![]() |
![]() |
المستشار نبيل جلهوم | ||
المهندس عبدالدائم الكحيل | الدكتور عبدالله بن مراد العطرجى | بطاقات عطاء الخير |
دروس اليوم | أحاديث اليوم | بطاقات لفلي سمايل |
|
تسجيل دخول اداري فقط |
الرسائل اليومية لبيت عطاء الخير لنشر و إعادة الأخلاق الإسلامية الحقيقية للأسرة |
![]() |
انشر الموضوع |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
|
#1
|
|||
|
|||
![]() وقد تحمس الدكتور قاسم السامرائي لبيان عروبة الأرقام المشرقية ، وانا قوله هنا رغم طوله لجودته ولفتحه آفاقا جديدة في هذا المضمار ، قال : أما الأرقام الشائعة في المشرق العربي فهي آرامية فينيقية نبَطية تدمرية ، فهي لذلك عربية الأصل والنّجار ، لا شك فيها إطلاقا . . . فقد كان الأنباط يستعملون نوعين من التوريخ لا يختلفان عما استعمله نساخ المخطوطات أو علماء الرجال والطبقات والتاريخ ، إذ كانوا يستعملون التوريخ كتابة مثل قولهم : في السنة الخامسة من حكم الحارث ، أو أنهم كانوا يستعملون حساب الجمّل أو الأرقام في توريخ الحوادث ووفياتهم اعتمد الدكتور السامرائي في هذا على بحث للدكتور سليمان بن عبد الرحمن الذييب - باللغة الإنجليزية - ، وتعريب عنوانه : نقشان نَبَطيان مؤرخان - من الجوف . ثن أحال على بحث آخر للدكتور الذييب باسم : نقوش نَبَطية جديدة من قارة المزاد سكاكا - الجوف ، نشر في مجلة العصور المجلد (7) الجزء (2) الصفحة 238 . وقد اطلعت على هذا البحث المفيد ، ولم يرد الترقيم إلا في النقش التاسع عشر منه . ومن النقوش العغربية المكتوبة بالخط االنّبَطي - بعد انقراض مملكة الأنباط بمدة طويلة - والمؤرخة بالأرقام : نقش المنارة - وهي بلدة بحوران في جنوب سوريا - ، الذي وجد على قبر امرىء القيس الأول ابن عمرو أحد ملوك لخم . فالأرقام موجودة في السطر الأخير فقط ، وقد قال الدكتور بعلبكي في كتابه المذكور 124 معلقا على هذا النقش – واقتصر على ما يختص بالسطر الأخير لا سيما الأرقام - : "وهو مؤرخ باليوم والشهر والسنة ، في 7 كِسلول (تشرين الثاني - كانون الاول) من سنة 223 من تاريخ بُصرى { وهو التقويم الذي كان يستعمله عرب هذه الأطراف ونَبَطها} أي سنة 328 ميلادية . وإن نقلنا نص المنارة بالكتابة العربية نقلا حرفيا لجاء - (السطر الأخير) – كما يلي : . . . عكدي . هلك سنة 223 يو 7 بكسلول بلسعد ذو ولده" . انتهى من كتاب بعلبكي مع إضافة ما بين المعقوفتين من كتاب المفصّل في تاريخ العرب قبل الإسلام للدكتور جواد علي 8/176 . وقد زاد الدكتور جواد : "وتعد هذه الكتابة أول كتابة وأقدم كتابة عثر عليها حتى الآن مدونة باللهجة العربية الشمالية القريبة من لهجة القرآن ، وإن كتبت بالقلم النّبَطي المتأخر وبأسلوب متأثر بالإرمية" وينظر تفسير هذا النقش في كتاب بعلبكي 126 - 143 . وقال الدكتور علي عبد الله الدفاع في كتابه الموجز في التراث العلمي العربي الإسلامي 61 - 62 : "ومن بواعث الأسف الشديد أن كثيرا من المؤرخين العرب والمسلمين يخطئون خطأ فاحشا بتسميتهم الأعداد العربية بالهندية ، مما ادخل الشك في نفوس كثير من الشباب المتعلم في البلاد العربية والإسلامية ، وأتاح لعلماء الغرب فرصة انتهزوها لتبني هذا الاسم المغلوط ؛ ولكن من فضل الله