![]() |
![]() |
المستشار نبيل جلهوم | ||
المهندس عبدالدائم الكحيل | الدكتور عبدالله بن مراد العطرجى | بطاقات عطاء الخير |
دروس اليوم | أحاديث اليوم | بطاقات لفلي سمايل |
|
تسجيل دخول اداري فقط |
الرسائل اليومية لبيت عطاء الخير لنشر و إعادة الأخلاق الإسلامية الحقيقية للأسرة |
![]() |
انشر الموضوع |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
|
#1
|
|||
|
|||
![]() فإن قيل : هذه دعوى منكم ، وذلك أنه لا سبيل لنا إلى أن نعلم عجز الجن عن [ الإتيان ] بمثله ، وقد يجوز أن يكونوا قادرين على الإتيان بمثله ، وإن كان عاجزين ، كما أنهم قد يقدرون على أمور لطيفة ، وأسباب غامضة دقيقة ، لا نقدر نحن عليها ، ولا سبيل لنا للطفها إليها ، وإذا كانت كذلك ، لم يكن إلى علم ما ادعيتم سبيل . قيل : قد يمكن أن نعرف ذلك بخبر الله عز وجل ، وقد يمكن أن يقال إن هذا الكلام خرج على ما كانت العرب تعتقده من مخاطبة الجن ، وما يروون لهم من الشعر ، ويحكون عنهم من الكلام ، وقد علمنا أن ذلك محفوظ عندهم منقول عنهم . والقدر الذي نقلوه [ من ذلك ] قد تأملناه ، فهو في الفصاحة لا يتجاوز حد فصاحة الإنس ، ولعله يقصر عنها ، ولا يمنع أن يسمع الناس كلامهم ، ويقع بينهم وبينهم محاورات في عهد الأنبياء ، صلوات الله عليهم ، وذلك الزمان مما لا يمتنع فيه وجود ما ينقض العادات . على أن القوم إلى الآن يعتقدون مخاطبة الغيلان ، ولهم أشعار محفوظة مدونة في دواوينهم . قال تأبط شراً : وأدهــم قـــد جُـبــتجِلـبـابـه كما اجتابت الكاعبُ الخيعلا إلــى أن حــدا الصـبـحأثـنــاءه مـــزّق جـلـبـابـه الأ لــيــلا عـلــى شـيــم نـــار تـنـوّرتـهـا فـبـتُّ لـهـا مـدبـراً مـقـبـلاً فأصبحـت والـغـول لــي جــارة فـيـا جـارتـا أنـــت مـــا أهـــولا وطالبـتـهـا بضـعـهـا ، فـالـتـوت بـوجـه تـهـوّل و اسـتـغـولا فمـن سـال أيـن ثـوتجارتـي فـــإن لــهــا بـالـلــوي مــنــزلا وكنت إذا مـا هممـت اعتزمـت وأخــــر إذا قــلــت أن أفــعـــلا وقال آخر : عشوا ناري فقلت منونأنتم فقالوا الجنُّ قلت عموا ظلاما فقت إلى الطعام فقال منهم زعيم يحسد الإنـس الطعامـا ويذكرون لامرئ القيس قصيدة مع عمر والجني ، وأشعاراً لهما، كرهنا نقلها وقال عُبيد بن أيوب : فلله درُّ الـغـول أيرفـيـقـة لصاحـب قفـر خائـف متقفِّـر أرنَّت بلحن بعد لحن وأوقدت حوالـيَّ نيرانـاً تلـوحوتـزهـر وقال ذو الرمة بعد قوله : قد أعسف النازح المجهولمعسفـه في ظل أخضر يدعو هامة البوم للجـن باللـيـل فــي حافاتـهـازجــل كما تنـاوح يـوم الريـح عيشـوم دويّــــة ودجــــى لــيـــلكـأنـهـمــا يــم تـراطـن فــي حـافـاتـه الـــروم وقال أيضا ً : و كم عرَّست بعد السرى مع معرَّس به من كلام الجن أصوات سامر[12] وقال : ورملٍ عزيف الجن في عقباته هزيزٌ كتضراب المُغنين بالطبل[13] وإذا كان القوم يعتقدون كلام الجن ومخاطباتهم ، ويحكون