![]() |
![]() |
المستشار نبيل جلهوم | ||
المهندس عبدالدائم الكحيل | الدكتور عبدالله بن مراد العطرجى | بطاقات عطاء الخير |
دروس اليوم | أحاديث اليوم | بطاقات لفلي سمايل |
|
تسجيل دخول اداري فقط |
انشر الموضوع |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
|||
|
|||
![]() 47 خطبتى صلاة الجمعة بعنوان / الحُـــزن لفضيلة العضو الشيخ / نبيل عبدالرحيم الرفاعى أمام و خطيب مسجد التقوى - شارع التحلية - جدة حصريــاً لبيتنا و لتجمع الجروبات الإسلامية الشقيقة و سمح للجميع بنقله إبتغاء للأجر و الثواب ================================================== ================================ الحمد لله أهل المغفرة و التقوى، أحاط بكل شيء علماً ، و أحصى كل شيء عدداً ، له ما في السماوات و ما في الأرض و ما بينهما و ما تحت الثرى . أحمده سبحانه و أشكره و أتوب إليه و أستغفره . نعمه لا تحصى ، و آلاؤه ليس لها منتهى . و أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له و أشهد أن سيدنا و نبينا محمداً عبده و رسوله . أخشى الناس لربه و أتقى ، دل على سبيل الهدى و حذر من طريق الردى ، صلى الله و سلم و بارك عليه و على آله و أصحابه ، معالم الهدى و مصابيح الدجى و التابعين و من تبعهم بإحسان و سار على نهجهم و اقتفى . أمـــا بعـــد : فيا أيها المسلمون ، أوصِيكم و نفسي بتقوى الله عزّ و جلّ ، فأتقوا الله جميعاً رحمكم الله ، و قابِلوا إحسانَ ربكم بدوام حمده و شكره ، فهو سبحانه يعامِل عبادَه بإحسانه و فضله ، فإذا ما استعانوا بإحسانه على عِصيانه أدّبهم بعدلِه ، فمن جاءه من ربّه ما يحبّ فليشكُر الواهب ، و من أصابه ما يكره فليتّهم نفسه ، و من انقطعت عنهم متّصِلات الأرزاق فليعودوا باللّوم على أنفسهم و لا يتَّهموا الرزاق ، وَلَـٰكِن يُنَزّلُ بِقَدَرٍ مَّا يَشَاء إِنَّهُ بِعِبَادِهِ خَبِيرُ بَصِيرٌ [ الشورى : 27 ] . أيها المسلمون ، إنَّ الله جلَّت قدرتُه و تعالى أمره قد خلَق النفسَ البشريّة في أحسن تقويم ، و حملها في البرّ و البحر ، و رزقها من الطيّبات ، و فضَّلها على كثير ممّن خلق تفضيلا . و قد كان ممّا خلقه الله في تِلكم النفس المشاعر و الإنفعالات و العواطف و الأحاسيس التي تعبِّر عنها النفس من خلال الضحِك و البكاء و الهمِّ و الغمّ و الحِلم و الغضب و الحزن و السرور بقدرِ ما يعتري النفسَ من دواعٍ تستجلِب أيًّا من تلكم المشاعر ، [ النجم : 42-44 ] . و إنَّ من بين تلكم المشاعرِ المودَعَة في النفسِ شعورَ الحزن و الأسف لدى الإنسانِ ، و الذي يعتريه بين الحينِ و الآخر بسببِ الدواخل و العوارِض المصاحبة له . بَيدَ أنّ كثيرًا من الناس ليس لديهم من الوعيِ و التصوُّر لهذا الشعور ما يجعَلهم يحسنون فهمَه و يجيدون التعاملَ معه في حدود الفهمِ الصحيح المشروع ؛ إذ تتراوَح مفاهيمُ جملةٍ منَ الناس فيه صعودًا و هبوطًا في حينِ إنّ الوسط هو العدلُ المقرَّر ، و لذا كان من حكمةِ الله جلّ و علا أن جعلَ تلكم المشاعرَ تتناوَب في التفاعلِ مع الإنسانِ على وجه العارِض لا على وجه الديمومةِ ، و إلاّ لهلك الإنسان بدوامِ الحال مع شعور واحدٍ فحَسب ، فالحزن على سبيلِ المثال شعورٌ يعترِض المرء أمام المصائب و النوازلِ ، غيرَ أنَّ سلامته و إستقرارَ حاله يقتضيان عدمَ دوام هذا الشعور ، و إلاّ كان صاحبُه حرضًا أو كان من الهالكين ، كما أنّه في الوقت نفسِه لو عاش دائمَ الفرح لا يتطرَّق إليه الحزن بوجهٍ لخُشِي عليه قسوةُ القلب أو مَوَته ، قال إبراهيم التيمي يرحمه الله : " ينبغي لمن لم يحزَن أن يخاف أن يكون من أهلِ النار لأنَّ أهل الجنة قالوا : [ فاطر : 34 ] ، و ينبغي لمن لم يشفق أن يخاف أن لا يكون من أهل الجنّة لأنهم قالوا : [ الطور :26 ، 27 ] " ، و قال الفضيل يرحمه الله : " إنّ القلب إن لم يكن فيه حزنٌ كالبيت إذا لم يكن فيه ساكن " . و المحصِّلَة الباعثةُ على استقرار النفس و حُسن تعايشها مع المشاعر ـ عبادَ الله ـ هو التوازُنُ و الإعتدال ، فلا ينبغي للمرءِ أن يطلقَ لنفسه العِنان في المغالاةِ في الحزن و المداومة عليه إعتمادًا على أحاديثَ منسوبةٍ إلى النبي كان متواصِلَ الأحزان ، أو كما في الخبر الآخر : (( إنّ الله يحبّ كلَ قلب حزين )) . الحزن ـ أيها الناس ـ نقيضُ الفرَح و السرور ، و هو ما يحصل لوقوعِ مَكروه أو فواتِ أمرٍ محبوب ، و أمّا ما يتعلَّق بالمستقبل فإنه يقال له : همّ ، و إذا ما اشتدَّ الحزن حتى يصرِفَ المرءَ عمّا هو بصدَدِه و يقطعه عن مواصلةِ الطريق فإنه يقال له : جَزَع ، و هو أبلغ من الحزن ، و قد نهِيَ عنه شرعًا . ثم إنَّ من المتقرِّرِ في هذا الصدَدِ ـ عبادَ الله ـ أنَّ كثرةَ الحزن سببٌ لضعف البدن كما ذكر ذلك جماعةٌ من أهل العمل و الحِكمة ، غيرَ أنّه عرَض جبليٌّ فِطري ينتاب بني البشَر عندما يغالبون صروفَ الحياة و محَنَها ، و هو ميدان لا بد للمرء من نزوله على هذه البسيطة ؛ لأنَّ المرء مبتلًى في هذه الحياة الدنيا لا محالةَ ، كما قال تعالى : [ العنكبوت : 2 ] . و الحزن مرتهنٌ بالبلاء لكنّه في الوقتِ نفسِه ليس من المطالبِ الشرعيّة و لا من المستحبَّات في كثير من صوَرِه ، و ما الإستحباب و النّدب إلا في كيفيّة التعامل معه لا في تحصيلِه و إيجادِه ، قال عكرمة يرحمه الله : " ليس أحدٌ إلا و هو يفرح و يحزن ، و لكن اجعَلوا الفرَح شُكرًا و الحزنَ صَبرًا" . فالحزن ـ عباد الله ـ لم يرِد في القرآن إلا منهيًّا عنه ، كما في قوله تعالى : [ آل عمران : 139 ] ، و قوله : [ الحجر : 88 ] ، و قوله : [التوبة:40] ، و قوله : [ يونس : 65 ] و الآيات في ذلك كثيرة . و سبَبُ النهيِ عن الحزن أنه لا مصلحةَ فيه للقلب ، بل هو أحبّ شيءٍ إلى الشيطان أن يحزِّنَ العبدَ ليقطَعَه عن مواصلَةِ طريق الحقّ ، كما قال سبحانه و تعالى : وَلَيْسَ بِضَارِّهِمْ شَيْئًا إِلاَّ بِإِذْنِ اللَّهِ [ المجادلة : 10 ] ، |
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|
|
![]() |