المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : عدو الحرية, وطبائع لا تتبدل (سلسلة التغيير الواعي 2)


vip_vip
02-06-2011, 10:59 AM
عدو الحرية, وطبائع لا تتبدل (سلسلة التغيير الواعي 2) (http://www.ataaalkhayer.com/)


حسن أبو مطير




تحدثت في المقال السابق عن تعريف الأستبداد الفكري و متى
ينشأ و أثره على المجتمع , و في هذا المقال أتابع البحث حول
نفس الموضوع و لكن من زوايا مختلفة.

::بين الحرية الفكرية و الأستبداد الفكري :: (http://www.ataaalkhayer.com/)
جاء الإسلام ليرفض الأستبداد بكل أشكاله فالإسلام هو دين
الحرية بكل أشكالها – و قد جعل لهذه الحرية ضوابط تسقيم بها
حياة كل الناس – و لعل أوجز كلمة تبرهن على هذه الحقيقة ما
جاء في كتاب الله سبحانه و تعالى
(لا إكراه في الدين قد تبين الرشد من الغي ) البقرة: ٢٥٦
, ذلك أن الإسلام جاء لينير العقول و يحررها من الظلمات إلى
النور , و يريد الأستبداد أن يطمس هذا النور و أن يخيم الظلام
في العقول.
فإذا كان أمر الدين و الذي سيترتب عليه الخلود في جنة – نسأل
الله أن يرزقنا أياها – أو نار-نعوذ بالله منها- لا إكراه فيه ,
و قد تُرك هذا الأمر لإختيار الناس(و هدينه النجدين ) البلد: ١٠
فمن باب أولى أن لا يكون الإكراه فيما سواه من أمور ما لم يتعدى
الحرية الفكرية للأخرين.
إن أخطر ما في ظاهرة الأستبداد هي أننا لا نرى الأشياء على
حقيقتها و بالتالي فإننا لا نعطيها حقها الحقيقي , ولكن نرى
الأشياء بعيون غيرنا, فالقول ما قالوا , و الحكم ما حكموا ,
و الفهم ما فهموا و الرأي في النهاية رأيهم.
و لم يربي الإسلام أجياله على الأستبداد بل رباهم على الحرية
و علمهم القوة في الحق و علمهم أداب الأختلاف و أداب
المحاورة حين يختلف الرأي , و هذا يتجلى في حديث
رسول الله صلى الله عليه و سلم عندما جاءه من يقول
يا رسول الله : إني أصوم ولا أفطر , و قال الأخر إني لا أتزوج
النساء و قال ثالثهم إني أقوم و لا أنام , فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم
في أدب المعلم و حكمة المربي : أما أنا فأصوم و أفطر,
و أتزوج النساء ,و أقوم و أنام , فمن رغب عن سنتي فليس مني,
فهو يعلم أنهم ما فعلوا ذلك إلا طمعا في الأجر فأرشدهم
صلى الله عليه و سلم إلى الطريق الصحيح في تحصيل الأجر دون أن يُعنفهم.
و من مظاهر الحرية التي شرعها الإسلام و التي ترفض الأستبداد
الفكري هو الأمر بالمعروف ” بمعروف ” و النهي عن المنكر ”
بمعروف” , و قد قال عمر بن الخطاب ” من رأى منكم في
إعوجاجا فليقومني “.
و من مظاهر الحرية التي تنافي الأستبداد السمع و الطاعة فيما
لا معصية فيه , و قد قال النبي صلى الله عليه و سلم :
” السمع و الطاعة حق على المرء المسلم فيما أحب و كره مالم
يؤمر بمعصية , فإذا أُمر بمعصية فلا سمع و لا طاعة
” متفق عليه.
إن الإسلام نظام يقوم على الطاعة المبصرة الواعية الناصحة
بينما يقوم الأستبداد الفكري على الطاعة العمياء التي لا تبصر
و لا تنصح و تنفذ مكرهة أو غير مكرهة.
::خصائص المستبد فكريا :: (http://www.ataaalkhayer.com/)
و المستبد فكريا هو إنسان صاحب رؤية مشوهة قاصرة,
و يمكن أن تظهر خصائص الشخص المستبد فكريا بعدة أمور:

