![]() |
![]() |
المستشار نبيل جلهوم | ||
المهندس عبدالدائم الكحيل | الدكتور عبدالله بن مراد العطرجى | بطاقات عطاء الخير |
دروس اليوم | أحاديث اليوم | بطاقات لفلي سمايل |
|
تسجيل دخول اداري فقط |
الرسائل اليومية لبيت عطاء الخير لنشر و إعادة الأخلاق الإسلامية الحقيقية للأسرة |
انشر الموضوع |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#2
|
|||
|
|||
![]() فمن علاماتها إذن حب ذكر الغير بالنقائص والعيوب ، وكراهة أن يُذكر أحد عنده بخير ، بل وانتقاص الآخرين ليرفع نفسه ، فلا يدل على من هو أفضل منه في الدين أو العلم ، بل ويحجب فضائل الآخرين ويكتم أخبارهم خشية أن يستدل الناس عليهم فيتركوه ويذهبوا إلى غيره ، أو يقارنوا بينه وبين من هو خير منه فينفضوا عنه. الحسرة إذا زالت أو سُلِبت منه الرئاسة ، وتأمل لو أن عالما تصدَّر مجلس علم مثلا ، فالتف الناس حوله ، ثم جاء من هو أعلم منه فقدَّمه الناس عليه وانقطعوا إليه ، فهل يفرح هذا العالم أو يحزن؟ هل يفرح لأنه قد جاء من هو أعلم منه يحمل عنه المسئولية ويرفع عنه التبعة ويفيد الناس أكثر منه ؛ أم يحزن ويغتم لأنه قد جاء من خطف منه الأضواء وصيحات الإعجاب؟! بهذا تفضح قلبك أيها الداعية إذا خشيت مرضه وأردت شفاءه. قال ابن الجوزي : " وقد يكون الواعظ صادقا قاصدا للنصيحة إلا أن منهم من شرب الرئاسة في قلبه مع الزمان فيحب أن يُعظَّم ، وعلامته : أنه إذا ظهر واعظ ينوب عنه أو يعينه على الخلق كره ذلك ، ولو صحَّ قصده لم يكره أن يعينه على خلائق الخلق " . وقال كذلك : " ومنهم من يفرح بكثرة الأتباع ، ويلبِّس عليه إبليس بأن هذا الفرح لكثرة طلاب العلم ، وإنما مراده كثرة الأصحاب " . إنها مجالس السوء وإن كان ظاهرها الخير ، وأماكن الفتنة وإن رُفِعت عليها رايات الهدى ، ووسائل الهلاك وإن صُنِعت للنجاة!! كم شارب عسلا فيهمنِيته وكم تقلَّد سيفا من به ذُبِحا وتستطيع أخي الداعية أن تُجري اختبارا واحدا يكشف لك حقيقة مجالسك على الفور ، وذلك على طريقة ابتكرها عبد الرحمن بن مهدي وهي كما يلي : عن عبد الرحمن بن مهدي قال : " كنتُ أجلس يوم الجمعة فإذا كثر الناس فرحت ، وإذا قلوا حزنت ، فسألت بشر بن منصور فقال : هذا مجلس سوء فلا تعُد إليه ، فما عدتُ إليه " . حسرة قلبه إذا منع من الظهور وفاتته فرصة إبداء إمكاناته واستعراض قدراته ، وبالحلو تُعرف المرارة ، وبالضد تتميز الأشياء لذا فاسمعوا ما فعل المحدِّث الرباني شيخ نيسابور أبي عمرو إسماعيل بن نجيد فيما قصَّه الإمام الذهبي : " ومن محاسنه أن شيخه الزاهد أبا عثمان الحيري طلب في مجلسه مالا لبعض الثغور فتأخَّر ، فتألم وبكى على رؤوس الناس ، فجاءه ابن نجيد بألفي درهم فدعا له ، ثم إنه نوَّه به ، وقال : قد رجوت لأبي عمرو بما فعل ، فإنه قد ناب عن الجماعة ، وحمل كذا وكذا ، فقام ابن نجيد وقال : لكن إنما حملت من مال أمي وهي كارهة فينبغي أن ترده لترضى ، فأمر أبو عثمان بالكيس فرد إليه ، فلما جنّ الليل جاء بالكيس والتمس من الشيخ ستر ذلك ، فبكى وكان بعد ذلك يقول : أنا أخشى من همة أبي عمرو " . إضفاء هالات الأهمية الزائفة كادعاء المواعيد الكاذبة والانشغالات التافهة ، ليوقع في روع الناس علو قدره وارتفاع منزلته وتهافت الناس عليه والنبي صلى الله عليه وسلم يقول : ( المتشبِّع بما لم يُعطَ كلابس ثوبي زور ) قال ابن حجر : " المتشبِّع أي المتشبِّه بالشبعان وليس به شبع ، واستعير