يقول الله :
{ وَلَا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ بَعْدَ إِصْلَاحِهَا }
[الأعراف : 56 ]
فالأرض تصلح بالطاعة وتفسد بالمعاصي ,
فالإسلام خير والجاهلية شر
قال عمر :
( تنقض عرى الإسلام عروة عروة إذا نشأ في الإسلام من لا يعف الجاهلية )
فإذا عمرت الأرض بالطاعة حصلت الألفة والاجتماع
{ إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ
سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمَٰنُ وُدًّا }
[ مريم : 96 ]
وإذا عمرت الأرض بالمعاصي حصلت الفرقة والعداوة
{ فَنَسُواْ حَظّاً مّمّا ذُكِرُواْ بِهِ
فَأَغْرَيْنَا بَيْنَهُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَآءَ }
[ المائدة : 14 ]
قولة : فجاء الله بهذا الخير على يديك
معناه : جاء الله بهذا الدين الذي اجتمع فيه خيري الدنيا والآخرة.
قولة :
( فهل بعد هذا الخير من شر ؟ فقال : نعم )
وفي رواية :
( فتنة واختلاف )
وفي رواية السيف :
( يعني : القتال .
قلت : فما العصمة منه , فقال : السيف )
كما في قوله :
{ وَإِنْ طَائِفَتَانِ }
[ الحجرات : 9 ]
وقد كان عمر يحول بين الخير الأول والشر الثاني
لان عمر رضي الله عنه حينما سال حذيفة أن يحدثهم عن الفتنة .
فقال :
( فتنةُ الرجلِ في أهلهِ ومالهِ وولدهِ وجارهِ ،
تكفِّرُها الصلاةُ والصومُ والصدقةُ والأمرُ والنهيُ ،
قال : ليس هذا أريد ، ولكنِ الفتنةُ التي تموجُ كما يموجُ البحرُ،
قال : ليس عليك منها بأسٌ يا أميرَ المؤمنين ،
إنَّ بينك وبينها بابًا مغلقًا ، قال : أيُكسرُ أم يُفتحُ ؟ قال : يُكسر ،
قال : إذًا لا يُغلق أبدًا ، قلنا : أكان عمرُ يعلم البابَ ؟ قال : نعم ،
كما أن دون الغدِ الليلةَ، إني حدثتُه بحديثٍ ليس بالأغاليطِ .
فهبْنا أن نسأل حذيفةَ، فأمرنا مسروقًا فسأله، فقال : البابُ عمرُ )
وهذا يدل على عدم خروج الفتن في زمان عمر
والشر في الحديث : هو قتل عمر
ثم تلاه قتل عثمان وحصل ما حصل بعده من الفتن العظيمة .
قوله :
( قلتُ : وما دَخَنُه ؟ قال : يكونُ بعدي أئمةٌ يستنُّونَ بغيرِ سُنَّتِي ،
ويَهدُون بغيرِ هديِي ، تعرفُ منهم وتُنكرُ )
وفي رواية :
( قلتُ : وما دَخَنُه ؟ قال :
وسيقوم فيهم رجالٌ قلوبُهم قلوبُ الشياطينِ في جُثمانِ إنسٍ )
وفي رواية
( قال : هُدنةٌ على دخَنٍ ، وجماعةٍ على أقذاءٍ ، فيها – أو فيهم –
قلتُ : يا رسولَ اللهِ الهُدنةُ على الدَّخَنِ ما هي ؟
قال : لا ترجِعُ قلوبُ أقوامٍ على الَّذي كانت عليه )
معناه : أن الخير الثاني فيه دخن لأنه خير جاء بعد شر فلا يكون صافي
بل يبقى للشر فيه اثر فترى الشخص ليس على حالة واحدة
فترى عنده طاعات ومعاصي .
قال القاضي عياض :
الشر الأول الفتن التي وقعت في عهد عثمان والخير الذي بعده وفيه دخن
هو ما حصل بخلافة عمر بن عبد العزيز .
أما دخنه : فهو الأئمة الذين جاؤوا بعده فيهم المتمسك بالسنة والعدل
وفيهم من يدعوا إلى البدعة وعمل بالجور .
وقال الخضير : خير وفيه دخن قوم يستنون بغير سنتي
قال : سبب ذلك أما حرصهم الزائد على الخير وأما بسبب غفلتهم
فدخل عليه الدخن فخلطوا المشروع بغير المشروع أو بما ادخلوا من البدع .
خلاصة الكلام : الدخن فسر بالحقد وفساد القلوب
كما في قوله :
( لا ترجع قلوب أقوام على ما كانت )
والأمر الثاني : خلط الخير بالشر
ونتيجة الكدر تفسد القلوب ويدب إليها داء الأمم .