قُلْتُ : ذَكَرَهُمُسْلِمٌفِي بَابِ عَدَمِ الْجَهْرِ بِالْبَسْمَلَةِ عَنْعَبْدَةَأَنَّعُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ
كَانَ يَجْهَرُ بِهَؤُلَاءِ الْكَلِمَاتِ يَقُولُ : سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَ بِحَمْدِكَ وَ تَبَارَكَ اسْمُكَ ،
وَ تَعَالَى جَدُّكَ ، وَ لَا إِلَهَ غَيْرُكَ وَ عَبْدَةُ هَذَا هُوَ ابْنُ أَبِي لُبَابَةَ
وَ هُوَ لَمْ يَسْمَعْ مِنْعُمَرَقَالَهُالنَّوَوِيُّ . وَ لِذَا قَالَ الْحَافِظُ : فِي إِسْنَادِهِ انْقِطَاعٌ ،
وَ رَوَاهُالدَّارَقُطْنِيُّمَوْصُولًا كَمَا فِي بُلُوغِ الْمَرَامِ .
فَإِنْ قُلْتَ : كَيْفَ رَوَىمُسْلِمٌفِي صَحِيحِهِ أَثَرَعُمَرَرَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ . هَذَا ،
وَ هُوَ مُنْقَطِعٌ ، وَ مِنْ شَرْطِمُسْلِمٍأَنْ لَا يُخَرِّجَ فِي صَحِيحِهِ الْحَدِيثَ الضَّعِيفَ ،
وَ الْمُنْقَطِعُ مِنْ أَقْسَامِ الضَّعِيفِ ، قُلْتُ : أَخْرَجَهُ اسْتِطْرَادًا ، وَ مَقْصُودُهُ الْأَصْلِيُّ
هُوَ الْحَدِيثُ الَّذِي أَخْرَجَهُ بَعْدَ هَذَا الْأَثَرِ فِي عَدَمِ الْجَهْرِ بِالْبَسْمَلَةِ وَ هُوَ صَحِيحٌ مُتَّصِلٌ .
فَإِنْ قُلْتَ : فَلِمَ أَخْرَجَهُ اسْتِطْرَادًا وَ لِمَ لَمْ يَقْتَصِرْ عَلَى إِخْرَاجِ الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ الْمُتَّصِلِ
قُلْتُ : إِنَّمَا فَعَلَمُسْلِمٌهَذَا لِأَنَّهُ سَمِعَهُ هَكَذَا فَأَدَّاهُ كَمَا سَمِعَ
وَ لِهَذَا نَظَائِرُ كَثِيرَةٌ فِي صَحِيحِمُسْلِمٍوَ غَيْرِهِ ، وَ لَا إِنْكَارَ فِي هَذَا كُلِّهِ .
قَوْلُهُ : ( وَ الْعَمَلُ عَلَى هَذَا عِنْدَ أَكْثَرِ أَهْلِ الْعِلْمِ مِنَ التَّابِعِينَ وَ غَيْرِهِمْ )
وَ عَلَيْهِ عَمَلُ الْحَنَفِيَّةِ . قَالَ الْحَافِظُابْنُ تَيْمِيَةَفِي الْمُنْتَقَى :
وَ أَخْرَجَمُسْلِمٌفِي صَحِيحِهِ أَنَّعُمَرَكَانَ يَجْهَرُ بِهَؤُلَاءِ الْكَلِمَاتِ
يَقُولُ سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَ بِحَمْدِكَ وَ تَبَارَكَ اسْمُكَ وَ تَعَالَى جَدُّكَ وَ لَا إِلَهَ غَيْرُكَ
وَ رَوَىسَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍفِي سُنَنِهِ عَنْأَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِأَنَّهُ كَانَ يَسْتَفْتِحُ بِذَلِكَ ،
وَ كَذَلِكَ رَوَاهُالدَّارَقُطْنِيُّعَنْعُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ،وَ ابْنُ الْمُنْذِرِعَنْعَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ
