المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : ثم دخلت سنة إحدى و سبعين


adnan
01-02-2015, 08:40 PM
الأخ / مصطفى آل حمد



ثم دخلت سنة إحدى و سبعين
من كتاب البداية و النهاية لابن كثير يرحمه الله

ففيها‏:‏
كان مقتل مصعب بن الزبير، وذلك أن عبد الملك بن مروان سار في جنود
هائلة من الشام قاصداً مصعب بن الزبير، فالتقيا في هذه السنة، وقد كانا
قبلها يركب كل واحد ليلتقي بالآخر فيحول بينهما الشتاء والبرد والوحل،
فيرجع كل واحد منهما إلى بلده‏.‏فلما كان في هذا العام سار إليه عبد الملك
وبعث بين يديه السرايا، ودخل بعض من أرسله إلى البصرة فدعا أهلها
إلى عبد الملك في السر، فاستجاب له بعضهم‏.‏وقد كان مصعب سار إلى
الحجاز فجاء ودخل البصرة على إثر ذلك، فأنب الكبراء من الناس
وشتمهم ولامهم على دخول أولئك إليهم، وإقرارهم لهم على ذلك،
وهدم دور بعضهم، ثم شخص إلى الكوفة، ثم بلغه قصد عبد الملك له
بجنود الشام فخرج إليه ووصل عبد الملك إلى مسكِن‏.‏

وكتب إلى المروانية الذين استجابوا لمن بعثه إليهم فأجابوه،
واشترطوا عليه أن يوليهم أصبهان فقال‏:‏
نعم - وهم جماعة كثيرة من الأمراء - وقد جعل عبد الملك على مقدمته
أخاه محمد بن مروان، وعلى ميمنته عبد الله بن يزيد بن معاوية، وعلى
ميسرته خالد بن يزيد بن معاوية‏.‏وخرج مصعب وقد اختلف عليه أهل
العراق، وخذلوه وجعل يتأمل من معه فلا يجدهم يقاومون أعداءه،
فاستقتل وطمن نفسه على ذلك، وقال‏:‏ لي بالحسين بن علي أسوة حين
امتنع من إلقائه يده، ومن الذلة لعبيد الله بن زياد‏.‏

وجعل ينشد ويقول مسلياً نفسه‏:‏
وإن الأولى بألطف من آل هاشمٍ * تأسوا فسنوا للكرام التأسيا

وكان عبد الملك قد أشار عليه بعض أصحابه أن يقيم بالشام وأن يبعث
إلى مصعب جيشاً، فأبى وقال‏:‏ لعلي إن بعثت رجلاً شجاعاً كان لا رأي له
، ومن له رأي ولا شجاعة له، وإني أجد من نفسي بصيراً بالحرب
والشجاعة‏.‏وإن مصعباً في بيت شجاعة، أبوه أشجع قرشي، وأخوه
لا تجهل شجاعته، وهو شجاع ومعه من يخالفه، ولا علم له بالحرب،
وهو يحب الدعة والصفح، ومعي من ينصح لي ويوافقني على ما أريد‏.‏
فسار بنفسه فلما تقارب الجيشان بعث عبد الملك إلى أمراء مصعب
يدعوهم إلى نفسه ويعدهم الولايات، فجاء إبراهيم بن الأشتر إلى مصعب
فألقى إليه كتاباً مختوماً وقال‏:‏ هذا جاءني من عبد الملك، ففتحه فإذا هو
يدعوه إلى الإتيان إليه، وله نيابة العراق‏.‏وقال لمصعب‏:‏ أيها الأمير ‏!‏ إنه
لم يبق أحد من أمرائك إلا وقد جاءه كتاب مثل هذا، فإن أطعتني ضربت
أعناقهم‏.‏فقال له مصعب‏:‏ إني لو فعلت ذلك لم ينصحنا عشائرهم بعدهم‏.‏
فقال‏:‏ فابعثهم إلى أبيض كسرى فاسجنهم فيه، فإن كانت لك النصرة
ضربت أعناقهم، وإن كانت عليك خرجوا بعد ذلك‏.‏فقال له‏:‏ يا أبا النعمان،
إني لفي شغل عن هذا‏.‏ثم قال مصعب‏:‏ رحم الله أبا بحر - يعني‏:‏ الأحنف –
إن كان ليحذرني غدر أهل العراق، وكأنه كان ينظر إلى ما نحن فيه الآن‏.‏
ثم تواجه الجيشان بدير الجاثليق من مسكن، فحمل إبراهيم بن الأشتر
- وهو أمير المقدمة العراقية لجيش مصعب على محمد بن مروان، وهو
أمير مقدمة الشام - فأزالهم عن موضعهم، فأردفه عبد الملك بعبد الله
بن يزيد بن معاوية، فحملوا على ابن الأشتر ومن معه فطحنوهم، وقتل
ابن الأشتر رحمه الله وعفا عنه، وقتل معه جماعة من الأمراء‏.‏وكان
عتاب بن ورقاء على خيل مصعب فهرب أيضاً ولجأ إلى عبد الملك
بن مروان، وجعل مصعب بن الزبير وهو واقف في القلب ينهض
أصحاب الرايات ويحث الشجعان والأبطال أن يتقدموا إلى أمام القوم،
فلا يتحرك أحد‏.‏فجعل يقول‏:‏ يا إبراهيم ولا إبراهيم لي اليوم، وتفاقم الأمر
واشتد القتال، وتخاذلت الرجال، وضاق الحال، وكثر النزال‏.‏