عنهم ، وذلك القدر المحكي لا يزيد أمره على فصاحة العرب ، صح ما وصف عندهم من عجزهم عنه كعجز الإنس . و يبين ذلك من القرآن : أن الله تعالى حكي عن الجن ما تفاوضوا فيه من القرآن فقال : { وَإِذْ صَرَفْنَا إِلَيْكَ نَفَرًامِنَالْجِنِّ يَسْتَمِعُونَ الْقُرْآنَ فَلَمَّا حَضَرُوهُ قَالُواأَنْصِتُوا فَلَمَّا قُضِيَ وَلَّوْا إِلَى قَوْمِهِمْ مُنْذِرِينَ } [ الأحقاف : 29 ] |
#2
|
|||
|
|||
![]() فإذا ثبت أنه وصف كلامهم ، ووافق ما يعتقدونه من نقل خطابهم، صح أن يوصف الشيء المألوف بأنه ينحط عن درجة القرآن في الفصاحة . وهذان الجوابان أسدُّ عندي من جواب بعض المتكلمين عنه ، بأن عجز الإنس عن القرآن يثبت له حكم الإعجاز، فلا يعتبر غيره . ألا ترى أنه لو عرفنا من طريق المشاهدة عجز الجن عنه، فقال لنا قائل : فدلّوا على أن الملائكة تعجز عن الإتيان بمثله ، لم يكن لنا في الجواب غير هذه الطريقة التي قد بيناها . وإنما ضعّفنا هذا الجواب لأن الذي حُكي و ذكر عجزُ الجن و الإنس عن الإتيان بمثله ، فيجب أن نعلم عجز الجن عنه ، كما علمنا عجز الإنس عنه و لو كان وصف عجز الملائكة عنه ، لوجب أن نعرف ذلك أيضاً بطريقه . فإن قيل : أنتم قد انتهيتم إلى ذكر الإعجاز في التفاصيل ، وهذا الفصل إنما يدل على الإعجاز في الجملة ؟ قيل : هذا كما أنه يدل على الجملة ، فإنه يدل على التفصيل أيضاً ، فصح أن يلحق هذا القبيل ، كما كان يصح أن يُلحق بباب الجمل . 6- ومعنى سادس : وهو أن ينقسم عليه الخطاب ، ومن البسط و الاقتصار ، والجمع والتفريق ، والاستعارة و التصريح ، والتجوز والتحقيق ، ونحو ذلك من الوجوه التي توجد في كلامهم ، موجود في القرآن . وكل ذلك مما يتجاوز حدود كلامهم المعتاد بينهم ، في الفصاحة و الإبداع و البلاغة و قد ضمنا بيان ذلك [ من ] بعدُ ، لأن الوجه ههنا ذكر المقّدمات ، دون البسط والتفصيل . 7- ومعنى سابع : وهو أن المعاني التي تضمنها ، في أصل وضع الشريعة و الأحكام ، والاحتجاجات في أصل الدين ، الردّ على الملحدين ، على تلك الألفاظ البديعة ، وموافقة بعضها بعضاً في اللطف و البراعة ، مما يتعذر على البشر ويمتنع وذلك أنه قد علم أن تخير الألفاظ للمعاني المتداولة المألوفة ، والأسباب الدائرة بين الناس ، أسهل وأقرب من تخير الألفاظ لمعانٍ مبتكرة ، وأسباب مؤسسة مستحدثة . فإذا برع اللفظ في المعنى البارع ، كان ألطف وأعجب من أن يوجد اللفظ البارع في المعنى المتداول المتكرّر ، والأمر المتقرّر ، المتصوّر ، ثم أنضاف إلى ذلك التصرفُ البديع في الوجوه التي تتضمن تأييد ما يبتدأ تأسيسه ، ويراد تحقيقه ، بأن التفاصيل في البراعة والفصاحة ، ثم إذا وجدت الألفاظ وفق المعنى ، والمعاني وفقها ، لا يفضل أحدهما على الآخر ، فالبراعة أظهر و الفصاحة أتم . 8-ومعنى ثامن : وهو أن الكلام يتبين فضله و رجحان فصاحته ، بأن تذكر منه الكلمة في تضاعيف كلام ، أو تقذف ما بين شعر ، فتأخذها الأسماع ، وتتشوّف إليها النفوس ، ويرى وجه رونقها بادياً غامراً سائراً ما تقرن به ، كالدرّة ، التي ترى في سلك من خرز ، و كالياقوتة في واسطة العقد . وأنت ترى الكلمة من القرآن يتمثل بها في تضاعيف كلام كثير وهي غرّة جميعه ، وواسطة عقده ، والمنادي على نفسه بتميزه وتخصصه ، برونقه و جماله ، واعتراضه في حسنه و مائة ، وهذا الفصل أيضاً مما يحتاج فيه إلى تفصيل وشرح و نص ، ليتحقق ما ادّعيناه منه . ولولا هذه الوجوه التي بيناها لم يتحير فيه أهل الفصاحة ، ولكانوا يفزعون إلى التحمل للمقابلة ، والتصنع للمعارضة ، وكانوا ينظرون في أمرهم ، ويراجعون أنفسهم ، أو كان يراجع بعضهم بعضاً في معارضته ويتوقفون لها . فلما لم نرهم اشتغلوا بذلك علم أن أهل المعرفة منهم بالصنعة إنما عدلوا عن هذه الأمور ، لعلمهم بعجزهم عنه ، و قصور فصاحتهم دونه . ولا يمتنع أن يلتبس على من لم يكن بارعاً فيهم ، ولا متقدماً في الفصاحة منهم ، هذا الحال حتى لا يعلم إلا بعد نظر وتأمل ، وحتى يعرف حال عجز غيره . إلا أنا رأينا صناديدهم وأعيانهم ووجوههم سلموا ولم يشتغلوا بذلك ، تحقيقاً بظهور العجز و تبيناً له . وأما قوله تعالى حكاية عنهم : {لَوْ نَشَاء لَقُلْنَا مِثْلَهَـذَا} [ الأنفال : 31 ] فقد يمكن أن يكونوا كاذبين فيما أخبروا به عن أنفسهم ، [ وقد يمكن أن يكون قاله منهم أهل الضعف في هذه الصناعة دون المتقدمين فيها ] ، وقد يمكن أن يكون هذا الكلام إنما خرج منها ، وهو يدل على عجزهم . ولذلك أورده الله مورد تقريعهم ، لأنه لو كانوا على ما وصفوا به أنفسهم لكانوا يتجاوزون الوعد إلى الإنجاز ، والضمان إلى الوفاء ، فلما لم يفعلوا ذلك ـ مع استمرار التحدّي وتطاول زمان الفسحة في إقام الحجة عليهم بعجزهم عنه ـ علم عجزهم ، إذ لو كانوا قادرين على ذلك لم يقتصروا على الدعوى فقط . ومعلوم من حالهم وحَمِيّتهم أن الواحد منهم يقول في الحشرات والهوام والحيَّات وفي وصف الأزمَّة والأتساع والأمور و التي لا يؤبه لها ولا يحتاج إليها ، ويتنافسون في ذلك أشد التنافس ، ويتبجحون به أشد التبجح . فكيف يجوز أن تمكنهم معارضته لتكذيبه ، والذب عن أديانهم القديمة ، وإخراجهم أنفسهم من تسفيه رأيهم ، وتضليله إياهم ، والتخلص من منازعته ، ثم من محاربته و مقارعته ، ثم لا يفعلون شيئاً من ذلك ، وإنما يُحيلون أنفسهم على التعاليل ، و يعلّلونها بالأباطيل [ هذا محال ] . 9- ومعنى تاسع : وهو أن الحروف التي بني عليها كلام العرب تسعة وعشرون حرفاً ، وعدد السور التي افتتح فيها بذكر الحروف ثمان وعشرون سورة ، وجملة ما ذكر من هذه الحروف في أوائل السور من حروف المعجم نصف الجملة ، وهو أربعة عشر حرفاً ، ليدل بالمذكور على غيره ، وليعرفوا أن هذا الكلام منتظم من الحروف التي ينظمون بها كلامهم . والذي تنقسم إليه هذه الحروف على ما قسمه أهل العربية ، وبنوا عليها وجوههاً أقسام، نحن ذاكروها : فمن ذلك أنهم