صفحة بيت عطاء الخير
بطاقات عطاء الخير
تويتر عطاء الخير الرسمي
مجموعة بيت عطاء الخير الرسمية
بحث في موقع الدرر السنية
 

بحث عن:

ابحث بالموقع
تاريخ اليوم:

  المستشار نبيل جلهوم  
المهندس عبدالدائم الكحيل الدكتور عبدالله بن مراد العطرجى بطاقات عطاء الخير
دروس اليوم أحاديث اليوم بطاقات لفلي سمايل


مجموعات Google
اشترك فى مجموعة بيت عطاء الخير
البريد الإلكتروني:
زيارة هذه المجموعة

تسجيل دخول اداري فقط

الرسائل اليومية لبيت عطاء الخير لنشر و إعادة الأخلاق الإسلامية الحقيقية للأسرة

إضافة رد
انشر الموضوع
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 04-26-2011, 06:05 PM
vip_vip vip_vip غير متواجد حالياً
Moderator
 
تاريخ التسجيل: May 2010
الدولة: egypt
المشاركات: 5,722
إرسال رسالة عبر Yahoo إلى vip_vip
افتراضي حديث اليوم الثلاثاء 03.04.1432

حديث اليوم الثلاثاء 03.04.1432


مرسل من عدنان الياس مع الشكر للأخ مالك المالكى


( ممَا جَاءَ فِي تَرْكِ الْقِرَاءَةِ


خَلْفَ الْإِمَامِ إِذَا جَهَرَ الْإِمَامُ بِالْقِرَاءَةِ)







حَدَّثَنَاالْأَنْصَارِيُّحَدَّثَنَامَعْنٌحَدَّثَنَامَالِكُ بْنُ أَنَسٍ


عَنْابْنِ شِهَابٍعَنْابْنِ أُكَيْمَةَ اللَّيْثِيِّ



عَنْأَبِي هُرَيْرَةَ رضى الله تعالى عنهم


أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ و على آله و صحبه وَ سَلَّمَ



( انْصَرَفَ مِنْ صَلَاةٍ جَهَرَ فِيهَا بِالْقِرَاءَةِ فَقَالَ هَلْ قَرَأَ مَعِي أَحَدٌ مِنْكُمْ آنِفًا


فَقَالَ رَجُلٌ نَعَمْ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ إِنِّي أَقُولُ مَالِي أُنَازَعُ الْقُرْآنَ


قَالَ فَانْتَهَى النَّاسُ عَنْ الْقِرَاءَةِ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ سَلَّمَ


فِيمَا جَهَرَ فِيهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ سَلَّمَ مِنْ الصَّلَوَاتِ بِالْقِرَاءَةِ


حِينَ سَمِعُوا ذَلِكَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ سَلَّمَ (



قَالَ وَفِي الْبَاب عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ وَعِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ وَجَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ


قَالَ أَبُو عِيسَى هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ


وَابْنُ أُكَيْمَةَ اللَّيْثِيُّ اسْمُهُعُمَارَةُوَيُقَالُ عَمْرُو بْنُ أُكَيْمَةَ


وَرَوَى بَعْضُ أَصْحَابِالزُّهْرِيِّهَذَا الْحَدِيثَ وَذَكَرُوا هَذَا الْحَرْفَ قَالَ


قَالَالزُّهْرِيُّفَانْتَهَى النَّاسُ عَنْ الْقِرَاءَةِ حِينَ سَمِعُوا ذَلِكَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ


وَلَيْسَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ مَا يَدْخُلُ عَلَى مَنْ رَأَى الْقِرَاءَةَ خَلْفَ الْإِمَامِ لِأَنَّأَبَا هُرَيْرَةَ


هُوَ الَّذِي رَوَى عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هَذَا الْحَدِيثَ وَرَوَىأَبُو هُرَيْرَةَ


عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ مَنْ صَلَّى صَلَاةً لَمْ يَقْرَأْ فِيهَا بِأُمِّ الْقُرْآنِ


فَهِيَ خِدَاجٌ فَهِيَ خِدَاجٌ غَيْرُ تَمَامٍ فَقَالَ لَهُ حَامِلُ الْحَدِيثِ إِنِّي أَكُونُ أَحْيَانًا وَرَاءَ الْإِمَامِ


قَالَ اقْرَأْ بِهَا فِي نَفْسِكَ وَرَوَىأَبُو عُثْمَانَ النَّهْدِيُّعَنْأَبِي هُرَيْرَةَ


قَالَ أَمَرَنِي النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ أُنَادِيَ أَنْ لَا صَلَاةَ إِلَّا بِقِرَاءَةِ فَاتِحَةِ الْكِتَابِ


وَاخْتَارَ أَكْثَرُ أَصْحَابِ الْحَدِيثِ أَنْ لَا يَقْرَأَ الرَّجُلُ إِذَا جَهَرَ الْإِمَامُ بِالْقِرَاءَةِ


وَقَالُوا يَتَتَبَّعُ سَكَتَاتِ الْإِمَامِ وَقَدْ اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي الْقِرَاءَةِ خَلْفَ الْإِمَامِ


فَرَأَى أَكْثَرُ أَهْلِ الْعِلْمِ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالتَّابِعِينَ


وَمَنْ بَعْدَهُمْ الْقِرَاءَةَ خَلْفَ الْإِمَامِ وَبِهِ يَقُولُمَالِكُ بْنُ أَنَسٍوَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُبَارَكِ


وَالشَّافِعِيُّوَأَحْمَدُوَإِسْحَقُوَرُوِيَ عَنْعَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْمُبَارَكِأَنَّهُ قَالَ


أَنَا أَقْرَأُ خَلْفَ الْإِمَامِ وَالنَّاسُ يَقْرَءُونَ إِلَّا قَوْمًا مِنْ الْكُوفِيِّينَ وَأَرَى أَنَّ مَنْ لَمْ يَقْرَأْ


صَلَاتُهُ جَائِزَةٌ وَشَدَّدَ قَوْمٌ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ فِي تَرْكِ قِرَاءَةِ فَاتِحَةِ الْكِتَابِ


وَإِنْ كَانَ خَلْفَ الْإِمَامِ فَقَالُوا لَا تُجْزِئُ صَلَاةٌ إِلَّا بِقِرَاءَةِ فَاتِحَةِ الْكِتَابِ وَحْدَهُ كَانَ


أَوْ خَلْفَ الْإِمَامِ وَذَهَبُوا إِلَى مَا رَوَىعُبَادَةُ بْنُ الصَّامِتِعَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ


وَقَرَأَعُبَادَةُ بْنُ الصَّامِتِبَعْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَلْفَ الْإِمَامِ


وَتَأَوَّلَ قَوْلَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا صَلَاةَ إِلَّا بِقِرَاءَةِ فَاتِحَةِ الْكِتَابِ


وَبِهِ يَقُولُالشَّافِعِيُّوَإِسْحَقُوَغَيْرُهُمَا وَأَمَّاأَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍفَقَالَ مَعْنَى


قَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا صَلَاةَ لِمَنْ لَمْ يَقْرَأْ بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ


إِذَا كَانَ وَحْدَهُ وَاحْتَجَّ بِحَدِيثِجَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِحَيْثُ قَالَ مَنْ صَلَّى رَكْعَةً


لَمْ يَقْرَأْ فِيهَا بِأُمِّ الْقُرْآنِ فَلَمْ يُصَلِّ إِلَّا أَنْ يَكُونَ وَرَاءَ الْإِمَامِ قَالَأَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ


فَهَذَا رَجُلٌ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَأَوَّلَ قَوْلَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ


لَا صَلَاةَ لِمَنْ لَمْ يَقْرَأْ بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ أَنَّ هَذَا إِذَا كَانَ وَحْدَهُ


وَاخْتَارَأَحْمَدُمَعَ هَذَا الْقِرَاءَةَ خَلْفَ الْإِمَامِ وَأَنْ لَا يَتْرُكَ الرَّجُلُ فَاتِحَةَ الْكِتَابِ


وَإِنْ كَانَ خَلْفَ الْإِمَامِ


الشـــــــــــــــروح


قَوْلُهُ : ( حَدَّثَنَاالْأَنْصَارِيُّ)


وَهُوَ إِسْحَاقُ بْنُ مُوسَى الْأَنْصَارِيُّ ( عَنِابْنِ أُكَيْمَةَ)بِالتَّصْغِيرِ اسْمُهُعُمَارَةُ


بِضَمِّ أَوَّلِهِ وَالتَّخْفِيفِ اللَّيْثِيُّ الْمَدَنِيُّ يُكَنَّىأَبَا الْوَلِيدِ، وَقِيلَ اسْمُهُعَمَّارٌ


أَوْعُمَرُأَوْعَامِرٌيَأْتِي غَيْرَ مُسَمًّى ثِقَةٌ مِنْ أَوْسَاطِ التَّابِعِينَ .




قَوْلُهُ : ( انْصَرَفَ مِنْ صَلَاةٍ جَهَرَ فِيهَا بِالْقِرَاءَةِ )


وَفِي رِوَايَةٍلِأَبِي دَاوُدَصَلَّى بِنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَاةً نَظُنُّ أَنَّهَا الصُّبْحُ ( إِنِّي أَقُولُ مَا لِي أُنَازَعُ الْقُرْآنَ ) بِفَتْحِ الزَّايِ وَنَصْبِ الْقُرْآنَ عَلَى أَنَّهُ مَفْعُولٌ ثَانٍ أَيْ فِيهِ كَذَا ، قَالَ صَاحِبُ الْأَزْهَارِ : وَقَالَالْخَطَّابِيُّ : مَعْنَاهُ أُدَاخَلُ فِي الْقِرَاءَةِ وَأُغَالَبُ عَلَيْهَا ، وَقَالَالْجَزَرِيُّفِي النِّهَايَةِ : أَيْ أُجَاذَبُ فِي قِرَاءَتِهِ كَأَنَّهُمْ جَهَرُوا بِالْقِرَاءَةِ خَلْفَهُ فَشَغَلُوهُ فَالْتَبَسَتْ عَلَيْهِ الْقِرَاءَةُ . وَأَصْلُ النَّزْعِ الْجَذْبُ وَمِنْهُ نَزْعُ الْمَيِّتِ بِرُوحِهِ ، انْتَهَى ( قَالَ فَانْتَهَى النَّاسُ إِلَخْ ) أَيْ قَالَالزُّهْرِيُّفَانْتَهَى النَّاسُ كَمَا رَوَى بَعْضُ أَصْحَابِالزُّهْرِيِّ، فَقَوْلُهُ فَانْتَهَى النَّاسُ مُدْرَجٌ مِنْ قَوْلِالزُّهْرِيِّ، وَسَيَجِيءُ تَصْرِيحُ الْحُفَّاظِ بِكَوْنِهِ مُدْرَجًا . وَالْحَدِيثُ قَدِ اسْتُدِلَّ بِهِ عَلَى تَرْكِ الْقِرَاءَةِ خَلْفَ - ص 197 - الْإِمَامِ إِذَا جَهَرَ الْإِمَامُ بِالْقِرَاءَةِ ، وَفِي الِاسْتِدْلَالِ بِهِ عَلَى هَذَا الْمَطْلُوبِ نَظَرٌ كَمَا سَتَقِفُ عَلَيْهِ .




