بيت عطاء الخير الاسلامي

بيت عطاء الخير الاسلامي (http://www.ataaalkhayer.com/index.php)
-   الرسائل اليومية لبيت عطاء الخير (http://www.ataaalkhayer.com/forumdisplay.php?f=20)
-   -   أسماء الله الحسنى ( 02 - 02 ) (http://www.ataaalkhayer.com/showthread.php?t=11571)

بنت الاسلام 06-17-2013 06:53 PM

أسماء الله الحسنى ( 02 - 02 )
 
الأخت / بنت الحرمين الشريفين


العقيدة الإسلامية


أسمـــــــــاء الله الحسنى
أسم الله الحفيظ
) الجزء الثاني )
لفضيلة الدكتور محمد راتب النابلسي
بتاريخ: 2008-03-31
الدرس (074-100)
الحمد لله رب العالمين ،
والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين اللهم
أخرجنا من ظلمات الجهل والوهم إلى أنوار المعرفة والعلم ، ومن
وحول الشهوات إلى جنات القربات .
من أسماء الله الحسنى :
( الحفيظ ) :
أيها الأخوة الكرام ، لازلنا مع اسم " الحفيظ " .
والحقيقة الدقيقة أن أكبر أسباب حفظ الله للمؤمن أن يكون
المؤمن مع الله .
كن مع الله ترَ الله معـك واترك الكل وحاذر طمعك
وإذا أعطاك من يمنـعه ثم من يعطي إذا ما منعـك
أكبر خصائص الإيمان أن الله مع المؤمن :
أيها الأخوة ، في القرآن الكريم معيتان :
معية عامة، ومعية خاصة .
الله عز وجل مع كل الخلق ، مع المؤمن ، ومع الكافر ، ومع
الملحد ، ومع الفاسق ، ومع الفاجر ، ومع الطائع .
الآن حفظ الشيء صيانته من التلف والضياع ، ويستعمل الحفظ
في العلم على معنى الضبط ، وعدم النسيان ، أو تعاهد الشيء
وقلة الغفلة عنه ، رجل حافظ ، وقوم حفاظ هم الذين رزقوا حفظ
ما سمعوا وقلّما ينسون شيئاً .
} وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ {
( سورة الحديد الآية : 4 )
أي معكم بعلمه، هذه معية عامة لكل الخلق، مع كل مخلوق، مع
كل كائن، مع كل شيء،لكن المعول عليه هو المعية الخاصة
فإذا قال الله عز وجل :
} وَأَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُؤْمِنِينَ {
} إن الله مع الصادقين {
} أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ{
هذه المعية الخاصة المعول عليها، أي أن الله مع المؤمن يحفظه،
أي أن الله مع المؤمن يوفقه، أي أن اللهمع المؤمن ينصره ، أي
أن الله مع المؤمن يؤيده ، فأحد أكبر خصائص الإيمان أن الله مع
المؤمن .
المعية الخاصة أحد أكبر أسباب حفظ الله عز وجل للمؤمن :
