المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : يغيّر الله من حالٍ إلى حالِ


حور العين
12-26-2025, 02:59 PM
من : الأخت / الملكة نور
يغيّر الله من حالٍ إلى حالِ


روى البخاري ومسلم في صحيحهما عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه، قال: "كُنَّا مَعَ النَّبِيِّ ﷺ فِي سَفَرٍ،
فَجَعَلَ النَّاسُ يَجْهَرُونَ بالتَّكْبِيرِ، فَقَالَ النَّبِيُّ ﷺ: (أَيُّهَا النَّاسُ! ارْبَعُوا عَلَى أَنْفُسِكُمْ، فَإِنَّكُمْ لاَ تَدْعُونَ أَصَمَّ وَلاَ غَائِبًا،
وَلَكِنْ تَدْعُونَ سَمِيعًا بَصِيرًا)، ثُمَّ أَتَى عَلَيَّ وَأَنَا أَقُولُ فِي نَفْسِي: "لا حَوْلَ وَلا قُوَّةَ إِلَّا بِالله"، فَقَالَ:
(يَا عَبْدَ اللَّهِ بْنَ قَيْسٍ! أَلاَ أَدُلُّكَ عَلَى كَلِمَةٍ هِيَ كَنْزٌ مِنْ كُنُوزِ الجَنَّةِ؟) قلت: بلى يا رسول الله. قال: (لا حَوْلَ وَلا قُوَّةَ إِلَّا بِاللهِ).
قال ابن بطال: "ومعنى (لا حول ولا قوة إلا بالله): لا حول عن معاصي الله إلا بعصمة الله، ولا قوة على طاعة الله إلا بالله".
وقال ابن رجب: "وهذا تحقيقُ معنى قول: (لا حول ولا قُوَّةَ إلا بالله)، فإنَّ المعنى: لا تَحوُّلَ للعبد مِنْ حال إلى حال،
ولا قُوَّة له على ذلك إلا بالله، وهذه كلمةٌ عظيمةٌ، وهي كنز من كنوز الجنة، فالعبدُ محتاجٌ إلى الاستعانة بالله
في فعل المأمورات، وترك المحظورات، والصبر على المقدورات كلِّها في الدنيا وعندَ الموت وبعده من أهوال
البرزخ ويوم القيامة، ولا يقدر على الإعانة على ذلك إلا الله -عز وجل-، فمن حقق الاستعانة عليه في ذلك كله أعانه".
وقال شيخ الإسلام: "فَلَفْظُ الْحَوْلِ يَتَنَاوَلُ كُلَّ تَحَوُّلٍ مِنْ حَالٍ إلَى حَالٍ، وَالْقُوَّةُ هِيَ الْقُدْرَةُ عَلَى ذَلِكَ التَّحَوُّلِ؛
فَدَلَّتْ هَذِهِ الْكَلِمَةُ الْعَظِيمَةُ عَلَى أَنَّهُ لَيْسَ لِلْعَالَمِ الْعُلْوِيِّ وَالسُّفْلِيِّ حَرَكَةٌ وَتَحَوُّلٌ مِنْ حَالٍ إلَى حَالٍ وَلَا قُدْرَةَ عَلَى ذَلِكَ إلَّا بِاَللَّهِ ".
وقال ابن عثيمين: "الحول، قيل معناه: التحول من حال إلى حال؛ يعني: لا تتحول الأحوال من حال إلى حال إلا بالله،
ولا يستطيع أحد أن يحول الرخاء إلى شدة والشدة إلى رخاء إلا الله عز وجل، فيكون "حول" بمعنى:
تحول أو بمعنى تحويل، تحول إذا كان التحول بذات الشيء، تحويل إذا كان بفعل فاعل. وقوله: "ولا قوة"
أي: لا قوة على هذا التحول إلا بالله عز وجل، يعني: لا أحد يقوى على تحويل شيء إلى شيء
أو التحول من شيء إلى شيء إلا بالله عز وجل. وعلى هذا فيكون معنى هذه الجملة العظيمة التبرؤ
من الحول والقوة، وتفويض ذلك إلى الله عز وجل وحده".