01-03-2013, 08:34 PM
|
Administrator
|
|
تاريخ التسجيل: Apr 2010
المشاركات: 13,481
|
|
خطبتى الجمعة 161 بعنوان : العفاف
|
|
|
|
161 خطبتى صلاة الجمعة بعنوان :
( الـعـفـــــاف )
ألقاها فضيلة الأخ الشيخ / نبيل بن عبدالرحيم الرفاعى
أمام و خطيب مسجد التقوى - شارع التحلية - جدة
حصريــاً لبيتنا و لتجمع المجموعات الإسلامية الشقيقة
و سمح للجميع بنقله إبتغاء للأجر و الثواب
الحمد لله وسع كل شيء برحمته، و عمّ كُلَّ حي بنعمته،
لا إله إلا هو خضعت الخلائق لعظمته، سبحانه يسبّح الرعد بحمده و الملائكة من خيفته،
أحمده سبحانه و أشكره على سوابغ آلائه و جلائل منته ،
و أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له في ربوبيته وألوهيته ،
و أشهد أن سيدنا و نبينا محمداً عبد الله و رسوله خيرتُه من بريته ، و مصطفاه لرسالته ،
صلى الله و سلم و بارك عليه و على آله و أصحابه و عترته ،
و التابعين و من تبعهم بإحسان و سار على نهجه و طريقته .
فاتّقوا الله تعالى أيها المسلمون ، و اعلموا أنّكم إليه راجعون ، و بأعمالكم مجزِيّون ،
و عليها محاسَبون ، و أنّ المصيرَ حقٌّ إما إلى جنّةٍ أو إلى نار ،
{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيدًا *
يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ
فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا }
[الأحزاب:70، 71] ،
{ إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ *
آخِذِينَ مَا آتَاهُمْ رَبُّهُمْ إِنَّهُمْ كَانُوا قَبْلَ ذَلِكَ مُحْسِنِينَ }
[الأحزاب:15، 16] .
عباد الله ، ما طعِمَ الطّاعِمون كالحلالِ الكفافِ ، و ما رِداءٌ خيرٌ من رِداء الحياءِ و العفاف .
العَفافُ و العِفَّة ـ أيّها المسلمون ـ سِيمَا الأنبياءِ و حِليةُ العلماء و تاجُ العُبَّاد و الصّلَحاء .
العفافُ سلطان من غيرِ تاجٍ و غِنًى من غير مالٍ و قوّة من غيرِ بَطش و خُلُق كريم و صِفة نبيلة .
هو عنوان الأسَرِ الكريمة و النفوسِ الزّكية الشريفةِ و دَليل التربية الصالحة القويّة .
هو موجِبٌ لظلِّ عرش الرحمنِ ذِي الجلال
كما في حديثِ الذي دَعَته امرأةٌ ذات منصب و جمال فقال : إني أخاف الله .
و العِفّة و العَفاف سببُ إجابة الدعاءِ و تجاوز الأخطارِ
كما ورَد في حديثِ الثلاثة الذين انطبَقت عليهم صخرةُ الغار .
الحِرصُ عليه جِبِلّة في البشر و طبعٌ عند أصحابِ العقول و سليمِ الفِطَر .
العِفّة ـ أيّها المؤمنون ـ كفُّ النفس عمّا لا يحِلّ و لا يجمُل
و ضبطُها عن الشهواتِ المحرَّمة و قصرُها على الحلال مع القناعةِ و الرِّضا .
إنّه خلُق زَكِيّ ، يَنبُت في روضِ الإيمان ، و يُسقى بماءِ الحياء و التقوى .
إنّه سُمُوّ النفس على الشّهواتِ الدنيئة و ترفُّع الهِمّة عما لا يليق ،
بل يفيض هذا الخلُق بكلِّ الخصال النبيلةِ ،
فصاحبُه ليس بالهلوعِ و لا الجَزوع و لا المنوع ،
كما قال تعالى في سورة المعارج :
{ وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ }
[المعارج:29] ،
ثم قال جَلَّ من قائل سبحانه :
{ أُوْلَئِكَ فِي جَنَّاتٍ مُكْرَمُونَ }
[المعارج:35] .
