عرض مشاركة واحدة
  #3  
قديم 08-15-2013, 07:44 PM
بنت الاسلام بنت الاسلام غير متواجد حالياً
Moderator
 
تاريخ التسجيل: Sep 2010
المشاركات: 3,019
افتراضي

وقد تحمس الدكتور قاسم السامرائي لبيان عروبة الأرقام المشرقية ،
وانا قوله هنا رغم طوله لجودته ولفتحه آفاقا جديدة في هذا المضمار ،
قال :
أما الأرقام الشائعة في المشرق العربي فهي آرامية فينيقية نبَطية تدمرية
، فهي لذلك عربية الأصل والنّجار ، لا شك فيها إطلاقا . . . فقد كان
الأنباط يستعملون نوعين من التوريخ لا يختلفان عما استعمله نساخ
المخطوطات أو علماء الرجال والطبقات والتاريخ ، إذ كانوا يستعملون
التوريخ كتابة مثل قولهم : في السنة الخامسة من حكم الحارث ، أو أنهم
كانوا يستعملون حساب الجمّل أو الأرقام في توريخ الحوادث ووفياتهم
اعتمد الدكتور السامرائي في هذا على بحث للدكتور سليمان بن عبد
الرحمن الذييب - باللغة الإنجليزية - ، وتعريب عنوانه : نقشان نَبَطيان
مؤرخان - من الجوف . ثن أحال على بحث آخر للدكتور الذييب باسم :
نقوش نَبَطية جديدة من قارة المزاد سكاكا - الجوف ، نشر في مجلة
العصور المجلد (7) الجزء (2) الصفحة 238 . وقد اطلعت على هذا
البحث المفيد ، ولم يرد الترقيم إلا في النقش التاسع عشر منه .
ومن النقوش العغربية المكتوبة بالخط االنّبَطي - بعد انقراض مملكة
الأنباط بمدة طويلة - والمؤرخة بالأرقام : نقش المنارة - وهي بلدة
بحوران في جنوب سوريا - ،
الذي وجد على قبر امرىء القيس الأول ابن عمرو أحد ملوك لخم .
فالأرقام موجودة في السطر الأخير فقط ،
وقد قال الدكتور بعلبكي في كتابه المذكور 124 معلقا على هذا النقش –
واقتصر على ما يختص بالسطر الأخير لا سيما الأرقام - :
"وهو مؤرخ باليوم والشهر والسنة ، في 7 كِسلول (تشرين الثاني - كانون الاول)
من سنة 223 من تاريخ بُصرى { وهو التقويم الذي كان يستعمله عرب
هذه الأطراف ونَبَطها} أي سنة 328 ميلادية . وإن نقلنا نص المنارة
بالكتابة العربية نقلا حرفيا لجاء - (السطر الأخير) –
كما يلي : . . .
عكدي . هلك سنة 223 يو 7 بكسلول بلسعد ذو ولده" .
انتهى من كتاب بعلبكي مع إضافة ما بين المعقوفتين من كتاب المفصّل
في تاريخ العرب قبل الإسلام للدكتور جواد علي 8/176 .
وقد زاد الدكتور جواد :
"وتعد هذه الكتابة أول كتابة وأقدم كتابة عثر عليها حتى الآن مدونة
باللهجة العربية الشمالية القريبة من لهجة القرآن ، وإن كتبت بالقلم
النّبَطي المتأخر وبأسلوب متأثر بالإرمية"
وينظر تفسير هذا النقش في كتاب بعلبكي 126 - 143 .
وقال الدكتور علي عبد الله الدفاع في كتابه الموجز في التراث العلمي
العربي الإسلامي 61 - 62 :
"ومن بواعث الأسف الشديد أن كثيرا من المؤرخين العرب والمسلمين
يخطئون خطأ فاحشا بتسميتهم الأعداد العربية بالهندية ، مما ادخل الشك
في نفوس كثير من الشباب المتعلم في البلاد العربية والإسلامية ،
وأتاح لعلماء الغرب فرصة انتهزوها لتبني هذا الاسم المغلوط ؛
ولكن من فضل الله علينا أن الكاتب المعاصر عبد الرحمن عبد اللطيف
نشر مقالة بمجلة العلم بعنوان "الأرقام العربية" ، ساعدت على إزالة
هذا الشك الخطير
فقال :
(إن الأرقام الغبارية ابتكرها العرب منذ أول عهدهم بتعليم الكتابة العربية
قبل البعثة المحمدية ، فيما بين منتصف القرن الثالث الميلادي ونهاية
القرن السادس الميلادي ، وهو الوقت الذي تم فيه أيضا تحول الخط
العربي من صورته النّبُطية البحتة إلى صورته العربية المعروفة التي نراه
عليها الآن ، والتي لا تبعد كثيرا عن صورة الخط النّبَطي التي كانت يومئذ
هي نفس صورة الأرقام الغبارية تماما ، وقد علم ذلك مؤخرا عندما رأينا
الخط النّبُطي . . . في بلدة النمارة بحوران في نقش مؤرخ سنة (328) ميلادية" .
وينظر المفصّل في تاريخ العرب قبل الإسلام 8/243 ، 246 ، وبالمقارنه
بينه وبين النص الأخير تظهر المبالغة في كلام الكاتب عبد الرحمن عبد اللطيف .
لقد استمر الحسابون يستعملون الأرقام السنسكريتية لوحدها ،
أو مع النبَطية العربية في كتبهم منذ بداية القرن الرابع للهجرة في
المشرق والمغرب ، وأطلقوا على كتبهم مسمى الحساب الهندي ،
لان علم الحساب جاء إليهم من الهنود كما يظهر من مخطوطات علم الحساب
فمن غير المقبول عقلا ومنطقا ان يقتبس الأنباط خطهم وتوريخهم
بحساب الجمّل من الآراميين ويتركوا طرائق حساباتهم بالأرقام .
ومن غير المقبول عقلا أنهم وقد بلغوا ما بلغوا من السمو الحضاري
والتجاري ، ثم أنهم لم يستعملوا أرقاما معينة خاصة بهم في الحساب
مما تفرضه المعاملات التجارية عليهم ، فقد كان منهم تجار يهبطون
الأسواق العالمية في الإسكندرية وفي الشام واليونان والعراق والحبشة
والهند . . . من إن الثابت من النقائش أنهم استعملوا الأرقام إضافة
إلى حساب الجمّل فعلا ، فانتقلت هذه الأرقام مع الخط إلى الهند
وإلى عرب الحجاز قبل الإسلام ، ومن ثم إلى البلدان الإسلامية الأخرى
بعد الفتوح ، بعد أن مرت بفترات طويلة من التطور والتغيير . . .
وهذا يتفق مع ما حكاه ابن النديم والبيروني عن الأرقام التي عرفوها
في الهند والسند .