قال المدائني‏:‏
أرسل عبد الملك أخاه إلى مصعب يعطيه الأمان، فأبى وقال‏:‏ إن مثلي
لا ينصرف عن هذا الموضع إلا غالباً أو مغلوباً‏.‏فقال له مصعب‏:‏ قد أمنك
عمك فامض إليه‏.‏ قالوا‏:‏ فنادى محمد بن مروان عيسى بن مصعب فقال‏:‏
يا ابن أخي، لا تقتل نفسك، لك الأمان‏.‏فقال‏:‏ لا يتحدث نساء قريش إني
أسلمتك للقتل‏.‏فقال له‏:‏ يا بني فاركب خيل السبق فالحق بعمك فأخبره
بما صنع أهل العراق فإني مقتول ههنا‏.‏فقال‏:‏ والله إني لا أخبر عنك أحداً
أبداً، ولا أخبر نساء قريش بمصرعك، ولا أقتل إلا معك، ولكن إن شئت
ركبت خيلك وسرنا إلى البصرة فإنهم على الجماعة‏.‏فقال‏:‏ والله لا يتحدث
قريش بأني فررت من القتال‏.‏فقال لابنه‏:‏ تقدم بين يدي حتى أحتسبك،
فتقدم ابنه فقاتل حتى قتل‏.‏وأُثخن مصعب بالرمي فنظر إليه زائدة بن قدامة
وهو كذلك فحمل عليه فطعنه وهو يقول‏:‏ يا ثارات المختار‏.‏ونزل إليه رجل
يقال له‏:‏ عبيد الله بن زياد بن ظبيان التميمي فقتله وحز رأسه، وأتى به
عبد الملك بن مروان، فسجد عبد الملك وأطلق له ألف دينار فأبى أن
يقبلها وقال‏:‏ لم أقتله على طاعتك ولكن بثأر كان لي عنده، وكان قد
ولي له عملاً قبل ذلك فعزله عنه وأهانه‏.‏ قالوا‏:‏ ولما وضع رأس مصعب
بين يدي عبد الملك قال عبد الملك‏:‏ لقد كان بيني وبين مصعب صحبة
قديمة، وكان من أحب الناس إليّ، ولكن هذا الملك عقيم‏.‏وقال‏:‏ لما تفرق
عن مصعب جموعه قال له ابنه عيسى‏:‏ لو اعتصمت ببعض القلاع
وكاتبت من بعد عنك مثل المهلب بن أبي صفرة وغيره فقدموا عليك،
فإذا اجتمع لك ما تريد منهم لقيت القوم، فإنك قد ضعفت جداً‏.‏فلم يرد عليه
جواباً، ثم ذكر ما جرى للحسين بن علي، وكيف قتل كريماً ولم يلق بيده،
ولم يجد من أهل العراق وفاء‏.‏وكذلك أبوه وأخوه، ونحن ما وجدنا لهم
وفاء، ثم انهزم أصحابه وبقي في قليل من خواصه، ومال الجميع إلى
عبد الملك، وقد كان عبد الملك يحب مصعباً حباً شديداً، وكان خليلاً له
قبل الخلافة‏.‏فقال لأخيه محمد‏:‏ اذهب إليه فأمنه‏.‏فجاءه فقال له‏:‏ يا مصعب
قد أمنك ابن عمك على نفسك وولدك ومالك وأهلك، فاذهب حيث شئت
من البلاد، ولو أراد بك غير ذلك لكان أنزله بك، فأنشدك الله في نفسك‏.‏
فقال مصعب‏:‏ قضي الأمر، إن مثلي لا ينصرف عن مثل هذا الموقف
إلا غالباً أو مغلوباً‏.‏فتقدم ابنه عيسى فقاتل، فقال محمد بن مروان‏:‏ يا
ابن أخي لا تقتل نفسك‏.‏ثم ذكر من قوله ما تقدم، ثم قاتل حتى قتل
رحمه الله، ثم ذكر من قتل منهم بعده كما تقدم‏.‏قال‏:‏ ولما وضع رأس
مصعب بين يدي عبد الملك بكى وقال‏:‏ والله ما كنت أقدر أن أصبر عليه
ساعة واحدة من حبي له، حتى دخل السيف بيننا، ولكن الملك عقيم‏.‏
ولقد كانت المحبة والحرمة بيننا قديمة، متى تلد النساء مثل مصعب‏؟‏
ثم أمر بمواراته ودفنه هو وابنه وإبراهيم بن الأشتر في قبور بمسكن
بالقرب من الكوفة‏.‏

قال المدائني‏:‏
وكان مقتل مصعب بن الزبير يوم الثلاثاء الثالث عشر من جمادى الأولى
أو الآخرة من سنة إحدى وسبعين في قول الجمهور‏.‏

وقال‏:‏ المدائني‏:‏
سنة ثنتين وسبعين والله أعلم‏.‏

قالوا‏:‏ ولما قتل عبد الملك مصعباً ارتحل إلى الكوفة فنزل النخيلة فوفدت
عليه الوفود من رؤساء القبائل وسادات العرب‏.‏وجعل يخاطبهم بفصاحة
وبلاغة واستشهاد بأشعار حسنة، وبايعه أهل العراق، وفرق العمالات
في الناس، وولى الكوفة قطن بن عبد الله الحري أربعين يوماً، ثم عزله
وولى أخاه بشر بن مروان عليها‏.‏

وخطب عبد الملك يوماً بالكوفة فقال في خطبته‏:‏
إن عبد الله بن الزبير لو كان خليفة كما يزعم لخرج فآسى بنفسه ولم
يغرز ذنبه في الحرم‏.‏ثم قال لهم‏:‏ إني قد استخلفت عليكم أخي بشر
بن مروان وأمرته بالإحسان إلى أهل الطاعة، وبالشدة على أهل المعصية،
فاسمعوا له وأطيعوا‏.‏وأما أهل البصرة فإنهم لما بلغهم مقتل مصعب،
تنازع في إمارتها أبان بن عثمان بن عفان، وعبيد الله بن أبي بكرة،
فغلبه أبان عليها، فبايعه أهلها فكان أشرف الرجلين‏.‏

قال أعرابي‏:‏ والله لقد رأيت رداء أبان مال عن عاتقه يوماً فابتدره
مروان وسعيد بن العاص أيهما يسويه على منكبيه‏.‏

وقال غيره‏:‏ مد أبان يوماً رجله فابتدرها معاوية وعبد الله بن عامر
أيهما يغمزها‏.‏

قال‏:‏ فبعث عبد الملك خالد بن عبد الله بن خالد بن أسيد والياً عليها –
يعني‏:‏ على البصرة - فأخذها من أبان واستناب فيها عبيد الله
بن أبي بكرة، وعزل أباناً عنها‏.‏قالوا‏:‏ وقد أمر عبد الملك بطعام كثير
فعمل لأهل الكوفة فأكلوا من سماطه، ومعه يومئذ على السرير عمرو
بن حريث‏.‏فقال له عبد الملك‏:‏ ما ألذ عيشنا لو أن شيئاً يدوم‏؟‏ ولكن كما
قال الأول‏:‏

وكل جديد يا أميم إلى البلى * وكل امرئ يوماً يصير إلى كان

فلما فرغ الناس من الأكل نهض فدار في القصر وجعل يسأل عمرو
بن حريث عن أحوال القصر، ومن بنى أماكنه وبيوته، ثم عاد إلى مجلسه
فاستلقى وهو يقول‏:‏

اعمل على مهلٍ فإنك ميتٌ * واكدح لنفسك أيها الإنسان
فكأن ما قد كان لم يك إذ مضى * وكأن ما هو كائنٌ قد كان

قال ابن جرير‏:‏
وفيها‏:‏ رجع عبد الملك كما زعم الواقدي إلى الشام‏.‏

وفيها‏:‏
عزل ابن الزبير جابر بن الأسود عن المدينة وولى عليها طلحة
بن عبد الله بن عوف، وكان هو آخر أمرائه عليها، حتى قدم عليها طارق
بن عمرو مولى عثمان من جهة عبد الملك‏.‏

وفيها‏:‏
حج بالناس عبد الله بن الزبير ولم يبق له ولاية على العراق‏.‏

وفيها‏:‏
قتل نجدة الحروري الذي تغلب على اليمامة‏.‏

وفيها‏:‏
خرج عبد الله بن ثور في اليمامة‏.‏

وهذه ترجمة مصعب بن الزبير
وهو مصعب بن الزبير بن العوام بن خويلد بن أسد بن عبد العزى
بن قصي بن كلاب، أبو عبد الله القرشي‏.‏

ويقال له‏:‏ أبو عيسى أيضاً الأسدي، وأمه كرمان بنت أنيف الكلبية،
كان من أحسن الناس وجهاً، وأشجعهم قلباً، وأسخاهم كفاً‏.‏وقد حكى عن
عمر بن الخطاب، وروى عن أبيه الزبير، وسعد، وأبي سعيد الخدري‏.‏
وروى عنه الحكم بن عيينة، وعمرو بن دينار الجمحي، وإسماعيل
أبي خالد‏.‏ووفد على معاوية، وكان ممن يجالس أبا هريرة، وكان من
أحسن الناس وجهاً‏.‏