قَوْلُهُ : ( وَفِي الْبَابِ عَنِابْنِ مَسْعُودٍوَعِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍوَجَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ)


أَمَّا حَدِيثُابْنِ مَسْعُودٍفَأَخْرَجَهُالطَّحَاوِيُّوَغَيْرُهُ عَنْهُ قَالَ : كَانُوا يَقْرَءُونَ خَلْفَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ : خَلَطْتُمْ عَلَيَّ الْقُرْآنَ . وَأَمَّا حَدِيثُعِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍفَأَخْرَجَهُمُسْلِمٌوَغَيْرُهُ عَنْهُ ، قَالَ : صَلَّى بِنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَاةَ الظُّهْرِ أَوِ الْعَصْرِ فَقَالَ : أَيُّكُمْ قَرَأَ خَلْفِي بِـسَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى؟ فَقَالَ رَجُلٌ : أَنَا وَلَمْ أُرِدْ بِهَا إِلَّا الْخَيْرَ ، قَالَ : قَدْ عَلِمْتُ أَنَّ بَعْضَكُمْ خَالَجَنِيهَا . وَأَمَّا حَدِيثُجَابِرٍفَأَخْرَجَهُ ابْنُ مَاجَهْوَغَيْرُهُ عَنْهُ مَرْفُوعًا : مَنْ كَانَ لَهُ إِمَامٌ فَقِرَاءَةُ الْإِمَامِ لَهُ قِرَاءَةٌ : وَهَذَا حَدِيثٌ ضَعِيفٌ كَمَا سَتَعْرِفُ .




قَوْلُهُ : ( هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ )


وَأَخْرَجَهُمَالِكٌفِي الْمُوَطَّأِوَأَبُو دَاوُدَوَالنَّسَائِيُّوَابْنُ مَاجَهْ .







رد مع اقتباس
  #2  
قديم 04-26-2011, 06:05 PM
vip_vip vip_vip غير متواجد حالياً
Moderator
 
تاريخ التسجيل: May 2010
الدولة: egypt
المشاركات: 5,722
إرسال رسالة عبر Yahoo إلى vip_vip
افتراضي

قَوْلُهُ : ( وَرَوَى بَعْضُ أَصْحَابِالزُّهْرِيِّهَذَا الْحَدِيثَ وَذَكَرُوا هَذَا الْحَرْفَ قَالَ :

قَالَالزُّهْرِيُّ : فَانْتَهَى النَّاسُ عَنِ الْقِرَاءَةِ إِلَخْ )

يَعْنِي أَنَّ بَعْضَ أَصْحَابِالزُّهْرِيِّفَصَلَ قَوْلَهُ : فَانْتَهَى النَّاسُ إِلَخْ عَنِ الْحَدِيثِ ، وَجَعَلَهُ مِنْ قَوْلِالزُّهْرِيِّ . قَالَ الْإِمَامُالْبُخَارِيُّفِي جُزْءِ الْقِرَاءَةِ : قَوْلُهُ : فَانْتَهَى النَّاسُ مِنْ كَلَامِالزُّهْرِيِّ، وَقَدْ بَيَّنَهُ لِيالْحَسَنُ بْنُ الصَّبَاحِ، قَالَ : حَدَّثَنَامُبَشَّرٌعَنِالْأَوْزَاعِيِّ، قَالَالزُّهْرِيُّ : فَاتَّعَظَ الْمُسْلِمُونَ بِذَلِكَ فَلَمْ يَكُونُوا يَقْرَءُونَ فِيمَا جَهَرَ . وَقَالَمَالِكٌ : قَالَرَبِيعَةُ : إِذَا حَدَّثْتَ فَبَيِّنْ كَلَامَكَ مِنْ كَلَامِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، انْتَهَى وَقَالَالْبَيْهَقِيُّفِي مَعْرِفَةِ السُّنَنِ : قَوْلُهُ : فَانْتَهَى النَّاسُ مِنَ الْقِرَاءَةِ مِنْ قَوْلِالزُّهْرِيِّ، قَالَهُمُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى الذُّهْلِيُّصَاحِبُ الزُّهْرِيَّاتِ ،وَمُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ الْبُخَارِيُّوَأَبُو دَاوُدَ، وَاسْتَدَلُّوا عَلَى ذَلِكَ بِرِوَايَةِالْأَوْزَاعِيِّحِينَ مَيَّزَهُ مِنَ الْحَدِيثِ ، وَجَعَلَهُ مِنْ قَوْلِالزُّهْرِيِّ، وَكَيْفَ يَصِحُّ ذَلِكَ عَنْأَبِي هُرَيْرَةَ،وَأَبُو هُرَيْرَةَيَأْمُرُ بِالْقِرَاءَةِ خَلْفَ الْإِمَامِ فِيمَا جَهَرَ بِهِ وَفِيمَا خَافَتَ ، انْتَهَى . وَقَالَ فِي كِتَابِ الْقِرَاءَةِ : رِوَايَةُابْنِ عُيَيْنَةَعَنْمَعْمَرٍدَالَّةٌ عَلَى كَوْنِهِ مِنْ قَوْلِالزُّهْرِيِّ، وَكَذَلِكَ انْتِهَاءُاللَّيْثِ بْنِ سَعْدٍوَهُوَ مِنَ الْحُفَّاظِ الْأَثْبَاتِ الْفُقَهَاءِ مَعَابْنِ جُرَيْجٍبِرِوَايَةِ - ص 198 - الْحَدِيثِ مِنَالزُّهْرِيِّإِلَى قَوْلِهِ : مَا لِي أُنَازَعُ الْقُرْآنَ، الدَّالُّ عَلَى أَنَّ مَا بَعْدَهُ لَيْسَ فِي الْحَدِيثِ وَأَنَّهُ مِنْ قَوْلِالزُّهْرِيِّ، فَفَصَلَ كَلَامَالزُّهْرِيِّمِنَ الْحَدِيثِ بِفَصْلٍ ظَاهِرٍ ، انْتَهَى . وَقَالَ الْحَافِظُ فِي التَّلْخِيصِ الْحَبِيرِ : وَقَوْلُهُ : فَانْتَهَى النَّاسُ إِلَى آخِرِهِ مُدْرَجٌ فِي الْخَبَرِ مِنْ كَلَامِالزُّهْرِيِّبَيَّنَهُالْخَطِيبُ، وَاتَّفَقَ عَلَيْهِالْبُخَارِيُّفِي التَّارِيخِوَأَبُو دَاوُدَوَيَعْقُوبُ بْنُ سُفْيَانَوَالذُّهْلِيُّوَالْخَطَّابِيُّوَغَيْرُهُمْ ، انْتَهَى .


قَوْلُهُ : ( وَلَيْسَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ مَا يُدْخَلُ عَلَى مَنْ رَأَى الْقِرَاءَةَ خَلْفَ الْإِمَامِ إِلَخْ )

حَاصِلُ كَلَامِهِ أَنَّ حَدِيثَأَبِي هُرَيْرَةَالْمَرْوِيَّ فِي هَذَا الْبَابِ لَا يَدُلُّ عَلَى مَنْعِ الْقِرَاءَةِ خَلْفَ الْإِمَامِ حَتَّى يَكُونَ حُجَّةً عَلَى الْقَائِلِينَ بِهَا ، فَإِنَّأَبَا هُرَيْرَةَالَّذِي رَوَى هَذَا الْحَدِيثَ قَدْ رَوَى هُوَ حَدِيثَ الْخِدَاجِ الَّذِي يَدُلُّ عَلَى وُجُوبِ قِرَاءَةِ الْفَاتِحَةِ عَلَى كُلِّ مُصَلٍّ إِمَامًا كَانَ أَوْ مَأْمُومًا أَوْ مُنْفَرِدًا . وَقَدْ أَفْتَىأَبُو هُرَيْرَةَبَعْدَ رِوَايَةِ هَذَا الْحَدِيثِ بِقِرَاءَةِ فَاتِحَةِ الْكِتَابِ خَلْفَ الْإِمَامِ ، حَيْثُ قَالَ : اقْرَأْ بِهَا فِي نَفْسِكَ ، فَعُلِمَ أَنَّ حَدِيثَأَبِي هُرَيْرَةَالْمَرْوِيَّ فِي هَذَا الْبَابِ لَيْسَ فِيهِ مَا يُدْخَلُ عَلَى مَنْ رَأَى الْقِرَاءَةَ خَلْفَ الْإِمَامِ ، أَيْ لَيْسَ فِيهِ مَا يَضُرُّ الْقَائِلِينَ بِالْقِرَاءَةِ خَلْفَ الْإِمَامِ . قَالَ فِي الْقَامُوسِ : الدَّخَلُ مُحَرَّكَةٌ مَا دَاخَلَكَ مِنْ فَسَادٍ فِي عَقْلٍ أَوْ جِسْمٍ وَقَدْ دَخِلَ كَفَرِحَ وَعُنِيَ دَخْلًا وَدَخَلًا وَالْمَكْرُ وَالْخَدِيعَةُ وَالْعَيْبُ فِي الْحَسَبِ ، انْتَهَى ( وَرَوَىأَبُو عُثْمَانَ النَّهْدِيُّعَنْأَبِي هُرَيْرَةَقَالَ : أَمَرَنِي النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّ أُنَادِيَ أَنْ لَا صَلَاةَ إِلَّا بِقِرَاءَةِ فَاتِحَةِ الْكِتَابِ ) رَوَاهُالْبَيْهَقِيُّفِي كِتَابِ الْقِرَاءَةِ بِأَسَانِيدَ وَأَلْفَاظٍ مَنْ شَاءَ الْوُقُوفَ عَلَيْهَا فَلْيَرْجِعْ إِلَيْهِ .

