حور العين
03-08-2016, 12:59 PM
من: الأخت / الملكة نــور
الأمر بِالْبِرِّ
{ أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ }
[ البقرة : 44 ]
أن تأمر الناس بالبر قضيَّة لا تكلِّف شيئاً ، وسهلة جداً ،
لاحظ الناس إذا أصيب إنسان بمصيبة
كل من حوله يقولون له : بسيطة ، لا توجد مشكلة ، طوِّل بالك ،
سهل عليك أن تُصَبِّره ،
ولكن لو وقعت معك هذه المصيبة قد تفعل أكثر مما فعل ،
فالتصبير سهل ، والكلام سهل ،
أما أن تكون في مستوى كلامك هذا الشيء الذي يجعلك بطلاً .
{ أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنْسَوْنَ أَنْفُسَكُمْ وَأَنْتُمْ تَتْلُونَ الْكِتَابَ }
[ البقرة : 44 ]
يروى أن عالِماً جليلاً كان له تلميذ ، وهذا التلميذ له عبد ،
هذا العبد عندما رأى سيِّده يحترم شيخه احتراماً لا حدود له
رجاه أن يعطي إشارةً لتلميذه أن يُعْتِقه ،
فقال له الشيخ :
إن شاء الله أفعل هذا ،
مضى شهر ، وشهران ، وثلاثة أشهر
ولا توجد هناك أي حركة ،
من شدَّة ما رأى محبّة هذا التلميذ لشيخه ،
اعتقد العبد أن الشيخ لو أعطاه إشارة أن أعتق هذا العبد
يعتقه على الفور ، والشيخ وعده لكن لم يحصل شيء ،
ثم زاره مرَّةً ثانية وذكَّره
فقال له الشيخ :
إن شاء الله أفعل هذا ،
ولم يحدث شيء خلال أشهر ، ثم زاره مرَّةً ثالثة ،
وقد مضى على طلبه سنة ،
فقال له :
أفعل هذا إن شاء الله ،
بعد أيَّام استدعاه سيِده وأعتقه تنفيذاً لتوجيه شيخه ،
فلمَّا التقى العبد بالشيخ
قال له :
يا سيدي كلمةٌ منك تدعو سيدي إلى إعتاقي
فلماذا تأخَّرت كل هذه المدَّة ؟
قال له :
يا بني حمَّلتنا فوق ما نطيق ،
لقد وفَّرت من مصروف البيت مالاً أعتقت به عبداً ،
ثم أمرت سيدك أن يعتقك ،
أي أنا ما أمرته أن يعتقك إلا بعد أن كنت قدوةً له .
لو أن الدعاة لا يتكلَّمون كلمة واحدة إلا وطبَّقوها
لكنَّا في حالٍ آخر غير هذا الحال .
{ وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ }
[ البقرة : 45 ]
الإنسان المتفلِّت يُطلق بصره في الحرام ، ماله حرام ، عمله سيِّئ ،
فإذا وقف ليصلي تجد أنه محجوب عن الله عزَّ وجل ،
فصلاته حركات ليس لها معنى بالنسبة له ،
أحياناً تجد صلاة سريعة جداً غير معقولة إطلاقاً ،
فالصلاة السريعة أو الصلاة التي لا يوجد فيها خشوع سببها الحجاب ،
فإذا صلى الإنسان ولم يشعر بشيء ، قرأ القرآن ولـم يشعر بشيء ،
ذكر الله ولم يشعر بشيء ، فعنده مشكلة كبيرة جداً .
{ وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلَّا عَلَى الْخَاشِعِينَ }
[ البقرة : 45 ]
الصلاة كبيرة ، كبيرة على المنافق : كبيرة عليه ، يصعب عليه أن يصلي ،
قد يمضي ساعات طويلة في كلام فارغ أما أن يصلي التراويح
فهي صعبة عليه ، لا يحتمل ، أنا والله أعرف أناساً في التراويح
كأنهم في جنَّة ، في جنَّة من جنَّات القُرب ، واقف يستمع إلى القرآن الكريم
وكأن الله يحدِّثنا ،
قال : إن أردت أن تحدِّث الله فادعه ،
وإن أردت أن يحدِّثك الله فاقرأ القرآن ،
أنت حينما تقرأ القرآن أو تستمع إليه تشعر وكأن الله يحَدِّثك ،
فالتراويح فيها راحة للنفس ،
والفرق بين صلاة المنافق وصلاة المؤمن
أن صلاة المنافق أرحنا منها ،
والمؤمن أرحنا بها ،
هذا هو الفرق بين "من" وبين " الباء" ،
المنافق يقول : أرحنا منها ،
والمؤمن يقول : أرحنا بها .
{ الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُمْ مُلَاقُو رَبِّهِمْ }
[ البقرة : 46 ]
كل عمل يعمله يتصوَّر أنه واقفٌ بين يدي الله عزَّ وجل ،
لماذا فعلت كذا ؟
لماذا أعطيت ظلماً ؟
لماذا منعت ؟
لماذا غدرت ؟
لماذا كذبت ؟
لماذا احتلت ؟
لماذا اغتصبت هذا البيت ؟
لماذا لم تنصح فلاناً ؟
أما إذا كان كل يومه أخطاء ومعاصي وآثاماً
فأي صلاة هذه ؟!
نقول له : صل ، ولكن استقم من أجل أن تتصل بالله عزَّ وجل .
{ الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُمْ مُلَاقُو رَبِّهِمْ وَأَنَّهُمْ إِلَيْهِ رَاجِعُونَ }
[ البقرة : 46 ]
المفتاح الدقيق للآية أن تؤمن بالآخرة ،
أن تؤمن أنه لا بد أن تقف بين يدي الله عزَّ وجل
ليسألك :
لـماذا فعلت هذا ؟
دخلت زوجة سـيدنا عمر بن عبد العزيز عليه
وهو يبكي في مصلاَّه ،
فقالت له :
ما يبكيك ؟
قال لها :
دعيني وشأني
ألحَّت عليه
ما يبكيك ؟
فلمَّا ألحَّت عليه قال :
يا فلانة إني نـظرت إلى الفقير البائس ،
والشيخ الكبير ، وذي العـيال الكثير ، وابن الـسبيل ،
والمرأة الأرملة ، والشيخ الفاني
" ذكَّر أصنافاً من المعذَّبين في الأرض "
كل هؤلاء سيسألني الله عنهم جميعاً .
قال :
لو تعثَّرت بغلةٌ في العراق لحاسبني الله عنها :
لمَ لمْ تُصْلِح لها الطريق يا عمر ؟ ،
عمر حاسب نفسه على بغلة تعثَّرت في العراق ،
لِمَ لمْ يصلح لها الطريق .
{ يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ اذْكُرُوا نِعْمَتِيَ الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ
وَأَنِّي فَضَّلْتُكُمْ عَلَى الْعَالَمِينَ }
[ البقرة : 47 ]
ينطلق الأسلوب الحكيم في هذا القرآن الكريم من التنبيه
غير المباشر للمسلمين ، فالمسلمون وقد جاءهم كتابٌ من عند الله
معرَّضون لأمراضٍ كأمراض بني إسرائيل ،
فالمقصود من الحديث عن بني إسرائيل في القرآن الكريم
هو المسلمون لأنهم أهل كتابٍ مثل بني إسرائيل ،
ولأن الأمراض المُهلكة التي حلَّت ببني إسرائيل
يمكن أن تَحُلَّ بهم تماماً .
{ يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ اذْكُرُوا نِعْمَتِيَ الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ }
[ البقرة : 47 ]
قال بعض العلماء :
[ النعمة أن أوصاف نبينا عليه الصلاة والسلام
جاءت في كتبهم ليؤمنوا به ، وهذه نعمة ] .