حكى الزبير بن بكار‏:
‏ أن جميلاً نظر إليه وهو واقف بعرفة فقال‏:‏ إن ههنا فتى أكره
أن تراه بثينة‏.‏

وقال الشعبي‏:
‏ ما رأيت أميراً على منبر قط أحسن منه، وكذا قال إسماعيل بن خالد‏.‏

وقال الحسن‏:‏
هو أجمل أهل البصرة‏.‏

وقال الخطيب البغدادي‏:‏
ولي إمرة العراقين لأخيه عبد الله حتى قتله عبد الملك بمسكن بموضع
قريب من أوانا على نهر دجيل عند دير الجاثليق، وقبره إلى
الآن معروف هناك‏.‏وقد ذكرنا صفة مقتله المختار بن أبي عبيد، وأنه قتل
في غداة واحدة من أصحاب المختار سبعة آلاف‏.‏

وقيل‏:‏ إن مصعباً لما قدم مكة أتى عبد الله بن عمر فقال‏:‏ أي عم‏:‏ إني
أسألك عن قوم خلعوا الطاعة وقاتلوا حتى غلبوا تحصنوا وسألوا الأمان
فأعطوه، ثم قتلوا بعد ذلك‏.‏فقال‏:‏ وكم هم‏؟‏فقال‏:‏ خمسة آلاف، فسبح
ابن عمر واسترجع وقال‏:‏ لو أن رجلاً أتى ماشية الزبير فذبح منها خمسة
آلاف ماشية في غداة واحدة ألست تعده مسرفاً‏؟‏قال‏:‏ نعم‏.‏قال‏:‏ أفتراه
إسرافاً في البهائم ولا تراه إسرافاً في من ترجو توبته‏؟‏ يا ابن أخي أصب
من الماء البارد ما استطعت في دنياك‏.‏ثم إن مصعباً بعث برأس المختار
إلى أخيه بمكة، وتمكن مصعب في العراق تمكناً زائداً، فقرر بها الولايات
والعمال‏.‏وحظي عنده ابن الأشتر فجعله على الوفادة، ثم رحل مصعب إلى
أخيه بمكة فأعلمه بما فعل فأقره على ما صنع، إلا ابن الأشتر لم يمض له
ما جعله عليه، وقال له‏:‏ أتراني أحب الأشتر وهو الذي جرحني
هذه الجراحة‏.‏

ثم استدعى بمن قدم مع مصعب من أهل العراق فقال لهم‏:‏ والله لوددت
أن لي بكل رجلين منكم رجلاً من أهل الشام‏.‏ فقال له أبو حاجز الأسدي
- وكان قاضي الجماعة بالبصرة -‏:‏ إن لنا ولكم مثلاً قد مضى يا أمير
المؤمنين، وهو ما قال الأعشى‏:‏

علقتها عرضاً وعلقت رجلاً * غيري وعلق أخرى غيرها الرجل

قلت كما قيل أيضاً‏:‏
جننا بليلى وهي جنت بغيرنا * وأخرى بنا مجنونةٌ لا نريدها

علقناك يا أمير المؤمنين وعلقت أهل الشام وعلق أهل الشام إلى مروان،
فما عسينا أن نصنع‏؟‏

قال الشعبي‏:
‏ ما سمعت جواباً أحسن منه‏.‏

وقال غيره‏:‏
وكان مصعب من أشد الناس محبة للنساء وقد أمضى من ذلك شيئاً
كثيراً، كما روى أنه اجتمع عند الحجر الأسود جماعة منهم ابن عمر،
ومصعب بن الزبير، فقالوا‏:‏ ليقم كل واحد منكم وليسأل من الله حاجته‏.‏
فسأل ابن عمر المغفرة، وسأل مصعب أن يزوجه الله سكينة بنت الحسين،
وعائشة بنت طلحة، وكانتا من أحسن النساء في ذلك الزمان، وأن يعطيه
الله إمرة العراقين، فأعطاه الله ذلك، تزوج بعائشة بنت طلحة وكان
صداقها مائة ألف دينار، وكانت باهرة الجمال جداً، وكان مصعب أيضاً
جميلاً جداً وكذلك بقية زوجاته‏.‏

قال الأصمعي‏:‏
عن عبد الرحمن بن أبي زناد، عن أبيه قال‏:‏ اجتمع في الحجر مصعب،
وعروة، وابن الزبير، وابن عمر‏.‏فقال عبد الله بن الزبير‏:‏ أما أنا فأتمنى
الخلافة‏