تَنْبِيهٌ : اعْلَمْ أَنَّ الْإِمَامَمَالِكًاوَالزُّهْرِيَّوَغَيْرَهُمَا مِمَّنْ قَالُوا بِالْقِرَاءَةِ خَلْفَ الْإِمَامِ فِي الصَّلَوَاتِ السِّرِّيَّةِ دُونَ الْجَهْرِيَّةِ قَدِ اسْتَدَلُّوا بِأَحَادِيثِ الْبَابِ ، لَكِنْ فِي الِاسْتِدْلَالِ بِهَذِهِ الْأَحَادِيثِ عَلَى مَطْلُوبِهِمْ نَظَرٌ . أَمَّا حَدِيثُ الْمُنَازَعَةِ الَّذِي رَوَىالتِّرْمِذِيُّفِي هَذَا الْبَابِ فَإِنَّهُ لَا يَدُلُّ عَلَى مَنْعِ الْقِرَاءَةِ خَلْفَ الْإِمَامِ الْمُتَنَازَعِ فِيهَا وَهِيَ الْقِرَاءَةُ بِالسِّرِّ وَفِي النَّفْسِ بِحَيْثُ لَا يُفْضِي إِلَى الْمُنَازَعَةِ بِقِرَاءَةِ - ص 199 - الْإِمَامِ ، نَعَمْ يَدُلُّ عَلَى مَنْعِ الْقِرَاءَةِ بِالْجَهْرِ خَلْفَهُ ، وَهِيَ مَمْنُوعَةٌ بِالِاتِّفَاقِ . قَالَالشَّوْكَانِيُّفِي النَّيْلِ : اسْتَدَلَّ بِهِ الْقَائِلُونَ بِأَنَّهُ لَا يَقْرَأُ الْمُؤْتَمُّ خَلْفَ الْإِمَامِ فِي الْجَهْرِيَّةِ ، وَهُوَ خَارِجٌ عَنْ مَحَلِّ النِّزَاعِ . لِأَنَّ مَحَلَّ النِّزَاعِ هُوَ الْقِرَاءَةُ خَلْفَ الْإِمَامِ سِرًّا وَالْمُنَازَعَةُ إِنَّمَا تَكُونُ مَعَ جَهْرِ الْمُؤْتَمِّ لَا مَعَ إِسْرَارِهِ . وَقَالَ الْفَاضِلُ اللَّكْنَوِيُّ : غَايَةُ مَا فِيهِ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : مَا لِي أُنَازَعُ الْقُرْآنَ، فَهُوَ إِنْ دَلَّ عَلَى النَّهْيِ فَإِنَّمَا يَدُلُّ عَلَى نَهْيِ الْقِرَاءَةِ الْمُفْضِيَةِ إِلَى الْمُنَازَعَةِ فِي الْجَهْرِيَّةِ ، انْتَهَى . وَأَمَّا حَدِيثُابْنِ مَسْعُودٍفَإِنَّهُ إِنَّمَا يَدُلُّ عَلَى مَنْعِ التَّخْلِيطِ عَلَى الْإِمَامِ ، وَالتَّخْلِيطُ لَا يَكُونُ إِلَّا إِذَا قُرِئَ خَلْفَ الْإِمَامِ بِالْجَهْرِ ، وَأَمَّا إِذَا قُرِئَ خَلْفَهُ بِالسِّرِّ وَفِي النَّفْسِ فَلَا يَكُونُ التَّخْلِيطُ ألْبَتَّةَ . وَقَدْ رَوَىالْبَيْهَقِيُّفِي كِتَابِ الْقِرَاءَةِوَالْبُخَارِيُّفِي جُزْءِ الْقِرَاءَةِ حَدِيثَابْنِ مَسْعُودٍهَذَا مِنْ طَرِيقِأَبِي الْأَحْوَصِعَنْعَبْدِ اللَّهِقَالَ : قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِقَوْمٍ كَانُوا يَقْرَءُونَ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ لِقِرَاءَتِهِمْ خَلْفَهُ بِالْجَهْرِ ، وَعَلَى ذَلِكَ أَنْكَرَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِقَوْلِهِ : خَلَطْتُمْ عَلَيَّ الْقُرْآنَ ، فَهَذَا الْحَدِيثُ أَيْضًا خَارِجٌ عَنْ مَحَلِّ النِّزَاعِ . وَأَمَّا حَدِيثُعِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍفَهُوَ أَيْضًا خَارِجٌ عَنْ مَحَلِّ النِّزَاعِ . قَالَ الْحَافِظُابْنُ عَبْدِ الْبَرِّفِي التَّمْهِيدِ : مَعْنَى قَوْلِهِ : خَالَجَنِيهَا أَيْ نَازَعَنِي ، وَالْمُخَالَجَةُ هُنَا عِنْدَهُمْ كَالْمُنَازَعَةِ ، فَحَدِيثُ عِمْرَانَ هَذَا ، الْحَدِيثَ ،ابْنُ أُكَيْمَةَعَنْأَبِي هُرَيْرَةَ، وَلَا تَكُونُ الْمُنَازَعَةُ إِلَّا فِيمَا جَهَرَ فِيهِ الْمَأْمُومُ وَرَاءَ الْإِمَامِ ، وَيَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ قَوْلُأَبِي هُرَيْرَةَوَهُوَ رَاوِي الْحَدِيثِ فِي ذَلِكَ : اقْرَأْ بِهَا فِي نَفْسِكَ يَا فَارِسِيُّ ، انْتَهَى . وَقَالَالْبَيْهَقِيُّفِي كِتَابِ الْقِرَاءَةِ : ثُمَّ إِنْ كَانَ كَرِهَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ قِرَاءَتِهِ شَيْئًا فَإِنَّمَا كَرِهَ جَهْرَهُ بِالْقِرَاءَةِ خَلْفَ الْإِمَامِ ، أَلَا تَرَاهُ قَالَ : أَيُّكُمْ قَرَأَ بِسَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى ، فَلَوْلَا أَنَّهُ رَفَعَ صَوْتَهُ بِقِرَاءَةِ هَذِهِ السُّورَةِ وَإِلَّا لَمْ يُسَمِّ لَهُ مَا قَرَأَ ، وَنَحْنُ نَكْرَهُ لِلْمَأْمُومِ رَفْعَ الصَّوْتِ بِالْقِرَاءَةِ خَلْفَ الْإِمَامِ ، فَأَمَّا أَنْ يَتْرُكَ أَصْلَ الْقِرَاءَةِ فَلَا ، وَقَدْ رَوَيْنَا عَنْعِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍرَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فِي هَذَا الْكِتَابِ مَا رُوِيَ عَنْهُ فِي الْقِرَاءَةِ خَلْفَ الْإِمَامِ ، وَذَلِكَ يُؤَكِّدُ مَا قُلْنَا ، انْتَهَى . وَأَمَّا حَدِيثُجَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِفَهُوَ بِجَمِيعِ طُرُقِهِ ضَعِيفٌ كَمَا سَتَعْرِفُ . وَقَدِ اسْتَدَلَّ الْقَائِلُونَ بِالْقِرَاءَةِ خَلْفَ الْإِمَامِ فِي السِّرِّيَّةِ دُونَ الْجَهْرِيَّةِ بِقَوْلِهِ تَعَالَى : وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُواوَبِحَدِيثِأَبِي مُوسَى: وَإِذَا قَرَأَ فَأَنْصِتُوا، وَسَيَأْتِي الْجَوَابُ عَنْ ذَلِكَ فَانْتَظِرْ .


رد مع اقتباس
  #3  
قديم 04-26-2011, 06:09 PM
vip_vip vip_vip غير متواجد حالياً
Moderator
 
تاريخ التسجيل: May 2010
الدولة: egypt
المشاركات: 5,722
إرسال رسالة عبر Yahoo إلى vip_vip
افتراضي

