وَ اسْتُشْكِلَ تَقْرِيرُهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ عَلَى صَلَاتِهِ وَ هِيَ فَاسِدَةٌ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ عَلَى الْقَوْلِ
بِأَنَّ النَّفْيَ لِلصِّحَّةِ ، وَ أُجِيبَ بِأَنَّهُ أَرَادَ اسْتِدْرَاجَهُ بِفِعْلِ مَا جَهِلَهُ مَرَّاتٍ ،
لِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ فَعَلَهُ نَاسِيًا أَوْ غَافِلًا فَيَتَذَكَّرَ فَيَفْعَلَهُ مِنْ غَيْرِ تَعْلِيمٍ ،
فَلَيْسَ مِنْ بَابِ التَّقْرِيرِ عَلَى الْخَطَأِ ، بَلْ مِنْ بَابِ تَحَقُّقِ الْخَطَأِ أَوْ بِأَنَّهُ لَمْ يُعَلِّمْهُ
أَوَّلًا لِيَكُونَ أَبْلَغَ فِي تَعْرِيفِهِ وَ تَعْرِيفِ غَيْرِهِ ، وَ لِتَفْخِيمِ الْأَمْروَ تَعْظِيمِهِ عَلَيْهِ .
وَ قَالَابْنُ دَقِيقِ الْعِيدِ . لَيْسَ التَّقْرِيرُ بِدَلِيلٍ عَلَى الْجَوَازِ مُطْلَقًا بَلْ لَا بُدَّ مِنِ انْتِفَاءِ الْمَوَانِعِ ،
وَ لَا شَكَّ أَنَّ فِي زِيَادَةِ قَبُولِ الْمُتَعَلِّمِ لِمَا يُلْقَى عَلَيْهِ بَعْدَ تَكْرَارِ فِعْلِهِ ، وَ اسْتِجْمَاعِ نَفْسِهِ ،
وَ تَوَجُّهُ سُؤَالِهِ مَصْلَحَةٌ مَانِعَةٌ مِنْ وُجُوبِ الْمُبَادَرَةِ إِلَى التَّعْلِيمِ ،
لَا سِيَّمَا مَعَ عَدَمِ خَوْفِ الْفَوَاتِ ، إِمَّا بِنَاءً عَلَى ظَاهِرِ الْحُكْمِ أَوْبِوَحْيٍ خَاصٍّ ، انْتَهَى
( فَقَالَ أَجَلْ ) أَيْ نَعَمْ . قَالَ فِي الْقَامُوسِ : أَجَلْ جَوَابٌ كَنَعَمْ إِلَّا أَنَّهُ أَحْسَنُ مِنْهُ فِي التَّصْدِيقِ ،
وَ نَعَمْ أَحْسَنُ مِنْهُ فِي الِاسْتِفْهَامِ
( ثُمَّ تَشَهَّدْ ) أَيْ أَذِّنْ " فَأَقِمْ أَيْضًا " وَ فِي رِوَايَةِأَبِي دَاوُدَ،
ثُمَّ : تَشَهَّدْ فَأَقِمْ وَ لَيْسَ فِيهَا لَفْظَةُ أَيْضًا ، قَالَ فِي الْمِرْقَاةِ :
ثُمَّ تَشَهَّدْ أَيْ قُلْ أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَ أَنَّمُحَمَّدًارَسُولُ اللَّهِ بَعْدَ الْوُضُوءِ فَأَقِمْ أَيِ الصَّلَاةَ .
وَ قِيلَ مَعْنَى تَشَهَّدْ : أَذِّنْ لِأَنَّهُ مُشْتَمِلٌ عَلَى كَلِمَتَيِ الشَّهَادَةِ ،
فَأَقِمْ عَلَى هَذَا يُرَادُ بِهِ الْإِقَامَةُ لِلصَّلَاةِ ، كَذَا نَقَلَهُمَيْرَكُعَنِ الْأَزْهَارِ ، انْتَهَى مَا فِي الْمِرْقَاةِ .
