تعتبر منطقة مصبات الأنهار في البحار من أجمل المناطق وأكثرها غنى
وقد نشأت كثير من الحضارات حولها،
ومنطقة المصب تكون عادة محاطة بالغابات
والنباتات المنوعة من أطرافها الثلاثة ومفتوحة على البحر
حيث يختلط الماء العذب بالماء المالح.
إن منطقة المصبات لها خصائص وميزات رائعة،
فكل شيء في هذه البيئة المميزة يختلف عما يحيط بها،
فهي بيئة محفوظة ومحجورة وممنوعة من أي كائنات حية أخرى
غير الكائنات التي تعودت على العيش فيها،
ولها خصائص فيزيائية وكيميائية أيضاً تتميز بها عن غيرها من المناطق.
لقد اكتشف العلماء وجود ينابيع عذبة تتدفق داخل المحيطات والبحار
مصدرها المياه الجوفية المختزنة في طبقات الأرض.
ويمكن القول بأن عملية امتزاج الماء المالح بالماء العذب
لا تقتصر على الأنهار بل هنالك مياه مخزنة تحت الأرض أيضاً
تتدفق وتمتزج بمياه البحر،
ويحدث اختلاط واضطراب واختلاف في درجات الملوحة والحرارة،
وبالتالي فإن التعبير القرآني { مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ } ينطبق على هذه الحالة.
وتبلغ كمية الماء العذب المختزن تحت الأرض كمياه جوفية 23.4
مليون كيلو متر مكعب، بينما تبلغ كمية الماء الموجودة في جميع الأنهار
في العالم 2.12 ألف كيلو متر مكعب فقط،
ويبلغ حجم الماء في البحيرات العذبة 91 ألف كيلو متر مكعب،
ويمكن القول بأن حجم الماء المختزن تحت سطح الأرض
أكبر من حجم الماء في الأنهار بـ 250 ضعفاً .
رسم يوضح دورة امتزاج الماء العذب بالماء المالح،
فالأنهار والينابيع والمياه الجوفية تشارك في هذه العملية مع ماء البحر،
ولذلك نجد البيان الإلهي يعبر تعبيراً دقيقاً
{ مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ هَذَا عَذْبٌ فُرَاتٌ وَهَذَا مِلْحٌ أُجَاجٌ }
كما رأينا فإن البحر العذب هو الأنهار والآبار أو المياه الجوفية والينابيع،
وجميع هذه المياه تمتزج وتختلط بماء البحر،
فانظر إلى دقة كلام الله تعالى [14] !
حديث عن العمليات الفيزيائية التي تحصل فعلاً في منطقة الالتقاء
بين النهر والبحر، وهي عمليات خلط مستمر وذهاب وإياب للماء،
وهذا هو تماماً ما تعنيه هذه الكلمة.
2-نلاحظ أن الله تعالى قال:
ولم يقل (مرج النهر والبحر)
، لأن عملية المرج تتم مع الأنهار ومع المياه العذبة المختزنة في الأرض،
والتي تتدفق من قاع المحيطات،
وهذه المياه هي بحر أيضاً، ولكنه بحر عذب لا نراه،
ولكن الله يراه وقد حدثنا عنه قبل علماء أمريكا بقرون كثيرة!
3- إن كلمة (مرج) هي الكلمة الدقيقة
للتعبير عن طبيعة ما يجري في منطقة اختلاط الماء العذب بالماء المالح،
بينما نجد العلماء يستخدمون عدة كلمات للتعبير عن هذه الظاهرة
مثل (خلط، تمازج، حركة، اضطراب، اختلاف...)،
وجميع هذه المعاني تحققها الكلمة القرآنية، فسبحان من أنزل هذه الكلمة!
{ وَجَعَلَ بَيْنَهُمَا بَرْزَخًا }
حديث عن وجود برزخ، وهو منطقة تفصل بين ماء النهر وماء البحر،
وهذه المنطقة أو هذا البرزخ
هو ما يسميه العلماء بمنطقة المصب أو Estuary
طبعاً هذه المنطقة تتشكل بسبب القوانين التي أودعها الله في الماء،
وتسمى بقوانين ميكانيك السوائل،
أي أن القرآن قد قرر حقيقة علمية قبل أن يكتشفها العلماء بقرون طويلة،
وهذا سبق قرآني في علم المياه.