المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : سلسلة أعمال القلوب (97)


حور العين
01-12-2020, 02:05 PM
من: الأخت الزميلة / جِنان الورد



http://www.ataaalkhayer.com/up/download.php?img=9641

سلسلة أعمال القلوب (97)







الخشوع في الكتاب والسنة:

تكرر الخشوع في كتاب الله عز وجل، وجاء في معان متعددة: منها الذل،

وسكون الجوارح، والخوف، والتواضع، وهذه أربعة معان، ويمكن أن يضاف

إليها معنى خامس: وهو الجمود واليبس:



فأما المعنى الأول: وهو مجيء الخشوع بمعنى الذل: فكما قال الله عز وجل:



{ وَخَشَعَتِ الْأَصْوَاتُ لِلرَّحْمَنِ فَلَا تَسْمَعُ إِلَّا هَمْسًا[108]}

[سورة طه]



أي: ذلت، ويقول الله تعالى:



{ لَوْ أَنْزَلْنَا هَذَا الْقُرْءَانَ عَلَى جَبَلٍ لَرَأَيْتَهُ خَاشِعًا[21]}

[سورة الحشر] أي: ذليل، وقال:



{ وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ خَاشِعَةٌ[2]}

[سورة الغاشية] .



وأما الخشوع بمعنى سكون الجوارح: فكما قال الله عز وجل:



{ الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ[2]}

[سورة المؤمنون] .



قال الحسن:' كان خشوعهم في قلوبهم، فغضوا بذلك أبصارهم،

وخفضوا لذلك الجناح' .



وقال مجاهد رضي الله عنه:' هو السكون' .



وجاء عن ابن عمر رضي الله عنه:' إذا قاموا في الصلاة أقبلوا على

صلاتهم، وخفضوا أبصارهم إلى موضع سجودهم، وعلموا أن الله يقبل

عليهم فلا يلتفتون يمينًا وشمالًا' .



وقال ابن عباس في تفسيرها: ' أي خائفون ساكنون ' وبه قال طائفة من

السلف كمجاهد، والحسن، وقتادة، والزهري، وإبراهيم النخعي .



وجاء عن سعيد بن جبير رحمه الله قال: ' يعني متواضعين، لا يعرف من

عن يمينه، ولا من عن شماله، ولا يلتفت من الخشوع لله عز وجل '.

هذا معنى من قام لله خاشعًا:



{ الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ[2]}

[سورة المؤمنون]

فهو ساكن الجوارح، منكسر القلب لا يرفع بصره، ولا ينظر عن يمينه

ولاعن شماله . وقد ذكر شيخ الإسلام في عدد من كتبه هذه المعاني

[السابق 7/28-30، 22/ 553-557] وذكر غيرها



كقول الضحاك:'الخشوع هو الرهبة لله عز وجل' أي:

هذا الخشوع الذي ذكره الله جل جلاله.



ونقل عن أبي سنان أنه قال في هذه الآية:' الخشوع في القلب، وأن يلين

كنفه للمرء المسلم، وألا تلتفت في صلاتك'. ونقل عن قتادة قال:

'الخشوع في القلب، والخوف، وغض البصر في الصلاة ]

وقد قال شيخ الإسلام رحمه الله في معنى :



{الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ[2]}

[سورة المؤمنون].



يقول:' ومنه خشوع البصر وخفضه وسكونه، يعني أنه مضاد لتقليبه

في الجهات، كقوله تعالى:



{ فَتَوَلَّ عَنْهُمْ يَوْمَ يَدْعُ الدَّاعِ إِلَى شَيْءٍ نُكُرٍ[6]

خُشَّعًا أَبْصَارُهُمْ يَخْرُجُونَ مِنَ الْأَجْدَاثِ كَأَنَّهُمْ جَرَادٌ مُنْتَشِرٌ[7]

مُهْطِعِينَ إِلَى الدَّاعِ يَقُولُ الْكَافِرُونَ هَذَا يَوْمٌ عَسِرٌ[8]}

[سورة القمر] .



