[vip_vip]

الحلقة الثالثة من يوميات التلميذة و الأستاذ


السلام عليكم و رحمة الله و بركاته

علمنا فى الحلقة السابقة ان عبد الله أرسل الى خديجة سؤال
عن كلمة يهدى فى اول سورة البقرة وسألها كيف يكون الهدى للمتقين
وهم أصلا اهتدوا ثم اتقوا ولذلك جاءت رسالتها لتصيبه بالدهشة

فقدت وصله منها رسالة تقول فيها : هذا سؤال من نوعية أسئلة صبيغ
فهل تعرف ماذا فعل الفاروق رضى الله عنه به ليمنعه من تلك الأسئلة ؟ ....
لقد ضربه حتى أدمى وجهه فماذا تريدني أن أقول لك

قرأ عبد الله الرسالة ورجع فى مقعده وقال فى نفسه هاجر ......
هى التى تندفع فى القول دون أن تتدبر قولها .....
هو نفس أسلوب ابنته الكبرى هاجر ينطلق منها الحديث كطلقات الرصاص
لا تعطى لنفسها فرصة لتفهم المقصود فجلس يكتب لهاجر ....
عفوا جلس يكتب لخديجة وكأنه يخاطب هاجر فقال :



أى بنيتي



لقد كان صبيغ يتتبع بعض الآيات فى القرآن الكريم يبدو عليها التناقض
أو هى من المتشابهة أو قد تكون آيات ناسخة ومنسوخة
ويتحدث بها بين الناس ليوهم من يسمعه أن القرآن به خلل فى السياق
لكن السؤال هنا لم يذهب الى هذا الاتجاه ولم يكن الغرض منه إلا لفت
انتباه القارئ الى ان يسال نفسه ويتعلم أن يتدبر الكلمات والمعاني
ومنعا للإطالة عليك يا ابنتى سأذكر ما قاله العلماء فى أنواع الهداية

النوع الأول :
هى الهداية العامة المشتركة بين كل ما خلقه الله عز وجل



{ قَالَ رَبُّنَا الَّذِي أَعْطَى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدَى }
طه 50

أعطى كل مخلوق شكله وخلقه المختص به ثم هداه الى ما خلقه له من أعمال
ومنها نرى هداية الحيوان الى عمل ما ينفعه ودفع ما يضره



النوع الثانى :
هداية بيان وتعريف وتوضيح طريقى الخير والشر
وطريقة النجاة من الشر او الهلاك به يقول المولى عز وجل



{ وَهَدَيْنَاهُ النَّجْدَيْنِ }
البلد 10



النوع الثالث :
هو هداية التوفيق والإلهام ونرى هذا فى قوله تعالى



{ وَلَوْ شَاء اللّهُ لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلكِن يُضِلُّ مَن يَشَاءُ وَيَهْدِي مَن يَشَاءُ
وَلَتُسْأَلُنَّ عَمَّا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ }
النحل93

وفى قوله تعالى

{ إِن تَحْرِصْ عَلَى هُدَاهُمْ فَإِنَّ اللّهَ لاَ يَهْدِي مَن يُضِلُّ وَمَا لَهُم مِّن نَّاصِرِينَ }
النحل37



فالهداية هنا ليست هى توضيح الخير والشر بل هى هدايتهم لإتباع طريق الخير ...
طريق التوحيد وطاعة الله وعبادته حق العبادة



النوع الرابع :
هو غاية النوع الثالث فإما النجاح أو الفشل أى الهداية الى الجنة أو الى النار

ومثاله قوله تعالى فى سورة الأعراف الآية 43



( وَقَالُواْ الْحَمْدُ لِلّهِ الَّذِي هَدَانَا لِهَـذَا وَمَا كُنَّا لِنَهْتَدِيَ لَوْلا أَنْ هَدَانَا اللّهُ )

وهو قول أهل الجنة .....
أما أهل النار فيقول عنهم ربنا تبارك وتعالى فى سورة الصافات



{ احْشُرُوا الَّذِينَ ظَلَمُوا وَأَزْوَاجَهُمْ وَمَا كَانُوا يَعْبُدُونَ{22}
مِن دُونِ اللَّهِ فَاهْدُوهُمْ إِلَى صِرَاطِ الْجَحِيمِ{23} }



وأكمل عبد الله رسالته الى خديجة قائلا: هكذا ترى يا ابنتى
أن السؤال كان لبيان أنواع الهداية فى القرآن عن طريق إثارة انتباه السامع ليفكر ويبحث
وليس على طريقة صبيغ الذى كان يشكك فى القرآن

وأرسل الرسالة ولم ينتظر ردا ولكن يبدو أن حكاية خديجة لم تنتهى بعد

ولنا لقاء قادم بإذن الله معها

............................