علينا أن الكاتب المعاصر عبد الرحمن عبد اللطيف نشر مقالة بمجلة العلم بعنوان "الأرقام العربية" ، ساعدت على إزالة هذا الشك الخطير فقال : (إن الأرقام الغبارية ابتكرها العرب منذ أول عهدهم بتعليم الكتابة العربية قبل البعثة المحمدية ، فيما بين منتصف القرن الثالث الميلادي ونهاية القرن السادس الميلادي ، وهو الوقت الذي تم فيه أيضا تحول الخط العربي من صورته النّبُطية البحتة إلى صورته العربية المعروفة التي نراه عليها الآن ، والتي لا تبعد كثيرا عن صورة الخط النّبَطي التي كانت يومئذ هي نفس صورة الأرقام الغبارية تماما ، وقد علم ذلك مؤخرا عندما رأينا الخط النّبُطي . . . في بلدة النمارة بحوران في نقش مؤرخ سنة (328) ميلادية" . وينظر المفصّل في تاريخ العرب قبل الإسلام 8/243 ، 246 ، وبالمقارنه بينه وبين النص الأخير تظهر المبالغة في كلام الكاتب عبد الرحمن عبد اللطيف . لقد استمر الحسابون يستعملون الأرقام السنسكريتية لوحدها ، أو مع النبَطية العربية في كتبهم منذ بداية القرن الرابع للهجرة في المشرق والمغرب ، وأطلقوا على كتبهم مسمى الحساب الهندي ، لان علم الحساب جاء إليهم من الهنود كما يظهر من مخطوطات علم الحساب فمن غير المقبول عقلا ومنطقا ان يقتبس الأنباط خطهم وتوريخهم بحساب الجمّل من الآراميين ويتركوا طرائق حساباتهم بالأرقام . ومن غير المقبول عقلا أنهم وقد بلغوا ما بلغوا من السمو الحضاري والتجاري ، ثم أنهم لم يستعملوا أرقاما معينة خاصة بهم في الحساب مما تفرضه المعاملات التجارية عليهم ، فقد كان منهم تجار يهبطون الأسواق العالمية في الإسكندرية وفي الشام واليونان والعراق والحبشة والهند . . . من إن الثابت من النقائش أنهم استعملوا الأرقام إضافة إلى حساب الجمّل فعلا ، فانتقلت هذه الأرقام مع الخط إلى الهند وإلى عرب الحجاز قبل الإسلام ، ومن ثم إلى البلدان الإسلامية الأخرى بعد الفتوح ، بعد أن مرت بفترات طويلة من التطور والتغيير . . . وهذا يتفق مع ما حكاه ابن النديم والبيروني عن الأرقام التي عرفوها في الهند والسند . ويؤيد ما ذهبت إليه أن بعض من كتب في الأرقام ووصوله إلى أوربا ، رأوا أن الكتابة البراهمية الهندية التي تكتب من اليسار إلى اليمين وهي أهم الأبجديات الهندية قد اقتُبست من الكتابة الفينيقية ، بينما تكتب الأبجدية الخارشتية الهندية من اليمين إلى اليسار فهي لذلك مقتبسة من الآرامية . والآرامية هنا بمعنى النّبَطية ، لأن النّبُط هم الذين كانوا يتاجرون مع الهند عبر ميناء جرها على الخليج العربي (تاريخ الخط العربي ) وقد وعد الدكتور السامرائي في هذا البحث بأنه سيُصدر له كتاب حول الأرقام وأصولها وتطورها ، اعتمادا على النقوش والنقود والمخطوطات وأكد عدد من علماء المغرب عروبة الأرقام المستعملة الآن في بلادهم – وليتهم اقتصروا على إثبات عروبة أصلها ، وهو ما يسمى بالأرقام الغبارية - ؛ منهم الأستاذ محمد السراج إذ يقول : "فالأرقام المغربية من وضع عربي مغربي" . وكذلك العلامة الشيخ عبد الله بن محمد بن الصدّيق الغماري ، ومؤرخ المملكة المغربية عبد الوهاب منصور ، وغيرهم . واستدلوا بما ذكره ابن الياسمين في كتابه تلقيح الأفكار في العمل برسوم الغبار ( العالم العربي متجه نحو استعمال الأرقام