وَقَالَ قَائِلٌ مِنْهُمْ فِي رِسَالَتِهِ الْفُرْقَانُ : إِنَّ كَثِيرًا مِنَ الْعُلَمَاءِ الْحَنَفِيَّةِ قَدِ ادَّعَوْا أَنَّ قِرَاءَةَ الْمُقْتَدِي مَنْسُوخَةٌ بِقَوْلِهِ : وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا، وَاجْتَهَدُوا فِي إِثْبَاتِ النَّسْخِ بِهِ ، وَالْحَقُّ أَنَّ هَذَا ادِّعَاءٌ مَحْضٌ لَا يُسَاعِدُهُ الدَّلِيلُ . وَالْعَجَبُ مِنْ أَكَابِرِ الْعُلَمَاءِ يَعْنِي الْحَنَفِيَّةَ الَّذِينَ كَانُوا فِي الْعُلُومِ الدِّينِيَّةِ كَالْبَحْرِ الزَّخَّارِ كَيْفَ تَصَدَّوْا لِإِثْبَاتِ النَّسْخِ بِهَذِهِ الْآيَةِ ، انْتَهَى كَلَامُهُ مُتَرْجَمًا .
وَقَالَ قَائِلٌ مِنْهُمْ . بَعْدَ ذِكْرِ وُجُوهٍ عَدِيدَةٍ تَخْدِشُ الِاسْتِدْلَالَ بِهَذِهِ الْآيَةِ مَا لَفْظُهُ : غَايَةُ مَا فِي الْبَابِ أَنَّ الْآيَةَ لَمَّا احْتَمَلَتْ هَذِهِ الْوُجُوهَ كَانَ الِاسْتِدْلَالُ بِقَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ : مَنْ كَانَ لَهُ إِمَامٌ فَقِرَاءَةُ الْقُرْآنِ لَهُ قِرَاءَةٌكَمَا تَمَسَّكَ بِهِ صَاحِبُ الْهِدَايَةِ ، أَوْضَحَ مِنَ الِاسْتِدْلَالِ بِهَذِهِ الْآيَةِ ، انْتَهَى .
قُلْتُ : قَدْ ذَكَرْنَا فِي تَحْقِيقِ الْكَلَامِ وُجُوهًا كَثِيرَةً كُلَّهَا تَدُلُّ عَلَى أَنَّ اسْتِدْلَالَ الْحَنَفِيَّةِ بِهَذِهِ الْآيَةِ عَلَى مَطْلُوبِهِمُ الْمَذْكُورِ لَيْسَ بِصَحِيحٍ وَلَا يَثْبُتُ بِهَا مُدَّعَاهُمْ ، وَنَذْكُرُ هَاهُنَا خَمْسَةَ وُجُوهٍ مِنْهَا :
فَالْأَوَّلُ مِنْهَا : أَنَّ هَذِهِ الْآيَةَ سَاقِطَةٌ عَنِ الِاسْتِدْلَالِ عِنْدَ الْفُقَهَاءِ الْحَنَفِيَّةِ لَا يَجُوزُ الِاسْتِدْلَالُ بِهَا ، وَقَدْ صَرَّحَ بِذَلِكَ فِي كُتُبِ أُصُولِهِمْ قَالَ فِي التَّلْوِيحِ فِي بَابِ الْمُعَارَضَةِ وَالتَّرْجِيحِ : مِثَالُ الْمَصِيرِ إِلَى السُّنَّةِ عِنْدَ تَعَارُضِ الْآيَتَيْنِ قَوْلُهُ تَعَالَى : فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنَ الْقُرْآنِوَقَوْلُهُ تَعَالَى : وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَتَعَارَضَا فَصِرْنَا إِلَى قَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : مَنْ كَانَ لَهُ إِمَامٌ فَقِرَاءَةُ الْإِمَامِ لَهُ قِرَاءَةٌ، انْتَهَى . وَكَذَا فِي نُورِ الْأَنْوَارِ وَزَادَ فِيهِ : فَالْأَوَّلُ بِعُمُومِهِ يُوجِبُ الْقِرَاءَةَ عَلَى الْمُقْتَدِي ، وَالثَّانِي بِخُصُوصِهِ يَنْفِيهِ ، وَقَدْ وَرَدَا فِي الصَّلَاةِ جَمِيعًا فَتَسَاقَطَا فَيُصَارُ إِلَى حَدِيثٍ بَعْدَهُ وَهُوَ قَوْلُهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ : مَنْ كَانَ لَهُ إِمَامٌإِلَخْ .
فَالْعَجَبُ مِنَ الْعُلَمَاءِ الْحَنَفِيَّةِ أَنَّهُمْ مَعَ وُجُودِ هَذَا التَّصْرِيحِ فِي كُتُبِ أُصُولِهِمْ كَيْفَ اسْتَدَلُّوا بِهَذِهِ الْآيَةِ .
- ص 206 - وَالثَّانِي : أَنَّ قَوْلَهُ تَعَالَى : وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُإِنَّمَا يَنْفِيَ الْقِرَاءَةَ خَلْفَ الْإِمَامِ جَهْرًا وَبِرَفْعِ الصَّوْتِ ، فَإِنَّهَا تَشْغَلُ عَنِ اسْتِمَاعِ الْقُرْآنِ ، وَأَمَّا الْقِرَاءَةُ خَلْفَهُ فِي النَّفْسِ وَبِالسِّرِّ فَلَا يَنْفِيهَا ، فَإِنَّهَا لَا تَشْغَلُ عَنِ الِاسْتِمَاعِ ، فَنَحْنُ نَقْرَأُ الْفَاتِحَةَ خَلْفَ الْإِمَامِ عَمَلًا بِأَحَادِيثِ الْقِرَاءَةِ خَلْفَ الْإِمَامِ فِي النَّفْسِ وَسِرًّا ، وَنَسْتَمِعُ الْقُرْآنَ عَمَلًا بِقَوْلِهِ : وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُوَالِاشْتِغَالُ بِأَحَدِهِمَا لَا يُفَوِّتُ الْآخَرَ .
أَلَا تَرَى أَنَّ الْفُقَهَاءَ الْحَنَفِيَّةَ يَقُولُونَ : إِنَّ اسْتِمَاعَ الْخُطْبَةِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَاجِبٌ لِقَوْلِهِ تَعَالَى : وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُوَمَعَ هَذَا يَقُولُونَ إِذَا خَطَبَ الْخَطِيبُيَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِمُوا تَسْلِيمًافَيُصَلِّي السَّامِعُ سِرًّا وَفِي النَّفْسِ قَالَ فِي الْهِدَايَةِ : إِلَّا أَنْ يَقْرَأَ الْخَطِيبُ قَوْلَهُ تَعَالَى : يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِالْآيَةَ فَيُصَلِّي السَّامِعُ فِي نَفْسِهِ ، انْتَهَى . وَقَالَ فِي الْكِفَايَةِ : قَوْلُهُ : فَيُصَلِّي السَّامِعُ فِي نَفْسِهِ أَيْ فَيُصَلِّي بِلِسَانِهِ خَفِيًّا ، انْتَهَى . وَقَالَالْعَيْنِيُّفِي رَمْزِ الْحَقَائِقِ : لَكِنْ إِذَا قَرَأَ الْخَطِيبُيَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًايُصَلِّي السَّامِعُ وَيُسَلِّمُ فِي نَفْسِهِ سِرًّا ائْتِمَارًا لِلْأَمْرِ ، انْتَهَى . وَقَالَ فِي الْبِنَايَةِ . فَإِنْ قُلْتَ : تَوَجَّهَ عَلَيْهِ أَمْرَانِ أَحَدُهُمَا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا ، وَالْأَمْرُ الْآخَرُ قَوْلُهُ تَعَالَى : وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا، قَالَمُجَاهِدٌ : نَزَلَتْ فِي الْخُطْبَةِ ، وَالِاشْتِغَالُ بِأَحَدِهِمَا يُفَوِّتُ الْآخَرَ ، قُلْتُ : إِذَا صَلَّى فِي نَفْسِهِ وَنَصَتَ وَسَكَتَ يَكُونُ آتِيًا بِمُوجِبِ الْأَمْرَيْنِ ، انْتَهَى . وَقَالَ الشَّيْخُابْنُ الْهُمَامِفِي فَتْحِ الْقَدِيرِ : وَعَنْأَبِي يُوسُفَ : يَنْبَغِي أَنْ يُصَلِّيَ فِي نَفْسِهِ ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ مِمَّا لَا يَشْغَلُهُ عَنْ سَمَاعِ الْخُطْبَةِ فَكَانَ إِحْرَازًا لِلْفَضِيلَتَيْنِ ، انْتَهَى .
وَالثَّالِثُ : قَالَالرَّازِيُّفِي تَفْسِيرِهِ : السُّؤَالُ الثَّالِثُ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ أَنْ نَقُولَ : الْفُقَهَاءُ أَجْمَعُوا عَلَى أَنَّهُ يَجُوزُ تَخْصِيصُ عُمُومِ الْقُرْآنِ بِخَبَرِ الْوَاحِدِ ، فَهَبْ أَنَّ عُمُومَ قَوْلِهِ تَعَالَى : وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوايُوجِبُ سُكُوتَ الْمَأْمُومِ عِنْدَ قِرَاءَةِ الْإِمَامِ إِلَّا أَنَّ قَوْلَهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ : لَا صَلَاةَ لِمَنْ لَمْ يَقْرَأْ بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ، وَقَوْلَهُ : لَا صَلَاةَ إِلَّا بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ، أَخَصُّ مِنْ ذَلِكَ الْعُمُومِ ، وَثَبَتَ أَنَّ تَخْصِيصَ عُمُومِ الْقُرْآنِ بِخَبَرِ الْوَاحِدِ لَازِمٌ ، فَوَجَبَ الْمَصِيرُ إِلَى تَخْصِيصِ هَذِهِ الْآيَةِ بِهَذَا الْخَبَرِ ، وَهَذَا السُّؤَالُ حَسَنٌ ، انْتَهَى . وَفِي تَفْسِيرِ النَّيْسَابُورِيِّ وَقَدْ سَلَّمَ كَثِيرٌ مِنَ الْفُقَهَاءِ عُمُومَ اللَّفْظِ إِلَّا أَنَّهُمْ جَوَّزُوا تَخْصِيصَ عُمُومِ الْقُرْآنِ بِخَبَرِ الْوَاحِدِ وَذَلِكَ هَاهُنَا قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : لَا صَلَاةَ إِلَّا بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ، انْتَهَى . وَقَالَ صَاحِبُ غَيْثِ الْغَمَامِ حَاشِيَةِ إِمَامِ الْكَلَامِ : ذَكَرَ ابْنُ الْحَاجِبِ فِي مُخْتَصَرِ الْأُصُولِ وَالْعَضُدِ فِي شَرْحِهِ أَنَّ تَخْصِيصَ عَامِّ الْقُرْآنِ بِالْمُتَوَاتِرِ جَائِزٌ اتِّفَاقًا وَأَمَّا بِخَبَرِ الْوَاحِدِ فَقَالَ بِجَوَازِهِ - ص 207 - الْأَئِمَّةُ الْأَرْبَعَةُ ، وَقَالَابْنُ أَبَانٍمِنَ الْحَنَفِيَّةِ : إِنَّمَا يَجُوزُ إِذَا كَانَ الْعَامُّ قَدْ خُصَّ مِنْ قَبْلُ بِدَلِيلٍ قَطْعِيٍّ مُنْفَصِلًا كَانَ أَوْ مُتَّصِلًا . وَقَالَالْكَرْخِيُّ : إِنَّمَا يَجُوزُ إِذَا كَانَ الْعَامُّ قَدْ خُصَّ مِنْ قَبْلُ بِدَلِيلِ ، مُنْفَصِلًا قَطْعِيًّا كَانَ أَوْ ظَنِّيًّا ، انْتَهَى .
وَالرَّابِعُ : أَنَّهُ لَوْ سُلِّمَ أَنَّ هَذِهِ الْآيَةَ تَدُلُّ عَلَى مَنْعِ الْقِرَاءَةِ خَلْفَ الْإِمَامِ ، فَإِنَّمَا تَدُلُّ عَلَى الْمَنْعِ إِذَا جَهَرَ الْإِمَامُ ، فَإِنَّ الِاسْتِمَاعَ وَالْإِنْصَاتَ لَا يُمْكِنُ إِلَّا إِذَا جَهَرَ وَقَدِ اعْتَرَفَ بِهِ الْعُلَمَاءُ الْحَنَفِيَّةُ أَيْضًا ، فَقَالَ قَائِلٌ فِي تَعْلِيقَاتِهِ عَلَىالتِّرْمِذِيِّمَا لَفْظُهُ : وَلَا تَعَلُّقَ لَهَا يَعْنِي هَذِهِ الْآيَةَ بِالسِّرِّيَّةِ ، وَالْإِنْصَاتُ مَعْنَاهُ فِي اللُّغَةِ كَانَ لكانا أورسننا وَيَكُونُ فِي الْجَهْرِيَّةِ سِيَّمَا إِذَا اجْتَمَعَ الِاسْتِمَاعُ وَالْإِنْصَاتُ وَمَا مِنْ كَلَامٍ فَصِيحٍ يَكُونُ الْإِنْصَاتُ فِيهِ فِي السِّرِّ ، انْتَهَى . فَنَحْنُ نَقْرَأُ خَلْفَ الْإِمَامِ فِي الصَّلَوَاتِ السِّرِّيَّةِ وَفِي الْجَهْرِيَّةِ أَيْضًا عِنْدَ سَكَتَاتِ الْإِمَامِ ، فَإِنَّ الْآيَةَ لَا تَدُلُّ عَلَى الْمَنْعِ إِلَّا إِذَا جَهَرَ ، قَالَ الْإِمَامُالْبُخَارِيُّفِي جُزْءِ الْقِرَاءَةِ : قِيلَ لَهُ احْتِجَاجُكَ بِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى : فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُواأَرَأَيْتَ إِذَا لَمْ يَجْهَرِ الْإِمَامُ يَقْرَأُ خَلْفَهُ ؟ فَإِنْ قَالَ : لَا ، بَطَلَ دَعْوَاهُ ; لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَالَ : فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُواوَإِنَّمَا يَسْتَمِعُ لِمَا يَجْهَرُ ، مَعَ أَنَّا نَسْتَعْمِلُ قَوْلَ اللَّهِ تَعَالَى : فَاسْتَمِعُوا لَهُنَقُولُ : يَقْرَأُ خَلْفَ الْإِمَامِ عِنْدَ السَّكَتَاتِ ، انْتَهَى ، وَقَدِ اعْتَرَفَ بِهَذَا كُلِّهِ بَعْدَ الْفَاضِلِ اللَّكْنَوِيِّ الْعُلَمَاءُ الْحَنَفِيَّةُ حَيْثُ قَالَ : هَذِهِ الْآيَةُ لَا تَدُلُّ عَلَى عَدَمِ جَوَازِ الْقِرَاءَةِ فِي السِّرِّيَّةِ وَلَا عَلَى عَدَمِ جَوَازِ الْقِرَاءَةِ فِي الْجَهْرِيَّةِ حَالَ السَّكْتَةِ .
