![]() |
![]() |
المستشار نبيل جلهوم | ||
المهندس عبدالدائم الكحيل | الدكتور عبدالله بن مراد العطرجى | بطاقات عطاء الخير |
دروس اليوم | أحاديث اليوم | بطاقات لفلي سمايل |
|
تسجيل دخول اداري فقط |
الرسائل اليومية لبيت عطاء الخير لنشر و إعادة الأخلاق الإسلامية الحقيقية للأسرة |
![]() |
انشر الموضوع |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
|
#1
|
|||
|
|||
![]() الأخت / بنت الحرمين الشريفين الأدب مع المخالف الحمد لله ، والصلاة والسلام على رسول الله ، أما بعد : فيجب على الداعية المنصف أن يتأدب مع المخالفين ، وأن يتسع صدره لانتقاداتهم ، والتي قد لا تكون منصفة بدورها ، فهم وإن عصوا الله – تعالى - فيه فلا يبرر ذلك أن نبادلهم معصية بأخرى . وقد بلغ الإنصاف بالإمام ابن تيمية - رحمه الله - أن اتسع صدره لمن كفّره وبدّعه وفسّقه ، فيقول في كلام بديع : [ وَأَنَا فِي سعَةِ صَدْرٍ لِمَنْ يُخَالِفُنِي ، فَإِنَّهُ وَإِنْ تَعَدَّى حُدُودَ اللَّهِ فِيَّ بِتَكْفِيرِ، أَوْ تَفْسِيقٍ ، أَوْ افْتِرَاءٍ ، أَوْ عَصَبِيَّةٍ جَاهِلِيَّةٍ ؛ فَأَنَا لا أَتَعَدَّى حُدُودَ اللَّهِ فِيهِن ، بَلْ أَضْبُطُ مَا أَقُولُهُ وَأَفْعَلُهُ ، وَأَزِنُهُ بِمِيزَانِ الْعَدْلِ ، وَأَجْعَلُهُ مُؤْتَمًّا بِالْكِتَابِ الَّذِي أَنْزَلَهُ اللَّهُ وَجَعَلَهُ هُدًى لِلنَّاسِ حَاكِمًا فِيمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ ] قَالَ اللَّهُ تَعَالَى : { كَانَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً فَبَعَثَ اللَّهُ النَّبِيِّينَ مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ وَأَنْزَلَ مَعَهُمُ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِيَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ فِيمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ } [ البقرة : 213 ] وَقَالَ تَعَالَى : { فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ } [ النساء : 59 ] وَقَالَ تَعَالَى : { لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنْزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ } [ الحديد : 25 ] وَذَلِكَ أَنَّك مَا جَزَيْت مَنْ عَصَى اللَّهَ فِيك بِمِثْلِ أَنْ تُطِيعَ اللَّهَ فِيهِ : { إنَّ اللَّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوْا وَالَّذِينَ هُمْ مُحْسِنُونَ } [ النحل : 128 ] ومن الأدب مع المخالفين : أن يتورع المسلم عن لمزه أو الإساءة إليه بأي صورة مِن الصور ، ولا سيما إن كان ذلك يجره إلى التقول عليه بغير علم ، أو رميه بما ليس فيه ، فإن صفة المؤمنين هي أن ينزهوا أنفسهم عن الصيد في الماء العكر ، واستغلال الفرص للإساءة للمخالفين . ويأتينا الدرس هنا مِن النساء وقد اعتدنا في دنيا النساء على التخليط وترديد