العربية المغربية 47 ، دليل جديد على عروبة الأرقام المستعملة في المغرب العربي لأبي فارس 231 . وتقدم إيراد الشاهد من كلام ابن الياسمين ، فليُرجع إليه) كما استدلوا بالتقسيم الذي ذكره حاجي خليفة بقوله : "كالأرقام الهندية ، والرومانية ، والمغربية ، والإفرنجية" (كشف الظنون عن أسامي الكتب والفنون) . والذي أورده القلقشندي بقوله : "علم حساب التَّخْت والميل : من الكتب المصنفة فيه على طريق الهندي كتب متعددة ، ومن الكتب المصنفة فيه على طريق الغبار كتاب الحصار" (صبح الأعشى في صناعة الإنشا) . وقد تقدم توجيه بعضهم لتسمية الأرقام المغربية بالغبارية ، بأنها كانت تكتب بالقلم المسمى : (غباري) لدقته . |
#2
|
|||
|
|||
![]() وثمة نظرية وضعها أحد الغربيين وهو (كرا دي فو) ، واعتمد عليها في إثبات عروبة الأرقام ، وأنها ليست هندية ، وذلك عندما عثر على نص عربي يُسمي الحساب الهندي بالهندسي ، والحروف الهندسية ، ثم خلص إلى وضع تلك النظرية التي حددت أن ما يسمى بالأرقام الهندية أو العربية إنما هي في الأصل أشكال هندسية ابتكرها محمد بن موسى الخوارزمي ثم حُوِّرت لتلائم الكتابة باليد . . . وعدد الزوايا في كل شكل يدل على رقمه قصة الأرقام والترقيم 74 - 75 . لكن الأستاذ عبد العزيز بن عبد الله في مقاله : العالم العربي متجه نحو استعمال الأرقام العربية المغربية 47 نسب إلى (كرا دي فو) تجيير ذلك لصالح اليونانيين لا العرب كما سيأتي إن شاء الله تعالى ويُنظر الأرقام الهندية شرقية لا غربية 1491 ، 1492 . وقد انتقد الدكتور أحمد سليم سعيدان نظرية (كرا دي فو) - حسبما حكاها هو - فقال في قصة الأرقام والترقيم 75 : "رغم طرافة هذا الافتراض لم يقبله الباحثون ، إذ لم يعثروا على أشكال مكتوبة على هذا النحو الهندسي الرتيب ، ولم يلبث أن تبين أن (كرا دي فو) كان واهما ، إذ ان الطريق الهندسي إنما هو هِنْدُسي (هندوسي) نسبة إلى الهندوس لا الهندسة ، وهكذا بادت نظرية (كرا دي فو)" . وفي كلام الدكتور سعيدان رد أيضا على ما ذكره العلامة المحدث عبد الله بن محمد بن الصديق الغماري في كتابه خواطر دينية 162 بقوله: "وأول من اخترعها - (يعني الأرقام المستعملة اليوم في المغرب) - عربي أندلسي كما في نفح الطيب ، اخترعها على أساس الزوايا ، فرقم واحد يكون زاوية ، ورقم اثنين يكون زاويتين ، وهكذا إلى تسعة" . وقال الأستاذ محمد السراج في مقاله الطابع العربي في الأرقام الرياضية 65 : "أما النظرية التي تزعم أن الأشكال الحسابية هي زوايا في أصل وضعها ، فلا تطرد في جميع سلسلة الأرقام ، لأنها وإن تيسرت بالنسبة لرقم الواحد من انه في الأصل زاوية ، وبالنسبة للاثنين من كونها في الأصل زاويتين ، وكذا الثلاثة من كونها ثلاث زوايا ، والأربعة من كونها أربع زوايا فهي تتعذر في الخمسة والسبعة والثمانية ، وتعسر إن لم نقل مستحيل في الستة والتسعة إذ لا فرق بينهما إلا في الوضع العكسي . وعلى فرض إمكان ذلك مع تكلف ، فإن الغرض من الأعداد : الدلالة على معدوداتها المتنوعة لا على كمية الزوايا حتى يكون ذلك مبررا لصرف المجهودات من أجل تصحيح تلك النظرية ومناقشات حولها واستنتاجات منها" . وينظر : تاريخ العلم عند العرب 134 ، ودراسات في تاريخ العلوم عند