‏وقال عروة‏:‏ أما أنا فأتمنى أن يؤخذ عني العلم‏.‏وقال مصعب‏:‏
أما أنا فأتمنى إمرة العراق والجمع بين عائشة بنت طلحة وسكينة
بنت الحسين‏.‏وقال عبد الله بن عمر‏:‏ أما أنا فأتمنى المغفرة‏.‏قال‏:‏ فنالوا
كلهم ما تمنوا، ولعل ابن عمر قد غفر الله له‏.‏وقال عامر الشعبي‏:‏ بينما
أنا جالس إذ دعاني الأمير مصعب بن الزبير فأدخلني دار الإمارة ثم كشف
فإذا وراءه عائشة بنت طلحة، فلم أر منظراً أبهى ولا أحسن منها‏.‏
فقال‏:‏ أتدري من هذه‏؟‏فقلت‏:‏ لا‏.‏فقال‏:‏ هذه عائشة بنت طلحة‏.‏ثم خرجت
فقالت‏:‏ من هذا الذي أظهرتني عليه‏؟‏قال‏:‏ هذا عامر الشعبي‏.‏قالت‏:‏ فأطلق
له شيئاً‏.‏فأطلق لي عشرة آلاف درهم‏.‏قال الشعبي‏:‏ فكان أول
من مال ملكته‏.‏

وحكى الحافظ ابن عساكر‏:‏
أن عائشة بنت طلحة تغضبت مرة على مصعب فترضّاها بأربعمائة ألف
درهم، فأطلقتها هي للمرأة التي أصلحت بينهما‏.‏وقيل‏:‏ إنه أهديت له نخلة
من ذهب ثمارها من صنوف الجواهر المثمنة، فقومت بألفي ألف دينار،
وكانت من متاع الفرس فأعطاها لعائشة بنت طلحة‏.‏وقد كان مصعب من
أجود الناس وأكثرهم عطاء، لا يستكثر ما يعطي ولو كان ما عساه أن
يكون فكانت عطاياه للقوي والضعيف، والوضيع والشريف متقاربة، وكان
أخوه عبد الله يبخل‏.‏

وروى الخطيب البغدادي في ‏(‏تاريخه‏)‏‏:‏
أن مصعباً غضب مرة على رجل فأمر بضرب عنقه‏.‏فقال له الرجل‏:‏
أعز الله الأمير ‏!‏ ما أقبح بمثلي أن يقوم يوم القيامة فيتعلق بأطرافك هذه
الحسنة، وبوجهك هذا الذي يستضاء به، فأقول‏:‏ يا رب سل مصعباً فيم
قتلني‏.‏فعفا عنه، فقال الرجل‏:‏ أعز الله الأمير إن رأيت ما وهبتني من
حياتي في عيش رضي، فأطلق له مائة ألف‏.‏فقال الرجل‏:‏ إني أشهدك أن
نصفها لابن قيس الرقيات حيث يقول فيك‏:‏

إنّ مصعباً شهابٌ من الله * تجلت عن وجهه الظلماء
ملكه ملك رحمةٍ ليس فيه * جبروتٌ منه ولا كبرياء
يتقي الله في الأمور * وقد أفلح من كان همه الاتقاء

وفي رواية أنه قال له‏:‏ أيها الأمير قد وهبتني حياة، فإن استطعت أن تجعل
ما قد وهبتني من الحياة في عيش رضي وسعة فافعل، فأمر له بمائة ألف‏.‏

وقال الإمام أحمد‏:‏
حدثنا حماد بن سلمة، ثنا علي بن يزيد قال‏:‏ بلغ مصعباً، عن عريف
الأنصاري شيء فهَمَّ به، فدخل عليه أنس بن مالك
فقال له‏:‏سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول‏:‏

‏(‏‏ استوصوا بالأنصار خيراً‏ )‏

أو قال‏:‏ ‏

(‏‏ معروفاً‏ ‏‏)‏

‏(‏‏ ‏اقبلوا من محسنهم وتجاوزوا عن مسيئهم‏ )‏‏.‏

فألقى مصعب نفسه عن سريره وألصق خده بالبساط وقال‏:‏ أمر رسول الله
صلى الله عليه وسلم على الرأس والعين فتركه‏.‏

ومن كلام مصعب في التواضع أنه قال‏:
‏ العجبُ من ابن آدم كيف يتكبر وقد جرى في مجرى البول مرتين‏.‏

وقال محمد بن يزيد المبرد‏:
‏ سئل القاسم بن محمد، عن مصعب فقال‏:‏ كان نبيلاً رئيساً تقياً أنيساً‏.‏
وقد تقدم أنه لما ظهر على المختار قتل من أصحابه في غداة واحدة
خمسة آلاف‏.‏

وقيل‏:‏ سبعة آلاف، فلما كان بعد ذلك لقي ابن عمر فسلم عليه فلم يعرفه
ابن عمر، لأنه كان قد انضر في عينيه، فتعرف له فعرفه، قال‏:‏ أنت الذي
قتلت في غداة واحدة خمسة آلاف ممن يوحد الله‏؟‏
فاعتذر إليه بأنهم بايعوا المختار‏.‏

