تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : عواقب ترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ( 1- 3 )


بنت الاسلام
08-24-2013, 08:01 PM
الأخ / محمد الخواص


عواقب ترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر
( 1- 3 )
http://f1623.mail.vip.bf1.yahoo.com/ya/download?mid=2%5f0%5f0%5f1%5f27339999%5fAEl3k0UAAB 7CUhi30gAAACn1RmQ&pid=5&fid=Inbox&inline=1&appid=yahoomail

مقدمة:
الحمد لله الذي كان بعباده خبيراً بصيرا، والصلاة والسلام على من أرسله الله
بالحق بشيراً ونذيرا، وداعياً إلى الله بإذنه وسراجاً منيرا.. نبينا محمد وآله وصحبه
والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين..وسلم تسليماً كثيرا..

أما بعد:

ذكرنا في المبحثين الأول والثاني
(فضائل الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والآثار المترتبة على ذلك)
وفي هذا المبحث سنتطرق إلى عواقب ترك هذه الفريضة،
فكما عرفنا سابقاً الآثار والفوائد التي تجنيها الأمة عند قيامها بفريضة
الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، فإنه بتركها لهذه الشعيرة العظيمة
تظهر الكثير من العواقب الوخيمة، والأضرار الجسيمة في حياة الأمة
سواء أكان ذلك على مستوى الأفراد أم المجتمعات، هذه العواقب منها
ما يكون في الدنيا ومنها ما يكون في الآخرة

وسوف نذكر في هذا المطلب بعضاً من هذه العواقب في النقاط التالية:

أولاً: ظهور الذنوب والمعاصي وانتشار جميع أنواع المنكرات:
إن السكوت عن قول كلمة الحق أو التخلي عن الأمر بالمعروف والنهي
عن المنكر يُجَرِّئُ أهل الباطل على نشر باطلهم، ويشجع أهل الفجور
على التمادي في فجورهم، ولذلك
"فإن الساكت عن الحق شيطان أخرس"(2)،
فهو بسكوته يعين على نشر المنكرات والمعاصي، بل ويشاركهم
في وزرهم إن كان قادراً على التغيير ولم يقم بذلك، وما ظهرت هذه
الذنوب والمعاصي في أي أمة إلا بسبب سكوت أهل الحق وتخليهم
عن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.

ثانياً: استعلاء أهل الشر والفساد وسيطرة الأشرار على مقاليد الأُمور:
ومن عواقب التخلي عن أداء الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر،
ازدياد عدد المنحرفين وأهل الشر والفساد في الأرض، وانحسار
عدد الصالحين وأهل الخير والتقى، وبازدياد عدد المفسدين والأشرار
وانحسار عدد المصلحين والأخيار تكون الأجواء والظروف مهيأة
لأهل الفجور للتمادي في انحرافهم وشرّهم وإفسادهم لعباد الله،
وذلك لغياب من يردعهم، ومن يقف في وجوههم ليصدهم عن شرهم وفسادهم
حيث يأمنون من عدم الاعتراض وعدم الملاحقة، فتنطلق إرادتهم
الضعيفة أمام الشهوات، وأنفسهم الشريرة من عقالها، فيعملون ما يحلو لهم
ثم يكون الأمر لهم ليسيطروا على مقاليد الأمور، ويوجهون الناس
حسبما يرون ويشاءون، وتكون الكرّة لهم لملاحقة ومطاردة الأخيار
والصالحين في جميع ميادين الحياة، ولا يبقى للأخيار والصالحين
أي منفذٍ للنجاة أو النهوض بالأمر من جديد، فيعيشون الذل والامتهان
إضافة إلى الأذى والتعذيب، وأعظم من ذلك تخلي الرعاية الإلهية عنهم،
وعدم استجابة الله تعالى لدعائهم.(3)
وإذا علا الفجار والأشرار في المجتمع كان ذلك بداية للدمار والخراب

كما أُثر عن عمر ابن الخطاب رضي الله عنه أنه قال:
"توشك القرى أن تخرب وهي عامرة قيل وكيف تخرب
وهي عامرة، قال إذا علا فجارُها أبرارَها وساد القبيلةَ منافقوها"(4).