إنها جنّةٌ و كرامة ؛ لأنّ العفيفَ كريمٌ على الله حيث أكرَمَ نفسَه في الدنيا عن الدّنَايَا ،
فأكرمه الله في الآخرةِ بأعلى الدرجاتِ و أحسَنِ العطايا ، و استحقَّ ميراثَ الجِنان ؛
لأنَّ الميراثَ للطاهرين
كما في سورة المؤمنون :
{ أُوْلَئِكَ هُمْ الْوَارِثُونَ * الَّذِينَ يَرِثُونَ الْفِرْدَوْسَ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ }
[المؤمنون:10، 11] .
و في صحيح مسلم لما ذكَر النبيّ صلى الله عليه و سلم أهلَ الجنة
فقال صلى الله عليه و سلم :
( منهم عفيفٌ متعفِّف ) .
و حين تُعرَض القصَصُ فإنّ أحسَنَها قصّةُ يوسفَ الكريم ابن يعقوبَ
ابن خليلِ الله إبراهيم حين يكون العفافُ سيّدَ الموقِف
في ظرفٍ تتهاوَى فيه عزائمُ الرّجال الأشدّاء ، فضلاً عن فتًى غريبٍ نائي الأهلِ و الديار ،
حين راودته التي هو في بيتها عن نفسه ،
{ وَغَلَّقَتْ الأَبْوَابَ وَقَالَتْ هَيْتَ لَكَ قَالَ مَعَاذَ اللَّهِ
إِنَّهُ رَبِّي أَحْسَنَ مَثْوَايَ إِنَّهُ لا يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ }
[يوسف:23] .
[ مَعَاذَ اللَّهِ ] ،
كلِمةٌ عظيمة في موقفٍ عصيب لا يقوَى عليه إلا صاحبُ الإيمان ،
فيصبِر عليه السلام رغمَ الوَعدِ و الوعيد و السّجنِ و التهديدِ ،
و يتجاوَزُ المحنةَ ، فآتاه الله الملكَ و علَّمه من تأويل الأحاديث ،
و أعظم من ذلك أنّه من عبادِ الله المخلَصين .
و فيه من العِبَر أنّ العِفَّةَ عاقبتُها الغناءُ و الاستغناء و نورُ القلب و البصيرةُ
و الضياء و العِلمُ و الفراسة و التّوفيق ؛
ذلك أنَّ العِفّةَ في حقيقتها مراقبةُ الله تعالى و خوفُه ،
و مَن راقب الله في خواطِرِه عصَمَه في حركاتِ جوارحه و أسبغ عليه رضاه ،
{ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ ذَلِكَ لِمَنْ خَشِيَ رَبَّهُ }
[البينة:8] ،
{ وَلِمَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ جَنَّتَانِ }
[الرحمن:46] ،
{ وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنْ الْهَوَى * فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَى }
[النازعات:40، 41] .
أيّها المسلمون ، و لإهتِمامِ الإسلام بهذا الجانِبِ العظيم و لإمتداحِ الله المؤمناتِ
بقوله سبحانه و تعالى :
{ فَالصَّالِحَاتُ قَانِتَاتٌ حَافِظَاتٌ لِلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ اللَّهُ }
[النساء:34]
فقد حمى الله تعالى أعراضَ المؤمنات ،
و صانَ سُمعَتَهن أشدَّ صيانةٍ لكرامتِهن عند الله و حرمةِ جنابِهنّ
فقال سبحانه :
{ إِنَّ الَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ الْغَافِلاتِ الْمُؤْمِنَاتِ
لُعِنُوا فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ *
يَوْمَ تَشْهَدُ عَلَيْهِمْ أَلْسِنَتُهُمْ وَأَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ *
يَوْمَئِذٍ يُوَفِّيهِمْ اللَّهُ دِينَهُمْ الْحَقَّ وَيَعْلَمُونَ أَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ الْمُبِينُ *
الْخَبِيثَاتُ لِلْخَبِيثِينَ وَالْخَبِيثُونَ لِلْخَبِيثَاتِ وَالطَّيِّبَاتُ لِلطَّيِّبِينَ
وَالطَّيِّبُونَ لِلطَّيِّبَاتِ أُوْلَئِكَ مُبَرَّءُونَ مِمَّا يَقُولُونَ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ }
[النور:23-26] .