تفسير الدكتور محمد راتب النابلسي
الأمر بِالْبِرِّ
{ أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ }
[ البقرة : 44 ]
أن تأمر الناس بالبر قضيَّة لا تكلِّف شيئاً ، وسهلة جداً ،
لاحظ الناس إذا أصيب إنسان بمصيبة
كل من حوله يقولون له : بسيطة ، لا توجد مشكلة ، طوِّل بالك ،
سهل عليك أن تُصَبِّره ،
ولكن لو وقعت معك هذه المصيبة قد تفعل أكثر مما فعل ،
فالتصبير سهل ، والكلام سهل ،
أما أن تكون في مستوى كلامك هذا الشيء الذي يجعلك بطلاً .
{ أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنْسَوْنَ أَنْفُسَكُمْ وَأَنْتُمْ تَتْلُونَ الْكِتَابَ }
[ البقرة : 44 ]
يروى أن عالِماً جليلاً كان له تلميذ ، وهذا التلميذ له عبد ،
هذا العبد عندما رأى سيِّده يحترم شيخه احتراماً لا حدود له
رجاه أن يعطي إشارةً لتلميذه أن يُعْتِقه ،
فقال له الشيخ :
إن شاء الله أفعل هذا ،
مضى شهر ، وشهران ، وثلاثة أشهر
ولا توجد هناك أي حركة ،
من شدَّة ما رأى محبّة هذا التلميذ لشيخه ،
اعتقد العبد أن الشيخ لو أعطاه إشارة أن أعتق هذا العبد
يعتقه على الفور ، والشيخ وعده لكن لم يحصل شيء ،
ثم زاره مرَّةً ثانية وذكَّره
فقال له الشيخ :
إن شاء الله أفعل هذا ،
ولم يحدث شيء خلال أشهر ، ثم زاره مرَّةً ثالثة ،
وقد مضى على طلبه سنة ،
فقال له :
أفعل هذا إن شاء الله ،
بعد أيَّام استدعاه سيِده وأعتقه تنفيذاً لتوجيه شيخه ،
فلمَّا التقى العبد بالشيخ
قال له :
يا سيدي كلمةٌ منك تدعو سيدي إلى إعتاقي
فلماذا تأخَّرت كل هذه المدَّة ؟
قال له :
يا بني حمَّلتنا فوق ما نطيق ،
لقد وفَّرت من مصروف البيت مالاً أعتقت به عبداً ،
ثم أمرت سيدك أن يعتقك ،
أي أنا ما أمرته أن يعتقك إلا بعد أن كنت قدوةً له .
لو أن الدعاة لا يتكلَّمون كلمة واحدة إلا وطبَّقوها
لكنَّا في حالٍ آخر غير هذا الحال .
{ وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ }
[ البقرة : 45 ]
الإنسان المتفلِّت يُطلق بصره في الحرام ، ماله حرام ، عمله سيِّئ ،
فإذا وقف ليصلي تجد أنه محجوب عن الله عزَّ وجل ،
فصلاته حركات ليس لها معنى بالنسبة له ،
أحياناً تجد صلاة سريعة جداً غير معقولة إطلاقاً ،
فالصلاة السريعة أو الصلاة التي لا يوجد فيها خشوع سببها الحجاب ،
فإذا صلى الإنسان ولم يشعر بشيء ، قرأ القرآن ولـم يشعر بشيء ،
ذكر الله ولم يشعر بشيء ، فعنده مشكلة كبيرة جداً .
{ وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلَّا عَلَى الْخَاشِعِينَ }
[ البقرة : 45 ]
الصلاة كبيرة ، كبيرة على المنافق : كبيرة عليه ، يصعب عليه أن يصلي ،
قد يمضي ساعات طويلة في كلام فارغ أما أن يصلي التراويح
فهي صعبة عليه ، لا يحتمل ، أنا والله أعرف أناساً في التراويح
كأنهم في جنَّة ، في جنَّة من جنَّات القُرب ، واقف يستمع إلى القرآن الكريم
وكأن الله يحدِّثنا ،
قال : إن أردت أن تحدِّث الله فادعه ،
وإن أردت أن يحدِّثك الله فاقرأ القرآن ،
أنت حينما تقرأ القرآن أو تستمع إليه تشعر وكأن الله يحَدِّثك ،
فالتراويح فيها راحة للنفس ،
والفرق بين صلاة المنافق وصلاة المؤمن
أن صلاة المنافق أرحنا منها ،
والمؤمن أرحنا بها ،
هذا هو الفرق بين "من" وبين " الباء" ،
المنافق يقول : أرحنا منها ،
والمؤمن يقول : أرحنا بها .
{ الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُمْ مُلَاقُو رَبِّهِمْ }
[ البقرة : 46 ]
كل عمل يعمله يتصوَّر أنه واقفٌ بين يدي الله عزَّ وجل ،
لماذا فعلت كذا ؟
لماذا أعطيت ظلماً ؟
لماذا منعت ؟
لماذا غدرت ؟
لماذا كذبت ؟
لماذا احتلت ؟
لماذا اغتصبت هذا البيت ؟
لماذا لم تنصح فلاناً ؟
أما إذا كان كل يومه أخطاء ومعاصي وآثاماً
فأي صلاة هذه ؟!
نقول له : صل ، ولكن استقم من أجل أن تتصل بالله عزَّ وجل .
{ الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُمْ مُلَاقُو رَبِّهِمْ وَأَنَّهُمْ إِلَيْهِ رَاجِعُونَ }
[ البقرة : 46 ]
المفتاح الدقيق للآية أن تؤمن بالآخرة ،
أن تؤمن أنه لا بد أن تقف بين يدي الله عزَّ وجل
ليسألك :
لـماذا فعلت هذا ؟
دخلت زوجة سـيدنا عمر بن عبد العزيز عليه
وهو يبكي في مصلاَّه ،
فقالت له :
ما يبكيك ؟
قال لها :
دعيني وشأني
ألحَّت عليه
ما يبكيك ؟
فلمَّا ألحَّت عليه قال :
يا فلانة إني نـظرت إلى الفقير البائس ،
والشيخ الكبير ، وذي العـيال الكثير ، وابن الـسبيل ،
والمرأة الأرملة ، والشيخ الفاني
" ذكَّر أصنافاً من المعذَّبين في الأرض "
كل هؤلاء سيسألني الله عنهم جميعاً .
قال :
لو تعثَّرت بغلةٌ في العراق لحاسبني الله عنها :
لمَ لمْ تُصْلِح لها الطريق يا عمر ؟ ،
عمر حاسب نفسه على بغلة تعثَّرت في العراق ،
لِمَ لمْ يصلح لها الطريق .
{ يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ اذْكُرُوا نِعْمَتِيَ الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ
وَأَنِّي فَضَّلْتُكُمْ عَلَى الْعَالَمِينَ }
[ البقرة : 47 ]
ينطلق الأسلوب الحكيم في هذا القرآن الكريم من التنبيه
غير المباشر للمسلمين ، فالمسلمون وقد جاءهم كتابٌ من عند الله
معرَّضون لأمراضٍ كأمراض بني إسرائيل ،
فالمقصود من الحديث عن بني إسرائيل في القرآن الكريم
هو المسلمون لأنهم أهل كتابٍ مثل بني إسرائيل ،
ولأن الأمراض المُهلكة التي حلَّت ببني إسرائيل
يمكن أن تَحُلَّ بهم تماماً .
{ يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ اذْكُرُوا نِعْمَتِيَ الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ }
[ البقرة : 47 ]
قال بعض العلماء :
[ النعمة أن أوصاف نبينا عليه الصلاة والسلام
جاءت في كتبهم ليؤمنوا به ، وهذه نعمة ] .
تفسير الدكتور محمد راتب النابلسي