![]() |
![]() |
المستشار نبيل جلهوم | ||
المهندس عبدالدائم الكحيل | الدكتور عبدالله بن مراد العطرجى | بطاقات عطاء الخير |
دروس اليوم | أحاديث اليوم | بطاقات لفلي سمايل |
|
تسجيل دخول اداري فقط |
الرسائل اليومية لبيت عطاء الخير لنشر و إعادة الأخلاق الإسلامية الحقيقية للأسرة |
انشر الموضوع |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#3
|
|||
|
|||
![]() فإنه سبحانه إنما اقتصر على ذكر الماء دون بقية العناصر؛ لأنه أتى بصيغة الاستغراق ، و ليس في العناصر الأربعة ما يعمُّ جميع المخلوقات إلا الماء ؛ ليدخل فيها الحيوان البحري .. و في ذلك من مشاكلة اللفظ للمعنى ما لا يخفى على من يعرف جوهر الكلام ، ويدرك أسرار البيان . وقوله تعالى: { ثُمَّ قَالَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ } [ آل عمران : 59 ] معطوف على قوله : { خَلَقَهُ مِنْ تُرَابٍ } [ آل عمران : 59 ] بـ { ثُمَّ } ، وهي لترتيب المُخْبَر عنه، أو للتراخي الرُّتَبِي ؛ لأن المعنى: ابتدأ خلقه بشرًا من جنس التراب، ثم قال له:{ كُنْ }، فكان إنسانًا بنفخ الروح فيه . فإنَّ تكوينه بقول : { كُنْ } أرفع رتبة من قول : { خَلَقَهُ مِنْ تُرَابٍ } الذي هو أسبق في الوجود . و التَّكوين المشار إليه بـ { كُنْ } هو تكوينه على الصفة المقصودة بإيجاد الروح فيه ، و نقله من طور البشرية إلى طور الإنسانية . فبهذه الكلمة كان عيسى كلمةً من الله تعالى ، و بهذه الكلمة كان آدمُ أيضًا كلمةً من الله تعالى . وعلى هذا الذي ذكرناه يكون الترتيب في الآية الكريمة ترتيبًا زمانيًّا ؛ إذ بينَ خلق آدم بشرًا من تراب، وجعله إنسانًا بإيجاد الروح فيه، زمان طويل ؛ ولهذا لم يكن خلقه إبداعيًّا كما كان خلق المسيح عليه السلام. و مذهب أكثر المفسرين على أن { ثُمَّ } لترتيب الخبر . و إلى هذا ذهب البغوي ، فقال في ذلك ما نصُّه: « فإن قيل : ما معنى قوله : { خَلَقَهُ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ قَالَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ }، [ آل عمران: 59 ] ولا تكوين بعد الخلق ؟ قيل : معناه : خلقه ، ثم أخبركم أني قلت له: كن فكان، من غير ترتيب في الخلق؛ كما يكون في الولادة، وهو مثل قول الرجل: أعطيتك اليوم درهمًا، ثم أعطيتك أمس درهمًا. أي: ثم أخبرك أني أعطيتك أمس درهمًا . وفساد هذا القول ظاهر لمن تأمله أدنى تأمل ؛ وإلا فكيف يقاس كلام الله الذي هو الأعلى في البلاغة والفصاحة بقول مصطنع لا يمتُّ إليهما بأية صلة ؟ كيف يكون قوله تعالى : { خَلَقَهُ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ قَالَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ } [ آل عمران : 59 ] مثل قول الرجل : « أعطيتك اليوم درهمًا، ثم أخبرك أني أعطيتك أمس درهمًا » ؟ تأمل الآية جيدًا ، ثم انظر كيف تفكَّك نظمها، ومُسِخَ معناها مَسخًا بهذا التقدير، هكذا : خلقه اليوم من تراب ، ثم أخبره أمس أنه قال له: كن فيكون . فالمعنى على هذا التقدير : { قَالَ لَهُ } في الأزل : { كُنْ فَيَكُونُ }، ثُمَّ { خَلَقَهُ مِنْ تُرَابٍ }. أما قوله تعالى : { خَلَقَهُ مِنْ تُرَابٍ } [ آل عمران : 59 ] فهو ظاهر المعنى ، لا يحتاج إلى تأويل، وقد بينا السر في اختيار لفظ التراب دون لفظ الطين ولفظ الصلصال .. و أما قوله تعالى : { كُنْ فَيَكُونُ } [ آل عمران : 59 ] فظاهر { كُنْ } يقتضي أن يكون المكوَّن واقعًا في الحال ، فأمره سبحانه بين الكاف و النون . وظاهر { فَيَكُونُ } يقتضي أن يكون المكوَّن واقعًا في المستقبل المتراخي . وفي ذلك ما يسأل عنه : كيف يقول سبحانه للشيء:{ كُنْ } ، ثم لا يكون واقعًا في الحال ؟ و لو كان ما أمر الله تعالى به واقعًا في الحال، لكانت صياغة الآية هكذا : { ثُمَّ قَالَ لَهُ كُنْ فَكان } ، فكيف يكون هذا ؟ و هل أمام قدرة القادر العظيم حواجز و حوائل ، تحول بين القدرة ، وبين إمضاء ما قدرت على الفور و في الحال ؟ و قد اضطربت أقوال النحاة والمفسرين في الإجابة عن هذا السؤال، و ذهب أكثرهم إلى القول بأن المراد بقوله تعالى : { فَيَكُونُ } حكاية حال ماضية، وأن أصل الكلام: ( كُنْ، فَكَانَ ). قالوا : وإنما عبَّر بصيغة المضارع المقترن بالفاء دون الماضي، بأن يقال: ( فَكَانَ ) ؛ لأن التعبير بالمضارع فيه تصوير وإحضار للصورة الواقعة كما وقعت. |
|
|
![]() |