قال الإمام السعدي رحمه الله في كلامه
عن عواقب ترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر: " ومنها:
أن ذلك يجرئ العصاة والفسقة على الإكثار من المعاصي إذا لم يردعوا عنها
فيزداد الشر، وتعظم المصيبة الدينية والدنيوية، ويكون لهم الشوكة
والظهور، ثم بعد ذلك يضعف أهل الخير عن مقاومة أهل الشر
حتى لا يقدرون على ما كانوا يقدرون عليه أوَّلا "(5).

ثالثاً: انتفاء وصف الخيرية عن الأمة:
ومن عواقب ترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، زوال وصف
الخيرية عن الأمة، لأنهم لم يستحقوا الثناء والمدح إلا لتحققهم بهذا الفعل
فإذا انتفى عنهم القيام بهذه الفريضة ينتفي عنهم الوصف بالخيرية،
لأن انتفاء اللازم مستلزم لانتفاء الملزوم

قال الإمام القرطبي رحمه الله:
قوله تعالى:

}تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ{

مدحٌ لهذه الأمة ما أقاموا ذلك واتصفوا به، فإذا تركوا التغيير وتواطأوا
على المنكر زال عنهم اسم المدح ولحقهم اسم الذم، وكان ذلك سببا لهلاكهم"(6).

وأي خير يبقى للأمة إن تركت الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر،
والذي به يظهر الحق ويزهق الباطل، وما أحسن ما تكلم به ابن القيم
في كتابه إعلام الموقعين عن حال هؤلاء

قال الإمام ابن القيم -رحمه الله-:
"وأي دين وأي خير فيمن يرى محارم الله تنتهك، وحدوده تضاع،
ودينه يترك، وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم يرغب عنها،
وهو بارد القلب، ساكت اللسان، شيطان أخرس، كما أن المتكلم بالباطل
شيطان ناطق، وهل بلية الدين إلا من هؤلاء الذين إذا سلمت لهم مآكلهم
ورياساتهم فلا مبالاة بما جرى على الدين، وخيارهم المتحزن المتلمظ
ولو نوزع في بعض ما فيه غضاضة عليه في جاهه أو ماله بذل وتبذل
وجد واجتهد واستعمل مراتب الإنكار الثلاثة بحسب وسعه وهؤلاء
مع سقوطهم من عين الله ومقت الله لهم قد بلوا في الدنيا بأعظم بلية
تكون وهم لا يشعرون وهو موت القلوب فإن القلب كلما كانت حياته
أتم كان غضبه لله ورسوله أقوى وانتصاره للدين أكمل"(7).

رابعاً: الهزيمة أمام الأعداء:
من سنن الله تعالى أنه ينصر من ينصر دينه، وعلى العكس من ذلك
فإن ترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر من أعظم أسباب الهزيمة
أمام الأعداء، وذلك أن الساكت عن قول كلمة الحق إما أنه ممن

}يَخْشَوْنَ النَّاسَ كَخَشْيَةِ اللّهِ أَوْ أَشَدَّ خَشْيَةً{
[النساء: 77]

وإما أنه قد انهزم أمام نفسه، واستسلم لهواه وشهواته، وأصبح لا يتمعر
وجهه لمحارم الله تعالى، وفي كلا الحالين فهو لا يستحق نصر الله له،
وقد مرّ معنا سابقاً
حديث عائشة رضي الله عنها قالت:
( دخل عليَّ النبي صلى الله عليه وسلم، فعرفت في وجهه أن قد حضره شيء
فتوضأ، وما كلم أحدا، ثم خرج، فلصقت بالحجرة أسمع ما يقول،
فقعد على المنبر، فحمد الله وأثنى عليه
ثم قال: يا أيها الناس، إن الله تبارك وتعالى يقول لكم: مروا بالمعروف،
وانهوا عن المنكر، قبل أن تدعوني، فلا أجيبكم، وتسألوني
فلا أعطيكم، وتستنصروني فلا أنصركم
فما زاد عليهن حتى نزل ) (8).