الْخَامِسُ : أَنَّ هَذِهِ الْآيَةَ لَا تَعَلُّقَ لَهَا بِالْقِرَاءَةِ خَلْفَ الْإِمَامِ ، فَإِنَّهُ لَيْسَ فِيهَا خِطَابٌ مَعَ الْمُسْلِمِينَ بَلْ فِيهَا خِطَابٌ مَعَ الْكُفَّارِ فِي ابْتِدَاءِ التَّبْلِيغِ . قَالَالرَّازِيُّفِي تَفْسِيرِهِ : وَلِلنَّاسِ فِيهِ أَقْوَالٌ : الْأَوَّلُ هُوَ قَوْلُالْحَسَنِوَهُوَ قَوْلُ أَهْلِ الظَّاهِرِ أَنَّا نُجْرِي هَذِهِ الْآيَةَ عَلَى عُمُومِهَا ، فَفِي أَيِّ مَوْضِعٍ قَرَأَ الْإِنْسَانُ وَجَبَ عَلَى كُلِّ أَحَدٍ اسْتِمَاعُهُ . وَالْقَوْلُ الثَّانِي أَنَّهَا نَزَلَتْ فِي تَحْرِيمِ الْكَلَامِ فِي الصَّلَاةِ . وَالْقَوْلُ الثَّالِثُ نَزَلَتْ فِي تَرْكِ الْجَهْرِ بِالْقِرَاءَةِ وَرَاءَ الْإِمَامِ ، وَهُوَ قَوْلُأَبِي حَنِيفَةَوَأَصْحَابِهِ . وَالرَّابِعُ أَنَّهَا نَزَلَتْ فِي السُّكُوتِ عِنْدَ الْخُطْبَةِ ، وَفِي الْآيَةِ قَوْلٌ خَامِسٌ وَهُوَ أَنَّهُ خِطَابٌ مَعَ الْكُفَّارِ فِي ابْتِدَاءِ التَّبْلِيغِ وَلَيْسَ خِطَابًا مَعَ الْمُسْلِمِينَ ، وَهَذَا قَوْلٌ حَسَنٌ مُنَاسِبٌ ، وَتَقْرِيرُهُ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى حَكَى قَبْلَ هَذِهِ الْآيَةِ أَنَّ أَقْوَامًا مِنَ الْكُفَّارِ يَطْلُبُونَ آيَاتٍ مَخْصُوصَةً وَمُعْجِزَاتٍ مَخْصُوصَةً ، فَإِذَا كَانَ النَّبِيُّ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ لَا يَأْتِيهِمْ بِهَا قَالُوا لَوْلَا اجْتَبَيْتَهَا ، فَأَمَرَ اللَّهُ رَسُولَهُ أَنْ يَقُولَ جَوَابًا عَنْ كَلَامِهِمْ : إِنَّهُ لَيْسَ لِي أَنْ أَقْتَرِحَ عَلَى رَبِّي ، وَلَيْسَ لِي إِلَّا أَنْ أَنْتَظِرَ الْوَحْيَ ، ثُمَّ بَيَّنَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّمَا تَرَكَ الْإِتْيَانَ بِتِلْكَ الْمُعْجِزَاتِ الَّتِي اقْتَرَحُوهَا فِي صِحَّةِ النُّبُوَّةِ لِأَنَّ الْقُرْآنَ مُعْجِزَةٌ تَامَّةٌ كَافِيَةٌ فِي إِثْبَاتِ النُّبُوَّةِ ، وَعَبَّرَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْ هَذَا الْمَعْنَى بِقَوْلِهِ : هَذَا بَصَائِرُ مِنْ رَبِّكُمْ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَفَلَوْ قُلْنَا : إِنَّ قَوْلَهُ - ص 208 - تَعَالَى : وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُواالْمُرَادُ مِنْهُ قِرَاءَةُ الْمَأْمُومِ خَلْفَ الْإِمَامِ لَمْ يَحْصُلْ بَيْنَ هَذِهِ الْآيَةِ وَبَيْنَ مَا قَبْلَهَا تَعَلُّقٌ بِوَجْهٍ مِنَ الْوُجُوهِ ، وَانْقَطَعَ النَّظْمُ وَحَصَلَ فَسَادُ التَّرْكِيبِ ، وَذَلِكَ لَا يَلِيقُ بِكَلَامِ اللَّهِ تَعَالَى ، فَوَجَبَ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ مِنْهُ شَيْئًا آخَرَ سِوَى هَذَا الْوَجْهِ ، وَتَقْرِيرُهُ أَنَّهُ لَمَّا ادَّعَى كَوْنَ الْقُرْآنِ بَصَائِرَ وَهُدًى وَرَحْمَةً مِنْ حَيْثُ أَنَّهُ مُعْجِزَةٌ دَالَّةٌ عَلَى صِدْقِ مُحَمَّدٍ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ ، وَكَوْنُهُ كَذَلِكَ لَا يَظْهَرُ إِلَّا بِشَرْطٍ مَخْصُوصٍ وَهُوَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا قَرَأَ الْقُرْآنَ عَلَى أُولَئِكَ الْكُفَّارِ اسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصَتُوا حَتَّى يَقِفُوا عَلَى فَصَاحَتِهِ وَيُحِيطُوا بِمَا فِيهِ مِنَ الْعُلُومِ الْكَثِيرَةِ ، فَحِينَئِذٍ يَظْهَرُ لَهُمْ كَوْنُهُ مُعْجِزًا دَالًّا عَلَى صِدْقِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَيَسْتَغْنَوْا بِهَذَا الْقُرْآنِ عَنْ طَلَبِ سَائِرِ الْمُعْجِزَاتِ ، وَيَظْهَرُ لَهُمْ صِدْقُ قَوْلِهِ فِي صِفَةِ الْقُرْآنِ بَصَائِرُ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ . فَثَبَتَ أَنَّا إِذَا حَمَلْنَا الْآيَةَ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ اسْتَقَامَ النَّظْمُ وَحَصَلَ التَّرْتِيبُ ، فَثَبَتَ أَنَّ حَمْلَهُ عَلَى مَا ذَكَرْنَاهُ أَوْلَى . وَإِذَا ثَبَتَ هَذَا ظَهَرَ أَنَّ قَوْلَهُ : وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا، خِطَابٌ مَعَ الْكُفَّارِ عِنْدَ قِرَاءَةِ الرَّسُولِ عَلَيْهِمُ الْقُرْآنَ فِي مَعْرِضِ الِاحْتِجَاجِ ، وَبِكَوْنِهِ مُعْجِزًا عَلَى صِدْقِ نُبُوَّتِهِ ، وَعِنْدَ هَذَا يَسْقُطُ اسْتِدْلَالُ الْخُصُومِ بِهَذِهِ الْآيَةِ مِنْ كُلِّ الْوُجُوهِ . وَمِمَّا يُقَوِّي أَنَّ حَمْلَ الْآيَةِ عَلَى مَا ذَكَرْنَاهُ أَوْلَى وُجُوهٌ :
الْأَوَّلُ : أَنَّهُ تَعَالَى حَكَى عَنِ الْكُفَّارِ أَنَّهُمْ قَالُوا : لَا تَسْمَعُوا لِهَذَا الْقُرْآنِ وَالْغَوْا فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَغْلِبُونَ . فَلَمَّا حَكَى عَنْهُمْ ذَلِكَ نَاسَبَ أَنْ يَأْمُرَهُمْ بِالِاسْتِمَاعِ وَالسُّكُوتِ حَتَّى يُمْكِنَهُمُ الْوُقُوفُ عَلَى مَا فِي الْقُرْآنِ مِنَ الْوُجُوهِ الْكَثِيرَةِ الْبَالِغَةِ إِلَى حَدِّ الْإِعْجَازِ .
وَالْوَجْهُ الثَّانِي : أَنَّهُ قَالَ قَبْلَ هَذِهِ الْآيَةِهَذَا بَصَائِرُ مِنْ رَبِّكُمْ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَفَحَكَمَ بِكَوْنِ هَذَا الْقُرْآنِ رَحْمَةً لِلْمُؤْمِنِينَ عَلَى سَبِيلِ الْقَطْعِ وَالْجَزْمِ ، ثُمَّ قَالَ : وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُإِلَخْ وَلَوْ كَانَ الْمُخَاطَبُونَ بِقَوْلِهِ فَاسْتَمِعُوا وَأَنْصِتُوا هُمُ الْمُؤْمِنُونَ لَمَا قَالَ : لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَلِأَنَّهُ جَزَمَ قَبْلَ هَذِهِ الْآيَةِ بِكَوْنِ الْقُرْآنِ رَحْمَةً لِلْمُؤْمِنِينَ قَطْعًا ، فَكَيْفَ يَقُولُ بَعْدَهُ مِنْ غَيْرِ فَصْلٍ لَعَلَّهُ يَكُونُ الْقُرْآنُ رَحْمَةً لِلْمُؤْمِنِينَ ، أَمَّا إِذَا قُلْنَا : إِنَّ الْمُخَاطَبِينَ بِهِ هُمُ الْكَافِرُونَ صَحَّ حِينَئِذٍ قَوْلُهُ : لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ، انْتَهَى كَلَامُ الرَّازِيِّ مُلَخَّصًا .
فَإِنْ قُلْتَ : قَدْ أَخْرَجَالْبَيْهَقِيُّعَنِ الْإِمَامِأَحْمَدَقَالَ : أَجْمَعَ النَّاسُ عَلَى أَنَّ هَذِهِ الْآيَةَ فِي الصَّلَاةِ ، انْتَهَى . فَمَعَ إِجْمَاعِ النَّاسِ عَلَى أَنَّ هَذِهِ الْآيَةَ فِي الصَّلَاةِ كَيْفَ يَصِحُّ قَوْلُ مَنْ قَالَ : إِنَّ فِيهَا خِطَابًا مَعَ الْكُفَّارِ وَلَيْسَ فِيهَا خِطَابٌ مَعَ الْمُسْلِمِينَ .
قُلْتُ : لَمْ يَذْكُرِالزَّيْلَعِيُّإِسْنَادَ قَوْلِأَحْمَدَهَذَا وَلَمْ يُبَيِّنْ أَنَّالْبَيْهَقِيَّفِي أَيِّ كِتَابٍ أَخْرَجَهُ ، وَقَدْ طَالَعْتُ كِتَابَ الْقِرَاءَةِ لَهُ مِنْ أَوَّلِهِ إِلَى آخِرِهِ وَلَمْ أَجِدْ فِيهِ قَوْلَأَحْمَدَهَذَا ، وَكَذَا طَالَعْتُ بَابَ الْقِرَاءَةِ - ص 209 - خَلْفَ الْإِمَامِ فِي كِتَابِهِ مَعْرِفَةِ السُّنَنِ لَهُ وَلَمْ أَجِدْ فِيهِ أَيْضًا هَذَا الْقَوْلَ ، فَاللَّهُ أَعْلَمُ أَنَّالْبَيْهَقِيَّفِي أَيِّ كِتَابٍ أَخْرَجَهُ وَكَيْفَ حَالُ إِسْنَادِهِ ، ثُمَّ هَذَا الْقَوْلُ لَيْسَ بِصَحِيحٍ فِي نَفْسِهِ . فَإِنَّ فِي شَأْنِ نُزُولِ هَذِهِ الْآيَةِ أَقْوَالًا : مِنْهَا أَنَّهَا نَزَلَتْ فِي السُّكُوتِ عِنْدَ الْخُطْبَةِ ، وَأَيْضًا يَدُلُّ عَلَى عَدَمِ صِحَّتِهِ قَوْلُابْنِ الْمُبَارَكِ. أَنَا أَقْرَأُ خَلْفَ الْإِمَامِ وَالنَّاسُ يَقْرَءُونَ إِلَّا قَوْمٌ مِنَ الْكُوفِيِّينَ وَأَيْضًا يَدُلُّ عَلَى عَدَمِ صِحَّتِهِ أَنَّ الْإِمَامَأَحْمَدَاخْتَارَ الْقِرَاءَةَ خَلْفَ الْإِمَامِ وَأَنْ لَا يَتْرُكَ الرَّجُلُ فَاتِحَةَ الْكِتَابِ ، وَإِنْ كَانَ خَلْفَ الْإِمَامِ كَمَا ذَكَرَهُالتِّرْمِذِيُّفَتَفَكَّرْ . وَأَيْضًا يَدُلُّ عَلَى عَدَمِ صِحَّتَهُ أَنَّ الصَّحَابَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ قَدِ اخْتَلَفُوا فِي الْقِرَاءَةِ خَلْفَ الْإِمَامِ ، وَقَدْ قَالَ بِهَا أَكْثَرُ أَهْلِ الْعِلْمِ كَمَا صَرَّحَ بِهِالتِّرْمِذِيُّفَتَفَكَّرْ .
فَإِنْ قُلْتَ : الْخِطَابُ فِي هَذِهِ الْآيَةِ وَإِنْ كَانَ مَعَ الْكُفَّارِ لَكِنْ قَدْ تَقَرَّرَ فِي مَقَرِّهِ أَنَّ الْعِبْرَةَ لِعُمُومِ اللَّفْظِ لَا لِخُصُوصِ السَّبَبِ .
رد مع اقتباس
  #4  
قديم 04-26-2011, 06:10 PM
vip_vip vip_vip غير متواجد حالياً
Moderator
 