فقال‏:‏ أما كان فيهم من هو مستكره أو جاهل فينظر حتى يتوب‏؟‏ أرأيت
لو أن رجلاً جاء إلى غنم الزبير فنحر منها خمسة آلاف في غداة واحدة،
أما كان مسرفاً‏؟‏قال‏:‏ بلى ‏!‏قال‏:‏ وهي لا تعبد الله ولا تعرفه كما يعرفه
الآدمي، فكيف بمن هو موحد‏؟‏ثم قال له‏:‏ يا بني تمتع من الماء البارد
ما استطعت‏.‏

وفي رواية أنه قال له‏:‏
عش ما استطعت‏.‏

وقال الزبير بن بكار‏:
‏ حدثني محمد بن الحسن، عن زفر بن قتيبة، عن الكلبي قال‏:‏ قال
عبد الملك بن مروان يوماً لجلسائه‏:‏ من أشجع العرب والروم‏؟‏
قالوا‏:‏ شبيب‏.‏وقال آخر‏:‏ قطري بن الفجاءة وفلان وفلان‏.‏
فقال عبد الملك‏:‏ إن أشجع الناس لرجل جمع بين سكينة بنت الحسين
وعائشة بنت طلحة، وأمه الحميد بنت عبد الله بن عامر بن كريز، وابنه
ريان بن أنيف الكلبي، سيد ضاحية العرب، وولي العراقين خمس سنين
فأصاب ألف ألف، وألف ألف، وألف ألف، مع ما لنفسه من الأموال،
وملك غير ذلك من الأثاث والدواب والأموال ما لا يحصى‏.‏وأعطى مع هذا
الأمان، وأن يسلم هذا له جميعه مع الحياة فزهد في هذا كله وأبى واختار
القتل على مقام ذل، ومفارقة هذا كله ومشى بسيفه فقاتل حتى مات، وذلك
بعد خذلان أصحابه، فذلك مصعب بن الزبير رحمه الله‏.‏
وليس هو كمن قطع الجسور مرة ههنا ومرة ههنا‏.‏فهذا هو الرجل
وهذا هو الزهد‏.‏قالوا‏:‏ وكان مقتله يوم الخميس للنصف من جمادى
الأولى سنة ثنتين وسبعين‏.‏

وقال الزبير بن بكار‏:‏
حدثني فليح بن إسماعيل، وجعفر بن أبي بشير، عن أبيه‏.‏
قال‏:‏ لما وضع رأس مصعب بين يدي عبد الملك قال‏:‏

لقد أردى الفوارس يوم عبسٍ * غلامٌ غير مناع المتاع
ولا فرحٌ بخيرٍ إن أتاه * ولا هلع من الحدثان لاع
ولا رقابةً والخيل تعدو * ولا خالٌ كانبوب اليراع

فقال الرجل الذي جاء برأسه‏:‏ والله يا أمير المؤمنين لو رأيته والرمح
في يده تارة والسيف تارة يفري بهذا، ويطعن بهذا لرأيت رجلاً يملأ
القلب والعين شجاعة، لكنه لما تفرقت عنه رجاله وكثر من قصده
وبقي وحده ما زال ينشد‏:‏

وإني على المكروه عند حضوره * أكذب نفسي والجفون فلم تغض
وما ذاك من ذلٍ ولكن حفيظةٌ * أذبُّ بها عند المكارم عن عرضي
وإني لأهل الشر بالشر مرصدٌ * وإني لذي سلمٍ أذلُّ من الأرض

فقال عبد الملك‏:‏ كان والله كما وصف به نفسه وصدق، ولقد كان من أحب
الناس إليّ، وأشدهم لي ألفة ومودة، ولكن الملك عقيم‏.‏

وروى يعقوب بن سفيان‏:
عن سليمان بن حرب، عن غسان بن مضر، عن سعيد بن يزيد‏:‏ أن
عبيد الله بن زياد بن ظبيان قتل مصعباً عند دير الجاثليق على شاطئ نهر
يقال له‏:‏ دجيل، من أرض مسكن، واحتز رأسه فذهب به إلى عبد الملك
فسجد شكراً لله‏.‏وكان ابن ظبيان فاتكاً رديئاً، وكان يقول‏:‏ ليتني قتلت
عبد الملك حين سجد يومئذ فأكون قد قتلت ملكي العرب‏.‏

قال يعقوب‏:
‏ وكان ذلك سنة ثنتين وسبعين فالله أعلم‏.‏
وحكى الزبير بن بكار في عمره يوم قتل ثلاثة أقوال‏:‏
أحدها‏:‏ خمس وثلاثون سنة، والثاني‏:‏ أربعون سنة، والثالث‏:‏
خمس وأربعون سنة فالله أعلم‏.‏