ويؤيد ما ذهبت إليه أن بعض من كتب في الأرقام ووصوله إلى أوربا ،
رأوا أن الكتابة البراهمية الهندية التي تكتب من اليسار إلى اليمين
وهي أهم الأبجديات الهندية قد اقتُبست من الكتابة الفينيقية ، بينما تكتب
الأبجدية الخارشتية الهندية من اليمين إلى اليسار فهي لذلك مقتبسة
من الآرامية . والآرامية هنا بمعنى النّبَطية ، لأن النّبُط هم الذين كانوا
يتاجرون مع الهند عبر ميناء جرها على الخليج العربي
(تاريخ الخط العربي )

وقد وعد الدكتور السامرائي في هذا البحث بأنه سيُصدر له كتاب حول
الأرقام وأصولها وتطورها ، اعتمادا على النقوش والنقود والمخطوطات
وأكد عدد من علماء المغرب عروبة الأرقام المستعملة الآن في بلادهم –
وليتهم اقتصروا على إثبات عروبة أصلها ، وهو ما يسمى بالأرقام
الغبارية - ؛

منهم الأستاذ محمد السراج إذ يقول :
"فالأرقام المغربية من وضع عربي مغربي" . وكذلك العلامة
الشيخ عبد الله بن محمد بن الصدّيق الغماري ، ومؤرخ المملكة المغربية
عبد الوهاب منصور ، وغيرهم .
واستدلوا بما ذكره ابن الياسمين في كتابه تلقيح الأفكار في العمل برسوم الغبار

( العالم العربي متجه نحو استعمال الأرقام العربية المغربية 47 ،
دليل جديد على عروبة الأرقام المستعملة في المغرب العربي لأبي فارس
231 . وتقدم إيراد الشاهد من كلام ابن الياسمين ، فليُرجع إليه)

كما استدلوا بالتقسيم الذي ذكره حاجي خليفة بقوله :
"كالأرقام الهندية ، والرومانية ، والمغربية ، والإفرنجية"
(كشف الظنون عن أسامي الكتب والفنون) .

والذي أورده القلقشندي بقوله : "علم حساب التَّخْت والميل :
من الكتب المصنفة فيه على طريق الهندي كتب متعددة ، ومن الكتب
المصنفة فيه على طريق الغبار كتاب الحصار"
(صبح الأعشى في صناعة الإنشا) . وقد تقدم توجيه بعضهم لتسمية
الأرقام المغربية بالغبارية ، بأنها كانت تكتب بالقلم المسمى : (غباري) لدقته .

رد مع اقتباس