[حور العين]

من : الأخت الزميلة / غرام الغرام
قصه مع الشيخ الوقور


في مدينة قديمة تملأها الحركة وتفوح من أزقتها روائح التوابل والقهوة والعطور
كان هناك والي حكيم قرر أن يتنكر في هيئة تاجر بسيط ليرى حال الناس دون أن يعرفوه
سار في السوق يتأمل الوجوه حتى توقف عند دكان صغير في زاوية مهملة يقف فيه شيخ
وقور تبدو على وجهه ملامح السكينة والعلم
سلم عليه الوالي وجلس أمامه وسأله عما يبيع فقال الشيخ بهدوء عندي أثمن ما في السوق أبيع الحكمة
تعجب الوالي وسأله عن ثمنها فقال عندي لوحتان كل واحدة تساوي عمر إنسان
اقترب الوالي فرأى على إحداهما مكتوب فكر قبل أن تعمل
فضحك وقال كلمات قليلة بهذا الثمن العظيم فقال الشيخ يا بني الحكمة لا تقدر بثمن
تركه الوالي ومضى وهو يظن أنه شيخ غريب الأطوار لكنه في طريقه تذكر أمرًا كان ينوي
فعله فسمع صدى العبارة في داخله فكر قبل أن تعمل فتراجع عن خطأ كان سيقع فيه فعاد مسرعًا
إلى الشيخ ودفع له الثمن كاملًا واشترى اللوحة ووعده أن يجعلها أمام عينيه دائمًا
عاد الوالي إلى قصره وأمر أن تُكتب العبارة على الأبواب والجدران وعلى كل شيء تقع عليه عيناه حتى صارت جزءًا من حياته
ومرت الأيام حتى دب الحسد في قلب قائد الحرس ودبر مؤامرة لقتل الوالي أثناء الحلاقة
دخل الحلاق القصر خائفًا فلما رأى على الباب مكتوبًا فكر قبل أن تعمل اضطرب قلبه وكلما تقدم رأى العبارة
منقوشة في كل مكان حتى على صندوق أدواته فارتجفت يده وسقطت الموسى واعترف للوالي بالمؤامرة وبكى نادمًا
فقال له الوالي قم فقد غلبك ضميرك ومن غلبه ضميره فهو في أمان
ثم أمر بالقبض على الخونة وعفا عن الحلاق
وفي المساء نظر الوالي إلى اللوحة ومسح عنها الغبار وقال رحمك الله أيها الشيخ لقد أنقذت حياتي بكلمة
وفي اليوم التالي عاد إلى السوق يبحث عن الشيخ فوجد دكانه مغلقًا وعرف أنه توفي في الليلة الماضية
وقف أمام الدكان ورفع رأسه إلى السماء وقال ما أعجب تجارتك أيها الحكيم بعت الحكمة لمن احتاجها
ورحلت قبل أن تأخذ أجرك لكن أجرك باقٍ في قلوب من تعلم أن يفكر قبل أن يعمل

الحكمــــه
من تفكر قبل أن يعمل نجا ومن تسرع قبل أن يتدبر ندم