وروى الخطيب البغدادي‏:‏
أن امرأته سكينة بنت الحسين كانت معه في هذه الوقعة، فلما قتل طلبته
في القتلى حتى عرفته بشامة في خده فقالت‏:‏ نِعم بعل المرأة المسلمة،
كنت أدركك والله ما قال عنتر‏:‏

وخليل غانيةٍ تركت مجندلاً * بالقاع لم يعهد ولم يتثلم
فهتكت بالرمح الطويل إهابه * ليس الكريم على القنا بمحرم

قال الزبير‏:‏ وقال عبد الله بن قيس الرقيات يرثي مصعب بن الزبير
رحمه الله تعالى‏:‏
لقد أورث المصرين حزناً وذلةً * قتيلٌ بدير الجاثليق مقيمٌ
فما نصحت لله بكر بن وائلٍ * ولا صدقت يوم اللقاء تميمٌ
ولو كان بكرياً يعطف حوله * كتائب يبقى حرها ويدوم
ولكنه ضاع الذمام ولم يكن * بها مضريُّ يوم ذاك كريمٌ
جزى الله كوفياً هناك ملامة * وبصرِّيهم إنَّ الملوم ملوم
وإن بني العلات أخلوا ظهورنا * ونحن صريحٌ بينهم وصميم
فإن نفن لا يبقي أولئك بعدنا * لذي حرمةٍ في المسلمين حريمٌ

وقد قال أبو حاتم الرازي‏:‏
ثنا يحيى بن مصعب الكلبي، ثنا أبو بكر بن عياش، عن عبد الملك
بن عمير قال‏:‏ دخلت القصر بالكوفة فإذا رأس الحسين بن علي على
ترس بين يدي عبيد الله بن زياد، وعبيد الله على السرير‏.‏ثم دخلت القصر
بعد ذلك بحين فرأيت رأس عبيد الله بن زياد على ترس بين يدي المختار،
والمختار على السرير، ثم دخلت القصر بعد ذلك بحين فرأيت رأس
المختار على ترس بين يدي مصعب بن الزبير، ومصعب على السرير‏.‏
ثم دخلت القصر بعد حين فرأيت رأس مصعب بن الزبير على ترس بين
يدي عبد الملك، وعبد الملك على السرير‏.‏وقد حكى ذلك الإمام أحمد
وغير واحد عن عبد الملك بن عمير‏.‏
وقال عبد الله بن قيس الرقيات يرثي مصعباً أيضاً‏:‏
نعت السحائب والغمام بأسرها * جسداً بمسكن عاري الأوصال
تمسي عوائذه السباع وداره * بمنازلٍ أطلالهن بوالي
رحل الرفاق وغادروه ثاوياً * للريح بين صبا وبين شمالي

فصل خطبة عبد الله بن الزبير في مقتل أخيه مصعب‏.‏
وكان لمصعب من الولد عكاشة، وعيسى الذي قتل معه، وسكينة، وأمهم‏:‏
فاطمة بنت عبد الله بن السائب‏.‏وعبد الله، ومحمد، وأمهما‏:‏ عائشة بنت
طلحة، وأمها‏:‏ أم كلثوم بنت أبي بكر الصديق‏.‏وجعفر، ومصعب، وسعيد،
وعيسى الأصغر، والمنذر لأمهات شتى‏.‏والرباب، وأمها‏:‏ سكينة بنت
الحسين بن علي بن أبي طالب رضي الله عنه وعنهم‏.‏

قال ابن جرير‏:‏
وذكر أبو زيد، عن أبي غسان محمد بن يحيى، حدثني مصعب بن عثمان
قال‏:‏ لما انتهى إلى عبد الله بن الزبير قتل أخيه مصعب، قام في الناس
خطيباً فقال‏:‏الحمد لله الذي له الخلق والأمر يؤتي الملك من يشاء وينزع
الملك ممن يشاء، ويعز من يشاء ويذل من يشاء، بيده الخير
وهو على كل شيء قدير‏.‏

