![]() |
![]() |
المستشار نبيل جلهوم | ||
المهندس عبدالدائم الكحيل | الدكتور عبدالله بن مراد العطرجى | بطاقات عطاء الخير |
دروس اليوم | أحاديث اليوم | بطاقات لفلي سمايل |
|
تسجيل دخول اداري فقط |
الرسائل اليومية لبيت عطاء الخير لنشر و إعادة الأخلاق الإسلامية الحقيقية للأسرة |
انشر الموضوع |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
|||
|
|||
![]() الأخت / الملكة نـــور من كتاب الفوائد لأبن القيم يرحمه الله الفوائد من 77 إلى 79 [77] التعلق في المطالب العليا إذا رأيت النفوس المبطلة الفارغة من الإرادة والطلب لهذا الشأن قد تشبث بها هذا العالم السفلي وقد تشبثت به فكلها إليه , فانه اللائق بها لفساد تركيبها , و لا تنقش عليها ذلك فانه سريع الانحلال عنها , و يبقى تشبثها به مع انقطاعه عنها عذابا عليها بحسب ذلك التعلّق , فتبقى شهوتها وإرادتها فيها , و قد حيل بينها و بين ما تشتهي على وجه يئست معه من حصول شهوتها و لذتها . فلو تصوّر العاقل ما في ذلك من الألم والحسرة لبادر إلى قطع هذا التعلق كما يبادر إلى حسم مواد الفساد , و مع هذا فانه ينال نصيبه من ذلك و قلبه و همه متعلق بالمطلب الأعلى , و الله المستعان . [78] ايّاك والكذب ايّاك والكذب فانه يفسد عليك تصور المعلومات على ما هي عليه, ويفسد عليك تصويرها وتعليمها للناس, فان الكاذب يصور المعدوم موجودا والموجود معدوما, والحق باطلا , والباطل حقا, و الخير شرا, و الشر خيرا , فيفسد عليه تصوره وعلمه . و نفس الكاذب معرضة عن الحقيقة الموجودة نزاعة إلى العدم مؤثرة للباطل . و إذا فسدت عليه قوة تصوره وعلمه التي هي مبدأ كل فعلى إرادي , فسدت عليه تلك الأفعال وسرى حكم الكذب إليها فصار صدورها عنه كصدور الكذب على اللسان , فلا ينتفع بلسانه ولا بأعماله .. ولهذا كان الكذب أساس الفجور كما قال النبي صلى الله عليه و سلم : ( إن الكذب يهدي إلى الفجور وان الفجور يهدي إلى النار ) البخاري في الأدب 10\507 رقم 6094 ومسلم , وأبو داود و أحمد . وأول ما يسري الكذب من النفس إلى اللسان فيفسده , ثم يسري إلى الجوارح فيفسد عليها أعمالها كما أفسد على اللسان أقواله , فيعم الكذب أقواله وأعماله و أحواله , فيستحكم عليه الفساد و يترامى داؤه إلى الهلكة إن لم يتداركه الله بدواء الصدق يقلع تلك المادة من أصلها .. و لهذا كان أصل أعمال القلوب كلها الصدق , و أضدادها من الرياء والعجب والكبر والفخر والخيلاء والبطر و الأشر و العجز والكسل والجبن والمهانة وغيرها أصلها الكذب . فكل عمل ظاهر أو باطن فمنشؤه الكذب . و الله تعالى يعاقب الكذاب بأن يقعده و يثبطه عن مصالحه و منافعه , ويثيب الصادق بأن يوفقه للقيام بمصالح دنياه و آخرته , فما استجلبت مصالح الدنيا و الآخرة بمثل الصدق , و لا مفاسدهما و مضارهما بمثل الكذب قال تعالى : { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ } التوبة119, و قال : { هَٰذَا يَوْمُ يَنْفَعُ الصَّادِقِينَ صِدْقُهُمْ } المائدة 119, و قال : { فَإِذَا عَزَمَ الأَمْرُ فَلَوْ صَدَقُوا اللَّهَ لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ } محمد21, و قال : { وَجَاءَ الْمُعَذِّرُونَ مِنْ الْأَعْرَاب لِيُؤْذَن لَهُمْ وَقَعَدَ الَّذِينَ كَذَبُوا اللَّه وَرَسُوله سَيُصِيبُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ عَذَاب أَلِيم } التوبة 90. [79] في ظلال الآية الكريمة في قوله تعالى : { وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ } . في هذه الآية عدة حكم وأسرار و مصالح للعبد , فان العبد إذا علم أن المكروه قد يأتي بالمحبوب , و المحبوب قد يأتي بالمكروه , لم يأمن أن توافيه المضرة من جانب المسرّة , و لم ييأس أن تأتيه المسرة من جانب المضرة لعدم علمه بالعواقب , فان الله يعلم منها مالا يعلمه العبد أوجب له ذلك أمورا : منها : أنه لا أنفع له من امتثال الأمر وان شق عليه في الابتداء, لأم عواقبه كلها خيرات ومسرات ولذات وأفراح وان كرهته نفسه فهو خير لها و أنفع . و كذلك لا شيء أضر عليه من ارتكاب النهي وان هويته نفسه و مالت إليه , فان عواقبه كلها آلام و أحزان وشرور و مصائب , و خاصية العقل تحمل الألم اليسير لما يعقبه من اللذة العظيمة و الخير الكثير, واجتناب اللذة اليسيرة لما يعقبها من الألم العظيم و الشر الطويل . فنظر الجاهل لا يجاوز المبادئ إلى غاياتها , و العاقل الكيّس دائما ينظر إلى الغايات من وراء تلك الستور من الغايات المحمودة و المذمومة . فيرى المناهي كطعام لذيذ قد خلط به سم قاتل , فكلما دعته لذته إلى تناوله نهاه ما فيه من السم . ويرى الأوامر كدواء كريه المذاق مفضى إلى العافية والشفاء , وكلما نهاه كراهة مذاقه عن تناوله أمره نفعه بالتناول . و لكن هذا يحتاج إلى فضل علم تدرك به الغايات من مبادئها , و قوة صبر يوطن به نفسه على تحمّا مشقة الطريق لما يؤمل عند الغاية , فأذل فقد اليقين والصبر تعذّر عليه ذلك, و إذا قوي يقينه و صبره هان عليه كل مشقة يتحملها في طلب الخير الدائم واللذة الدائمة . و من أسرار هذه الآية أنها تقتضي من العبد التفويض إلى من يعلم عواقب الأمور , و الرضا بما يختاره له و يقضيه له , لما يرجو فيه من حسن العاقبة . و منها : أنه لا يقترح على ربه و لا يختار عليه و لا يسأله ما ليس له به علم , فلعل مضرّته و هلاكه فيه و هو لا يعلم , فلا يختار على ربه شيئا بل يسأله حسن الاختيار له و أن يرضيه بما يختاره فلا أنفع له من ذلك .. و منها : أنه إذا فوَّض أمره إلى ربه و رضي بما يختاره له أمده فيما يختاره له بالقوة عليه و العزيمة و الصبر , و صرف عنه الآفات , التي هي عرضة اختيار العبد لنفسه , و أراه من حسن عواقب اختياره له ما لم يكن ليصل إلى بعضه , بما يختاره هو لنفسه . و منها : أنه يريحه من الأفكار المتعبة في أنواع الاختيارات , و يفرغ قلبه من التقديرات و التدبيرات التي يصعد منها في عقبة و ينزل في أخرى , و مع هذا فلا خروج له عما قدر عليه , فلو رضي باختيار الله أصابه القدر و هو محمود مشكور ملطوف به فيه, و إلا جرى عليه القدر و هو مذموم غير ملطوف به فيه . لأنه مع اختياره لنفسه , و متى صح تفويضه و رضاه , اكتنفه في المقدور و العطف عليه و اللطف به فيصير بين عطفه و لطفه , فعطفه يقيه ما يحذره , و لطفه يهوّن عليه ما قدره .. إذا نفذ القدر في العبد كان من أعظم أسباب نفوذه تحيله في رده , فلا أنفع له من الاستسلام و إلقاء نفسه بين يدي القدر طريحا كالميتة , فان السبع لا يرضى بأكل الجيف . |
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|
|
![]() |