تاريخ التسجيل: May 2010
الدولة: egypt
المشاركات: 5,722
إرسال رسالة عبر Yahoo إلى vip_vip
افتراضي

قُلْتُ : لَا شَكَّ فِي أَنَّ الْعِبْرَةَ لِعُمُومِ اللَّفْظِ لَا لِخُصُوصِ السَّبَبِ ، لَكِنْ قَدْ تَقَرَّرَ أَيْضًا فِي مَقَرِّهِ أَنَّ اللَّفْظَ لَوْ يُحْمَلُ عَلَى عُمُومِهِ يَلْزَمُ التَّعَارُضُ وَالتَّنَاقُضُ ، وَلَوْ يُحْمَلُ عَلَى خُصُوصِ السَّبَبِ يَنْدَفِعُ التَّعَارُضُ ، فَحِينَئِذٍ يُحْمَلُ عَلَى خُصُوصِ السَّبَبِ . قَالَ الشَّيْخُابْنُ الْهُمَامِفِي فَتْحِ الْقَدِيرِ : وَمَا رُوِيَ فِي الصَّحِيحَيْنِأَنَّهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ كَانَ فِي سَفَرٍ فَرَأَى زِحَامًا ، وَرَجُلٌ قَدْ ظُلِّلَ عَلَيْهِ فَقَالَ مَا هَذَا ؟ فَقَالُوا : صَائِمٌ فَقَالَ لَيْسَ مِنَ الْبِرِّ الصِّيَامُ فِي السَّفَرِ، مَحْمُولٌ عَلَى أَنَّهُمُ اسْتَضَرُّوا بِهِ بِدَلِيلِ مَا وَرَدَ فِي صَحِيحِمُسْلِمٍفِي لَفْظِ : إِنَّ النَّاسَ قَدْ شَقَّ عَلَيْهِمُ الصَّوْمُ . وَالْعِبْرَةُ وَإِنْ كَانَ لِعُمُومِ اللَّفْظِ لَا لِخُصُوصِ السَّبَبِ لَكِنْ يُحْمَلُ عَلَيْهِ دَفْعًا لِلْمُعَارَضَةِ بَيْنَ الْأَحَادِيثِ إِلَخْ . فَإِذَا عَرَفْتَ هَذَا فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَوْ يُحْمَلُ قَوْلُهُ تَعَالَىوَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُعَلَى عُمُومِهِ لَزِمَ التَّعَارُضُ وَالتَّنَاقُضُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ قَوْلِهِ تَعَالَى : فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنَ الْقُرْآنِوَأَحَادِيثِ الْقِرَاءَةِ خَلْفَ الْإِمَامِ . وَلَوْ يُحْمَلُ عَلَى خُصُوصِ السَّبَبِ يَنْدَفِعُ التَّعَارُضُ فَحِينَئِذٍ يُحْمَلُ عَلَى خُصُوصِ السَّبَبِ هَذَا وَإِنْ شِئْتَ الْوُقُوفَ عَلَى الْوُجُوهِ الْأُخْرَى فَارْجِعْ إِلَى كِتَابِنَا تَحْقِيقِ الْكَلَامِ .
وَالدَّلِيلُ الثَّانِي لِلْحَنَفِيَّةِ : حَدِيثُأَبِي مُوسَىقَالَ : عَلَّمَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : " إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَلْيَؤُمَّكُمْ أَحَدُكُمْ ، وَإِذَا قَرَأَ الْإِمَامُ فَأَنْصِتُوا " أَخْرَجَهُأَحْمَدُوَمُسْلِمٌ . وَحَدِيثُأَبِي هُرَيْرَةَقَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " إِنَّمَا جُعِلَ الْإِمَامُ لِيُؤْتَمَّ بِهِ ، فَإِذَا كَبَّرَ فَكَبِّرُوا ، وَإِذَا قَرَأَ فَأَنْصِتُوا " أَخْرَجَهُ الْخَمْسَةُ إِلَّاالتِّرْمِذِيَّ . قُلْتُ : مَحَلُّ الِاسْتِدْلَالِ مِنْ هَذَيْنِ الْحَدِيثَيْنِ هُوَ قَوْلُهُ : وَإِذَا قَرَأَ الْإِمَامُ فَأَنْصِتُوا، وَهُوَ غَيْرُ مَحْفُوظٍ عِنْدَ أَكْثَرِ الْحُفَّاظِ ، قَالَالزَّيْلَعِيُّفِي نَصْبِ الرَّايَةِ : قَالَالْبَيْهَقِيُّفِي الْمَعْرِفَةِ بَعْدَ أَنْ رَوَى حَدِيثَأَبِي هُرَيْرَةَوَأَبِي مُوسَى : وَقَدْ أَجْمَعَ الْحُفَّاظُ عَلَى خَطَأِ هَذِهِ اللَّفْظَةِ فِي الْحَدِيثِأَبُو دَاوُدَوَأَبُو حَاتِمٍوَابْنُ - ص 210 - مَعِينٍوَالْحَاكِمُوَالدَّارَقُطْنِيُّوَقَالُوا إِنَّهَا لَيْسَتْ بِمَحْفُوظَةٍ ، انْتَهَى . وَلَمْ سُلِّمَ أَنَّ لَفْظَ : وَإِذَا قَرَأَ فَأَنْصِتُوافِي هَذَيْنِ الْحَدِيثَيْنِ مَحْفُوظٌ ، فَالِاسْتِدْلَالُ بِهِ عَلَى مَنْعِ الْقِرَاءَةِ خَلْفَ الْإِمَامِ لَيْسَ بِصَحِيحٍ ، كَمَا أَنَّ الِاسْتِدْلَالَ عَلَى هَذَا الْمَطْلُوبِ بِقَوْلِهِ تَعَالَى : وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُلَيْسَ بِصَحِيحٍ كَمَا عَرَفْتَ . وَعَلَى عَدَمِ صِحَّةِ الِاسْتِدْلَالِ بِهِ عَلَى الْمَنْعِ وُجُوهٌ أُخْرَى ذَكَرْنَاهَا فِي كِتَابِنَا تَحْقِيقِ الْكَلَامِ مِنْهَا أَنَّ قَوْلَهُ : وَإِذَا قَرَأَ فَأَنْصِتُوا، مَحْمُولٌ عَلَى مَا عَدَا الْفَاتِحَةَ ، جَمْعًا بَيْنَ الْأَحَادِيثِ : قَالَ الْحَافِظُابْنُ حَجَرٍفِي فَتْحِ الْبَارِي : وَاسْتَدَلَّ مَنْ أَسْقَطَهَا عَنْهُ فِي الْجَهْرِيَّةِ كَالْمَالِكِيَّةِ بِحَدِيثِ : وَإِذَا قَرَأَ فَأَنْصِتُوا، وَهُوَ حَدِيثٌ صَحِيحٌ أَخْرَجَهُمُسْلِمٌمِنْ حَدِيثِأَبِي مُوسَىالْأَشْعَرِيِّ ، وَلَا دَلَالَةَ فِيهِ لِإِمْكَانِ الْجَمْعِ بَيْنَ الْأَمْرَيْنِ فَيُنْصِتُ فِيمَا عَدَا الْفَاتِحَةَ أَوْ يُنْصِتُ إِذَا قَرَأَ الْإِمَامُ وَيَقْرَأُ إِذَا سَكَتَ . وَقَالَ الْإِمَامُالْبُخَارِيُّفِي جُزْءِ الْقِرَاءَةِ : وَلَوْ صَحَّ لَكَانَ يَحْتَمِلُ سِوَى الْفَاتِحَةِ وَإِنْ قَرَأَ فِيمَا سَكَتَ الْإِمَامُ .
وَيُؤَيِّدُ هَذَا أَنَّأَبَا هُرَيْرَةَرَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ كَانَ يُفْتِي بَعْدَ وَفَاةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِقِرَاءَةِ فَاتِحَةِ الْكِتَابِ خَلْفَ الْإِمَامِ فِي جَمِيعِ الصَّلَوَاتِ جَهْرِيَّةً كَانَتْ أَوْ سِرِّيَّةً وَهُوَ رَاوِي حَدِيثِ : وَإِذَا قَرَأَ فَأَنْصِتُواأَيْضًا .
وَالدَّلِيلُ الثَّالِثُ لِلْحَنَفِيَّةِ : حَدِيثُجَابِرٍقَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : مَنْ كَانَ لَهُ إِمَامٌ فَقِرَاءَةُ الْإِمَامِ لَهُ قِرَاءَةٌ، أَخْرَجَهُالدَّارَقُطْنِيُّوَالطَّحَاوِيُّوَغَيْرُهُمَا .
قُلْتُ : الِاسْتِدْلَالُ بِهَذَا الْحَدِيثِ عَلَى مَنْعِ الْقِرَاءَةِ خَلْفَ الْإِمَامِ لَيْسَ بِصَحِيحٍ ، فَإِنَّ هَذَا الْحَدِيثَ بِجَمِيعِ طُرُقِهِ ضَعِيفٌ كَمَا بَيَّنَّاهُ فِي كِتَابِنَا تَحْقِيقِ الْكَلَامِ : قَالَ الْحَافِظُ فِي فَتْحِ الْبَارِي : وَاسْتَدَلَّ مَنْ أَسْقَطَهَا عَنِ الْمَأْمُومِ مُطْلَقًا كَالْحَنَفِيَّةِ بِحَدِيثِمَنْ صَلَّى خَلْفَ الْإِمَامِ فَقِرَاءَةُ الْإِمَامِ لَهُ قِرَاءَةٌ ; لَكِنَّهُ ضَعِيفٌ عِنْدَ الْحَافِظِ ، وَقَدِ اسْتَوْعَبَ طُرُقَهُ ، وَعَلَّلَهُالدَّارَقُطْنِيُّوَغَيْرُهُ ، انْتَهَى . وَقَالَ فِي التَّلْخِيصِ : حَدِيثُمَنْ كَانَ لَهُ إِمَامٌ فَقِرَاءَةُ الْإِمَامِ لَهُ قِرَاءَةٌ، مَشْهُورٌ مِنْ حَدِيثِجَابِرٍ، وَلَهُ طُرُقٌ عَنْ جَمَاعَةٍ مِنَ الصَّحَابَةِ وَكُلُّهَا مَعْلُولَةٌ ، انْتَهَى .
