قَوْلُهُ : ( وَ قَدْ رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ سَلَّمَ ،
أَنَّهُكَانَ يَقُولُ بَعْدَ التَّسْلِيمِ لَا إِلَهَ إِلَا اللَّهُإِلَخْ )
أَخْرَجَهُ الشَّيْخَانِ مِنْ حَدِيثِالْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَبِدُونِ لَفْظِ يُحْيِي وَ يُمِيتُ
قَالَ الْحَافِظُ فِي الْفَتْحِ : زَادَالطَّبَرَانِيُّمِنْ طَرِيقٍ أُخْرَى عَنِالْمُغِيرَةِ
: يُحْيِي وَ يُمِيتُ وَ هُوَ حَيٌّ لَا يَمُوتُ بِيَدِهِ الْخَيْرُ إِلَى قَدِيرٍ، وَ رُوَاتُهُ مُوَثَّقُونَ ،
وَ ثَبَتَ مِثْلُهُ عِنْدَالْبَزَّارِمِنْ حَدِيثِعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍبِسَنَدٍ صَحِيحٍ ،
لَكِنْ فِي الْقَوْلِ إِذَا أَصْبَحَ وَ إِذَا أَمْسَى ، انْتَهَى
( لَا يَنْفَعُ ذَا الْجَدِّ مِنْكَ الْجَدُّ ) بِفَتْحِ الْجِيمِ فِي اللَّفْظَيْنِ
أَيْ لَا يَنْفَعُ صَاحِبُ الْغِنَى مِنْكَ غِنَاهُ ، إِنَّمَا يَنْفَعُهُ الْعَمَلُ الصَّالِحُ .
قَالَ الْحَافِظُ فِي الْفَتْحِ : قَالَالْخَطَّابِيُّالْجَدُّ الْغِنَى ،
وَ يُقَالُ الْحَظُّ قَالَ : وَ مِنْ فِي قَوْلِهِ مِنْكَ بِمَعْنَى الْبَدَلِ قَالَ الشَّاعِرُ :
فَلَيْتَ لَنَا مِنْ مَاءِ زَمْزَمَ شَرْبَةً
مُبَرَّدَةً بَاتَتْ عَلَى الظَّمْآنِ
يُرِيدُ لَيْتَ لَنَا بَدَلَ مَاءِ زَمْزَمَ ، انْتَهَى .
وَ فِي الصِّحَاحِ مَعْنَى مِنْكَ هُنَا عِنْدَكَ أَيْ لَا يَنْفَعُ ذَا الْغِنَى عِنْدَكَ غِنَاهُ ،
إِنَّمَا يَنْفَعُهُ الْعَمَلُ الصَّالِحُ . وَ قَالَابْنُ التِّينِ : الصَّحِيحُ عِنْدِي أَنَّهَا لَيْسَتْ بِمَعْنَى الْبَدَلِ وَ لَا عِنْدَ ،
بَلْ هُوَ كَمَا تَقُولُ وَ لَا يَنْفَعُكَ مِنِّي شَيْءٌ إِنْ أَنَا أَرَدْتُكَ بِسُوءٍ ، وَ لَمْ يَظْهَرْ مِنْ كَلَامِهِ مَعْنًى ،
وَ مُقْتَضَاهُ أَنَّهَا بِمَعْنَى عِنْدَ أَوْ فِيهِ حَذْفٌ تَقْدِيرُهُ مِنْ قَضَائِي أَوْ سَطْوَتِي أَوْ عَذَابِي .
وَ اخْتَارَ الشَّيْخُجَمَالُ الدِّينِفِي الْمُغْنِي الْأَوَّلَ ، قَالَ :
وَ الْجَدُّ مَضْبُوطٌ فِي جَمِيعِ الرِّوَايَاتِ بِفَتْحِ الْجِيمِ وَ مَعْنَاهُ الْغِنَى أَوِ الْحَظُّ .
وَ قَالَالنَّوَوِيُّ : الصَّحِيحُ الْمَشْهُورُ الَّذِي عَلَيْهِ الْجُمْهُورُ أَنَّهُ بِالْفَتْحِ وَ هُوَ الْحَظُّ
فِي الدُّنْيَا بِالْمَالِ أَوِ الْوَلَدِ أَوِ الْعَظَمَةِ أَوِ السُّلْطَانِ ،
وَ الْمَعْنَى لَا يُنْجِيهِ حَظُّهُ مِنْكَ وَ إِنَّمَا يُنْجِيهِ فَضْلُكَ وَ رَحْمَتُكَ ، انْتَهَى كَلَامُ الْحَافِظِ مُلَخَّصًا .
قُلْتُ : فَالْجَدُّ بِفَتْحِ الْجِيمِ هُوَ الرَّاجِحُ الْمُعَوَّلُ عَلَيْهِ ،
وَ أَمَّا الْجِدُّ بِكَسْرِ الْجِيمِ فَقَدْ حُكِيَ عَنْأَبِي عَمْرٍو الشَّيْبَانِيِّأَنَّهُ رَوَاهُ بِالْكَسْرِ
كَمَا قَالَالْقُرْطُبِيُّ، وَ لَا يَسْتَقِيمُ مَعْنَاهُ هُنَا إِلَّا بِتَكَلُّفٍ ، قِيلَ :
مَعْنَاهُ لَا يَنْفَعُ ذَا الِاجْتِهَادِ اجْتِهَادُهُ وَ أَنْكَرَهُالطَّبَرِيُّ . وَ قَالَالْقَزَّازُفِي تَوْجِيهِ إِنْكَارِهِ :
الِاجْتِهَادُ فِي الْعَمَلِ نَافِعٌ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَدْ دَعَا الْخَلْقَ إِلَى ذَلِكَ فَكَيْفَ لَا يَنْفَعُ عِنْدَهُ قَالَ :
فَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ أَنَّهُ لَا يَنْفَعُ الِاجْتِهَادُ فِي طَلَبِ الدُّنْيَا وَ تَضْيِيعِ أَمْرِ الْآخِرَةِ ، وَ قِيلَ :
لَعَلَّ الْمُرَادَ أَنَّهُ لَا يَنْفَعُ بِمُجَرَّدِهِ مَا لَمْ يُقَارِنْهُ الْقَبُولُ ،
وَ ذَلِكَ لَا يَكُونُ إِلَّا بِفَضْلِ اللَّهِ وَ رَحْمَتِهِ .
قَوْلُهُ : ( وَ رُوِيَ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ سُبْحَانَ رَبِّكَ إِلَخْ )
أَخْرَجَهُ أَبُو يَعْلَى كَمَا عَرَفْتَ
( رَبِّ الْعِزَّةِ ) أَيِ الْغَلَبَةِ بَدَلٌ مِنْ رَبِّكَ
( عَمَّا يَصِفُونَ ) بِأَنَّ لَهُ وَلَدًا
( وَ سَلَامٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ ) أَيِ الْمُبَلِّغِينَ عَنِ اللَّهِ التَّوْحِيدَ وَ الشَّرَائِعَ
( وَ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ) عَلَى نَصْرِهِمْ وَ هَلَاكِ الْكَافِرِينَ .