قال العلامة ابن القيم :-
[ فالذي من جهة المصروع يكون بقوة نفسه وصدق توجهه
إلى فاطر هذه الأرواح وبارئها ...]
[زاد المعاد (4/ 62)]
و قال :
[ والمقصود: أن الروح إذا كانت قوية وتكيفت بمعاني الفاتحة،
واستعانت بالنفث والتفل، قابلت ذلك الأثر الذي حصل
من النفوس الخبيثة فأزالته ]
[زاد المعاد (4/ 165)]
و قال أيضا في نفس الموضع :
[ الأصل في المحاربة والتقابل للأرواح ...]
أي أن روحك هي التي تحارب الأرواح الخبيثة ...
فيبغي تقوية الروح و اجتناب ما يضعفها ... و إليك بعض الأمور التي تضعفها .
1- الحزن .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية
[ وأما الحزن فلم يأمر الله به بل نهى عنه في مواضع مثل
قوله تعالى { وَلاَ تَهِنُوا وَلاَ تَحْزَنُوا } وقوله
{ لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا } وقوله : { لِكَيْلا تَأْسَوْا } ]
[مختصر الفتاوى المصرية (ص: 588)]
و قال العلامة ابن القيم :
[ والمقصود أن النبى صلى الله عليه وسلم جعل الحزن
مما يستعاذ منه. وذلك لأن الحزن يضعف القلب ويوهن العزم،
ويضر الإرادة، ولا شيء أحب إلى الشيطان من حزن المؤمن،
قال تعالى:
{ إِنَّمَا النَّجْوَى مِنَ الشَّيْطانِ لِيَحْزُنَ الَّذِينَ آمَنُوا }
[المجادلة: 10] ،
فالحزن مرض من أمراض القلب يمنعه من نهوضه وسيره وتشميره ]
[طريق الهجرتين (ص: 279)]...
فتجد المريض الحزين يتسلك عليه الشيطان و يقوده حيث
ما شاء بل قد لا يستطيع الدخول في جسد هذا المريض
إلا بالحزن الشديد ولذلك تجد كثيرا من المرضى إنما وقع بهم
ما فيهم من بلاء بسبب الحزن فدخل الشيطان و تمكن
و أحزنه زيادة فعلى المسلم عامة و المريض خاصة أن يترك
كل ما يحزنه و يدعه و يحسن الظن بربه و هكذا
كان علاج النبي صلى الله عليه و سلم فقد أخرج البخاري في الأدب المفرد
( عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: قَالَ رَجُلٌ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! إِنَّا كُنَّا فِي دَارٍ كَثُرَ
فِيهَا عَدَدُنَا، وَكَثُرَ فِيهَا أَمْوَالُنَا؟ فَتَحَوَّلْنَا إِلَى دَارٍ أُخْرَى،
فَقَلَّ فيها عددنا وقل فِيهَا أَمْوَالُنَا؟
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " ردّوها، أَوْ دَعُوهَا، وَهِيَ ذَمِيمَةٌ" )
اي اتركوا هذه الدار ،
قال العلامة ابن القيم :
[ ليس هذا من الطيرة المنهي عنها وإنما أمرهم بالتحول عنها
عند ما وقع في قلوبهم منها لمصلحتين ومنفعتين إحداهما
مفارقتهم لمكان هم له مستثقلون ومنه مستوحشون لما لحقهم
فيه ونالهم ليتعجلوا الراحة مما داخلهم من الجزع في ذلك المكان
والحزن والهلع لأن الله عز وجل قد جعل في غرائز الناس
وتركيبهم استثقال ما نالهم الشر فيه وإن كان لاسبب له
في ذلك وحب ما جرى لهم على يديه الخير وإن لم يردهم به
فأمرهم بالتحول مما كرهوه ]
[مفتاح دار السعادة (2/ 258)]
2- الفزع :
هو أحدى البوابات العظيمة التي يدخل منها المس و يتسلط على
المريض ، فقد أخرج الترمذي و غيره
أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ:
( إِذَا فَزِعَ أَحَدُكُمْ فِي النَّوْمِ فَلْيَقُلْ: أَعُوذُ بِكَلِمَاتِ اللَّهِ التَّامَّاتِ مِنْ
غَضَبِهِ وَعِقَابِهِ وَشَرِّ عِبَادِهِ، وَمِنْ هَمَزَاتِ الشَّيَاطِينِ وَأَنْ يَحْضُرُونِ
فَإِنَّهَا لَنْ تَضُرَّهُ )
قال العلامة الملا علي القاري :
[ وفيه دليل على أن الفزع إنما هو من الشيطان
هو الذعر و الخوف و الشديد . فاحذر هذه البوابة
و لن يصيبك إلا ما كتب الله
{ وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ } ]
3- الغضب :
فالغضب الشديد يسيطر بها الشيطان على الغاضب و لذلك شرعت
الاستعاذة من الشيطان عند الغضب :
فعن سُلَيْمَانُ بْنُ صُرَدٍ، قَالَ:
( اسْتَبَّ رَجُلاَنِ عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَنَحْنُ عِنْدَهُ جُلُوسٌ،
وَأَحَدُهُمَا يَسُبُّ صَاحِبَهُ، مُغْضَبًا قَدِ احْمَرَّ وَجْهُهُ،
فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
" إِنِّي لَأَعْلَمُ كَلِمَةً، لَوْ قَالَهَا لَذَهَبَ عَنْهُ مَا يَجِدُ، لَوْ قَالَ: أَعُوذُ بِاللَّهِ
مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ " فَقَالُوا لِلرَّجُلِ: أَلاَ تَسْمَعُ مَا يَقُولُ
النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ قَالَ: إِنِّي لَسْتُ بِمَجْنُونٍ )
متفق عليه
قال الإمام ابن القيم :
[ ولما كان الغضب مركب الشيطان، فتتعاون النفس الغضبية
والشيطان على النفس المطمئنة التى تأمر بدفع الإساءة بالإحسان –
أمر أن يعاونها بالاستعاذة منه، فتُمِدّ الاستعاذة النفس المطمئنة
فتقوى على مقاومة جيش النفس الغضبية ]
[إغاثة اللهفان (1/ 98)]4-ا
4 - المعاصي :
قال العلامة ابن القيم :
[ العاصي دائما في أسر شيطانه، وسجن شهواته، وقيود هواه،
فهو أسير مسجون مقيد، ولا أسير أسوأ حالا من أسير أسره
أعدى عدو له ]
[الداء و الدواء ] ص 79
5- الغفلة :
قال الإمام ابن القيم :
[ ولا يدخل عليه العدو إلا من باب الغفلة، فهو يرصده فإذا غفل وثب
عليه وافترسه.وإذا ذكر الله تعالى انخنس عدو الله تعالى
وتصاغر وانقمع حتى يكون كالوصع وكالذباب، ولهذا سمي
الوسواس الخناس أي يوسوس في الصدور،
فإذا ذكر الله تعالى خنس أي كف وأنقبض ]
الوابل الصيب ص 37
فهذه بوابات الشيطان التي يدخل منها لجسدك و بها يتسلط عليك
فاحكم إغلاقها بالاستعانة بالله أولا ثم قفل هذه البوابات تجد الفائدة
سريعا بحول الله و قوته ، و أكثر ما يحصل الانتكاس للمرضى
فمن فتح هذه الأبواب على مصراعيها فيدخل الشيطان و بل
قد يحضر معه أصحاب له ... فيظن المريض أن السحر جدد
أو عين جديدة و إنما هي نكسة جديدة حصلت بسبب فتح أحد البوابات
و الله الحافظ لا رب غيره و لا إله سواه
منقول