الحقيقة التي أُرددها كثيراً :
إذا كان الله معك فمن عليك ؟ وإذا كان عليك فمن معك ؟
إذا كان الله معك من يستطيع في الكون أن ينال منك ، وإذا كان
عليك فمن معك ؟
لو أنك تملك كل شيء فإن الله سبحانه وتعالى يلقي البغضاء في
قلوب الخلق .
أيها الأخوة ، المعول عليه المعية الخاصة ، لأن حفظ الله لك أحد
أكبر أسبابه المعية الخاصة ، إلا أن الحقيقة الدقيقة هي أن معية
الله الخاصة التي يعول عليها لها ثمن .
أن تطمع بعطاء كبير بلا ثمن ، من السذاجة ، الله عز وجل
لا يحابي خلقه أبداً هناك قواعد دقيقة ، فكلما كان المؤمن أكثر
وعياً يطبق هذه القواعد لينال هذه النتائج .
إذاً المعية الخاصة هي المعية المعول عليها في الحفظ ،
الله عز وجل يحفظك إذا كنت معه ، وإذا كنت معه كان معك .
من اصطلح مع الله ألقى الله في قلبه الأمن و السعادة و الطمأنينة
أيها الأخوة ، أحد أكبر أسباب التوجيه إلى الدين ، ما الذي يربطك
بالدين ؟ لماذا أنت تقبل على رب العالمين ؟ لماذا تحرص على
طاعة الله ؟.
سؤال :
قد يقول قائل إن أفكار الدين هي التي تشدني إليه ، هذا الكلام
صحيح إلى حدٍّ ما ، أفكار الدين رائعة ، الدين قدم لك تفسيراً
عميقاً ، دقيقاً ، متناسقاً ، للكون والحياة والإنسان ، أعطاك
التفسير الجامع المانع ، أعطاك التفسير الذي لم يظهر في
المستقبل ما ينقضه ، فالمؤمن يتمتع بما يسمى بالأمن العقدي ،
هناك حقائق صارخة ، ودقيقة للكون والحياة والإنسان .
} فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلَا يَضِلُّ وَلَا يَشْقَى {
( سورة طه )
} فَمَنْ تَبِعَ هُدَايَ فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ {
( سورة البقرة )
الدين قدم لك تفسيراً علمياً ، فلسفياً ، صحيحاً ، عميقاً ، دقيقاً
للحياة ، للكون للإنسان ، ولكن الذي يشدك إلى الدين معاملة الله
لك ، معاملة الله لك المتميزة حينما تصطلح معه ، وحينما تنيب
إليه ، وحينما تقبل عليه ، وحينما تؤثر طاعته على كل شيء ،
المعاملة المتميزة التي تشدك للدين هي أهم ما في السلوك إلى الله
عز وجل ، تشعر أن الله معك ، تشعر أن الله يؤيدك ، تشعر أن الله
يحفظك ، أن الله يلهمك الصواب ، أن الله يلقي في قلبك الأمن ،
أن الله يلقي في قلبك السعادة ، كل هذه المشاعر ، وهذه
التوفيقات ، وهذه التكريمات بسبب صلحك مع الله .