وَلَوْ سَلَّمْنَا أَنَّ هَذَا الْحَدِيثَ صَحِيحٌ فَلَنَا عَنْهُ أَجْوِبَةٌ عَدِيدَةٌ ذَكَرْنَاهَا فِي تَحْقِيقِ الْكَلَامِ فَمِنْهَا مَا قَالَ الْفَاضِلُاللَّكْنَوِيُّفِي كِتَابِهِ إِمَامِ الْكَلَامِ : إِنَّ هَذَا الْحَدِيثَ يَعْنِي حَدِيثَمَنْ كَانَ لَهُ إِمَامٌإِلَخْ لَيْسَ بِنَصٍّ عَلَى تَرْكِ قِرَاءَةِ الْفَاتِحَةِ بَلْ يَحْتَمِلُهَا وَيَحْتَمِلُ قِرَاءَةَ مَا عَدَاهَا ، وَتِلْكَ الرِّوَايَاتُ يَعْنِي رِوَايَاتِعُبَادَةَوَغَيْرِهِ فِي الْقِرَاءَةِ خَلْفَ الْإِمَامِ تَدُلُّ عَلَى وُجُوبِ قِرَاءَةِ الْفَاتِحَةِ أَوِ اسْتِحْسَانِهَا نَصًّا فَيَنْبَغِي تَقْدِيمُهَا عَلَيْهِ قَطْعًا ، انْتَهَى . وَقَالَ فِيهِ أَيْضًا : حَدِيثُعُبَادَةَنَصٌّ فِي قِرَاءَةِ الْفَاتِحَةِ خَلْفَ الْإِمَامِ ، وَأَحَادِيثُ التَّرْكِ وَالنَّهْيِ لَا تَدُلُّ عَلَى تَرْكِهَا نَصًّا بَلْ ظَاهِرًا ، وَتَقْدِيمُ النَّصِّ عَلَى الظَّاهِرِ مَنْصُوصٌ فِي كُتُبِ الْأَعْلَامِ ، انْتَهَى . وَقَالَالْحَازِمِيُّفِي كِتَابِ الِاعْتِبَارِ : الْوَجْهُ الثَّالِثُ وَالثَّلَاثُونَ أَنْ يَكُونَ الْحُكْمُ - ص 211 - الَّذِي تَضَمَّنَهُ أَحَدُ الْحَدِيثَيْنِ مَنْطُوقًا بِهِ وَمَا تَضَمَّنَهُ الْحَدِيثُ الْآخَرُ يَكُونُ مُحْتَمِلًا يَعْنِي فَيَتَقَدَّمُ الْأَوَّلُ عَلَى الثَّانِي ، انْتَهَى .
وَمِنْهَا : مَا قَالَ الْإِمَامُالْبُخَارِيُّفِي جُزْءِ الْقِرَاءَةِ : فَلَوْ ثَبَتَ الْخَبرانِ كِلَاهُمَا لَكَانَ هَذَا مسْتَثْنًى مِنَ الْأَوَّلِ ؛ لِقَوْلِهِلَا يَقْرَأَنَّ إِلَّا بِأُمِّ الْكِتَابِ، وَقَوْلُهُ : مَنْ كَانَ لَهُ إِمَامٌ فَقِرَاءَةُ الْإِمَامِ لَهُ قِرَاءَةٌجُمْلَةً ، وَقَوْلُهُ إِلَّا بِأُمِّ الْقُرْآنِ مُسْتَثْنًى مِنَ الْجُمْلَةِ ، كَقَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : جُعِلَتْ لِيَ الْأَرْضُ مَسْجِدًا وَطَهُورًا، ثُمَّ قَالَ فِي أَحَادِيثَ أُخَرَ إِلَّا الْمَقْبُرَةَ وَمَا اسْتَثْنَاهُ مِنَ الْأَرْضِ وَالْمُسْتَثْنَى خَارِجٌ مِنَ الْجُمْلَةِ : وَكَذَلِكَ فَاتِحَةُ الْكِتَابِ خَارِجٌ مِنْ قَوْلِهِ : مَنْ كَانَ لَهُ إِمَامٌ فَقِرَاءَةُ الْإِمَامِ لَهُ قِرَاءَةٌمَعَ انْقِطَاعِهِ ، انْتَهَى .
وَمِنْهَا : أَنَّ هَذَا الْحَدِيثَ وَارِدٌ فِيمَا عَدَا الْفَاتِحَةِ : قَالَ صَاحِبُ إِمَامِ الْكَلَامِ : قَدْ يُقَالُ إِنَّ مَوْرِدَ هَذَا الْحَدِيثِ هُوَ قِرَاءَةُ رَجُلٍ خَلْفَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَهُوَ شَاهِدٌ لِكَوْنِهِ وَارِدًا فِيمَا عَدَا الْفَاتِحَةِ ، انْتَهَى . وَقَالَ الْحَافِظُالزَّيْلَعِيُّفِي نَصْبِ الرَّايَةِ : وَحَمَلَالْبَيْهَقِيُّهَذِهِ الْأَحَادِيثَ عَلَى مَا عَدَا الْفَاتِحَةِ ، وَاسْتَدَلَّ بِحَدِيثِعُبَادَةَأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَّى الْفَجْرَ ، ثُمَّ قَالَ لَعَلَّكُمْ تَقْرَءُونَ خَلْفَ إِمَامِكُمْ ؟ قُلْنَا : نَعَمْ ، قَالَ : فَلَا تَفْعَلُوا إِلَّا بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِوَأَخْرَجَهُأَبُو دَاوُدَبِإِسْنَادٍ رِجَالُهُ ثِقَاتٌ ، وَبِهَذَا يَجْمَعُ الْأَدِلَّةَ الْمُثْبِتَةَ لِلْقِرَاءَةِ وَالنَّافِيَةَ ، انْتَهَى .
وَمِنْهَا : أَنَّ هَذَا الْحَدِيثَ مَنْسُوخٌ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ فَلَا يَصِحُّ الِاسْتِدْلَالُ بِهِ عَلَى مَنْعِ الْقِرَاءَةِ خَلْفَ الْإِمَامِ ، وَتَقْرِيرُ النَّسْخِ عِنْدَهُمْ أَنَّجَابِرًارَاوِيَ هَذَا الْحَدِيثِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ كَانَ يَقْرَأُ خَلْفَ الْإِمَامِ ، وَكَذَلِكَ رَوَى هَذَا الْحَدِيثَأَبُو هُرَيْرَةَوَأَنَسٌوَأَبُو سَعِيدٍوَابْنُ عَبَّاسٍوَعَلِيٌّوَعِمْرَانُ بْنُ حُصَيْنٍرَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ ، وَكُلُّ هَؤُلَاءِ كَانُوا يَقْرَءُونَ خَلْفَ الْإِمَامِ وَيُفْتُونَ بِهَا . وَعَمَلُ الرَّاوِي وَفَتْوَاهُ خِلَافُ حَدِيثِهِ يَدُلُّ عَلَى نَسْخِهِ عِنْدَهُمْ ، أَمَّا قِرَاءَةُجَابِرٍفَقَدْ رَوَاهُابْنُ مَاجَهْبِسَنَدٍ صَحِيحٍ عَنْهُ ، قَالَ : كُنَّا نَقْرَأُ فِي الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ خَلْفَ الْإِمَامِ فِي الرَّكْعَتَيْنِ الْأُولَيَيْنِ بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ وَسُورَةٍ ، وَفِي الْأُخْرَيَيْنِ بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ : قَالَ الشَّيْخُأَبُو الْحَسَنِ السِّنْدِيُّفِي حَاشِيَةِابْنِ مَاجَهْقَوْلُهُ : كُنَّا نَقْرَأُ ، قَالَالْمِزِّيُّمَوْقُوفٌ ، ثُمَّ قَالَ : هَذَا إِسْنَادٌ صَحِيحٌ رِجَالُهُ ثِقَاتٌ ، انْتَهَى .
وَأَمَّا فَتْوَىأَبِي هُرَيْرَةَفَأَخْرَجَهُمُسْلِمٌفِي صَحِيحِهِ فِي حَدِيثِ الْخِدَاجِ بِلَفْظِ : فَقِيلَلِأَبِي هُرَيْرَةَإِنَّا نَكُونُ وَرَاءَ الْإِمَامِ ، فَقَالَ : اقْرَأْ بِهَا فِي نَفْسِكَ ، انْتَهَى . وَأَخْرَجَهُ الْحَافِظُأَبُو عَوَانَةَفِي صَحِيحِهِ فِي هَذَا الْحَدِيثِ بِلَفْظِ : فَقُلْتُلِأَبِي هُرَيْرَةَ : فَإِنِّي أَسْمَعُ قِرَاءَةَ الْقُرْآنِ فَغَمَزَنِي بِيَدِهِ فَقَالَ : يَا فَارِسِيُّ ، أَوِ ابْنَ الْفَارِسِيِّ ، اقْرَأْ بِهَا فِي نَفْسِكَ ، انْتَهَى . وَقَالَالْبَيْهَقِيُّفِي مَعْرِفَةِ السُّنَنِ : وَفِي رِوَايَةِالْحُمَيْدِيِّعَنْسُفْيَانَعَنِالعَلَاءِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِيهِ عَنْأَبِي هُرَيْرَةَفِي هَذَا الْحَدِيثِ : قُلْتُ : يَاأَبَا هُرَيْرَةَ، إِنِّي أَسْمَعُ - ص 212 - قِرَاءَةَ الْإِمَامِ ، فَقَالَ : يَا فَارِسِيُّ أَوِ ابْنَ الْفَارِسِيِّ ، اقْرَأْ بِهَا فِي نَفْسِكَ ، انْتَهَى . وَأَسَانِيدُ هَذِهِ الْفَتْوَى صَحِيحَةٌ . وَأَمَّا فَتْوَىأَنَسٍرَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فَأَخْرَجَهُالْبَيْهَقِيُّفِي كِتَابِ الْقِرَاءَةِ بِإِسْنَادِهِ عَنْثَابِتٍعَنْهُ قَالَ : كَانَ يَأْمُرُنَا بِالْقِرَاءَةِ خَلْفَ الْإِمَامِ ، قَالَ وَكُنْتُ أَقُومُ إِلَى جَنْبِأَنَسٍفَيَقْرَأُ بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ وَسُورَةٍ مِنَ الْمُفَصَّلِ وَيُسْمِعُنَا قِرَاءَتَهُ لِنَأْخُذَ عَنْهُ .
وَأَمَّا فَتْوَىأَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّفَأَخْرَجَهُالْبَيْهَقِيُّأَيْضًا بِإِسْنَادِهِ عَنْأَبِي نَضْرَةَقَالَ : سَأَلْتُ أَبَا سَعِيدٍ الْخُدْرِيَّ عَنِ الْقِرَاءَةِ خَلْفَ الْإِمَامِ ، فَقَالَ : بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ ، وَإِسْنَادُهُ حَسَنٌ ، وَقَدِ اعْتَرَفَ بِهِ صَاحِبُ آثَارِ السُّنَنِ
رد مع اقتباس
  #5  
قديم 04-26-2011, 06:11 PM
vip_vip vip_vip غير متواجد حالياً
Moderator
 
