![]() |
![]() |
المستشار نبيل جلهوم | ||
المهندس عبدالدائم الكحيل | الدكتور عبدالله بن مراد العطرجى | بطاقات عطاء الخير |
دروس اليوم | أحاديث اليوم | بطاقات لفلي سمايل |
|
تسجيل دخول اداري فقط |
الرسائل اليومية لبيت عطاء الخير لنشر و إعادة الأخلاق الإسلامية الحقيقية للأسرة |
![]() |
انشر الموضوع |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
|
#1
|
|||
|
|||
![]() رأيت أكثر الخلق في وجودهم كالمعدومين ، فمنهم من لايعرف الخالق ، و منهم من يثبته على مقتضى حسه ، و منهم من لا يفهم المقصود منالتكليف . فترى المتوسمين بالزهد يدأبون في القيام و القعود ، و يتركون الشهوات و ينسون ما قد أنسوا به من شهوة الشهرة ، و تقبيل الأيادي . و لوكلم أحدهم لقال : ألمثلي يقال هذا ؟ و من فلان الفاسق ؟ فهؤلاء لا يفهمون المقصود ، و كذلك كثير من العلماء في احتقارهم غيرهم ، و التكبر في نفوسهم . فتعجبت كيف يصلح هؤلاء لمجاورة الحق ، و سكنى الجنة ! ؟ فرأيت أن الفائدة في و جودهم في الدنيا ، تجانس الفائدة في دخولهم الجنة فإنهم في الدنيا بين معتبر به ، يعرف عارف الله سبحانه نعمة الله عليه ، بما كشف له مما غطى عن ذلك ، [ و يتم النظام بالإقتداء تصور أولئك ] . فإن العارف لا يتسع وقته لمخالطة من يقف مع الصور ، فالزاهد كراعي البهم ، و العلم كمؤدب الصبيان ، و العارف كملقن الحكمة . و لولا نفاط الملك و حارسه ، و وقاد أتونه ، ما تم عيشه . فمن تمامعيش العارف استعمال أولئك بحسبهم ، فإذا وصلوا إليه حرر مانعهم ، و فيهم من لا يصل إليه ، فيكون وجود أولئك كزيادة ـ لا ـ في الكلام . هي حشو ، و هي مؤكدة . فإن قال قائل : فهب هذا يصح في الدنيا . فكيف في الجنة ؟ و الجواب : أن الأنس بالجيران مطلوب ، و رؤية القاصر من تمام لذة الكامل ، و لكل شرب . و من تأمل ما أشرب إليه ، كفاه رمز لفظي عن تطويل الشرح . - قال علي بن أبي طالب : سألت كثيرًا من كبراء فارس عن أحمد ملوكهم عندهم ؟ قال : أزدشير فضل السبق ، غير أن أحمدهم سيرة أنوشروان . قال : فأي أخلاقه كان أغلب عليه ؟ قال : الحلم والأناة . فقال علي : هما توأمان أن تجتهما علوُّ الهمَّة [1] . - كان سَلْم بن نوفل سيِّد بني كنانة قد ضربه رجلٌ من قومه بسيفه، فأُخِذَ، فأُتِي به إليه فقال له: ما الذي فعلت ، أما خشيت انتقامي ؟ قال : لا . قال : فَلِمَ ؟ قال : ما سوَّدْنَاك إلاَّ أن تكظم الغيظ وتعفو عن الجاني ، وتحلُم على الجاهل ، وتحتمل المكروه في النفس والمال . فخلَّى سبيله . فقال قائلهم : تُسَوَّدُ أَقْوَامٌ وَلَيْسُوا بِسَادَةٍ [2]. - قال الأحنف بن قيس : تعلَّمْتُ الحِلْمَ من قيس بن عاصم المنقري ، إني لجالسٌ معه في فناء بيته وهو يحدِّثُنا إذ جاءت جماعة يحملون قتيلاً ، ومعهم رجل مأسور ، فقيل له : هذا ابنك قتله أخوك . فو الله ما قطع حديثه ، ولا حلَّ حبوته [3] حتى فرغ من منطقته [4]. - رُوِيَ أن رجلاً أسرع في شتم بعض الأدباء وهو ساكت ، فحمى له بعض المارِّين في الطريق ، وقال له : يرحمك الله ألا أنتصر لك ؟ قال : لا . قال : ولِمَ ؟ قال : لأني وجدتُ الحِلْمَ أَنْصَرَ لي من الرجال ، وهل حاميت [5] لي إلاَّ لحِلْمِي ؟ - وقال عبد الله بن عمر : إن رجلاً ممن كان قبلكم استضاف قومًا فأضافوه ، ولهم كلبة تنبح ، فقالت : والله لا أنبح ضيف أهلي الليلة . فعوى جراؤها في بطنها، فبلغ ذلك نبيًّا لهم أو قَيْلاً[6] من أَقْيَالهم، فقال: مَثَلُ هَذَا مَثَلِ أُمَّةٍ تكون بعدكم، تظهر سفهاؤها على حُلَمَائِها[7]. - مَرَّ عبد الرحمن بن الحكم بن أبي العاص بناس من بني جمح ، فنالوا منه، فبلغه ذلك ، فمرَّ بهم وهم جلوس ، فقال : يا بني جمح ، قد بلغني شتمكم إيَّايَ ، وانتهاككم ما حَرَّم الله ، وقديمًا شتم اللئام الكرام فأبغضوهم ، و ايم الله ما يمنعني منكم إلاَّ شِعْرٌ عرض لي ، فذلك الذي حجزني عنكم . فقال رجل منهم : وما الشعر الذي نهاكم عن شتمنا ؟ فقال [8] : فو الله ما عطفا عليكم تركتكم *** ولكنني أكرمتُ نفسي عن الجهلِ نأوت بها عنكم وقلتُ لعاذلي *** على الحِلْم دعني قد تداركني عقلي وجللني شيب القذال[9] ومن يشب *** يكن قَمِنًا من أن يضيق عن العذلِ وقلتُ لعلَّ القوم أخطأ رأيهم *** فقالوا و خالُوا الْوَعْثَ كالمنهج السهل فمهلاً أريحوا الحلم بيني وبينكم *** بني جمح لا تشربوا أكدر الضَّحْل[10] . - عن شيخ من طيِّئ ، قال: قال معاوية : يا معشر طيِّئ مَنْ سيِّدكم ؟ قالوا : خريم بن أوس : من احتمل شتمنا، وأعطى سائلنا ، وحلم عن جاهلنا ، واغتفر، فضلَّ ضربْنَا إيَّاه بعصِيِّنَا [11] . - قال عبد الله بن البوَّاب : كان المأمون يحلم حتى يغيظنا في بعض الأوقات ، جلس يستاك على دجلة من وراء ستر ، ونحن قيامٌ بين يديه ، فمرَّ ملاَّحٌ وهو يقول : أتظنُّون أنَّ هذا المأمون ينبل في عيني وقد قَتَل أخاه . قال : فو الله ما زاد على أن تبسَّم ، وقال لنا : ما الحيلة عندكم حتى أنبل في عين هذا الرجل الجليل [12] . - جاءت جاريةٌ لمنصور بن مِهْرَان بمَرَقَةٍ فهَرَاقَتْها عليه ، فلمَّا أحسَّ بحَرِّها نظر إليها ، فقالت : يا معلم الخير، اذكر قول الله . قال : وما هو ? قالت : {وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ}. قال : كظمتُ . قالت : واذكر {وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ}. قال : قد عفوتُ . قالت : واذكر {وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ} [آل عمران : 134] . قال : اذهبي فأنت حُرَّة [13] . المصادر : [1] أبو بكر الطرشوشي : سراج الملوك ، الباب الثامن والعشرون : الحلم 1/66. [2] شطر من الطويل ، وقال ابن دريد في الاشتقاق : يقول فيه الشاعر الجعفري . [3] الحِبْوة و الحُبْوة : الثوبُ الذي يُحْتَبَى به ، و الاحتباء : أَن يَضُمَّ الإِنسانُ رجليه إِلى بطنه بثوب يجمعهما به مع ظهره ويَشُدُّه عليها . انظر: ابن منظور : اللسان 14/160. [4] أبو بكر الطرشوشي : سراج الملوك ، الباب الثامن والعشرون : الحلم . [5] حاميت : أي غضبت . انظر: ابن منظور : اللسان 14/197. [6] القَيْل : المَلِك ، وجمعه أَقْيال و قُيُول . انظر: ابن منظور : اللسان 11/572. [7] أبو بكر الطرشوشي : سراج الملوك ، باب الحلم . [8] الأبيات من الطويل . [9] القذال: جماع مؤخر الرأس وأول العنق. [10] ابن أبي الدنيا: الحلم ص44. [11] ابن أبي الدنيا: الحلم ص40. [12] ابن الجوزي : أخبار الظراف و المتماجنين ص88 ، 89. [13] أبو حيان التوحيدي : الإمتاع والمؤانسة 1/261.
|
![]() |
|
|
![]() |