ألا وإنه لن يُذِلَّ الله من كان الحق معه وإن كان فرداً وحده، ولن يفلح
من كان وليه الشيطان وحزبه ولو كان معه الآنام طُرَاً، ألا وأنه أتانا من
العراق خبر أحزننا وأفرحنا، أتانا قتل مصعب فأحزننا، فأما الذي أفرحنا
فعلمنا أن قتله له شهادة‏.‏وأما الذي أحزننا فإن الحميم لفراقه لوعة يجدها
حميمه عند المصيبة ثم يرعوي من بعدها، وذو الرأي جميل الصبر كريم
العزاء، ولئن أصبت بمصعب فلقد أصبت بالزبير قبله، وما أنا من عثمان
بخلو مصيبة، وما مصعب إلا عبد من عبيد الله، وعون من أعواني‏.‏
ألا وإن أهل العراق أهل الغدر والنفاق أسلموه وباعوه بأقل الثمن، فإن
يقتل فإنا والله ما نموت على مضاجعنا كما تموت بنو أبي العاص،
والله ما قتل منهم رجل في زحف في الجاهلية ولا في الإسلام، وما نموت
إلا بأطراف الرماح أو تحت ظل السيوف، فإن بني أبي العاص يجمعون
الناس بالرغبات والرهبات، ثم يقاتلون بهم أعداءهم ممن هو خير منهم
وأكرم ولا يقاتلون تابعيهم زحفاً‏.‏ألا وإن الدنيا عارية من الملك الأعلى
الذي لا يزول سلطانه ولا يبيد ملكه، فإن تقبل الدنيا لآخذها أخذ الأشر
البطر، وإن تدبر لا أبكي عليها بكاء الحزين الأسف المهين، أقول قولي
هذا واستغفر الله لي ولكم‏.‏

وممن توفي فيها من الأعيان

إبراهيم بن الأشتر
كان أبوه ممن قام على عثمان وقتله، وكان إبراهيم هذا من المعروفين
بالشجاعة وله شرف، وهو الذي قتل عبيد الله بن زياد كما ذكرنا‏.‏

عبد الرحمن بن غسيلة
أبو عبد الله المرادي الصنابحي، كان من الصلحاء، وكان عبد الملك
يجلسه معه على السرير، وكان عالماً فاضلاً، توفي بدمشق‏.‏

عمر بن سلمة
المخزومي المدني ربيب النبي صلى الله عليه وسلم، ولد بأرض الحبشة‏.‏

سفينة مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم
أبو عبد الرحمن، كان عبداً لأم سلمة فأعتقته وشرطت عليه أن يخدم
رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال‏:‏ أنا لا أزال أخدم رسول الله
صلى الله عليه وسلم لو لم تعتقيني ما عشت‏.‏وقد كان سفينة بآل
رسول الله صلى الله عليه وسلم أليفاً، وبهم خليطاً‏.‏

وروى الطبراني‏:‏
أن سفينة سئل عن اسمه لِمَ سُمِّي سفينة‏؟‏قال‏:‏ سماني رسول الله
صلى الله عليه وسلم سفينة، خرج مرة ومعه أصحابه فثقل عليهم
متاعهم، فقال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏

(‏‏ ‏ابسط كساءك‏ ‏‏)‏‏.‏

فبسطته فجعل فيه متاعهم، ثم قال لي‏:‏

‏(‏‏ ‏احمل ما أنت إلا سفينة‏ ‏‏)‏‏.‏

قال‏:‏ فلو حملت يومئذ وقر بعير أو بعيرين أو خمسة أو ستة ما ثقل علي‏.‏

وروى محمد بن المنكدر عن سفينة قال‏:‏
ركبت مرة سفينة في البحر فانكسرت بنا، فركبت لوحاً منها فطرحني
البحر إلى غيضة فيها الأسد فجاءني فقلت‏:‏ يا أبا الحارث أنا سفينة
مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فطأطأ رأسه وجعل يدفعني بجنبه
أو بكفه حتى وضعني على الطريق، ثم همهم همهمة فظننت أنه يودعني‏.‏

عمر بن أخطب
أبو زيد الأنصاري الأعرج، غزا مع النبي صلى الله عليه وسلم
ثلاث عشرة غزوة‏.‏

يزيد بن الأسود الجرشي السكوني
كان عابداً زاهداً صالحاً، سكن الشام بقرية زيدين‏.‏
وقيل‏:‏ بقرية جرين، وكانت له دار داخل باب شرقي، وهو مختلف
في صحبته، وله روايات عن الصحابة، وكان أهل الشام يستسقون به إذا
قحطوا، وقد استسقى به معاوية والضحاك بن قيس، وكان يجلسه معه
على المنبر‏.‏

قال معاوية‏:‏
قم يزيد، اللهم إن نتوسل إليك بخيارنا وصلحائنا، فيستسقي الله فيسقون،
وكان يصلي الصلوات في الجامع بدمشق، وكان إذا خرج من القرية يريد
الصلاة بالجامع في الليلة المظلمة يضيء له إبهام قدمه‏.‏

وقيل‏:‏ أصابع رجليه كلها حتى يدخل الجامع، فإذا رجع أضاءت له
حتى يدخل القرية‏.‏

وذكروا أنه لم يدع شجرة في قرية زيدين إلا صلى عندها ركعتين، وكان
يمشي في ضوء إبهامه في الليلة المظلمة ذاهباً إلى صلاة العشاء بالجامع
بدمشق وآتياً إلى قريته، وكان يشهد الصلوات بالجامع بدمشق لا تفوته به
صلاة‏.‏مات بقرية زيدين أو جرين من غوطة دمشق رحمه الله‏.‏