فأتت باب النبيِّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ ، فلم تجد عندَهْ بوَّابِينَ ،
فقال : إنما الصبرُ عند الصدمةِ الأولى .)
الراوي : أنس بن مالك – المحدث : البخاري –
المصدر : صحيح البخاري - الصفحة أو الرقم : 1283
خلاصة حكم المحدث : [ صحيح ]
حين تتعامل مع أي استفزاز على أنّه " كاميرا خفية " وضعت
لتسجيل نوع استجابتك ، ثمّ تعرضها عليك وعلى الجمهور ، هنا
ستكون أكثر إحكاماً للنفس وسيطرة عليها ، ومعنى هذا أن أي إنسان
يدري أنّ السكينة والسيطرة على النفس هي فضيلة إنسانية ونبل
كبير ، وأنّ الطيش والانفعال السريع فعل مذموم .
حين يمر المرء بتجارب الحياة سيدرك أن من السهل أن يقول ومن
سيكون مدافعاً بحرارة عن موقف انفعالي مرّ به ، لأنّه لا يجدر به أن
الذين حصلوا على قدر من الهدوء لم يدركوه خلال فترة يسيرة ،
ولكن عبر تراكم ممتد من المحاولات والفشل والخجل والتردد
والإحباط ، ومع كل المعوقات قرروا ألا تسقط الراية من أيديهم ،
وأن يكرروا المحاولة تلو الأخرى
مسترشدين بقول الحق عزّ وجل :
} وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ{
وألجموا أنفسهم عن البغي والعدوان والظلم متذكرين وصمة النفاق
فهنا مواطن التقوى الصادقة ، وامتحان النفوس ،
وحين عبر الله تعالى بقول :
{ أُولَئِكَ الَّذِينَ امْتَحَنَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ لِلتَّقْوَى }
كان ذلك في سورة الحجرات التي اشتملت على النهي عن رفع
الأصوات فوق صوت النبي ، والنهي عن ترديد الشائعات ، وعن
الوقوع في الأعراض ، وعن التعيير والتحقير، وعن السخرية ،
وعن سوء الظن ، وعن الاختلاف والتقاتل ، وعن العنصرية
} قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا وَلَكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنَا{
فالإيمان الحق هو ممارسة أخلاقية على أعلى المستويات ،
وانضباط في الحقوق والعلاقات .
النظرة الإيجابية للأشياء والحوادث من منطلق الإيمان بحكمة الخالق
الذي لا يقع شيء إلا بإذنه ؛ تعطي بعداً لقراءة النتائج البعيدة وحسن
الظن بالله ، والهدوء في معالجة المواقف الغامضة والجديدة مع
كمال الحرص على الإفادة من الفرص واقتناصها وحسن توظيفها ،
أضف إلى العناوين الجميلة الموجودة لديك عنواناً اسمه "السكينة"،
تحاول استحضاره كلما ألمت بك مشكلة أو دهمتك نازلة ، أو واجهت
موقفاً مستفزاً أو مثيراً .
تذكر فوراً أنّ هذا الموقف " مصمم " خصيصاً لاختبار صبرك
وقدرتك على الانضباط ، نعم إنّه " القدر المقدور ".
فشكراً لك يا رب وحمداً على نعمائك وحسن تأديبك ،
وزدنا من فضلك ثواب الشاكرين .