![]() |
![]() |
المستشار نبيل جلهوم | ||
المهندس عبدالدائم الكحيل | الدكتور عبدالله بن مراد العطرجى | بطاقات عطاء الخير |
دروس اليوم | أحاديث اليوم | بطاقات لفلي سمايل |
|
تسجيل دخول اداري فقط |
رسائل اليوم رسائل بيت عطاء الخير اليومية |
![]() |
انشر الموضوع |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
|
#1
|
|||
|
|||
![]() من:الأخ / سمير يعقوب
عذرا أبي وأمي .. فأنا مشغول ! لاتزال تلك الصورة التي اختارتها وسائل الإعلام الغربية لأحد الأبناء بينما هو في زيارة لأبيه في دار المسنين التي أودعه إياها , ماثلة أمام عيني , وبينما الابن يسأل عن ابيه سؤالا سريعا وهو منشغل بأشغاله , فينظر في جواله تاره , ويرد بالكتابة تارة , وينادي على الممرضة بأنه في عجلة من أمره , ولابأس لا يهم هذه المرة أن يلتقي بأبيه فيكفيه الآن أن يطمئن أنه بخير ! المشهد يكتمل مأساوية بينما يقول له الطبيب إن اباه قد اشتد عليه المرض وهو الآن لايكاد يهتم بما حوله , ليدخل الابن فيرى اباه بحالة يرثى لها , ويحاول أن يكلمه بدون جدوى , فالاب لايكاد يعرفه ! إنها طرقة شديدة على راس ذلك الابن الذي نسى أباه في دار المسنين , لفترات طويلة كان يكتفي فيها بمجرد السؤال عنه بالتليفون , ودفع بعض المصاريف القليلة للدار .. مشهد آخر يحلو لوسائل الإعلام تناقله لأب قد اصابه الزهايمر , وصار لا يتحكم في قضاء حاجته , وبينما يزوره ابنه هو وبعض اقربائه إذا بالاب لا يكاد يعرفه , وإذا به يتبول أثناء اللقاء , فيشمئز الابن , ويصيبه الحرج , وينادي على الممرضة , ويرحل مغضبا !! هذا ما تروجه لنا وسائل الإعلام , ولست أدري هل مرادها أن نعتاد تلك المشاهد , أم أنها ترسخها في أذهاننا بهدف أو آخر ؟! لكن على جانب آخر هناك مشاهد إيجابية , لايمكن أن نغفلها , وهي تدور من حولنا , وهي تكاد تكون قاصرة على المتدينين , واصحاب القلوب الطيبة , والمبادىء الإيجابية من الأبناء , الذين يقومون برعاية والديهم في كبرهم , ويقدمون نماذج جيدة في البذل والعطاء لهم , مما يعطينا الأمل في بقاء هذا النوع من البر , وعدم اغترابه مع كل مااغترب ! ان بين التمني والفعل بون شاسع , كما بين الحقيقة والخيال , ولو أعطي الناس بأمانيهم لصارت الحياة أمواجا من محالات , لكن العمل الواقعي هو المحك , والتطبيق التنفيذي هو المختبر الفعلي دائما . كلنا ولاشك يرتجي برا بوالديه , وكلنا ولاشك يؤمن بآيات الله سبحانه الآمرة بذلك , والحاثة عليه , والدافعة اليه بمعان كثيرة وأساليب مختلفة . لكننا في غالب الأحيان نهون من شأن تنفيذ البر وتطبيقه , فننادي دائما بكون البر " شىء هين , وجه طليق وكلام لين " .. وبأن البر " الكلمة الطيبة في اللقاء والطيبة في الوداع " .. وبأن البر " أن تجعلهما يشعران بحبك وحرصك عليهما " وغير ذلك . كلها أوصاف بسيطة وسهلة , وبالفعل هي لابأس بها إن كنا نيسر على الناس بر والديهم , وإن كنا ندفعهم نحو ابتداء البر ونحو تحبيبه إلى قلوب الناس . لكن حقيقة البر للوالدين ليست بالشىء الهين السهل , فهي عمل هام , وعبادة كريمة , ومسئولية جسيمة , خصوصا إذا كان البر