المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : شرح الدعاء من الكتاب والسنة (4)


حور العين
01-31-2019, 08:37 AM
من: الأخت/ الملكة نور

http://www.ataaalkhayer.com/up/download.php?img=9641

شرح الدعاء من الكتاب والسنة (4)


شرح ربَّنَا آمَنَّا بِمَا أَنزَلَتْ وَاتَّبَعْنَا الرَّسُولَ فَاكْتُبْنَا مَعَ الشَّاهِدِينَ



{ رَبَّنَا آمَنَّا بِمَا أَنزَلَتْ وَاتَّبَعْنَا الرَّسُولَ فَاكْتُبْنَا مَعَ الشَّاهِدِينَ } .



‏هذا الدعاء جاء ذكره في كتاب اللَّه العزيز تنويهاً بأهميّته ، و الحثّ

على العناية به في كتابٍ يُتلى إلى يوم القيامة ؛ لأنه جاء عن خلصاء

أصحاب عيسى ، و أصفيائه ، و أنصاره ، سمّاهم اللَّه تبارك و تعالى

(الحواريون) من صفائهم ، كالشيء الأبيض الخالص البياض ،

من شدة النقاء والصفاء .



‏فقد أخلصوا سرائرهم، وعلانيتهم، ونياتهم، فصاروا في أعلى درجات

النقاء في ظاهرهم و باطنهم .



‏قولهم : { رَبَّنَا آمَنَّا بِمَا أَنْزَلْتَ }

قدّموا توسّلهم بربوبيته تعالى؛ ( لأنّ الربوبية تدور على ثلاثة أشياء :

الخلق ، ‏والملك، والتدبير، ‏وإجابة الدعاء، داخل في هذه الثلاثة،

‏فلذلك كان كثيراً ما يتوسّل به الداعون من الأنبياء و المرسلين ،

و غيرهم من المؤمنين ، كما في الحديث الصحيح :

(يَمُدُّ يَدَيْهِ إِلَى السَّمَاءِ: يَا رَبِّ، يَا رَبِّ)



‏أي : يا ربّنا صدَّقنا بكتابك الذي أنزلته ( و هو الإنجيل ) ، وبكلّ ما أنزلته،

وهذا الإيمان الكامل الذي يتضمّن الإيمان بكلّ ما أنزل اللَّه تعالى

على أنبيائه من الكتب من قبلهم ، ومن بعدهم ، و في تقديم الإيمان باللَّه

( لأنّه هو أصل كلّ شيءٍ، و مقدّم على كل شيء ، و الإيمان باللَّه تعالى

يتضمّن أموراً: الأول : الإيمان بوجوده ، والإيمان بربوبيته ،

و الإيمان بألوهيّته ، و الإيمان بأسمائه ، و صفاته جلّ وعلا ) .



{ وَاتَّبَعْنَا الرَّسولَ }: أي امتثلنا بما أتى به ظاهراً وباطناً، وهذا هو ثمرة الإيمان ،

و الاتّباع ، والإذعان ، فجمعوا في دعائهم عدّة توسّلاتٍ عظيمة :

توسّلاً بربوبيته ، وبإيمانهم، وعملهم الصالح بين دعائهم ،

و طلبهم ، استمطاراً لسحائب الإجابة منه .

{فَاكْتُبْنَا مَعَ الشَّاهِدِينَ}: هذه الغاية عندهم بعد تقديمهم الوسيلة :

( فأثبت أسماءنا مع أسماء الذين شهدوا بالحق ، و أقروا لك بالتوحيد ،

و صدَّقوا رسلك ، و اتبعوا أمرك ونهيك ، فاجعلنا في عدادهم ومعهم،

فيما تكرمهم من كرامتك ، و أحلّنا محلّهم...) .



و يدخل في ذلك دخولاً أوليّاً أمتنا أمة الحق والوسط، وهذا إخبار ربّ العالمين،

{وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ} ؛

لأنها هي آخر الأمم .



قال شيخ المفسرين الطبري رحمه الله :

( يعرف خلقه – جل ثناؤه- بذلك سبيل الذين رضي أقوالهم و أفعالهم :

ليحتذوا طريقهم ، و يتبعوا منهاجهم ، فيصلوا إلى مثل الذي وصلوا

إليه من درجات كرامتهم )



تضمّن هذا الدعاء من الآداب والفوائد :



1- ( إنّ الإيمان لا بد له من اتباع .



2 - إنّه يجب أن يكون الإيمان شاملاً لكل ما أنزل اللَّه تعالى)



3 - ( إنّ إشهاد الإنسان على نفسه بالإيمان أو بالإسلام، وما أشبه ذلك

لا يعد من الرياء ، لا سيما في الاتباع؛ لأن في ذلك فائدة ، و هي تقوية المتبوع) .



4 - أهمية التوسل إلى اللَّه تبارك و تعالى بأكثر من وسيلة ،

فقد توسّل الأنبياء إلى اللَّه تعالى بوسيلتين عظيمتين :



أ ‌- الإيمان به .



ب ‌- و اتباع الرسول في قبول دعوتهم .



الحرص على صحبة الأخيار؛ لأن في ذلك الصلاح في الدنيا،

والفلاح في الآخرة، لقوله تعالى: { فَاكْتُبْنَا مَعَ الشَّاهِدِينَ }