1- (http://www.ataaalkhayer.com/)التكبر: (http://www.ataaalkhayer.com/) يشعر المستبد فكريا أنه من يملك حق التفكير دون
سواه , و أنه ليس من حق أي شخص أخر أن يفكر مهما بلغ من
العلم و الحلم و الحكمة, و ينظر إلى من حوله على أنهم هم الذين
ينبغي عليهم السعي وراء تنفيذ أفكاره دون إبدأ الرأي أو أي
وجهة نظر قد تكون مخالفة لفكرته أو تضيف لها بعض المُكمِلات.

2- (http://www.ataaalkhayer.com/)الأستخفاف: (http://www.ataaalkhayer.com/) أيضا يستخف و يُحقر أي فكرة مهما كانت
صحيحة , فعين المُستَبدِ عين عمياء لا تُبصر بعين الحق
و إنما تُبصر بعين الهوى و ما تمليه النفس , و يزيد استخفاف
المُستَبد كلما زاد استعظام من حوله له و استحقارهم لذواتهم.

3- (http://www.ataaalkhayer.com/)الجبروت و العناد: (http://www.ataaalkhayer.com/) فهو لا يقبل المناقشة و يرفض الرأي
الأخر , و يعتقد إعتقادا جازما بصحة ما ذهب إليه , و هو على
إستعداد تام لأن يُلحق الأذى و الضرر بمن يقابله بفكرة مضادة
أو مُكَمِلةً لفكرته بأشكال قد تختلف مع مكانة المُستَبد فكريا.

4- (http://www.ataaalkhayer.com/)الفسق: (http://www.ataaalkhayer.com/) لا يتورع المستبد فكريا أن يقوم بأي عمل غير لائق
لإثبات صحة ما ذهب إليه كأن يكذب أو يُزور أو يُحرض … إلخ.

5- الفساد: (http://www.ataaalkhayer.com/) بعد ما ذكرنا من خصائص المستبد فكريا , فإن أرضية
المستبد فكريا تصبح أرضا خصبةً لتفسد و تتعدى الحدود
المشروعة من أجل أن يثبت أن فكرته مازالات فكرة صحيحة.

6- الضلال: (http://www.ataaalkhayer.com/) و هو النتيجة الحتمية للفكر الشخصاني ذو البعد
الفردي الذي لا يرى إلا في حدوده ضيقة, فالمستبد فكريا هو في
الحقيقة جاهل جهلا مركبا حيث أنه مخطئ , و أنه يظن نفسه
على الصواب وهو في الحقيقة مجانب للصواب.

7- (http://www.ataaalkhayer.com/)الضعف : (http://www.ataaalkhayer.com/)وفوق كل ما سبق فهو إنسان ضعيف يفتقد لكثير
من المهارات و يعاني من كثير من المشكلات ما يجعله غير قادرٍ
على أن يُظهر ما في فكرته من مواطن قوة , و أن يعترف
بمواطن الضعف أو القصور فيعمل على ترميمها بنفسه
أو يطلب المساعدة ممن هم أكثر منه خبرة و علما.

8- و هذه هي الخصائص البارزة و يلحق بها أيضا أمراض فتاكة
مثل مرض العُجب , و الأنانية , و الحسد , و البغض , و الكُرُه ,
و حب الأنتقام… إلخ
إن وجود صفة من هذه الصفات في شخص ما كفيل أن يجره إلى
باقي الصفات بالتتابع فيقع في دائرة المستبدين فكريا,
و في قراءة لصفحات التاريخ نجد أمثلة كثيرة للمستبدين فكريا
تجمعهم هذه الصفات و يجمعهم المآل , فهي صفات متلازمة
مترابطة تطلب كل واحدة منها الأخرى حتى تجتمع.
لذلك فإنه من الواجب أن نحترم الرأي الأخر و أن نعمل على
مقارعة الحُجة بالحُجة في حدود أداب الأختلاف ,
و أن نفهم قانون الأختلاف البشري حتى لا نقع شراك
الأستبداد الفكري.
و مازال للحديث صلة…