المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : قِيَمُ القُرآن وَمفاهِيمه


حور العين
07-02-2016, 04:41 PM
من:الأخت الزميلة / جِنان الورد
قِيَمُ القُرآن وَمفاهِيمه

قال تعالي :

{ وليَس الذَّكرُ كالأُنثَى }
[ آل عمران : 36 ]

كيفَ يقلِب القُرآن التَّصورات , ويُعيد البُنيان الفِكري للبَشرية ؟!

كيفَ يجعلُ لحظة التَّحسّر ؛ ميداناً للمِنّة الإلهيّة ؟

كيفَ يرسمُ باقتدارٍ عَجيب , مَشهد امرأة آلِ عِمران ؛
وهيَ تُفاجَأ بالمولود .. وتَخشى أن لا تَكتمل الأُمنية ؛
و يُرَدُّ النَّذرُ إذْ كان القادمُ أُنثى !

{ فلمَّا وضَعَتها قالَت ربِّ إنّي وضَعتُها أنثى }
[ آل عمران : 36 ]

بِحَسرةٍ تقعُ في مَسامع الغَيب ؛
إذْ تتَخوّف أن لا تكونَ الأُنثى كَفافاً لِنَذرِها, وأنّى لها ذلك !

يفاجيء اللهُ امرأةَ عِمران بقولِه تعالى

{ والله أعلَم بما وَضَعَتْ }

ومَا حمَلت وما علِق في صَميم الطِّفلة مِن عَظائِم العَطايا

فقدْ كانَت مَريم عتَبة ميلادٍ ؛ لشريعةٍ جديدة ، ونبي مُعجزة

وكانَت مَحلّاً ؛ لمواهب الله العَليّة
ومَن قدَّم النيّة للهِ ؛ فليسَ عليهِ أن يتعقَّب أمر الله !

هُنا , يُوجِّه القُرآن في بيئةٍ عربيّة قاسِية في مَوروثاتِها ؛
المَعاني ويُعلنها

{ وَليْس الذَّكر كالأُنثَى }

ليسَ الذكرُ الذي كانَت تطلُبه هذهِ الصّالحة ، وتتخيّل كمالَه ؛
ليكونَ كواحدٍ من السَّدَنة كالأُنثى التي وُهِبتْ لها
فإنّ دائرةَ علمِها وأمنَيتها لا تكادُ تُحيط بما فيها من جَلائل الأُمور !

فالمَفضول ؛ هُو الذِّكر والفَاضل هُنا ؛ هي الأُنثى
وفيها من النَّفاسة ما يجَعلها سيّدة للجنّة في عالم الخُلود !

لقدْ كانت مَريم عَليها السَّلام مِنحةً إلهيّة ،
وإجابة الدُّعاء بما لا يَخطر على قلبِ بَشر !

{ وليسَ الذَّكر كالأُنثى }

حيثُ يوجّه القرآن تَصوّرات النّاس، وعاداتِهم، و مفاهيمِهم عن المَرأة
فيقولُ لهم ؛ أنّ الأُنثى المَوهوبة في مقامِ الله و عِلمه ؛
هي خيرٌ من الذِّكر المُتوقّع في عالم
كان ولا زالَ يتوارى حَياءً
{ من سوء ما بشر به } !

فسُبحان من رَفع مقامَ الأُنثى و صوّب تصوُّرات البَشريّة !

{ وليسَ الذَّكر كالأُنثى }

نداءٌ لإصلاحِ الموازين العقليّة ، والقِيَم الفكريّة ،
واحقاقٌ لمكانةِ الأُنثى
وتَثبيتٌ لمَفهومٍ واحد ؛ أنَّ القُرآن لا ينحازُ للذُّكورة
فتِلك قِيمة جاهليّة !

و لكنّهُ يعلِي شأن الرُّجولة ؛ وتِلك نَقلة عقلية !
وأنَّ الأُنثى ليسَت نُقطةَ ضعفٍ ؛ بل هِي بُؤرة ارتكازٍ للمُعجزة !
و مَا مَريم البَتول بكلِّ رِقيِّ أُنوثتها ,إلا أيْقونة الإِصطفاء الجَميل
فالتّفاضل ؛ إنَّما يكونُ بالخَارطة الدّاخلية لهذا الكائِن !

لقَد نَذرت امرأةُ عِمران { مَافي بطْنِها }
لبيت المَقدس وظنَّت أنّه لا يَصلُح لخدمَته الا الرّجال !

فَعلَّم اللهُ البشريّة مِن بَعدها ؛ أنَّ العَذراء في طُهرِها تسامَت حتّى بلَغت

{ فَنفَخنا فِيها من رُوحِنا } !

حمَلت الصَّبيّة في الحُضن الصّغيرِ نَبِيّاً نَطق بِحُبها

{ فَلا تَخافي وَلا تحْزَني و قَرّي عيناً }

ثم رد عنها السوء

{ وَبَرًّا بِوَالِدَتِي }
[ مريم : 32 ]

و أعلن البِشارة على صَدرِها

{ آتَانيَ الكتابَ وجَعلَني نَبِيّاً }

إلى قيامِ السّاعة !

يا مَريم ظلّت الرِّجال على الخُيول اللاهِثة ؛
تُحاول الَّلحاق ببعضِ بَركَتِك .. فمَا بلغَت .. إذْ قال اللهُ مُنذ أزلٍ :

{ وليْسَ الذَّكَر كالأُنثَى } !

د.كفاح أبو هنود