![]() |
![]() |
المستشار نبيل جلهوم | ||
المهندس عبدالدائم الكحيل | الدكتور عبدالله بن مراد العطرجى | بطاقات عطاء الخير |
دروس اليوم | أحاديث اليوم | بطاقات لفلي سمايل |
|
تسجيل دخول اداري فقط |
انشر الموضوع |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
|||
|
|||
![]() 81 - خطبتى الجمعة بعنوان( ليلة النصف من شهر شعبان ) الحمد لله ، شرح بفضله صدور أهل الايمان بالهدى ، و أضل من شاء بحكمته و عدله فلن تجد له ولياً مرشداً . أحمده سبحانه وأشكره ، و أتوب إليه و أستغفره ، أحاط بكل شيءٍ علماً ، وأحصى كل شيءٍ عدداً ، و أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له إلهاً واحداً فرداً صمداً ، و أشهد أن سيدنا و نبينا محمداً عبدالله و رسوله كرم أصلاً و طاب محتداً . خصه ربه بالمقام المحمود و سماه محمداً ، صلى الله و سلم و بارك عليه و على آله و أصحابه هم النجوم بهم يُهتدى ، و التابعين و من تبعهم بإحسان و سار على نهجهم و اقتدى . أمــا بــعــد : فأوصيكم ـ أيها الناس ـ و نفسي بتقوى الله عز و جل ، اتقوا الله و أصلحوا ذات بينكم و أطيعوا الله و رسوله إن كنتم مؤمنين . أصلحوا ذات بينكم ، فالإصلاح مصدر الطمأنينة و الهدوء و مبعث الاستقرار و الأمن ، و ينبوع الألفة و المحبة . إنه عنوان الإيمان في الإخوان : { إِنَّمَا ٱلْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُواْ بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ وَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ } [الحجرات:10]. معاشر المؤمنين : روى ابن حبان في صحيحه من حديث معاذ بن جبل رضي الله عنه قال : قال رسول الله ( صلى الله عليه و سلم ) : (( يطلع الله إلى خلقه ليلة النصف من شعبان فيغفر لجميع خلقه إلا لمشرك أو مشاحن )) و المشرك : كل من أشرك مع الله شيئا في ذاته تعالى ، أو في صفاته ، أو في عبادته . و المشاحن : هو المعادي ، و الشحناء هي العداوة . عباد الله : و مع اقتراب هذه الليلة الفضيلة و دنوها ، و الجميع يرنو إلى نيل ما فيها من العفو و الغفران ، يستعذب الحديث و يستحسن ، عن الإصلاح بين الناس ، وبيان مسلكه و كيفيته ، و التحذير من الشحناء و الخصومة و التمادي فيهما . أيها الإخوة ، لقد أقضت مضاجع القضاة القضايا ، و امتلأت كثيراً من السجون بالبلايا ، ناهيك بما في مراكز الشرطة و أسرة المشافي من المآسي . إن التنازع و التشاحن مفسد للبيوت و الأسر ، مهلك للشعوب و الأمم ، سافك للدماء ، مبدد للثروات . { وَلاَ تَنَـٰزَعُواْ فَتَفْشَلُواْ وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَٱصْبِرُواْ إِنَّ ٱللَّهَ مَعَ ٱلصَّـٰبِرِينَ } [الأنفال:46]. بالخصومات و المشاحنات تنتهك حرمات الدين ، و يعم الشر القريب و البعيد . و من أجل ذلك سمى رسول الله ( صلى الله عليه و سلم ) فساد ذات البين بالحالقة ، فهي لا تحلق الشعر و لكنها تحلق الدين . إن الأمة تحتاج إلى إصلاح يدخل الرضا على المتخاصمين ، و يعيد الوئام إلى