بنت الاسلام 06-17-2013 06:55 PM

المعاملة المتميزة التي تشد الإنسان للدين هي أهم ما في السلوك
إلى الله عز وجل :
الحقيقة الدقيقة أن الذي يشدك إلى الدين فضلاً عن أنه قدم لك
تفسيراً عميقاً دقيقاً ، متناسقاً للكون ، والحياة ، والإنسان ،
أن الذي يشدك إلى الدين معاملة الله لك .
لذلك هذا معنى قول النبي صلى الله عليه وسلم فيما يرويه عن
ربه :
( أنا عندَ ظنِّ عبدي بي ، وأنا معه إذا ذكَرَنِي ، فإن ذَكَرَنِي في
نفسِه ذكرتُه في نفسي ، وإن ذكَرَنِي في ملأٍ ذكرتُه في ملأٍ خيرٌ
منهم ، وإن تقرَّبَ إليَّ شبرًا تقرَّبتُ إليه ذراعًا ، وإن تقرَّبَ إليَّ
ذراعًا تقرَّبتُ إليه باعًا ، وإن أتاني يمشي أتيتُه هرْولةً )
[ أخرجه البخاري ومسلم والترمذي عن أبي هريرة ]
لمجرد أن تتخذ قراراً بالصلح مع الله ، بالإقبال على الله ، بطاعة
الله ، بتقديم ما تملك في سبيل الله ترى معاملة تفوق حدّ الخيال .
لذلك هنيئاً لمن عرف الله ، هنيئاً لمن عامله ، هنيئاً لمن خطب
وده ، حفظ الله لك أحد نتائج الإقبال على الله ،
الله عز وجل حفيظ ، ويحفظ المؤمن من كل مكروه ، من كل شيء
مؤلم ، من كل خطر .
} فَإِنَّكَ بِأَعْيُنِنَا {
( سورة الطور الآية : 48 )
هذه الآية فيما يبدو موجهة للنبي عليه الصلاة والسلام ، ولكن
العلماء قالوا :
آية موجهة إلى النبي عليه الصلاة والسلام هي في الحقيقية
موجهة لكل مؤمن بقدر إيمانه وإخلاصه واستقامته .
أحد أكبر نتائج الإيمان أن الله مع الإنسان يحفظه و يسدد خطاه :
أيها الأخوة ، أنت متى تحافظ على استقامتك ؟
أنت متى تسعى للحفاظ على ما أنت فيه ؟ حينما تصل من خلال
الدين إلى شيء ثمين ، الذي وصل من خلال الدين إلى شيء ثمين
ذاق طعم القرب ، ذاق طعم الحب ، ذاق طعم الإقبال على الله ، ذاق
طعم أن يكون الله معك ، هذه النتائج الباهرة التي يحصها الإنسان
هي التي تحمله على طاعة الله .
إنسان دُعي إلى طعام ، وجلس على الطاولة ، لكنه لم يأكل لسبب
أو لآخر، فإذا دُعي ثانية زهد في هذا الطعام ، لأنه ما أكله ، وما
ذاقه ، أما إذا ذاق الطعام النفيس الذي قُدم له ، إذا دُعي ثانية
يسارع إلى تلبية الدعوة .
فالإنسان حينما يصلي صلاة شكلية ، وحينما يصوم صياماً شكلياً،
وحينما يؤدي العبادات أداء شكلياً لأنه ليس مستقيماً على أمر الله،
يزهد في الدين ، لا يبالي أصلى أم لم يصلِ ، لا يبالي أأطاع الله
أم لم يطعه ، لأنه محجوب بالمعاصي ، محجوب بالعيوب ،
محجوب بالذنوب ، أما إذا أخلص الصدق مع الله ، أما إذا أطاع
الله ، أما إذا أقبل على الله يصل إلى نتائج ، عندئذٍ يحافظ عليها ،
يحافظ عليها فيحفظه الله ، لابدّ من أن تقدم شيئاً ، أن يتوهم
الإنسان أنه بإمكانه أن يأخذ كل شيء ، من دون أن يقدم شيئاً ،
هذا سذاجة في الإنسان وغباء فيه ، لابد من أن تقدم شيئاً ، هذا
الذي تقدمه طاعة الله عز وجل .
} وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً {
( سورة الأحزاب )
أنت متى تحافظ على ما أنت فيه ؟
إذا وصلت إلى شيء نفيس أحد أكبر نتائج الإيمان أن الله معك ،
أن الله قريب منك ، أن الله يحفظك ، أن الله يؤيدك ، أن الله يسعدك
أن الله يسدد خطاك .
بطولة الإنسان لا أن يصل إلى القمة بل أن يبقى فيها :
الآن أيها الأخوة ، كلكم يعلم أن بلوغ القمة شيء يحتاج إلى جهد
