ و لا يفتقر إلى زيادةٍ ، دين كامل بإكمال الله له ، [ المائدة :3 ] . بارك الله لي و لكم في القرآن العظيم ، و نفعني و إياكم بما فيه من الآيات و الذكر الحكيم ، نفعني الله و إياكم بالقرآن العظيم ، و بهدي محمد و أستغفر الله لي و لكم و لسائر المسلمين من كل ذنب و خطيئة ، فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم |
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|
|
![]() |