بنت الاسلام
08-24-2013, 08:02 PM
فمن ترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر من مخافة المخلوقين
الذين لا يملكون ضراً ولا نفعاً نزعت منه الهيبة أمام الأعداء،
وهذا ما نراه ونلمسه في واقعنا اليوم من تسلط الأعداء على أمة الإسلام
وتوجه السهام إليها من كل حدب وصوب، وفقدان هيبتها أمام أعدائها
وما ذلك إلا بتخليها عن منهج ربها وتركها للأمر بالمعروف والنهي
عن المنكر الذي هو صمام أمنها ومصدر عزتها، فإذا خذلت دينها
وكتابها كان الجزاء من جنس العمل
كما قال سبحانه:

}إِن يَنصُرْكُمُ اللّهُ فَلاَ غَالِبَ لَكُمْ وَإِن يَخْذُلْكُمْ
فَمَن ذَا الَّذِي يَنصُرُكُم مِّن بَعْدِهِ وَعَلَى اللّهِ فَلْيَتَوَكِّلِ الْمُؤْمِنُونَ{
[آل عمران: 160].

ومن أعظم درجات الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر الجهاد في سبيل الله تعالى
الذي تخلى عنه كثير من المسلمين، ولم يحصدوا من وراء ذلك إلا حياة
الذل والهزيمة، والاستسلام لأعداء الأمة.

خامساً: سبب لعنة الله:
عندما ترك بنو إسرائيل الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر،
لعنوا على لسان أنبيائهم
قال تعالى:
}لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِن بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى لِسَانِ دَاوُودَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ
ذَلِكَ بِمَا عَصَوا وَّكَانُواْ يَعْتَدُونَ * كَانُواْ لاَ يَتَنَاهَوْنَ عَن مُّنكَرٍ فَعَلُوهُ
لَبِئْسَ مَا كَانُواْ يَفْعَلُونَ{
[المائدة: 79،78].

قال الإمام ابن كثير رحمه الله:
"﴿كانوا لا يتناهون عن منكر فعلوه لبئس ما كانوا يفعلون﴾ أي كان لا
ينهى أحدٌ منهم أحداً عن ارتكاب المآثم والمحارم ثم ذمهم على ذلك ليحذر
أن يرتكب مثل الذي ارتكبوه"(9).

وفي هذا المعنى حديث عبد الله بن مسعود قال:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
)إن أول ما دخل النقص على بني إسرائيل كان الرجل يلقى الرجل فيقول
يا هذا اتق الله ودع ما تصنع فإنه لا يحل لك ثم يلقاه من الغد فلا يمنعه
ذلك أن يكون أكيله وشريبه وقعيده فلما فعلوا ذلك ضرب الله قلوب بعضهم ببعض
ثم قال:

}لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِن بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى لِسَانِ دَاوُودَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ{
إلى قوله ﴿فَاسِقُونَ﴾ [المائدة: 78 -81]

ثم قال:
( كلا والله لتأمرن بالمعروف ولتنهون عن المنكر ولتأخذن على يدي
الظالم ولتأطرنه على الحق أطرا ولتقصرنه على الحق قصرا)(10).

زاد الطبراني:
) أو ليضربن الله قلوب بعضكم على بعض، ثم ليلعننكم كما لعنهم )

قال خلف: «تأطرونه»:
تقهرونه(11).

ويكون اللعن على في المقام الأول على العلماء والدعاة وطلاب العلم؛
لأنهم المبلغون عن الله

قال الإمام ابن القيم -رحمه الله-:
"فعلى العالم من عبودية نشر السنة والعلم الذي بعث الله به رسوله
ما ليس على الجاهل، وعليه من عبودية الصبر على ذلك ما ليس على غيره"(12)

فتركهم لهذا الواجب وسكوتهم عن ذلك من كتم العلم الذي يجب بيانه للناس
فلقد لعن الله أحبار اليهود ورهبانهم عندما كتموا الحق الذي عرفوه
في كتبهم من صفة محمد صلى الله عليه وسلم فلم يبينوا ذلك لأتباعهم
فنزل فيهم قوله تعالى:

}إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنزَلْنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالْهُدَى مِن بَعْدِ مَا بَيَّنَّاهُ لِلنَّاسِ
فِي الْكِتَابِ أُولَـئِكَ يَلعَنُهُمُ اللّهُ وَيَلْعَنُهُمُ اللَّاعِنُونَ{
[البقرة: 159].