العرب 85 ، والتعريف والنقد : الأرقام العربية ورحلة الأرقام عبر التاريخ 391) . ثالثا : من زعم أنها إغريقية ولاتينية دأب فريق من الغربيين على انتهاز الفُرص للسطو على حقوق الآخرين ، والاستحواذ على أشيائهم ، فكم من مآثر ومحامد للمسلمين ادّعوها ظلما وبغيا . وفي هذا المقام حاول بعضهم طمس الحقائق الناصعة ، متنكبين عن سنن الحق وجادة الصواب ، ومتعلقين بامثال خيوط العناكب } وَإِنَّ أَوْهَنَ الْبُيُوتِ لَبَيْتُ الْعَنكَبُوتِ لَوْ كَانُواْ يَعْلَمُون{ سورة العنكبوت آية 41 . فقد ادعى بعضهم ان الأرقام العربية جاءتنا من طريقهم ، أو أنها لم تصل إلينا إلا بعد أن سُقيت بدلوهم ، زعموا ذلك لما وجدوا فينا وهنا وغفلة ، ولله درُّ القائل : ومن رعى غنما في أرض مسبعة وغاب عنها تولى رعيها الأسد قال الأستاذ عبد العزيز بن عبد الله : "بعض العلماء أمثال (كرا دي فو) و (كاي) و (كولان) ، (لاحظ إبتداء الأسماء الثلاثة بحرف الكاف) يرون أن مبدأ الترقيم يعود إلى الرياضيين اليونانيين ، حيث يرى (كرا دي فو) أن كلمة : هندي ، راجعة إلى كلمة (End) ، الفارسية ، بمعنى قياس في الحساب والهندسة ، أو أنها من هندسي (الهندسة والحساب) ، ولذلك فنظام الترقيم في نظره هو عمل أتباع أفلاطون وفيثاغورس ، ومن ثم انتقلت هذه الطريقة - حسب زعمهم - للامم اللاتينية وللفرس الذين نقلوها بدورهم للعرب والهنود معا بعد الفتح الإسلامي . تلك نظرية الذين يبحثون دائما عن منفذ إلى أصالة الغربيين المزعومة في كل شيء . ويزيد (كولان) الأمر تدقيقا فيزعم - تخمينا - ان الأرقام العربية اشتقت من الأحرف اليونانية ذات الدلالة الرقمية ، وأن الفرق بين الأرقام الهندية والغبارية هو ان الاولى تشتق مباشرة كالثانية من الأصول اليونانية ، بل إنها جاءت للغربيين عن طريق الهنود الذين نقلوها بدورهم عن اليونان . وعن غربي آخر يتحدث الدكتور سليم سعيدان فيقول : "ثمة نظرية اخرى وضعها (فبكي) انطلاقا من قصة ما يسمى حصى (بوثيوس) . . . وهذه الأشكال التي نقشت على الحصى شبيهة بالأرقام الهندية التسعة ، إلا أن النص اللاتيني ينسبها للفيثاغوريين . ويرد هذا النص في مخطوطة متأخرة لكتاب (بوثيوس) ، يرجع تاريخها إلى القرن العاشر الميلادي - (أي ما يوافق القرن الرابع الهجري) – أو ما بعده ، وهو يرِد معترضا لسياق الكلام الهندسي ، بحيث لو أزيل لما تأثر السياق . . . افترض فبكي أن اتصالا تم من قديم من قبل الميلاد بين الفيثاغوريين والهنود عن طريق التجارة ، كان من جرائه ان أخذ الفيثاغوريون من الهنود هذه الأشكال مع فكرة المنازل العشرية واكملوها بوضع رمز للصفر ثم ظلت هذه الطريقة تستعمل على الحصى على نطاق ضيق إلى أن اكتشفها العرب ونشروها . كان فرض فبكي ينقصه الدليل ، ذلك أننا لا نجد أي أثر يشير إلى أن الأرقام الهندية استعملها الفيثاغوريون ، أو أنها عرفت في عالم البحر المتوسط قبل الإسلام ، ثم جاءت الدراسات التمحيصية فبينت ان كل هذا الذي يذكر عن حصى (بوثيوس) ، إنما هو إضافات متاخرة ، وأن المدرسين الكنسيين نسبوها إلى الفيثاغوريين ايكتموا عن طلابهم أنها اخذت من المسلمين ، وبذا بادت نظرية فبكي" (قصة الأرقام والترقيم 75 - 77 . وتنظر مقدمة تحقيق الفصول في الحساب الهندي 21 - 