![]() |
![]() |
المستشار نبيل جلهوم | ||
المهندس عبدالدائم الكحيل | الدكتور عبدالله بن مراد العطرجى | بطاقات عطاء الخير |
دروس اليوم | أحاديث اليوم | بطاقات لفلي سمايل |
|
تسجيل دخول اداري فقط |
الرسائل اليومية لبيت عطاء الخير لنشر و إعادة الأخلاق الإسلامية الحقيقية للأسرة |
انشر الموضوع |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#3
|
|||
|
|||
![]() ومتى تأملت شعر الشاعر البليغ رأيت التفاوت في شعره على حسب الأحوال التي يتصرف فيها ، فيأتي بالغاية في البراعة في معنى ، فإذا جاء إلى غيره قصر عنه ، ووقف دونه ، وبان الاختلاف على شعره ، ولذلك ضرب المثل بالذين سميتهم ، لأنه لا خلاف في تقدّمهم في صنعة الشعر ، ولا شك في تبريزهم في مذهب النظم . فإذا كان الاختلال يتأتى في شعرهم ، لاختلاف ما يتصرفون فيه ، استغنينا عن ذكر من هو دونهم ، وكذلك يستغنى به عن تفصيل نحو هذا في الخطب و الرسائل و نحوها . ثم نجد من الشعراء من يجوّد في الرجز ، ولا يمكنه نظم القصيد أصلاً ، ومنهم من ينظم القصيد ، ولكن يقصر [ تقصيراً عجيباً ، ويقع ذلك من رجزه موقعاً بعيداً ، ومنهم من يبلغ في القصيدة الرتبة العالية ، ولا ينظم الرجز ، أو يقصر ] فيه مهما تكلفه أو تعلمه . ومن الناس من يجود في الكلام المرسل ، فإذا أتى بالموزون قصر ونقص نقصاناً بيّناً، ومنهم من يوجد بضد ذلك. وقد تأملنا نظم القرآن فوجدنا جميع ما يتصرف فيه من الوجوه التي قدّمنا ذكرها ، على حدّ واحد ، في حسن النظم ، و بديع التأليف و الرصف ، لا تفاوت فيه ، ولا انحطاط عن المنزلة العليا ، ولا إسفاف فيه إلى الرتبة الدنيا ، وكذلك قد تأملنا ما يتصرف إليه وجود الخطاب ، ومن الآيات الطويلة والقصيرة، فرأينا الإعجاز في جميعها على حدّ واحد لا يختلف . وكذلك قد يتفاوت كلام الناس عند إعادة ذكر القصة الواحدة [ تفاوتاً بيِّناً، ويختلف اختلافاً كبيراً . ونظرنا القرآن فيما يعاد ذكره من القصة الواحدة ] فرأينا غير مختلف ولا متفاوت ، بل هو على نهاية البلاغة وغاية البراعة ، فعلمنا بذلك أنه مما لا يقدر عليه البشر، لأن الذي يقدرون عليه قد بيّنا فيه التفاوت الكثير ، عند التكرار وعند تباين الوجوه ، واختلاف الأسباب التي يتضمن . 4-ومعنى رابع : وهو أن كلام الفصحاء يتفاوت تفاوتاً بيّناً في الفصل والوصل ، والعلوّ والنزول ، والتقريب والتبعيد ، وغير ذلك مما ينقسم إليه الخطاب عند النظم ، ويتصرف فيه القول عند الضم والجمع . ألا ترى أن كثيراً من الشعراء قد وصف بالنقص عند التنقل من معنى إلى غيره ، والخروج من باب إلى سواه . حتى إن أهل الصنعة قد اتفقوا على تقصير البحتري ، مع جودة نظمه ، وحسن وصفه ـ في الخروج من النسيب إلى المديح . وأطبقوا على أنه لا يحسنه ، ولا يأتي فيه بشيء، وإنما اتفق له ـ في مواضع معدودة ـ خروج يرتضي ، و تنقل يستحسن . وكذلك يختلف سبيل غيره عند الخروج من شيء إلى شيء ، والتحوّل من باب إلى باب . ونحن نفصل بعد هذا و نفسر هذه الجملة ، ونبين أن القرآن على اختلاف [ فنونه ] وما يتصرف فيه من الوجوه الكثيرة و الطرق المختلفة ـ يجعل المختلف كالمؤتلف ، والمتباين كالمتناسب ، والمتنافر في الأفراد إلى حد الآحاد ، وهذا أمر عجيب ، تبين به الفصاحة ، وتظهر به البلاغة ، و يخرج معه الكلام عن حد العادة ، و يتجاوز العرف . 5-ومعنى خامس : وهو أن نظم القرآن وقع موقعاً في البلاغة يخرج عن عادة كلام [ الجن ، كما يخرج عن عادة كلام الإنس ] . فهم يعجزون عن الإتيان بمثله كعجزنا ، ويقصرون دونه كقصورنا . وقد قال الله عزّ جلَّ : {قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الْإِنْسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِهَذَاالْقُرْآَنِ لَا يَأْتُونَبِمِثْلِهِوَلَوْ كَانَبَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيراً } |
|
|
![]() |