مطلوبا في عمرهما الكبير وبعدما بلغا من العمر منتهاه .. إنك ايها المؤمن قد تواجه ما لم تكن قد حسبت له حسابا من قبل , فقد تواجه بأب مريض قد ثقل جسمه واشتدت حساسيته , وكثرت مطالبه , وأم قد كثرت آلامها , وتيبست أطرافها , وغاب عنها كثير من التعبيرات والمعاني , فتتابع غضبها وساء ظنها في كثير ممن حولها , فضلا عن ثقل جسدها وطول أنينها .. كما قد تواجه بتنازلات كثيرة ربما تكون في عملك لتستطيع رعايتهما أو بترك فرصة لديك ( ربما سفر او دراسة او زواج او مثاله ) لأن والديك يحتاجانك ولا يمكنهما الاستغناء عن وجودك بجوارهما اضطرارا إنك ههنا ايها المؤمن مطالب ببر حقيقي كامل لوالديك , وليس برا كذاك الذي كنت تتحدث عنه في شبابهما وصحتهما وقدرتهما وعطائهما . إنهما هما اللذان حملانك صغيرا , وتأوها لأنينك , وخافا لتأوهك , وارتعدا لغيابك , ولم تنم جفونهما حرصا عليك , واشتد سعيهما لكفالتك والانفاق عليك , فطارت نفوسها فرحا ببسمتك الأولى واشتدت قلوبهما فرحا بحروفك الاولى وطالت اعناقهما الثريا بنجاحاتك وانجازاتك كأنما هي لهما بذاتهما .. هذان هما اليوم ينتظرانك لترد الجميل , وتزيد عليه , ينتظرانك لترد الاحسان احسانا , وتعيد الوفاء كرما وشكرانا .. الحقيقة انه اختبار شديد الصعوبة , يرسب فيه الكثيرون , ممن تضيق صدورهم بآبائهم وأمهاتهم , من كثرة مطالبهما , أو شدة معاناتهما في أمراضهما , فيضجرون تارة , ويبتعدون تارة , حتى إن البعض قد يتمنى رحيل الكريمين - اللذين ربياه وعلماه ورعياه - عن الدنيا ليستريح من عناء رعايتهما وثقيل برهما ! ان هذه المهمة الكبيرة والتبعة الثقيلة لتحتاج منا عدة أمور لإنجاحها والفوز بعطائها والحصول على ثوابها الكبير الجزيل : واول ما تحتاجه هذه المهمة هو الفهم الصحيح للبر , فليس البر مجرد كلمات تقال او اعمال مفردات تعمل , بل إنه قيمة يجب أن ترسخ في قلب وعقل الابناء , ومبدأ يجب أن يغرس في صدورهم , فيستمر عبر الايام بغير انقطاع , ويزيد قدره كلما زادت حاجتهما له . كذلك فإن البر ينبغي ان يكون شاملا لمناحي الحياة وكل الأعمال , فأوله بر القلب لهما بصادق حبهما , وعميق الامنيات لهما بكل خير وصحة ونفع , وثانيه بر المال بالانفاق عليهما بكل ما يقدر عليه من كرم وسخاء , فهما أحق بالبر من أي أحد , وهما أحق بالمال عند حاجتهما من اي أحد , والبر بالمال دليل وبرهان على صدق البر و واستمراره مع سخائه دليل حسن على حسن العزم وطيب المبتغى لهما . إنه دين عائد إليك عن قريب , فإياك أن تفرط أو تستهين , فلئن قمت بحقهما عليك الآن , فإن غدا ينتظرك ليقوم أبناؤك بحقك عليهم , وإن فرطت وتهاونت وانشغلت , وآثرت حياتك الدنيا بما فيها , وأهملت أبويك , فلبئس غد ينتظرك عند كبرك , ثم في نهاية عمرك , وسينتظرك كثير الندم مهما كان بين يديك من مال او سلطان , وساعتها لن ينفعك الندم ! إنك لتلحظ ايها القارىء الكريم أن الآيات التي أمرت بالبر أمرا وجعلته كعمل صالح بعد التوحيد أمرت بخصوص البر في الكبر , إذ حقيقته تبين هناك والاختبار الفعلي له يكون عند المشقة والحاجة الى الصبر والانفاق والعطاء . |
![]() |
|
|
![]() |