. وَ قَالَالْأَسْوَدُ : كَانَعُمَرُإِذَا افْتَتَحَ الصَّلَاةَ قَالَ :
سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَ بِحَمْدِكَ وَ تَبَارَكَ اسْمُكَ وَ تَعَالَى جَدُّكَ ،
وَ لَا إِلَهَ غَيْرُكَ يُسْمِعُنَا ذَلِكَ وَ يُعَلِّمُنَا . رَوَاهُالدَّارَقُطْنِيُّ، ثُمَّ قَالَابْنُ تَيْمِيَةَ
: وَ اخْتِيَارُ هَؤُلَاءِ وَ جَهَرَعُمَرُبِهِ أَحْيَانًا بِمَحْضَرٍ مِنَ الصَّحَابَةِ لِيَتَعَلَّمَهُ النَّاسُ ،
مَعَ أَنَّ السُّنَّةَ إِخْفَاؤُهُ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ الْأَفْضَلُ ،
وَ أَنَّهُ الَّذِي كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ سَلَّمَ يُدَاوِمُ عَلَيْهِ غَالِبًا وَ إِنْاسْتَفْتَحَ بِمَا رَوَاهُعَلِيٌّ،
وَ أَبُو هُرَيْرَةَفَحَسَنٌ لِصِحَّةِ الرِّوَايَةِ انْتَهَى كَلَامُابْنِ تَيْمِيَةَ،
قَالَالشَّوْكَانِيُّفِي النَّيْلِ : وَ لَا يَخْفَى أَنَّ مَا صَحَّ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ سَلَّمَ
أَوْلَى بِالْإِيثَارِ وَ الِاخْتِيَارِ ، وَ أَصَحُّ مَا رُوِيَ فِي الِاسْتِفْتَاحِ حَدِيثُأَبِي هُرَيْرَةَالْمُتَقَدِّمُ ،
ثُمَّ حَدِيثُ عَلِيٍّ انْتَهَى . قُلْتُ : أَرَادَالشَّوْكَانِيُّبِحَدِيثِأَبِي هُرَيْرَةَالَّذِي رَوَاهُ الْجَمَاعَةُ إِلَّاالتِّرْمِذِيَّ،
قَالَ : كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ سَلَّمَ
إِذَا كَبَّرَ فِي الصَّلَاةِ سَكَتَ هُنَيْهَةً قَبْلَ الْقِرَاءَةِ
قُلْتُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، بِأَبِي أَنْتَ وَ أُمِّي ، أَرَأَيْتَ سُكُوتَكَ بَيْنَ التَّكْبِيرِ وَ الْقُرْآنِ مَا تَقُولُ ؟
قَالَ : أَقُولُ اللَّهُمَّ بَاعِدْ بَيْنِي وَ بَيْنَ خَطَايَايَ كَمَا بَاعَدْتَ بَيْنَ الْمَشْرِقِ وَ الْمَغْرِبِ … الْحَدِيثَ
وَ أَرَادَ بِحَدِيثِ عَلِيٍّالَّذِي رَوَاهُأَحْمَدُوَ مُسْلِمٌوَ التِّرْمِذِيُّ،
قَالَ : كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ سَلَّمَ إِذَا قَامَ إِلَى الصَّلَاةِ قَالَ :
وَجَّهْتُ وَجْهِي لِلَّذِي فَطَرَ السَّمَاوَاتِ وَ الْأَرْضَ… الْحَدِيثَ .
وَ لَا شَكَّ فِي أَنَّ أَصَحَّ مَا رُوِيَ فِي الِاسْتِفْتَاحِ هُوَ حَدِيثُأَبِي هُرَيْرَةَ
فَهُوَ أَوْلَى بِالْإِيثَارِ وَ الِاخْتِيَارِ ، وَ هَذَا الْحَدِيثُ لَمْ يَرْوِهِالتِّرْمِذِيُّفِي هَذَا الْبَابِ ،
وَ لَمْ يُشِرْ إِلَيْهِ لَكِنَّهُ أَشَارَ إِلَيْهِ فِي بَابِ السَّكْتَتَيْنِ .
أنْتَهَى .
وَ اللَّهُ تَعَالَى أعلى و أَعْلَمُ. و أجل