{ خُشَّعًا أَبْصَارُهُمْ }

أي: أنها ساكنة ذليلة، ثم ذكر الآية الأخرى وهي قوله تعالى:



{ يَوْمَ يَخْرُجُونَ مِنَ الْأَجْدَاثِ سِرَاعًا كَأَنَّهُمْ إِلَى نُصُبٍ يُوفِضُونَ[43]

خَاشِعَةً أَبْصَارُهُمْ تَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ ذَلِكَ الْيَوْمُ الَّذِي كَانُوا يُوعَدُونَ[44]}

[سورة المعارج]



وفي القراءة الأخرى:

{خُشَّعًا أَبْصَارُهُمْ}

يقول:'وفي هاتين الآيتين وصف أجسادهم بالحركة السريعة، حيث لم يصف

بالخشوع إلا أبصارهم، بخلاف آية الصلاة وهي:



{الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ[2]}

[سورة المؤمنون].



فإنه وصف بالخشوع جملة المصلين –يعنى البصر والبدن – وصفهم بكليتهم

أنهم حققوا الخشوع فقال:



{الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ}

وقال:



{وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلَّا عَلَى الْخَاشِعِينَ[45]}

[سورة البقرة] .



لم يقل إلا على الخاشعين في أبصارهم بينما في المحشر قال:

{خُشَّعًا أَبْصَارُهُمْ...[7]}

[سورة القمر] .

مع أنهم يسرعون في مشيتهم، ويقول شيخ الإسلام:'ومن ذلك خشوع

الأصوات كقولة:



{ وَخَشَعَتِ الْأَصْوَاتُ لِلرَّحْمَنِ...[108]} [سورة طه]

وهو انخفاضها وسكونها' أ. هـ بتصرف .



ومما يدخل في هذا المعنى- وهو الثاني: السكون- قوله تعالى:



{وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ[238]}

[سورة البقرة]



حيث قال مجاهد:'من القنوت: الركون والخشوع وغض البصر،

وخفض الصوت، والرهبة لله ' .



والمعنى الثالث من معاني الخشوع في القرآن: الخوف: كما قال

قتادة:'الخشوع في القلب: هو الخوف، وغض البصر في الصلاة'

كما قال الله عز وجل:



{ وَيَدْعُونَنَا رَغَبًا وَرَهَبًا وَكَانُوا لَنَا خَاشِعِينَ[90] }

[سورة الأنبياء]



قال الحسن:'هو الخوف الدائم في القلب' . وقال تعالى:

{وَتَرَاهُمْ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا خَاشِعِينَ مِنَ الذُّلِّ يَنْظُرُونَ مِنْ طَرْفٍ خَفِيٍّ ...[45]}

[سورة الشورى] .



وقال الله تعالى:

{أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ ءَامَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ وَمَا نَزَلَ مِنَ الْحَقِّ[16]}

[سورة الحديد].



والمعنى الرابع في القرآن: هو التواضع: ومن ذلك قولة تعالى:



{ وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلَّا عَلَى الْخَاشِعِينَ[45]{

[سورة البقرة] . وقال:



{ وَإِنَّ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَمَنْ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ

وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِمْ خَاشِعِينَ لِلَّهِ ...[199]}

[سورة آل عمران] .



وقال:



{ وَيَخِرُّونَ لِلْأَذْقَانِ يَبْكُونَ وَيَزِيدُهُمْ خُشُوعًا[109]}

[سورة الإسراء] . وقال:



{ إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَالْقَانِتِينَ

وَالْقَانِتَاتِ وَالصَّادِقِينَ وَالصَّادِقَاتِ وَالصَّابِرِينَ وَالصَّابِرَاتِ

وَالْخَاشِعِينَ وَالْخَاشِعَاتِ...[35]}

[سورة الأحزاب] .



وكذا قوله:

{ سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ...[92]} [سورة الفتح] .

قال مجاهد:'هو الخشوع والتواضع'.



والمعنى الخامس: هو اليبس والجمود: كما في قوله تبارك وتعالى:

{ وَمِنْ ءَايَاتِهِ أَنَّكَ تَرَى الْأَرْضَ خَاشِعَةً...[39]}

[سورة فصلت] يعني: هامدة يابسة لا نبات فيها .