الإشاعات ، والنيل مِن المخالفات عن طريق الغيبة ، والوقوع في الأعراض ، لكن هذا المثل السامق يكشف لنا عن طيب معدن المرأة المسلمة في موقف زينب بنت جحش - رضي الله عنها - مِن محنة أم المؤمنين عائشة - رضي الله عنها - الطاهرة المبرأة لما قيل في حقها ما هي بريئة منه ، وكانت محنة للجميع ، فها هي ذي عائشة الطيبة الطاهرة تُرمى في أعز ما تعتز به ، ترمى في شرفها ، وهي ابنة الصديق الناشئة في العش الطاهر الرفيع ، وترمى في وفائها ، وهي الحبيبة المدللة القريبة مِن ذلك القلب الكبير ، ثم ترمى في إيمانها ، وهي المسلمة الناشئة في حجر الإسلام ، من أول يوم تفتحت عيناها فيه على الحياة ، وهي زوج رسول الله صلى الله عليه وسلم. ها هي ذي ترمى ، وهي بريئة غافلة ، لا تحتاط لشيء ، ولا تتوقع شيئًا ؛ فلا تجد ما يبرئها إلا أن ترجو في جناب الله ، وتترقب أن يرى رسول الله رؤيا تبرئها مما رميت به ، ولكن الوحي يتلبث ـ لحكمة يريدها الله ـ شهرًا كاملاً ، وهي في مثل هذا العذاب . ولقد سأل النبي صلى الله عليه وسلم في شأنها قبل نزول القرآن ببراءتها ، فكان ممن سألهم : زوجه السيدة زينب بنت جحش - رضي الله عنها ، فماذا كان ردها ؟. قَالَتْ عَائِشَةُ - رضي الله عنها : ( وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ َسْأَلُ زَيْنَبَ بْنَت جَحْشٍ عَنْ أَمْرِي , فَقَالَ لزَيْنَبُ : مَاذَا عَلِمْتِ , أَوْ رَأَيْتِ ؟. فَقَالَتْ : يَا رَسُولَ اللَّهِ , أَحْمِي سَمْعِي وَبَصَرِي , وَاللَّهِ مَا عَلِمْتُ إِلا خَيْرًا. قَالَتْ عَائِشَة ُ: وَهِيَ الَّتِي كَانَتْ تُسَامِينِي مِنْ أَزْوَاجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَعَصَمَهَا اللَّهُ بِالْوَرَعِ ) [ متفق عليه ] وهكذا المؤمنون في غيرتهم أو خلافاتهم قوم أطهار يطلبون المعاذير ، ويبعدون عن أنفسهم قول السوء وظن السوء ، ويدركون حجم الأذى الذي قد تمثله كلمة في غير موضعها ، ولذا قيل : إن المؤمن لسانه من وراء قلبه ، إن تكلم بكلمة مرت على قلبه ، فإن أنكرها ؛ تورع عنها ، وإن أقرها ؛ تكلم بها ، والمنافق عكس ذلك يسعى بالسوء ويحب الإساءة . وهذا ما وصفه الله – تعالى - متوعدًا أولئك الذين يرمون الناس بما ليس فيهم فقال : { وَمَن يَكْسِبْ خَطِيئَةً أَوْ إِثْمًا ثُمَّ يَرْمِ بِهِ بَرِيئًا فَقَدِ احْتَمَلَ بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُّبِينًا } [ النساء : 112 ] |
#2
|
|||
|
|||