قسموها إلى حروف مهموسة ، وأخرى مجهورة . فالمهموسة منها عشرة : وهي الحاء ، والهاء ، والخاء ، والكاف ، والشين ، والثاء ، والفاء ، والصاد ، والسين . وما سوى ذلك من الحروف فهي مجهورة . و قد عرفنا أن نصف الحروف المهموسة مذكورة في جملة الحروف المذكورة في أوائل السور . وكذلك نصف الحروف المجهورة على السواء ، لا زيادة و لا نقصان . " المجهورة "معناه : أنه حرف أشبع الاعتماد في وموضعه ومنع أن يجري معه [ النفس ] حتى ينقضي الاعتماد و يجري الصوت . " والمهموس" : كل حرف أضعف الاعتماد في موضعه حتى جرى معه النفّس . وذلك مما يحتاج إلى معرفته لتبنى عليه أصول العربية . وكذلك مما يقسمون إليه الحروف ، يقول إنها على ضربين : أحدهما حروف الحلق ، وهي ستة أحرف : العين ، و الحاء ، و المهموزة ، و الهاء ، و الخاء ، و الغبن . والنصف [الآخر] من هذه الحروف مذكورة في جملة الحروف التي تشتمل عليها الحروف المثبتة في أول السورة ، |
#3
|
|||
|
|||
![]() وكذلك تنقسم هذه الحروف إلى قسمين آخرين : أحدهما حروف غير شديدة ، وإلى الحروف الشديدة ، وهي التي تمنع الصوت أن يجري فيه ، وهي الهمزة ، والقاف والكاف و الجيم و الظاء والذال و الطاء والباء ، وقد علمنا أن نصف هذه الحروف أيضا هي مذكرة في جملة تلك الحروف التي بني عليها تلك السورة . ومن ذلك الحروف المُطبقة وهي أربعة أحرف ، وما سواها منفتحه ، فالمطبقة : الطاء و الظاء ، و الصاد ، و الضاد . وقد علمنا أن نصف هذه [ الحروف ] في جملة الحروف المبدوء بها في أوائل السور . وإذا كان القوم ـ الذين قسموا في الحروف هذه الأقسام لأغراض لهم في ترتيب العربية وتنزيلها بعد الزمان الطويل من عهد النبي صلى الله عليه و سلم ، رأوا مباني اللسان على هذه الجهة ، وقد نبه بما ذكر في أوائل السور على ما لم يذكر ، على حد التصنيف الذي وصفنا ـ دل على أن وقوعها الموقع الذي يقع التواضع عليه ، بعد العهد الطويل ، لا يجوز أن يقع إلا من الله عزّ وجلّ، لأن ذلك يجري مجرى علم الغيوب . وإن كان إنما تنبهوا على ما بني عليه اللسان في أصله على ما بني عليه اللسان في أصله ولم يكن لهم في التقسيم شيء وإنما التأثير لمن وضع أصل اللسان . فذلك أيضاً من البديع الذي يدل على أن أصل وضعه وقع موقع الحكمة التي يقصر عنها اللسان . فإن كان أصل اللغة توقيفاً فالأمر في ذلك أبين ، وإن كان على سبيل التواضع فهو عجيب أيضاً ، لأنه لا يصح أن تجتمع هممهم المختلفة على نحو هذا إلا بأمر من عند الله تعالى . و كل ذلك يوجب إثبات الحكمة في ذكر هذه الحروف على حد يتعلق به الإعجاز من وجه . وقد يمكن أن تعاد فاتحة كل سورة لفائدة تخصها في النظم ، إذا كانت حروفاً ، كنحو (الم) ، لأن الألف المبدوء بها هي أقصاها مطلعاً، واللام متوسطة، والميم متطرفة ، لأنها تأخذ في الشفة ، فنبه بذكرها على غيرها من الحروف ، وبين أنه إنما أتاهم بكلام منظوم مما يتعارفون من الحروف التي تتردّد بين هذين الطرفين . ويشبه أن يكون التصنيف وقع في هذه الحروف دون الألف ، لأن الألف قد تلغى ، وقد تقع الهمزة وهي موقعاً واحداً . 