وقد استدل العلماء بهذه الآية على وجوب تبليغ العلم، وإظهار الحق للناس
دون أخذ الأجرة عليه، إذ لا يستحق الأجرة على ما يجب عليه فعله
كما لا يستحق الأجرة على الإسلام(13).

قال الإمام الشوكاني رحمه الله:
"قوله: ﴿إِنَّ الذين يَكْتُمُونَ﴾ إلى آخر الآية فيه الإخبار بأن الذي يكتم ذلك
ملعون، واختلفوا مَن المراد بذلك؟ فقيل أحبار اليهود، ورهبان النصارى
الذين كتموا أمر محمد صلى الله عليه وسلم، وقيل كل من كتم الحق
وترك بيان ما أوجب الله بيانه، وهو الراجح؛ لأن الاعتبار بعموم اللفظ
لا بخصوص السبب كما تقرر في الأصول، فعلى فرض أن سبب النزول
ما وقع من اليهود، والنصارى من الكتم، فلا ينافي ذلك تناول هذه الآية
كل من كتم الحق، وفي هذه الآية من الوعيد الشديد ما لا يقادر قدره
فإن من لعنه الله، ولعنه كل من يتأتى منه اللعن من عباده
قد بلغ من الشقاوة، والخسران إلى الغاية التي لا تلحق، ولا يدرك كنهها"(14).

إعداد: رياض عيدروس عبد الله
28/ 4/ 1431هـ- 12/ 4/ 2010م
مراجعة: د/ قسطاس إبراهيم النعيمي
________________________
المصادر
(1) هذا هو المبحث الثالث من بحث بعنوان
(حكمة الشارع من الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر)
قُدم لندوة تقوية الإيمان وزيادته (الدورة السابعة) المنعقدة بجامعة الإيمان بتاريخ
6-8/ جماد أولى/ 1431هـ، الموافق 20-22/ ابريل/ 2010م.

(2) كتب ورسائل وفتاوى ابن تيمية في الفقه، 28/ 17.

(3) انظر آثار الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ونتائج التخلي عنهما،
بتصرف، على الرابط:
http://www.rafed.net/books/fegh/maarof/alamr-5.html

(4) مفتاح الأفكار للتأهب لدار القرار،2/ 133، عبد العزيز بن محمد السلمان.

(5) تفسير السعدي، 1/ 240.

(6) تفسير القرطبي، 4/ 173.

(7) إعلام الموقعين عن رب العالمين، 2/ 198.

(8) أخرجه ابن حبان في صحيحه، 2/ 67، برقم: 289،
والطبراني في المعجم الأوسط 14/ 432، برقم: 6854،
وأحمد في المسند،51/ 251، برقم: 24094،
قال الألباني: (حسن لغيره)، صحيح الترغيب والترهيب، 2/ 288
حديث رقم: 2325.

(9) تفسير ابن كثير2/ 307.

(10) أخرجه أبو داود، 11/ 412، برقم: 3774،
قال الألباني: (ضعيف)، انظر صحيح وضعيف سنن أبي داود، 9/ 337.

(11) المعجم الكبير للطبراني،8/ 487.

(12) إعلام الموقعين عن رب العالمين، 2/ 272.

(13) انظر تفسير القرطبي،2/ 185، بتصرف.

(14) فتح القدير،1/ 208.
يتبع غداً إن شاء الله





http://f1623.mail.vip.bf1.yahoo.com/ya/download?mid=2%5f0%5f0%5f1%5f27339999%5fAEl3k0UAAB 7CUhi30gAAACn1RmQ&pid=6&fid=Inbox&inline=1&appid=yahoomail