![]() وهذا ما قاله – أيضًا - الرسول الكريم - صلى الله عليه وسلم فيما ما صح في الحديث : ( آيَةَ الْمُنافِق ثَلاثٌ : إِذا حَدَّثَ كَذَب ، وَإِذا وَعَد أَخْلَفَ ، وَإِذا اؤْتُمِنَ خَانَ ) [ متفق عليه ] وفي الحديث الآخر : ( أَرْبَعٌ مَنْ كُنَّ فِيهِ كَانَ مُنَافِقًا خَالِصًا , وَمَنْ كَانَتْ فِيهِ خَلَّةٌ مِنْهُنَّ كَانَتْ فِيهِ خَلَّةٌ مِنْ نِفَاقٍ , حَتَّى يَدَعَهَا : إِذَا حَدَّثَ كَذَبَ ، وَإِذَا عَاهَدَ غَدَرَ ، وَإِذَا وَعَدَ أَخْلَفَ ، وَإِذَا خَاصَمَ فَجَرَ ) [ متفق عليه ] فهو فاجر في خصومته يرمي الآخرين بما ليس فيهم . ومن الأدب مع من يخالفك : عدم الإلزام بما لم يلتزمه المخالف ، فمن الإنصاف : عدم تقويل الشخص ما لم يقله ، أو إلزامه بما لم يلتزم به ، وعدم تحميله ما لم يتحمله ، وإزالة اللبس عن كلامه ، وحمل كلامه على ما يريد ، ولو استطاع أن يحمله على أحسن المحامل فذاك حسن . ونبراسنا في هذا : ما جاء في الحديث عَنْ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ - رضي الله عنه – قَالَ : ( بَعَثَنَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي سَرِيَّةٍ ، فَصَبَّحْنَا الْحُرَقَاتِ مِنْ جُهَيْنَةَ ، فَأَدْرَكْتُ رَجُلاً ، فَقَالَ : لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ ، فَطَعَنْتُهُ . فَوَقَعَ فِي نَفْسِي مِنْ ذَلِك َ، فَذَكَرْتُهُ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : أَقَالَ : لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ وَقَتَلْتَهُ ؟ قَالَ : قُلْتُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ! إِنَّمَا قَالَهَا خَوْفًا مِنْ السِّلاحِ . قَال َ: أَفَلا شَقَقْتَ عَنْ قَلْبِهِ حَتَّى تَعْلَمَ أَقَالَهَا أَمْ لا ؟ ، فَمَا زَالَ يُكَرِّرُهَا عَلَيَّ حَتَّى تَمَنَّيْتُ أَنِّي أَسْلَمْتُ يَوْمَئِذٍ ) [ متفق عليه ] فمن الإنصاف : أن لا نسيء الظن بغير بينة واضحة ، بل يجب أن نكف في حال اللبس حتى تكون الصورة واضحة جلية ، ( روي أن رجلاً سأل النبي - صلى الله عليه وسلم- عن الشهادة، فقال له :هل ترى الشمس ؟ . قال : نعم . قال : على مثلها فاشهد أو دع ) [ رواه الحاكم والبيهقي ، وضعفه الحافظ ابن حجر وغيره ، وقال ابن حزم - رحمه الله : لا يصح سنده ، لكن معناه صحيح ] يقول ابن القيم - رحمه الله : [ وكل أهل نحلة ومقالة يكسون نحلتهم ومقالتهم أحسن ما يقدرون عليه مِن الألفاظ ، ومقالة مخالفيهم أقبح ما يقدرون عليه مِن الألفاظ ، ومَن رزقه الله بصيرة ، فهو يكشف به حقيقة ما تحت تلك الألفاظ من الحق والباطل، ولا تغتر باللفظ ] كما قيل في هذا المعنى : تـقـول هــذا جنى النـحل تمـدحـه وإن شـئت قلت ذا قيء الزنابـيـر مدحًا وذمًا وما جاوزت وصفهما والحـق قـد يعـتـريه سوء تعـبيـر فإذا أردتَ الاطلاع على كنه المعنى : هل هو حق أو باطل ؟ فجرده من لباس العبارة ، وجرد قلبك عن النفرة والميل ، ثم أعط النظر حقه، ناظرًا بعين الإنصاف ، ولا تكن ممن ينظر في مقالة أصحابه ومَن يحسن ظنه به نظرًا تامًا بكل قلبه ، ثم ينظر في مقالة خصومه ومَن يسيء ظنه به كنظر الشزر والملاحظة ؛ فالناظر بعين العداوة يرى المحاسن مساوئ ، والناظر بعين المحبة عكسه ، وما سلم مِن هذا إلا مَن أراد الله كرامته ، وارتضاه لقبول الحق ، وقد قيل : وعـيـن الرضا عـن كل عيب كـليلة كما أن عين السخط تبدي المساويا وقال آخر : نظروا بعين عداوة لو أنها عين الرضا لاستحسنوا ما استقبحوا ولهذا جاء في دعائه - صلى الله عليه وسلم : ( اللهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ الثَّبَاتَ فِي الأَمْرِ ، وَالْعَزِيمَةَ عَلَى الرُّشْدِ ، وَأَسْأَلُكَ شُكْرَ نِعْمَتِكَ , وحُسْنَ عِبَادَتِكَ، وَأَسْأَلُكَ قَلْبًا سَلِيمًا ، ولِسَانًا صَادِقًا ، وَأَسْأَلُكَ مِنْ خَيْرِ مَا تَعْلَمُ ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّ مَا تَعْلَمُ ، وَأَسْتَغْفِرُكَ لِمَا تَعْلَمُ ، إِنَّكَ أَنْتَ عَلامُ الْغُيُوبِ ) [ رواه أحمد والنسائي وابن حبان ، وصححه الألباني ] ومن الأدب مع المخالف : الإنصاف في نقل الشبهات عن أهلها والرد عليها ، ونقصد بذلك أن المسلم إن احتاج أن ينقل شبهة قد انتشرت واستشرت فلينقلها دون أن يُغفل بعض مواطنها ؛ ليكون منصفًا ، فإنه لا بد أن ينقلها بأمانة . وليعلم بأن على الحق نورًا ، وأن عليه أن يبحث عن الحق ، ويتعب نفسه في الاستقصاء للدفاع عنه ، والقيام بما هو واجب عليه في الرد على الشبهات . أما في حال الخوف مِن عدم القدرة على أداء هذا الواجب كما ينبغي ؛ فليُحل الأمر لغيره حتى لا يسيء مِن حيث لا يدري . وفي " القرآن الكريم " نفائس مِن الردود على المخالفين بعد نقل شبهاتهم ، قال تعالى : { وَقَالُواْ لَن تَمَسَّنَا النَّارُ إِلاَّ أَيَّاماً مَّعْدُودَةً قُلْ أَتَّخَذْتُمْ عِندَ اللّهِ عَهْدًا َ فلَن يُخْلِفَ اللّهُ عَهْدَهُ أَمْ تَقُولُونَ عَلَى اللّهِ مَا لاَ تَعْلَمُونَ } [ البقرة :80 ] من ذلك : قوله – تعالى : { وَقَالُواْ اتَّخَذَ اللّهُ وَلَدًا سُبْحَانَهُ بَل لَّهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ كُلٌّ لَّهُ قَانِتُونَ } [ البقرة : 116 ] وقوله – تعالى : { فَرِحَ الْمُخَلَّفُونَ بِمَقْعَدِهِمْ خِلاَفَ رَسُولِ اللّهِ وَكَرِهُواْ أَن يُجَاهِدُواْ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ وَقَالُواْ لاَ تَنفِرُواْ فِي الْحَرِّ قُلْ نَارُ جَهَنَّمَ أَشَدُّ حَرًّا لَّوْ كَانُوا يَفْقَهُونَ } [ التوبة : 81 ] وقوله – تعالى : { فَأَمَّا عَادٌ فَاسْتَكْبَرُوا فِي الأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَقَالُوا مَنْ أَشَدُّ مِنَّا قُوَّةً أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللَّهَ الَّذِي خَلَقَهُمْ هُوَ أَشَدُّ مِنْهُمْ قُوَّةً وَكَانُوا بِآيَاتِنَا يَجْحَدُونَ } [ فصلت : 15 ] فَنَقـْل الشبهة حيث قالها صاحبها ثم الإتيان عليها بالرد المفحم كفيل بقطع كل حجة بكل أدب وإنصاف ؛ فهلا كنا مِن المؤمنين الأطهار قولاً وفعلاً ؟! أسأل الله – تعالى - لنا جميعًا ذلك ، آمين . |
![]() |
|
|
![]() |