المتنازعين . إصلاح تسكن به النفوس ، و تأتلف به القلوب . إصلاح يقوم به عصبة خيرون ، شرفت أقدارهم ، و كرمت أخلاقهم ، و طابت منابتهم ، و إنهم بمثل هذه المساعي الخيرة يبرهنون على نبل الطباع و كرم السجايا . فئات من ذوي الشهامة من الرجال و المقامات العلية من القوم ، رجال مصلحون ذو خبرة و عقل و إيمان و صبر ، يخبرون الناس في أحوالهم و معاملاتهم ، حذاق في معالجة أدوائهم ، أهل إحاطة بنفوس المتخاصمين و خواطر المتباغضين و السعي بما يرضي الطرفين . أيها الإحبة ، إن سبيل الإصلاح عزيمة راشدة ، و نية خيرة ، و إرادة مصلحة . و بريد الإصلاح ، حكمة المنهج ، و جميل الصبر ، و طيب الثناء ، سبيل و بريد يقوم به لبيب تقي ، يسره أن يسود الوئام بين الناس : { وَإِن تُصْلِحُواْ وَتَتَّقُواْ فَإِنَّ ٱللَّهَ كَانَ غَفُوراً رَّحِيماً } [النساء:129]. أيها الإخوة ، و للإصلاح فقه و مسالك دلت عليها نصوص الشرع و سار عليها المصلحون المخلصون . إن من فقه الإصلاح حسن النية ، و ابتغاء مرضاة الله ، و تجنب الأهواء الشخصية و المنافع الدنيوية . إذا تحقق الإخلاص حل التوفيق و جرى التوافق و أنزل الثبات في الأمر و العزيمة على الرشد . أما من قصد بإصلاحه الترؤس و الرياء و ارتفاع الذكر و الاستعلاء فبعيد أن ينال ثواب الآخرة ، و حري ألا يحالف التوفيق مسعاه { وَمَن يَفْعَلْ ذٰلِكَ ٱبْتَغَاء مَرْضَـٰتِ ٱللَّهِ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْراً عَظِيماً } [النساء:114]. و من فقه الإصلاح سلوك مسلك السر و النجوى . فلئن كان كثير من النجوى مذموماً فإن ما كان من صدقة أو معروف أو إصلاح بين الناس فهو محمود مستثنى : { لاَّ خَيْرَ فِى كَثِيرٍ مّن نَّجْوَاهُمْ إِلاَّ مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلَـٰحٍ بَيْنَ ٱلنَّاسِ وَمَن يَفْعَلْ ذٰلِكَ ٱبْتَغَاء مَرْضَـٰتِ ٱللَّهِ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْراً عَظِيماً } [النساء:114]. أيها الإخوة ، و هذا فقه في الإصلاح دقيق ، فلعل فشل كثير من مساعي الصلح بسبب فشو الأحاديث ، و تسرب الأخبار ، و تشويشات الفهوم مما يفسد الأمور المبرمة و الاتفاقيات الخيرة . إن من الخير في باب الإصلاح أن يسلك به مسلك النجوى و المسارة ، فمن عرف الناس و خبر أحوالهم لاسيما فيما يجري بينهم من منازعات و خصومات و ما يستتبع ذلك من حبٍ للغلبة و انتصار للنفس أدرك دقة هذا المسلك و عمق هذا الفقه . إن من الناس من يأبى أن يسعى في الصلح فلان أو فلانةٌ ، و آخر يصر على أن تكون المبادرة من خصمه . و تمشياً مع هذه المسالك السرية و التحركات المحبوكة أذن الشارع للمصلح بنوع من الكذب في العبارات و الوعود . ( فليس الكذاب بالذي يصلح بين الناس فينمي خيراً ، أو يقول خيراً ) . هذا هو حديث رسول الله ( صلى الله عليه و سلم ) ، و في خبر آخر عنه يقول عليه الصلاة و السلام : ( لا يصلح الكذب إلا في ثلاث ؛ رجل يصلح بين اثنين ، و الحرب خدعة ، و الرجل يصلح امرأته ) . و يقول نعيم بن حماد : قلت لسفيان بن عيينة : أرأيت الرجل يعتذر من الشيء عسى أن يكون قد فعله و يُحرِّف فيه القول ليرضي صاحبه أعليه فيه حرج ؟ قال : لا . ألم تسمع قوله ( صلى الله عليه و سلم ) : ( ليس بكاذب من قال خيراً ، أو أصلح خيراً ، أو أصلح بين الناس ) ، و قد قال الله عز و جل : { لاَّ خَيْرَ فِى كَثِيرٍ مّن نَّجْوَاهُمْ إِلاَّ مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلَـٰحٍ بَيْنَ ٱلنَّاسِ وَمَن يَفْعَلْ ذٰلِكَ ٱبْتَغَاء مَرْضَـٰتِ ٱللَّهِ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْراً عَظِيماً } [النساء:114]. إنها النفوس الشحيحة التي تحمل صاحبها و غيرها على ما تكره . و لكن في مقابل هذه النفوس الشحيحة يترقى أصحاب المروءات من المصلحين الأخيار ليبذلوا و يغرموا ، نعم يبذلون الوقت و الجهد ، و يصرفون المال و الجاه ، و لقد قدر الإسلام مروءتهم ، و حفظ لهم معروفهم ، فجعل في حساب الزكاة ما يحمل عنهم غرامتهم ـ بارك الله فيهم ـ لئلا يُجْحِفَ ذلك بسادات القوم المصلحين . أيها الإخوة في الله ، و ميدان الصلح واسع عريض ؛ في الأفراد و الجماعات و الأزواج و الزوجات ، و الكفار و المسلمين ، و الفئات الباغية و العادلة ، في الأموال و الدماء ، و النزاع و الخصومات . و من أجل ذلك فقد عظم ثوابه ، و كبر أجره ، فهو أفضل من درجة الصيام و الصلاة و الصدقة ، فقد قال عليه الصلاة و السلام ( ألا أدلكم على أفضل من درجة الصلاة و الصيام و الصدقة ؟ ) قالوا : بلى يارسول الله ، قال : ( إصلاح ذات البين ، فإن فساد ذات البين هي الحالقة ، لا أقول تحلق الشعر و لكن تحلق الدِّينَ ) . و لقد باشر الصلح بنفسه عليه الصلاة و السلام حين تنازع أهل قباء ، فندب أصحابه و قال : ( اذهبوا بنا نصلح بينهم ) . و خرج عليه الصلاة والسلام للإصلاح بين أناس من بني عوف حتى تأخر عن صلاة الجماعة . إذا كان الأمر كذلك ـ أيها الاخوة ـ ، فمن ذا الذي لا يقبل الصلح و لا يسعى فيه ، ليسوا إلا أناس قد قست قلوبهم ، و فسدت بواطنهم و خبثت نياتهم ؛ حتى كأنهم لا يحبون إلا الشر ، و لا يسعون إلا في الفساد ، و لا يجنحون إلا إلى الظلم . و الأشد و الأنكى أن ترى فئات من الناس ساءت أخلاقها ، و غلظت أكبادها ، لا يكتفون بالسكوت و السكون ، بل في أجوائهم يستفحل الخصام ، و يقسو الكلام ، و ما أشبه هؤلاء بأعداء الإسلام و أهل النفاق ، إنهم يلهبون نار العداوة و يوقدون سعير البغضاء كلما خبت نار الفتن أوقدوها . و لا غرو بعد ذلك أن تضيع الحقوق ، و تهدر الحرمات ، و يرق الدين ، و تنزع البركات . ألا فاتقوا الله رحمكم الله ، اتقوه و أصلحوا ذات بينكم ، جعلنا الله و إياكم ممن شملتهم مغفرته و رحمته ، إنه سميع مجيب . نفعني الله و إياكم بهدي كتابه و بسنة نبيه محمد صلى الله عليه و سلم ؛ أقول قولي هذا و أستغفر الله لي و لكم و لسائر المسلمين من كل ذنب و خطيئة فاستغفروه و توبوا إليه إنه هو الغفور الرحيم . |
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|
|
![]() |