كبير، لكن البطولة لا أن تصل إلى القمة أن تبقى فيها ، أناس
كثيرون في ساعة من ساعات الإقبال على الله يتألقون ، ثم لا
يتابعون سيرهم إلى الله ، عندئذٍ يتراجعون ، هذا الوضع الذي
يتكرر أحياناً يقبل ثم يدبر ، يتألق ثم يخبو ، يتحرك ثم يسكن ،
هذا الوضع لا يرضي الله عز وجل .
( أحبَّ الأعمال إلى الله أدْوَمُها وإنْ قلَّ )
[ أخرجه البخاري ومسلم وأبو داود والترمذي والنسائي ومالك
عن عائشة أم المؤمنين ]
فلذلك دقق في هذه الكلمة :
ليست البطولة أن تصل إلى القمة ، البطولة أن تبقى فيها ،
أنت حينما تحافظ على هذه الصلة من أن تنقطع ، أنت حينما
تحافظ على هذا التوثيق من أن ينقطع ، أنت حينما تحافظ على هذا
التأييد من أن يلغى تكون قد بلغت القمة وحافظت عليها .
أسباب حفظ الله للإنسان هي طاعته والتوكل عليه والاستقامة
على أمره والإخلاص له :
أيها الأخوة ، نحن في عالم الدنيا إنسان أحياناً يصل إلى منصب
رفيع ، يبذل جهداً كبيراً للحفاظ عليه ، حينما يصل إلى دخل كبير
يبذل جهداً كبيراً للحفاظ عليه ، هذا شيء من طبيعة الإنسان ،
ولكن الحقيقة الدقيقة في هذا اللقاء الطيب أنك لن تحافظ على ما
أنت فيه لأسباب أرضية ، بل لأسباب علوية ،
كيف ؟
إنسان معه أموال طائلة ، يضع الأقفال ، يوثق ، يسجل ، يقدم كل
سبب للحفاظ على هذا المال لكن إن لم يكن مستقيماً على أمر الله ،
الله عز وجل يحبط له كل هذه المساعي ،
وكنت أقول دائماً :
الله عز وجل لا يجدي معه أن تكون معه ذكياً ، يؤتى الحذر من
مأمنه ، يحفظك لا بأسباب أرضية ، بل بأسباب علوية ، أنت حينما
تكون مستقيماً يحفظك ، أنت ينبغي أن تأخذ بالأسباب ولكن حفظ
الله عز وجل لا يكون بالأخذ بالأسباب وحدها ، لابدّ من أن تأخذ
بأسباب أرادها الله عز وجل أن تأخذ بها .
أنت حينما تستقيم ، حينما تتوكل ، حينما لا تسمح لدخلك أن يكون
فيه شبهة ، حينما تصل إلى مكاسب كبيرة ، عندئذٍ تسعى للحفاظ
عليها لا بأسباب أرضية فقط ، بل بأسباب علوية هي طاعة الله ،
والتوكل عليه ، والاستقامة على أمره ، والإخلاص له .
امتحان الله عز وجل للإنسان من أصعب الامتحانات :
أيها الأخوة، الله عز وجل يقول :
} وَإِنْ كُنَّا لَمُبْتَلِينَ {
( سورة المؤمنون )
يعني الله عز وجل يمتحن الإنسان، من أصعب الامتحانات، أحياناً
تغلق أمام الإنسان كل الأبواب المشروعة ، يفتح له باباً غير
مشروع ، ضعيف النفس يقول :
ماذا أفعل ؟ أنا مضطر ، طرق كسب الحلال مغلقة ، في طريق
سهل للكسب الحرام ، هنا الامتحان الصعب ، فحينما ترى أن
الأبواب كلها موصدة أمامك ، و هناك باب واحد لا يرضي الله
مفتوح على مصراعيه اعلم أنك أمام امتحان صعب ، ينبغي أن
تنجح فيه ، كيف تنجح ؟
تقرأ قوله تعالى :
} وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً {
( سورة الطلاق )
والله أيها الأخوة ، لو لم يكن في القرآن الكريم إلا هذه الآية لكفت،
} وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً {
كن عن همومك معرضا وكلِ الهموم إلى القضا
وابشر بخــير عاجل تنسى به ما قـد مضى
فلرب أمـر مسخــط لك في عواقبه رضــا
* * *
ولربما ضاق المضيق ولربما اتسع الـفضــا
الله يفــعل ما يشاء فلا تـــــــــكن معترضا
الله عودك الــجميل فقس على ما قــــــــد مضى
* * *
} وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً {

بنت الاسلام 06-17-2013 06:56 PM

المؤمن الصادق لو أن كل أبواب الحلال مغلقة باب الحرام مفتوح
يقول :
} مَعَاذَ اللَّهِ {
( سورة يوسف الآية: 23 )
} إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ {
( سورة الحشر )
فحينما يعلم الله منه هذا الورع ، وهذا الحرص على طاعة الله ،
يفتح له الأبواب المشروعة على مصارعها ،أنا أقول أي إنسان
يعاني من ضائقة ، من ضائقة مادية ، من مشكلة صحية ، من
مشكلة اجتماعية ، من مشكلة في العمل ، من مشكلة في البيت ،
عليه بهذه الآية :
} وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً {
وزوال الكون أهون على الله من ألا يحقق وعوده للمؤمنين .
قانون العناية الإلهية يحمي الإنسان من المشكلات و ينال رضوان
الله :
أيها الأخوة ، كل بلد له خصوصية ، كل مجتمع له خصوصية ،
الخصوصية يعني من حركة الحياة تستنبط حقائق ، قد تكون غير
مشروعة ، أي بلد له خصوصية ، أو بتعبير آخر له تركيبة
خاصة ، فمن حركة الحياة تستنبط قواعد ، هذه القواعد إن فعلت
كذا ، إن لم تفعل كذا ، غضب الناس عليك ، وإذا غضب الناس
عليك أتعبوك ، هذه القواعد في معظمها قد تكون غير صحيحة ،
وتتناقض مع منهج الله عز وجل .
الآن دققوا :
لما إنسان يواجه مشكلة فإذا أراد حلّها وفق القواعد المستنبطة
من حركة الحياة قد لا ينجح عند الله ، قد يسقط ، أما إذا طبق
منهج الله ، ولم يعبأ بهذه القواعد هناك حكمة بالغة بالغة يخضعه
الله لقانون لا يعلمه ، هذا القانون هو قانون العناية الإلهية فينجو
من هذه المشكلات ، وينال رضوان الله عز وجل .
أحياناً تجد إنساناً يقول يجب أن أفعل هذا حتى أنجو ، هذا الفعل لا
يرضي الله عز وجل ، فالذي لا يعبأ بمنهج الله ، يطبق القواعد
المستنبطة من حركة الحياة ، ظناً منه أنها تنجيه هي لا تنجيه ،
لكن حينما يصر على طاعة الله ، يصر على منهج الله ، أحياناً
طبيعة الحياة تقتضي أن تفعل كذا ، من أجل أن تنجو ، من أجل أن
تسلم ، من أجل أن يقوى مركزك ، وقد يكون هذا الفعل لا يرضي
الله ، فالمؤمن من حرصه على طاعة الله ، وحرصه على إرضائه،
لا ينفذ هذه القاعدة ، فيبدو أنه دمر نفسه ، لكن الله سبحانه
وتعالى يخضعه لقانون لا يعرفه هو قانون العناية الإلهية فيزداد
مركزه قوة .
فلذلك :
إن الله يمنعك من يزيد ، ولكن يزيد لا يمنعك من الل ه.
هذه حقيقة مهمة جداً .
ما ترك عبد شيئاً لله إلا عوضه الله خيراً منه في دينه ودنياه :
من هنا أقول مرة ثانية :
كن مع الله تـــــرى الله واترك الكل وحاذر طمعك
وإذا أعطاك من يمنعه ثـم من يعطي إذا ما منعك
* * *
الحقيقة التي لابدّ منها في موضوع الحفظ :
الله متى يحفظك ؟ ورد في بعض الأحاديث أنه :
( ما ترَك عبدٌ شيئًا لا يترُكُه إلَّا للَّهِ إلَّا عوَّضَه اللَّهُ منهُ ما هوَ خيرٌ
لهُ في دينِه ودنياهُ )
[ حديث حسن ]
هذه القاعدة قاعدة ذهبية كما يقولون ، قانون .
تركت هذا المنصب لله ، تركت هذه الصفقة الكبيرة لأن فيها
شبهة ، تركت هذا المكسب الكبير لأنه فيه شبهة ، تركت هذا
العمل لأن الله لا يرضى عنه .
أنا أتكلم الآن عن أسباب حفظ الله لك ، الله " الحفيظ " متى
يحفظك ؟ حينما تدع شيئاً لله ، في صفقة كبيرة أرباحها طائلة ،
لكن البضاعة محرمة ، أو طريقة التعامل محرمة
فيقول المؤمن :
} مَعَاذَ اللَّهِ {
} إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ {
يركلها بقدمه ، فالله عز وجل يكافئه على هذا الموقف البطولي
بعطاء كبير في الدنيا قبل الآخرة .
أروي قصة :
هناك فلاح أُعطي عشرون دنم من أراضي إنسان أُخذت منه
غصباً بسبب أو بآخر ، هذا الفلاح له شيخ ، سعى إليه والفرحة