بل إنّ مَن قدح في عِرض العفيفة فقد استوجَبَ الحدَّ
و سقوطَ العدالة و استحقَّ صِفةَ الفِسق ،
{ وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ
فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً وَلا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَدًا وَأُوْلَئِكَ هُمْ الْفَاسِقُونَ }
[النور:4] .
ثمّ تأمّلوا ـ رعاكم الله ـ كيف وصَف العفيفاتِ بالغافلات ،
و هو وصفٌ لطيفٌ محمود يصوِّر المجتَمَع البريء و البيتَ الطاهر الذي تشِبّ
فيه فتياتُه بعيداتٍ عن الدنايا و الآثام ، يصوِّرُهنّ غافلاتٍ عن لوثَاتِ الطِّباع السّافلة ،
غائباتٍ عن المعاني الرّديئة ، ثمّ تأمَّل كيف تتعاوَن الأقلام السّاقِطة
و الأفلام الهابِطة لتمزِّقَ حجابَ الغفلةِ هذا ،
و يتسابقون و يتنافَسون في هَتكِ الأستار
و فتحِ عيونِ الصّغار على ما يستحِي منه الكبار ،
و صدق الله العظيم إذ يقول :
{ وَاللَّهُ يُرِيدُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْكُمْ
وَيُرِيدُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَوَاتِ أَنْ تَمِيلُوا مَيْلاً عَظِيمًا }
[النساء:27] .
أيها الأحبة في الله : إنَّ العالَم المنفَتِح على الجنسِ المتحلِّلَ منَ الفضيلةِ يئِنّ اليومَ
تحت وطأةِ الأمراضِ الوبائية و يجأرُ من التشتُّت الاجتماعيّ
و التفكُّك الأسريّ و التحلّل الأخلاقيّ ،
كما تشكو نساؤه و أطفالُه آلافَ الحالات من الاغتصابِ و تجارةِ الرذيلة ،
و التي نافَسَت تِجارةَ الأسلحة و المخدِّرات ، و يسمّونها تجارةَ الرقيقِ الأبيض ،
فأين الحرّيّة و الأمان ؟!
و أين الطّمأنينةُ و الاستقرار في هذه الفوضَى العارِمة في اختلالِ الأخلاق و القيَم ؟!
إنَّ الحريّةَ الحقيقيّة التي بناهَا الإسلام هي عندَما يحِسّ أفرادُ المجتمع
بالأمنِ في حياتهم و أعراضِهم ، فيتحرَّكون بحرّيّةٍ و أمن ،
و تنتشِر الثِّقة و الطمأنينة و حُسنُ الظنّ ،
و يتفرَّغ الناس لمعاشِهِم و ما يصلِح دينَهم و دنياهم ،
و ذلك حين يتربَّى المجتمعُ رجالاً و نساء و ينشؤونَ على مظاهِرِ العِفّة و الحِشمة
و الورَع و لزومِ أمر الله تعالى ، فلا شكَّ و لا رِيبةَ ، و لا خيانةَ و لا خَوف ،
إنه الأمنُ و الطمأنينةُ و الحريّة ، و لذلك في صدرِ الإسلامِ الأوَّل
لم يمنَع ذلك صلاةَ المرأة في المسجِد و مشاركتَها الجيشَ في المعركة و طلَبَها للعِلم
و مداواةَ الجَرحى و طلَبَ الرِّزق ،
و لم يكُن في أحكامِ الشَّرع ما يمنعُها مصلحةً لها أو لغَيرها ،
بل كلُّه حِفظٌ وصيانة
كما قال تعالى :
{ ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلا يُؤْذَيْنَ }
[الأحزاب:59] .
و إذا تحرَّكتِ المرأة الطاهرةُ و الرجلُ الطاهر في البِيئة الطاهرة
وفقَ ما رسمَه الله من أحكامٍ بعيدًا عن الشّبُهات و الملوِّثات فلا سبيلَ لجرثومةٍ أن تنفذَ .
أيّها المسلمون ، و حيثَّ إن أعظمَ أبوابِ الشّرّ و أوّلَ مدخلٍ للشيطان
هو إطلاقُ البَصَر و الاختلاط لذا صارت أحكامُ الحجابِ و القَرار في البيوت
و الأمر بغَضِّ البصر للرجال و النساء ،
قال الحقّ سبحانه :
{ قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ
ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ *
وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ }
[النور:30، 31] ،
بل حتى في الحديثِ العابِر بين الرّجل و المرأة الأجنبيّة عنه :
{ إِنْ اتَّقَيْتُنَّ فَلا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلاً مَعْرُوفًا }
[الأحزاب:32] .
إنّه سدٌّ لمنافِذِ الشيطان كما في قولِ الله سبحانه :
{ وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فَاسْأَلُوهُنَّ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ
ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ }
[الأحزاب:53] .
أيّها المسلمون ، إنَّ الحياةَ الطاهِرة تحتاج إلى عزائِمِ الأخيارِ ،
و أمّا عيشةُ الرذيلة فطريقُها سهلُ الانحدار ،
و البيوتُ التي تظِلّها العفّةُ و الحِشمة تورِق بالعزِّ و الكرامة ،
أمّا البيوتُ التي يملؤهَا الفحشاء و المنكرُ فلن تنبُتَ إلاّ بالذّلِّ و المهانة ،
و إذا أمَر الله تعالى بوقايةِ النفس و الأهل من النارِ التي وقودُها الناس و الحجارة
و أخبر النبيُّ صلى الله عليه و سلم
( أنَّ كلَّ راعٍ مسؤول عن رعيّته )
فإنَّ المسلِمَ يجب أن تكونَ له وقفةٌ للهِ لتجنيبِ نفسِه و من يَليه
ما جلبته وسائلُ الاتِّصال و البَثِّ مِن ذبحٍ للفضيلة و نشرٍ للرذيلة وإماتةٍ للغيرة ،
و كيف يستسيغُ مسلمٌ هذا الغثاءَ المدمِّر ؟!
أين الحياء ؟!
أين المروءةُ ؟!
أين الحِفظُ و الصِّيانة مِن بيوتٍ هيَّأت لناشِئَتها أجواءَ الفتنة
و جلَبت لها محرِّضاتِ المنكَر ؛ تجرُّها إلى مستنقَعات الفُحش جرًّا
و تَدُعُّها إلى الخطيئةِ دَعًّا ؟!
و مع أنَّ شهوةَ الجِنس كشهوةِ الطّعام قد تمتلِئ المعِدة فتفتُر وقتًا عن طلَبها
إلاّ أنَّ الذين يحِبّون أن تشيعَ الفاحشة في الذين آمنوا لم يَفتروا ،
بل ملَؤوا الفضاءَ بكلِّ أنواع المثيراتِ و المغرِيات ،
و تفنَّنوا في إثارةِ الشّهَوات و إيقادِ لهيبِ الغرائزِ في سُعارٍ أذهل الشيطان .
عباد الله : إذا طغتِ الشهواتُ و اختلطَتِ النيات ،
فسدَتِ الأوضاع و اضطَرَبت الأحوال و حقَّ العذاب ، و إن تُرِك الحبلُ على الغارِب ،
يعيش الناسُ بشَهَواتهم و يعبَثون بأخلاقِهم متجاوِزين حدودَ الله بلا وازعٍ
و لا ضابطٍ و بلا رادِعِ و لا زاجر ، فإن وعد الله حق ،
و سنة الله لا تحابي أحداً ،
{ فَلَوْلا كَانَ مِنْ الْقُرُونِ مِنْ قَبْلِكُمْ أُوْلُوا بَقِيَّةٍ
يَنْهَوْنَ عَنْ الْفَسَادِ فِي الأَرْضِ إِلاَّ قَلِيلاً مِمَّنْ أَنْجَيْنَا مِنْهُمْ }
[هود:116] .
و مع كل ذلك التحذير ، فإنَّ التحصين من الداخلِ و التربيةَ الذاتية
و زرعَ المراقبةِ لله في السّرِّ و العلَن مسؤولية الجميع ،
{ وَمَا كَانَ رَبُّكَ لِيُهْلِكَ الْقُرَى بِظُلْمٍ وَأَهْلُهَا مُصْلِحُونَ }
[هود:117] .
بارك الله لي و لكم في القرآن العظيم ، و نفعنا بسنة سيد المرسلين ،
أقول قولي هذا ، و أستغفر الله تعالى لي و لكم ولسائر المسلمين و المسلمات من كلّ ذنب ،
فاستغفروه و توبوا إليه ، إنه هو الغفور الرحيم .
الحمد لله ربِّ العالمين ، الرحمن الرحيم ، مالك يوم الدين ،
أحمده تعالى و أشكره ، و أثني عليه و أستغفره ،
و أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ،
و أشهد أن سيدنا و نبينا محمدا عبده و رسوله ،
صلى الله عليه و على آله و صحبه أجمعين .
أيّها المسلمون ، إنَّ الغريزةَ الجنسيّةَ مطبوعةٌ في دمِ الإنسان ،
و الله تعالى هو الذي خلَقَها بأمرِه و عِلمِه و حِكمتِه و ابتلائِه لخَلقِه ،
و جعلها وسيلةَ البقاء البشريّ ، و هو سبحانه أعلَمُ بما يُصلِحها ،
{ أَلا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ }
[الملك:14] .
إنَّ الإسلامَ لم يتجاهَل هذه الغريزةَ ، و لم يقتُلها بالرّهبانيّة ،
و لا أطغاهَا بالإباحيّة ، بل جَعَل لها شاطئًا آمنًا تسبَح إلى بحره ،
و تطهُر في مائِه و تحيَا ببقائِه ،
إنّه الزواج ، أنبلُ صِفةٍ عرَفَتها الإنسانيّة لتكوينِ الأسرةِ
و تربيةِ الأولاد و نشرِ الألفةِ و الرّحمة و سكينةِ النفس في جوٍّ زّكيٍّ طهور ،
مع ضبطِ المشاعر و ترشيدِها نحوَ مكانها الصّحيحِ
بدلاً من ضَياعِها و تيهِها في العَبَث و الفساد .
و المسلمُ مأمورٌ ببلوغ هذا المدَى حتى يتحصَّنَ بالحلال :
{ وَلْيَسْتَعْفِفْ الَّذِينَ لا يَجِدُونَ نِكَاحًا حَتَّى يُغْنِيَهُمْ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ }
[النور:33] .
و قد كان مِن دعاءِ عباد الرحمن في القران :
{ رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا }
[الفرقان:74] .
و حتى بعدَ الزواج فينبغِي تنميةُ جانبِ العفّة و الصيانة ،
و مِنه ما يُشرَع للمرأة مِنَ التحبُّب لزوجِها و التودُّد و حُسن التبعُّل
و قصرِ عينه لئلاَّ يتطلَّع لغيرها . و كذلك الزوجُ ، يكفِي زوجتَه ،
و يشبِع عاطفتَها بالكَلِمة الطيّبة و العِشرة الحسنة و جبرِ الخواطر
و سدِّ مداخل الشيطان و أداءِ أمانة القِوامة في الأهل و الأولادِ
و القيام بأمرِ الله في كل شؤون الحياة .
و المؤمنُ أسيرٌ في الدنيا يسعَى في فكاكِ رقبته ،
لا يأمن نفسَه حتى يلقَى الله عزّ و جلّ ،
يعلَم أنّه مأخوذٌ عليه في سمعِه و بصرِه و لسانِه و جوارحِه ،
و من يستعفِف يعفّه الله ،
و في الحديث عن الحبيب صلى الله عليه و سلم :
( احفَظِ اللهَ يحفَظك )
و مَن كرُم عند الله فلن يخزيَه و لن يسوؤَه .
أسأل الله تعالى لي و لكم الهدى و التّقَى و العفافَ و الغنى .
و أطيعوا الله رحمكم الله و اتقوه و عفوا أنفسكم و أهلكم و أبنائكم
ثم صلّوا على خير البرية و أزكى البشرية
محمّد بن عبد الله صاحب الحوض و الشفاعة ،
فقد أمركم الله بأمرٍ بدأ فيه بنفسه ، و ثنى بملائكته المسبِّحة بقدسِه ،
و أيّه بكم أيها المؤمنون ،
فقال جلَّ من قائل عليما :
{ إِنَّ ٱللَّهَ وَمَلَـٰئِكَـتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى ٱلنَّبِىّ
يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءامَنُواْ صَلُّواْ عَلَيْهِ وَسَلّمُواْ تَسْلِيمًا }
[الأحزاب: 56]
اللّهمّ صلِّ و سلِّم وبارِك على عبدِك و رسولك نبيِّنا محمّد الحبيب المُصطفى و النبيّ المُجتبى ،
و على آله الطيبين الطاهرين ، و على أزواجِه أمّهات المؤمنين ،
و ارضَ اللّهمّ عن الخلفاء الأربعة الراشدين : أبي بكر و عمر و عثمان و عليٍّ ،
وعن الصحابة أجمعين ، و التابعين و من تبعهم بإحسان إلى يومِ الدين ،
و عنَّا معهم بعفوِك و جُودك و إحسانك يا أكرم الأكرمين .
و قال عليه الصلاة و السلام فيما أخرجه مسلم في صحيحه :
( مَن صلّى عليّ صلاة واحدة صلّى الله عليه بها عشرًا ) .
فاجز اللّهمّ عنّا نبيّنا محمّدًا صلى الله عليه و سلم خيرَ الجزاء و أوفاه ،
و أكمله و أثناه ، و أتمَّه و أبهاه ، و صلِّ عليه صلاةً تكون له رِضاءً ،
و لحقِّه أداءً ، و لفضلِه كِفاء ، و لعظمته لِقاء ، و تلقى منك سبحانك قبول و رضاء ،
يا خيرَ مسؤول و أكرمَ مأمول يا رب الأرض و السماء .
اللّهمّ إنّا نسألك حبَّك ، و حبَّ رسولك محمّد صلى الله عليه و سلم ،
و حبَّ العملِ الذي يقرّبنا إلى حبّك .
اللهم اجعل حبَّك و حبَّ رسولك صلى الله عليه و سلم أحبَّ إلينا
من أنفسنا و والدينا و الناس أجمعين .
اللّهمّ أعِزَّ الإسلام و المسلمين ، و أذلَّ الشركَ و المشركين ،
و أحمِ حوزةَ الدّين ، و أدِم علينا الأمن و الأمان و أحفظ لنا ولاة أمورنا ،
و رد كيد كل من أراد فتنة فى بلادنا فى نحره أو فى أى من بلاد المسلمين
اللهم أمنا فى أوطاننا و أصلح أئمتنا و ولاة أمورنا ،
و أنصر عبادَك المؤمنين فى كل بقاع الأرض و أحفظهم
اللهم و اشف مرضاهم و أرحم موتاهم و أجمع شملهم و وحد كلمتهم
اللهم آمنا فى أوطاننا و أصلح أئمتنا و ولاة أمورنا ،
و أنصر عبادَك المؤمنين فى كل بقاع الأرض و أحفظهم
و أحفظ أخواننا فى برد الشام و فى فلسطين و مينمار و أفغانستان و جميع المسلمين
اللهم و اشف مرضاهم و أرحم موتاهم و أجمع شملهم و داوى جرحاهم
و تقبل شهداءهم و أحفظ دينعم و أموالهم و أعراضهم
اللهم أرزقنا الغيت و لا تجعلنا من القانطين
اللهم أرزقنا الغيت و لا تجعلنا من القانطين
اللهم أرزقنا الغيت و لا تجعلنا من القانطين
اللهم سقيا رحمة لا سقيا عذاب بفضلك و كرمك يا كريم يا تواب
ثم الدعاء بما ترغبون و ترجون من فضل الله العلى العظيم الكريم
أنتهت
و لا تنسونا من صالح دعاءكم .
و تجدونها فى ملف مرفق لمن يرغب فى الأحتفاظ بها
و لخطب فضيلته السابقة تفضلوا بزيارة موقعنا
www.ataaalkhayer.com
و به من خير الله الكثير
اما بالنسبة لموقع فضيلة الشيخ نبيل الرفاعى فهو :-
و أوصيكم بزيارتهما بأستمرار فبهما من خير الله الكثير
و بهما تستمعون لقرأة القرآن الكريم بالصوت الشجى و اللهجة الحجازية الأصيلة
تقبل الله منا و منكم صالح الأعمال و من جميع المسلمين
|
|
|
|
|
|