للتحلي بفضيلة لم يرزقها ، وشُبِّه بلابس ثوبي زور ؛ أي ذي زور ، وهو الذي يتزيا بزي أهل الصلاح رياء ، وأضاف الثوبين إليه لأنهما كالملبوسين ، وأراد بالتثنية أن المتحلي بما ليس فيه كمن لبس ثوبي الزور ارتدى بأحدهما واتزر بالآخر كما قيل : إذا هو بالمجد ارتدى وتأزَّرا ، فالاشارة بالإزار والرداء إلى أنه متصف بالزور من رأسه إلى قدمه ، ويحتمل أن تكون التثنية إشارة إلى أنه حصل بالتشبع حالتان مذمومتان : فقدان ما يتشبع به ، وإظهار الباطل " . عدم المشاركة بفاعلية عندما يكون مرؤوسا ، بل والتهرب من التكاليف حين لا يكون هناك فرصة للبروز ، واشتعال قلبه حماسة ونشاطا عندما يكون رأس الأمر وقائده. كثرة نقده لغيره بسبب وبغير سبب ، ومحاولة التقليل من أهمية مقترحات الغير ومبادراتهم مع عدم تقديم البديل ، والعمل على إخفاق ما لم يشارك فيه. الإصرار على رأيه وصعوبة التنازل عنه ، وإن ظهرت أدلة بطلانه ورجحان غيره. سبب هذا المرض السبب الرئيس : عدم تقدير عواقب التقصير في الآخرة ، وقد قال صلى الله عليه وسلم : ( ما من رجلٍ يلي أمر عشرةٍ فما فوق ذلك، إلا أتى الله مغلولاً يده إلى عنقه ، فكه بره أو أوثقه إثمه ، أولها ملامة ، وأوسطها ندامة ، وآخرها خزي يوم القيامة ) ألا فانتبه يا طالب العلم وأنت تعلِّم الناشئة ، وانتبه أيها المربي حين تربِّي من حولك ، وتعلَّم من سعد بن أبي وقاص صلى الله عليه وسلم ، وكيف حثَّنا على الزهد في الرئاسة بلسان حاله مما أغنانا عن آلاف الخطب والصفحات ، فعن عامر بن سعد بن أبي وقاص قال : كان سعد في إبلٍ له وغنم فأتاه ابنه عمر بن سعد ، فلما رآه قال : أعوذ بالله من شر هذا الراكب ، فلما أتاه قال : يا أبت! أرضيتَ أن تكون أعرابيا في غنمك والناس يتنازعون في الملك بالمدينة ؟! فضرب سعدٌ صدر عمر وقال : اسكت فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : ( إن الله يحب العبد التقي الغني الخفي ) وتأمَّل أيضا كيف كان هروب العلماء من مسئولية القضاء ، والقضاء منصب وسلطة ومكانة وأبهة ، وقد كان القاضي من أعظم الناس مكانة في زمانه ، وكلمته مسموعة لا ترد ؛ ومع ذلك كان الصالحون يهربون من القضاء ويُضربون عنه ولا يتولونه ، بل ويسجنون ولا يرضونه ، مع أنهم أهل له ، وذلك لخوفهم من تبعات الأمر ، وكيف لا وقد سمعوا قول النبي صلى الله عليه وسلم ينذر : ( قاضيان في النار ، وقاض في الجنة ) وكيف لا والنبي صلى الله عليه وسلم يحذِّر : ( من أتى أبواب السلطان افتُتِن ) وكثرة من قضاة اليوم والعلماء على باب السلطان وقوف ، وعلى رضاه حريصون ، ولا يحسون بالكارثة!! التوازن المفقود التوازن المنشود بين كراهية الشهرة ووجوب قيادة جموع الأمة ، فإننا نريد لجموع الصالحين أن تبرز في الوقت الذي توارت فيه الكفايات وبرزت فيه الرويبضات ، وأن تفخر بعملها الصالح قائلة : هلم إلينا أيها الناس ، وذلك في الوقت الذي تبارت رموز الشر في الدعوة إلى باطلها ، وتنافست في طمس فطرة الناس ببث سمومها وشرورها ، لذا كان لابد للطيِّب أن يدافع الخبيث ويزاحمه حتى يبث الخير إلى محيط الناس الملوَّث ، وعلى كل واحد أن يتفرَّس في نفسه اليوم ، ويرى هل فيه من علامات حب الرئاسة شيء ، ويعيد تقييم نفسه باستمرار وعلى مرور الأشهر والأعوام ، فإن البداية قد تكون صحيحة ويتسلل الخطأ بعد ذلك ، والنية قد تبدأ خالصة حتى تتسرَّب إليها جرثومة رياء ، لذا وجب التنبه والمراقبة. منقول |
|
|
![]() |