تاريخ التسجيل: May 2010
الدولة: egypt
المشاركات: 5,722
إرسال رسالة عبر Yahoo إلى vip_vip
افتراضي

وَأَمَّا فَتْوَىابْنِ عَبَّاسٍرَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فَأَخْرَجَهُالْبَيْهَقِيُّأَيْضًا بِإِسْنَادِهِ عَنْعَطَاءٍعَنْهُ قَالَ : اقْرَأْ خَلْفَ الْإِمَامِ جَهَرَ أَوْ لَمْ يَجْهَرْ ، وَفِي رِوَايَةٍ لَهُ : قَالَ : لَا تَدَعْ فَاتِحَةَ الْكِتَابِ ، جَهَرَ الْإِمَامُ أَوْ لَمْ يَجْهَرْ ، وَأَخْرَجَهُ بِإِسْنَادِهِ عَنْإِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ، حَدَّثَنَاالْعَيْزَارُ بْنُ حُرَيْثٍقَالَ : سَمِعْتُابْنَ عَبَّاسٍيَقُولُ : اقْرَأْ خَلْفَ الْإِمَامِ بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ ، قَالَالْبَيْهَقِيُّ : وَهَذَا سَنَدٌ صَحِيحٌ لَا غُبَارَ عَلَيْهِ .
وَأَمَّا فَتْوَىعَلِيٍّرَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فَأَخْرَجَهُالْبَيْهَقِيُّأَيْضًا فِي كِتَابِ الْقِرَاءَةِ بِإِسْنَادِهِ ، عَنْعُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي رَافِعٍ، عَنْعَلِيٍّرَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، قَالَ : اقْرَأْ فِي صَلَاةِ الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ خَلْفَ الْإِمَامِ بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ وَسُورَةٍ . قَالَالْبَيْهَقِيُّ : هَذَا الْإِسْنَادُ مِنْ أَصَحِّ الْأَسَانِيدِ فِي الدُّنْيَا ، انْتَهَى .
وَأَمَّا فَتْوَىعِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍرَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فَأَخْرَجَهُالْبَيْهَقِيُّأَيْضًا فِي كِتَابِ الْقِرَاءَةِ عَنْهُ قَالَ : لَا تَزْكُو صَلَاةُمُسْلِمٍإِلَّا بِطُهُورِ وَرُكُوعٍ وَسُجُودٍ وَفَاتِحَةِ الْكِتَابِ وَرَاءَ الْإِمَامِ وَغَيْرِ الْإِمَامِ . وَمِنْهَا : أَنَّ هَذَا الْحَدِيثَ مُعَارِضٌ وَمُخَالِفٌ لِقَوْلِهِ تَعَالَى : فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنَ الْقُرْآنِفَإِنَّهُ بِعُمُومِهِ نَصٌّ صَرِيحٌ فِي أَنَّ الْمُقْتَدِيَ لَا بُدَّ لَهُ مِنْ قِرَاءَةٍ حَقِيقِيَّةٍ خَلْفَ الْإِمَامِ .
وَهَذَا الْحَدِيثُ يَدُلُّ عَلَى مَنْعِ الْقِرَاءَةِ الْحَقِيقِيَّةِ خَلْفَ الْإِمَامِ عَلَى قَوْلِ أَكْثَرِهِمْ ، أَوْ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْمُقْتَدِيَ لَا حَاجَةَ لَهُ إِلَى الْقِرَاءَةِ الْحَقِيقِيَّةِ خَلْفَ الْإِمَامِ ، بَلْ قِرَاءَةُ إِمَامِهِ تَكْفِيهِ عَلَى قَوْلِ بَعْضِهِمْ ، وَعَلَى كِلَا الْقَوْلَيْنِ يَسْقُطُ هَذَا الْحَدِيثُ عَنِ الِاسْتِدْلَالِ . وَقَدِ اسْتَدَلَّ الْحَنَفِيَّةُ بِحَدِيثِابْنِ أُكَيْمَةَعَنْأَبِي هُرَيْرَةَالَّذِي أَخْرَجَهُالتِّرْمِذِيُّفِي هَذَا الْبَابِ بِلَفْظِ : إِنِّيأَقُولُ مَا لِي أُنَازَعُ الْقُرْآنَ، وَبِحَدِيثِابْنِ مَسْعُودٍ، وَبِحَدِيثِعِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍاللَّذَيْنِ أَشَارَ إِلَيْهِمَاالتِّرْمِذِيُّ، وَقَدْ عَرَفْتَ أَنَّ هَذِهِ الْأَحَادِيثَ الثَّلَاثَةَ لَا تَدُلُّ عَلَى مَنْعِ الْقِرَاءَةِ خَلْفَ الْإِمَامِ الْمُتَنَازَعِ فِيهَا ، وَهِيَ الْقِرَاءَةُ خَلْفَ الْإِمَامِ فِي النَّفْسِ - ص 213 - وَبِالسِّرِّ ، بِحَيْثُ لَا تُفْضِي إِلَى الْمُنَازَعَةِ بِقِرَاءَةِ الْإِمَامِ ، نَعَمْ تَدُلُّ عَلَى مَنْعِ الْقِرَاءَةِ بِالْجَهْرِ خَلْفَهُ وَهِيَ مَمْنُوعَةٌ بِالِاتِّفَاقِ .
تَنْبِيهٌ : اعْلَمْ أَنَّ الْحَنَفِيَّةَ قَدِ اسْتَدَلُّوا عَلَى مَنْعِ الْقِرَاءَةِ خَلْفَ الْإِمَامِ بِبَعْضِ آثَارِ الصَّحَابَةِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ كَأَثَرِزَيْدِ بْنِ ثَابِتٍرَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ : لَا قِرَاءَةَ مَعَ الْإِمَامِ فِي شَيْءٍ رَوَاهُمُسْلِمٌ . وَأَخْرَجَهُالطَّحَاوِيُّرَحِمَهُ اللَّهُ عَنْزَيْدٍوَجَابِرٍوَابْنِ عُمَرَأَنَّهُمْ قَالُوا لَا يُقْرَأُ خَلْفَ الْإِمَامِ فِي شَيْءٍ مِنَ الصَّلَوَاتِ .
قُلْتُ : احْتِجَاجُهُمْ بِهَذِهِ الْآثَارِ لَيْسَ بِشَيْءٍ ، فَإِنَّ الْأَئِمَّةَ الْحَنَفِيَّةَ كَالشَّيْخِابْنِ الْهُمَامِوَغَيْرِهِ قَدْ صَرَّحُوا بِأَنَّ قَوْلَ الصَّحَابِيِّ حُجَّةٌ مَا لَمْ يَنْفِهِ شَيْءٌ مِنَ السُّنَّةِ ، وَقَدْ عَرَفْتَ أَنَّ الْأَحَادِيثَ الْمَرْفُوعَةَ الصَّحِيحَةَ دَالَّةٌ عَلَى وُجُوبِ الْقِرَاءَةِ خَلْفَ الْإِمَامِ فَهِيَ تَنْفِي هَذِهِ الْآثَارَ فَكَيْفَ يَصِحُّ الِاحْتِجَاجُ بِهَا . قَالَ صَاحِبُ إِمَامِ الْكَلَامِ : صَرَّحَابْنُ الْهُمَامِوَغَيْرُهُ أَنَّ قَوْلَ الصَّحَابِيِّ حُجَّةٌ مَا لَمْ يَنْفِهِ شَيْءٌ مِنَ السُّنَّةِ . وَمِنَ الْمَعْلُومِ أَنَّ الْأَحَادِيثَ الْمَرْفُوعَةَ دَالَّةٌ عَلَى إِجَازَةِ قِرَاءَةِ الْفَاتِحَةِ خَلْفَ الْأَئِمَّةِ ، فَكَيْفَ يُؤْخَذُ بِالْآثَارِ وَتُتْرَكُ السُّنَّةُ ، انْتَهَى .
وَأَيْضًا قَدْ صَرَّحُوا بِأَنَّ حُجِّيَّةَ آثَارِ الصَّحَابَةِ إِنَّمَا تَكُونُ مُفِيدَةً إِذَا لَمْ يَكُنِ الْأَمْرُ مُخْتَلَفًا فِيهِ بَيْنَهُمْ كَمَا فِي التَّوْضِيحِ وَنُورِ الْأَنْوَارِ ، وَالْأَمْرُ فِيمَا نَحْنُ فِيهِ لَيْسَ كَذَلِكَ ، بَلْ فِيهِ اخْتِلَافُ الصَّحَابَةِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ كَمَا عَرَفْتَ فَكَيْفَ يَصِحُّ احْتِجَاجُهُمْ بِهَذِهِ الْآثَارِ ، لَا بُدَّ أَنْ تُحْمَلَ عَلَى قِرَاءَةِ السُّورَةِ الَّتِي بَعْدَ الْفَاتِحَةِ أَوْ عَلَى الْجَهْرِ بِالْقِرَاءَةِ مَعَ الْإِمَامِ لِئَلَّا تُخَالِفَ الْأَحَادِيثَ الْمَرْفُوعَةَ الصَّحِيحَةَ . قَالَالنَّوَوِيُّفِي شَرْحِمُسْلِمٍ : وَالثَّانِي أَنَّهُ أَيْ قَوْلُزَيْدِ بْنِ ثَابِتٍمَحْمُولٌ عَلَى قِرَاءَةِ السُّورَةِ الَّتِي بَعْدَ الْفَاتِحَةِ فِي الصَّلَاةِ الْجَهْرِيَّةِ ، فَإِنَّ الْمَأْمُومَ لَا يُشْرَعُ لَهُ قِرَاءَتُهَا ، وَهَذَا التَّأْوِيلُ مُتَعَيَّنٌ لِيُحْمَلَ قَوْلُهُ عَلَى مُوَافَقَةِ الْأَحَادِيثِ الصَّحِيحَةِ ، انْتَهَى . وَقَالَالْبَيْهَقِيُّفِي كِتَابِ الْقِرَاءَةِ : وَهُوَ قَوْلُزَيْدٍرَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ مَحْمُولٌ عِنْدَنَا عَلَى الْجَهْرِ بِالْقِرَاءَةِ مَعَ الْإِمَامِ ، وَمَا مِنْ أَحَدٍ مِنَ الصَّحَابَةِ وَغَيْرِهِمْ مِنَ التَّابِعِينَ قَالَ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ قَوْلًا يُحْتَجُّ بِهِ مَنْ لَمْ يَرَ الْقِرَاءَةَ خَلْفَ الْإِمَامِ إِلَّا وَهُوَ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ بِهِ تَرْكُ الْجَهْرِ بِالْقِرَاءَةِ ، انْتَهَى .
رد مع اقتباس
إضافة رد


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع



ديزاين فور يو لحلول تقنية المعلومات