تملأ نفسه ، عاش كل عمره فقيراً الآن أصبح يملك عشرين دنم ،
أرض زراعية ، كاد يطير فرحاً ،
فشيخه قال :
يا بني هذا المال مغتصب ، ولا يجوز أن تأخذه ، كل هذا التألق ،
وهذا الفرح انطفأ ،
قال له :
هذا مال حرام لا تأخذه ، فلما رآه قد علته الكآبة ،
قال له :
يا بني اذهب لصاحب الأرض ، لعله يبيعها لك تقسيطاً ، افعل ،
حاول هذه المحاولة ، وذهب إليه ،
قال له :
أنا أُعطيت عشرين دنم من أرضك ، ولي شيخ قال لي :
إن أخذها حرام ، هل تبيعني إياها بالتقسيط ؟
قال له :
يا بني أنا أُخذ مني أربعمئة دنم ، ولم يأتِ أحد إلا أنت ، هذه هدية
لك .
مرة ثانية :
زوال الكون أهون على الله من أن تدع شيئاً من أجله ثم يضيعك .
الله عز وجل هو الوحيد معك ومع أهلك في وقت واحد :
الآن أنت مسافر ، ماشي ، أهلك في بلد آخر ، في بلدك الأصلي ،
يا ترى أثناء غيابك في مشكلة ، في حادث ، في مرض شديد ،
في إنسان اعتدى عليهم ، ابنك بالطريق أصابه مكروه ، في قلق
دائم ، فالنبي عليه الصلاة والسلام علمنا هذا الدعاء :
(( اللهم أنت الرفيق في السفر، والخليفة في الأهل والمال والولد ))
[ ورد في الأثر]
أي لا يوجد جهة بالكون هي معك ومع أهلك في وقت واحد .
ولازلنا في حفظ الله لهذا الإنسان ، الدعاء المشهور الذي كان
النبي يدعو به :
( اللَّهمَّ اقسِم لَنا من خشيتِكَ ما يَحولُ بينَنا وبينَ معاصيكَ ، ومن
طاعتِكَ ما تبلِّغُنا بِهِ جنَّتَكَ ، ومنَ اليقينِ ما تُهَوِّنُ بِهِ علَينا مُصيباتِ
الدُّنيا ، ومتِّعنا بأسماعِنا وأبصارِنا وقوَّتنا ما أحييتَنا ،
واجعَلهُ الوارثَ منَّا ، واجعَل ثأرَنا على من ظلمَنا ، وانصُرنا علَى
من عادانا ، ولا تجعَل مُصيبتَنا في دينِنا ، ولا تجعلِ الدُّنيا أَكْبرَ
همِّنا ولا مبلغَ عِلمِنا ، ولا تسلِّط علَينا مَن لا يرحَمُنا )
الراوي : عبدالله بن عمر - المحدث : الألباني –
المصدر : صحيح الترمذي - الصفحة أو الرقم : 3502
خلاصة حكم المحدث : حسن
هذا الدعاء من أدعية النبي التي كان يكثر الدعاء بها .
التولي و التخلي :
أيها الأخوة الكرام ، الآن لابدّ من حقيقة دقيقة :
أنه من اعتمد على نفسه أوكله الله إياها ، أنت بين كلمتين ،
إما أن تقول أنا ، وإما أن تقول الله ، إن قلت أنا تخلى الله عنك
وإذا قلت الله تولاك ، أي أنت بين التولي والتخلي ، تقول أنا معي
اختصاص ، معي شهادة عليا ، أنا من أسرة فلانية ، أنا عندي
خبرات متراكمة ، أنا حجمي المالي كبير ، إذا قلت أنا تخلى الله
عنك ، فإذا قلت الله تولاك الله ، أنت بين التولي والتخلي .
الله حفيظ لا يخفى عليه شيء فبطولة الإنسان أن يصفي قلبه
من كل شيء لا يرضي الله :
آخر شيء أيها الأخوة ، من تطبيقات هذا الاسم أن الله حفيظ
بمعنى لا يخفى عليه شيء ، فالبطولة أن تصفي قلبك من كل
شيء لا يرضي الله .
ما منظر الله عز وجل ؟ قلب المؤمن ، طهر قلبك من كل حقد ،
من كل احتيال ، من كل كراهية .
الشيء الثاني :
الله حفيظ ، يحفظ عباده ، وأنت كمؤمن اشتق من هذا الكمال كمالاً
تقرب به إلى الله ، احفظ من حولك ، أحفظ أولادك ، أحفظ دينهم ،
أحفظ عقيدتهم ، أحفظ عباداتهم ، أحفظ دراستهم ، احفظهم بكل ما
تملك حتى الله عز وجل يكرمك بحفظهم بعد موتك .
أيها الأخوة الكرام ، هذا الاسم من ألصق الأسماء الحسنى
بحاجات الإنسان ، ألا تتمنى أن يحفظك الله ؟
( احفَظِ اللهَ يحفَظْك )
[ أخرجه الترمذي عن عبد الله بن عباس ]
والحمد لله رب العالمين






All times are GMT +3. The time now is 10:13 AM.

Powered by vBulletin® Version 3.8.5
Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd.