صفحة بيت عطاء الخير
بطاقات عطاء الخير
تويتر عطاء الخير الرسمي
مجموعة بيت عطاء الخير الرسمية
بحث في موقع الدرر السنية
 

بحث عن:

ابحث بالموقع
تاريخ اليوم:

  المستشار نبيل جلهوم  
المهندس عبدالدائم الكحيل الدكتور عبدالله بن مراد العطرجى بطاقات عطاء الخير
دروس اليوم أحاديث اليوم بطاقات لفلي سمايل


مجموعات Google
اشترك فى مجموعة بيت عطاء الخير
البريد الإلكتروني:
زيارة هذه المجموعة

تسجيل دخول اداري فقط

رسائل اليوم رسائل بيت عطاء الخير اليومية

 
انشر الموضوع
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
Prev المشاركة السابقة   المشاركة التالية Next
  #1  
قديم يوم أمس, 03:30 PM
حور العين حور العين غير متواجد حالياً
Senior Member
 
تاريخ التسجيل: May 2015
المشاركات: 62,835
افتراضي درس اليوم


من:إدارة بيت عطاء الخير
درس اليوم


فلا يفوتنّك العمل

من ألطاف الله الخفية، وهداياته العلية، وعنايته الربّانية؛ أن يُهيّئ لعباده في

مطالع أعمارهم، وفجر أيامهم، كلماتٍ تسقط على أسماعهم سقوط الغيث

على الأرض العطشى، فتحيي من القلوب مواتَها، وتوقظ في النفوس

فطرتَها، وتكون لهم سُرجًا تُضِيء عتمات الدروب، ومشاعلَ تهدي في ليالي

الحيرة والتردد. وما أجملَ أن تُروى في هذا المقام حكايةٌ من سير الأعلام،

تضوع بالعطر الإيماني، وتتلألأ بالحكمة الربانية، حكايةٌ جرت بين الإمامين:

أبي عبيد القاسم بن سلّام، وعبدالله بن إدريس، فكان فيها من النصح ما تقرّ

به العين ويطمئن له الفؤاد. قال أبو عبيد: سمعني عبدالله بن إدريس أتلهف

على بعض الشيوخ، فقال لي: "يا أبا عبيد، مهما فاتك من العلم، فلا يفوتنّك

من العمل". السير للذهبي ( ١٠/٤٩٨).



كلمة لو نظرتَ فيها بعين البصيرة، لوجدتَها كأنها قانونٌ إلهيّ، ينطق به

لسان الوحي على أفواه العقلاء، لتُبصّر بها القلوب من وراء الحُجب. فيا لها

من كلمة لو نُقشت على صفائح القلوب، لاستقام بها الطالب على الجادة،

واستنار بها سبيله ! وكان لها في كل نبضة صدى، وفي كل خفقة رجع! نعم،

إن العلم إن لم يكن له عمل، فهو كالسحاب العقيم، أو كالسراج المنكوس، لا

نور فيه ولا دفء. وكم من متكلم بالعلم، ولسانه أفصح من السحر، وجنانُه

أقفرُ من قاعٍ صفصف، فلا هو انتفع، ولا غيره أفاد! إن العلم والعمل قرينان،

إن افترقا خسر السائرُ في طريقه الكمال، لأنهما كالجناحين لطائرٍ يريد أن

يرقى في سماء التوفيق والهداية، فإن انكسر أحدُهما هوى على رأسه، وكان

من الهالكين. وكذلك كان أولئك الأوائل من السلف، ما عرفوا العلم رياءً ولا

فخرًا، ولا اتخذوه وسيلةً إلى عرض الدنيا، ولكن طلبوه للعمل، وراموا به

تزكية النفوس، وصلاح القلوب، واستقامة الحياة، وسلوك السبيل إلى

رضوان الله. وما العلم إلا وسيلة، وغايتُه أن تُعمَر به النفس ويُتقى به الله،

وليس العالمُ من حفظ المتون والأقوال فحسب، وإنما من ترجمت جوارحه

ذلك العلم عملاً، ونسج من سلوكه أثوابًا من التقوى والاستقامة والورع نعم،

إن في العلم جلالًا، ولكن في العمل به بركةً لا تُدركها الأفهام الكسلى، ولا

تنالها النفوس المتوانية، وكم من عاملٍ لا يُشار إليه بالبنان، قد غمره الله

بأنوار القَبول، ورفع له ذكرًا لا يُعرف سببه في الأرض، ولكن تعرفه السماء!

قال الحافظ عمرو بن قيس الملائي ـ وما أحكم قوله ـ: "وجدنا أنفع الحديث

لنا ما ينفعنا في أمر آخرتنا، من قال كذا فله كذا".

معرفة الثقات للعجلي ( ٢/١٨٣).



كلمةٌ هي الأخرى كأنها من بقايا حكمة الأنبياء، أو صدى من صوت المواعظ

الأولى التي كان يربي عليها النبي صلى الله عليه وسلم أصحابه. فالعبرة بما

يقيم لك صرحًا في الآخرة، لا بما يشيّد لك مجدًا في الدنيا. وقد يتحسر المرءُ

ـ وهو في مضمار الطلب ـ على شيوخ لم يلقهم، أو علوم لم ينلها، أو مراتب

لم يبلغها، فيستطير قلبُه شوقًا، وتذهب نفسُه حسرات… فلا عليه! فيا هذا،

دع الحسرة، وانهض لما تملك، فإن الله لا يسألك عما لم تُرزق، ولكن يسألك

عما بين يديك، وما هو بمقدورك، واحفظ عن الإمام الخاشع كلمته، فإنها

مفتاح من مفاتيح الوصول: "مهما فاتك من العلم، فلا يفوتنّك من العمل".

وما يدريك؟ فلعلّ الله، وهو الكريم، يعطيك في صدق عملك ما يغنيك عن كثير

من العلم، ويجعل فيك من النفع والقبول والبركة ما لا تبلغه مدارك العلماء

ولا حواشي الكتب. فإن الله يفتح للعبد من أبواب العمل ما يغنيه، ويمنّ عليه

من خفي البركة ما يعجب له الناس، ويبلغه من صلاح الحال وعمق الأثر ما

لم يكن له في الحسبان موضع ولا مقدار! فالأعمال لا توزن عند الله بمقادير

العلم، ولكن تُوزن بمقادير الإخلاص والنية والتجرد. فاجعل ـ أيها الطالب ـ

غايتَك اللهَ ورضوانه، وانطلق في كل باب يُقربك إليه، ولا تلتفت كثيرًا إلى أي

الأبواب دخلت، فإن الطرق إلى الله بعدد أنفاس الخلق، والمهم أن تبلغ.

فالغاية الله، وما سوى ذلك وسيلة. فانظر من أين تدخل، ولا تنسَ إلى أين

تريد أن تصل. {وَعَلَى اللَّهِ قَصدُ السَّبيلِ وَمِنها جائِرٌ وَلَو شاءَ لَهَداكُم أَجمَعينَ}

اللهم صلى و سلم و بارك علي عبدك و رسولك
سيدنا محمد و على آله و صحبه أجمعين .



رد مع اقتباس
 


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع



ديزاين فور يو لحلول تقنية المعلومات