22 وعلم الحساب عند العرب 181) . ويشير السفير عبد الهادي التازي إلى تلك الدعاوى الكاذبة التي لا تمت إلى الحق بسبب أو نسب فيقول : "ولعل أتفه ما نقل في هذا الصدد : أن عرب الأندلس هم المقتبسون للأرقام المنسوبة إليهم من البلاد المسيحية التي افتتحوها ، وأن التشابه الموجود بين أرقام (بويص) التي ترجع إلى القرن الحادي عشر – يعني الميلادي ، وهو يوافق القرن الخامس الهجري - وبين الأرقام العربية مما يؤكد هذا ، وأعتقد أني لست بحاجة إلى أن أقف كثيرا عند هذه الأسطورة ، فإن العرب - وقد أثرت عنهم الأمانة في النقل – لم يتهيبوا ان ينسبوا الأشياء المقتبسة لواضعيها ، حتى ولو كان أصحابها ينتحلون دينا غير الذي ينتحلونه ، لكن الأرقام هي عربية كما تشهد بذلك المخطوطات العربية القديمة التي عرضت لهذه الأشكال دون أن تكون على صلة ببويص" . رابعا : الترجيح والاختيار إن القول الأخير مفنَّد - كما ترى - ، لا عبرة به ، لأنه قائم على التخمينات الباطلة ، والتمويهات المتخيلة وليس كل خلاف جاء معتبرا إلا خلافٌ له حظ منالنظر وأما القولان السابقان ففي كل واحد منهما وجاهة من جهة ، فالأول منهما اختاره الأكثر ، ودل عليه عامة كلام المتقدمين . وأما الذي بعده فغنه يتقوى بالتشابه بين الأرقام بنوعيها والصور المقابلة لها في الحروف الأبجدية ، مع التباين بينها وبين أشكال الأرقام المتوارثة في الهند إلى غير ما تقدم . ويمكن التقريب بين القولين من خلال المدخل الذي نبه إليه الأستاذ المحقق الدكتور احمد سليم سعيدان ، بيّن ان الأرقام العربية بنوعيها هي أقرب من حيث الشبه إلى الأرقام السندية دون سائر بلاد الهند التي ارتضت أشكالاً أخرى . كما أن الحساب الهندي الذي قدمه المسلمون يختلف عن الحساب الهندي الذي يوجد في عامة المصادر الهندية السنسكريتية . ويبدو أن ذاك الحساب كان منتشراً في السند بين العامة لاسيما التجار ، وأهل السند كانت كتابتهم تتجه من اليمين إلى اليسار بخلاف الكتابة السنسكريتية . مع ملاحظة تصريح ابن النديم بأن أرقامنا سندية ، وأن أهل تلك الناحية يستعملون حساب الجُمّل على طريقة (أَبْجَدْ هَوَّز) ، وهذه الطريقة آرامية نَبَطيّة ، أي أنها عربية . وتقدم عن البِيْروني أن أهل الهند لا يجرون على حروفهم شيئاً من الحساب ، فيفهم من هذا أن الإجراء الذي ذكره ابن النديم هو عن أهل السند خاصة دون سائر بلاد الهند . هذا بالإضافة إلى ما تقدم من ان الآراميين والأنباط أصحاب حضارة عريقة ، أفادت مَنْ حولها من الأمم كالهنود ، وإن قسما من أهل الهند كانوا يتكلمون بالآرامية . كما تبين عن الأنباط أنهم كانوا يستعملون الأرقم ، وقلدهم في ذلك العرب منذ الجاهلية . لذا يمكنني القول بان أهل السند تعلموا من الأنباط الخط والأرقام ، كما تعلمها العرب ، لكن لما أعجب العرب بحساب السند الغباري القائم على النظام العشري المنازلي اخذوه عنهم مع الأرقام ، وإن كانت تلك الأرقام معروفة لدى بعض العرب ، إلا أن الكثير منهم لم يستعملوها لانتشار حساب الجمّل بينهم القائم على الحروف دون الأرقام . ولا فرق في ذلك بين الأرقام المستعملة في المشرق والمغرب ، وما حدث بينها من اختلاف فإنه يرجع - فيما يبدو - إلى التطور والله أعلم . |
![]() |
|
|
![]() |