المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : فضيلة لأهل بدر


adnan
01-24-2014, 08:54 PM
الأخت / الملكة نـــور

فائدة فضيلة لأهل بدر
https://mail.google.com/mail/u/0/?ui=2&ik=8c4e62fb9f&view=att&th=143bee6602829e72&attid=0.4&disp=emb&zw&atsh=1
[6] فائدة فضيلة لأهل بدر

قول النبي صلى الله عليه وسلم لعمر :

( وما يدريك أن الله اطّلع على أهل بدر فقال : اعملوا ما شئتم
فقد غفرت لكم )
البخاري في المغازي باب غزوة الفتح 7\592 (4274), ومسلم في باب
فضائل الصحابة باب من فضل أهل بدر 4\1941, أبو داود, والترمذي
وأحمد من حديث الإمام علي , و و من حديث أبو هريرة ,الدرامي في
الرقاق باب أهل بدر 2\404 رقم 2761 , وأحمد في المسند 2\109 . ,

أشكل على كثير من الناس معناه , فان ظاهره إباحة مل الأعمال لهم
وتخييرهم فيما شاؤوا منها, وذلك ممتنع . ليس المراد من قوله
"اعملوا" الاستقبال , وإنما هو للماضي , و تقديره : أي عمل كان
لكم فقد غفرته : قال : و يدل على ذلك شيئان :

(أحدهما) :
أنه لو كان للمستقبل كان جوابه قوله : فسأغفر لكم .

(والثاني) :
أنه كان يكون إطلاقا في الذنوب ولا وجه لذلك .و حقيقة هذا الجواب إني
قد غفرت لكم بهذه الغزوة ما سلف من ذنوبكم , لكنه ضعيف من وجهين :

(أحدهما)
أن لفظ " اعملوا " يأباه , فانه للاستقبال دون الماضي . و قوله
" قد غفرت لكم " لا يوجد أن يكون " اعملوا " مثله : فان قوله :
" قد غفرت " تحقيق لوقوع المغفرة في المستقبل كقوله :

{ أَتَىٰ أَمْرُ ٱللَّهِ }
النحل1,
{ وَجَاءَ رَبُّكَ }
الفجر 22.
و نظائره .

(ثانيهما)
أن الحديث نفسه يردّه , فان سببه قصّة حاطب وتجسسه على النبي
صلى الله عليه و سلم , و ذلك ذنب وقع بعد غزوة بدر لا قبلها , و هو
سبب الحديث , فهو مراد منه قطعا , فالذي نظن في ذلك , و الله أعلم أن
هذا خطاب لقوم قد علم الله سبحانه وتعالى أنّهم لا يفارقون دينهم, بل
يموتون على الإسلام , وأنهم قد يقارفون بعض ما يقارفه غيرهم من
الذنوب , و لكن لا يتركهم سبحانه مصريّن عليها , بل يوفّقهم لتوبة
نصوح واستغفار وحسنات تمحو اثر ذلك . و يكون تخصيصهم بهذا دون
غيرهم لأن قد تحقق ذلك فيهم , وأنهم مغفور لهم . ولا يمنع ذلك كون
المغفرة حصلت بأسباب تقوم بهم , كما لا يقتضي ذلك أن يعطّلوا الفرائض
وثوقا بالمغفرة , فلو كانت قد حصلت بدون الاستمرار على القيام بالأوامر
لما احتجوا بعد ذلك إلى صلاة و لا صيام و لا حج ولا زكاة ولا جهاد,
وهذا محال .

و من أوجب الواجبات التوبة بعد ذلك , فضمان المغفرة لا يتوجّب تعطيل
أسباب المغفرة , و نظير هذا قوله في حديث آخر :

( أذنب عبد ذنبا فقال : أي رب أذنبت ذنبا فاغفر لي , فغفر له ,
ثم مكث ما شاء الله أن يمكث ثم أذنب ذنبا آخر فقال , رب أصبت
ذنبا فاغفر لي فغفر له , ثم مكث ما شاء الله أن يمكث ثم أذنب ذنبا
آخر فقال : رب أصبت ذنبا فاغفر لي , فقال الله : علم عبدي أن له
ربا يغفر الذنوب و يأخذ به , قد غفرت لعبدي فليفعل ما شاء )
البخاري باب التوحيد 13\474 رقم 7507 , ومسلم في التوبة باب
قبول التوبة من الذنوب 3\2112 رقم29 وأحمد في المسند, , أبو يعلى ,
من حديث أبو هريرة .

فليس في هذا إطلاق وأذن منه سبحانه له في المحرّمات و الجرائم ,
و إنما يدل على أنه يغفر له ما دام كذلك إذا أذنب تاب .و اختصاص هذا
العبد بهذا لأنه قد علم أنه لا يصر على ذنب, وأنه كلما أذنب تاب , حكم
يعم كل من كانت حالته حاله , لكن ذلك العبد مقطوع له بذلك كما هو
مقطوع لأهل بدر .و كذلك من بشّره رسول الله صلى الله عليه و سلم
بالجنة أو أخبره بأنه مغفور له , لم يفهم منه ولا غيره من الصحابة
إطلاق الذنوب و المعاصي له ومسامحته بترك الواجبات , بل كانوا هؤلاء
أشد اجتهادا و حذرا وخوفا بعد البشارة منهم قبلها , كالعشرة
المشهود لهم بالجنة .

و قد كان الصديّق شديد الحذر والمخافة , و كذلك عمر , فإنهم علموا أنهم
البشارة المطلقة مقيّدة بقيود الاستمرار عليها إلى الموت , و مقيّدة
بانتفاء موانعها , و لم يفهم أحد منهم من ذلك الإطلاق ,
الإذن فيما شاؤوا من الأعمال .