10- ومعنى عاشراً : وهو أنه سبيله ، فهو خارج عن الوحشيّ المستكرّه ، والغريب المستنكّر ، وعن الصنعة المتكلّفة . وجعله قريباً إلى الأفهام ، يبادِرُ معناه لفظه إلى القلب ، ويسابق المغزى منه عبارته إلى النفس . وهو مع ذلك ممتنع المطلب ، عسير المتناول ، غير مطمع مع قربه في نفسه ، ولا مُوهمٍ مع دنوّه في موقعه أن يُقدّر عليه أو يُظفر به . فأما الانحطاط عن هذه الرتبة إلى رتبة الكلام المبتذّل ، والقول المسفسف ، فليس يصحُّ ، أن تقع فيه فصاحةٌ أو بلاغة ، فيطلب فيه الممتنع ، أو يوضع فيه الإعجاز . ولكن لو وضع في وحشيّ مستكره ، أو غمر بوجوده الصنعة ، وأطبق بأبواب التعسف والتكلف : لكان لقائل أن يقول فيه و يعتذر ، أو يعيب و يقرع . ولكنه أوضح منارة و قرَّب منهاجه ، و سهّل سبيله ، وجعله في ذلك متشابهاً متماثلاً ، و بيّن مع ذلك إعجازهم فيه . وقد علمت أن كلام فصحائهم وشعر بلغائهم لا ينفك من تصرف في غريب مستنكر ، أو حشيّ مستكره ، و معان مستبعدة . ثم عدولهم إلى كلام مبتذّل و ضيع لا يوجد دونه في الرتبة ، ثم تحوّلهم إلى كلام معتدل بين الأمرين ، متصرف بين المنزلتين . فمن شاء أن يتحقق هذا نظر في قصيدة أمرؤ القيس : قفا نبك من ذكرى حبيب ومنزل ونحن نذكر بعد هذا على التفصيل ما تتصرف إليه هذه القصيدة ونظائرها ومنزلتها من البلاغة ، ونذكر وجه فوت نظم القرآن محلها ، على وجه يؤخذ باليد ، و يُتناول من كثب ، ويُتصوَّر في النفس كتصور الأشكال . ليتبين ما ادعيناه من الفصاحة العجيبة للقرآن . واعلم أن من قال من أصحابنا : إن الأحكام معلله بعلل موافقة لمقتضى العقل جعل هذا وجهاً من وجوه الإعجاز ، وجعل هذه الطريقة دلالة فيه ، كنحو ما يعللون به الصلاة و معظم الفروض و أصولها . ولهم في كثير من تلك العلل طرق قريبة ، ووجوه تستحسن . وأصحابنا من أهل خراسان يولعون بذلك ، ولكن الأصل الذي يبنون عليه ، عندنا غير مستقيم . وفي ذلك كلام يأتي في كتابنا في الأصول . وقد يمكن في تفاصيل ما أوردنا من المعاني الزيادة و الإفراد ، فإنا جمعنا بين الأمور ، و ذكرنا المزية المتعلقة بها . وكل واحد من تلك الأمور مما قد يمكن اعتماده في إظهار الإعجاز فيه . فإن قيل : فهل تزعمون أنه معجز ، لأنه حكاية لكلام القديم سبحانه ، أو لأنه عبارة عنه . أو لأنه قديم في نفسه ؟ قيل : لسنا نقول بأن الحروف قديمة ، فكيف يصح التركيب على الفاسد ؟ ولا نقول أيضاً : إن وجه الإعجاز في نظم القرآن [ من أجل ] أنه حكاية عن كلام الله ، لأنه لو كان كذلك لكانت التوراة والإنجيل وغيرهما من كتب الله عز جل معجزات في النظم والتأليف . وقد بيّنا أن إعجازها في غير ذلك ، وكذلك كان يجب أن تكون كل كلمة مفردة معجزة بنفسها و منفردها ، وقد ثبت خلاف ذلك. |
![]() |
|
|
![]() |