وَ الظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ بِقَوْلِهِ ، ثُمَّ تَشَهَّدْ فَأَقِمْ : الْأَذَانُ وَ الْإِقَامَةُ ، يَدُلُّ عَلَيْهِ لَفْظُ أَيْضًا بَعْدَ قَوْلِهِ فَأَقِمْ
)فَإِنْ كَانَ مَعَكَ قُرْآنٌ فَاقْرَأْ ( وَ فِي رِوَايَةٍلِأَبِي دَاوُدَ،
ثُمَّ اقْرَأْ بِأُمِّ الْقُرْآنِ وَ بِمَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ تَقْرَأَ . قَالَ الْحَافِظُ بَعْدَ ذِكْرِ هَذِهِ الرِّوَايَةِ
: وَ أَحْمَدُوَ ابْنُ حِبَّانَمِنْ هَذَا الْوَجْهِ : ثُمَّ اقْرَأْ بِأُمِّ الْقُرْآنِ ، ثُمَّ اقْرَأْ بِمَا شِئْتَ .
تَرْجَمَ لَهُابْنُ حِبَّانَبِبَابِ : فَرْضُ الْمُصَلِّي قِرَاءَةُ فَاتِحَةِ الْكِتَابِ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ
(ثُمَّ اعْتَدِلْ قَائِمًا)وَ فِي لَفْظِأَحْمَدَ : فَأَقِمْ صُلْبَكَ حَتَّى تَرْجِعَ الْعِظَامُ إِلَى مَفَاصِلِهَا
( ثُمَّ اسْجُدْ فَاعْتَدِلْ سَاجِدًا ، ثُمَّ اجْلِسْ فَاطْمَئِنَّ جَالِسًا)وَ فِي رِوَايَةٍلِأَبِي دَاوُدَ ،
ثُمَّ يَسْجُدُ حَتَّى تَطْمَئِنَّ مَفَاصِلُهُ ، ثُمَّ يَقُولُ اللَّهُ أَكْبَرُ ، ويَرْفَعُ رَأْسَهُ حَتَّى يَسْتَوِيَ قَاعِدًا ،
ثُمَّ يَقُولُ : اللَّهُ أَكْبَرُ ، ثُمَّ يَسْجُدُ حَتَّى تَطْمَئِنَّ مَفَاصِلُهُ ، ثُمَّ يَرْفَعُ رَأْسَهُ فَيُكَبِّرُ
)فَإِذَا فَعَلْتَ ذَلِكَ ) أَيْ مَا ذُكِرَ
)فَقَدْ تَمَّتْ صَلَاتُكَ)أَيْ صَارَتْ تَمَامًا غَيْرَ نَاقِصَةٍ
( وَ إِنِ انْتَقَصْتَ ) أَيْ نَقَصْتَ ، قَالَ فِي الْقَامُوسِ : أَنْقَصَهُ وَ نَقَّصَهُ وَ انْتَقَصَهُ نَقَصَهُ
( وَ كَانَ هَذَا أَهْوَنَ ) أَيْ أَسْهَلَ
( عَلَيْهِمْ ) أَيْ عَلَى الصَّحَابَةِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ
( مِنَ الْأُولَى ) أَيْ مِنَ الْمَقَالَةِ الْأُولَى ،
وَ هِيَفَارْجِعْ فَصَلِّ فَإِنَّكَ لَمْ تُصَلِّ " أَنَّهُ مَنِ انْتَقَصَ مِنْ ذَلِكَ شَيْئًا إِلَخْ " بَدَلٌ مِنْ قَوْلِهِ هَذَا .
قَوْلُهُ : ( وَ فِي الْبَابِ عَنْأَبِي هُرَيْرَةَوَ عَمَّارِ بْنِ يَاسِرٍ)
أَمَّا حَدِيثُأَبِي هُرَيْرَةَفَأَخْرَجَهُ الشَّيْخَانِ وَ أَخْرَجَهُالتِّرْمِذِيُّأَيْضًا فِي هَذَا الْبَابِ ،
وَ أَمَّا حَدِيثُعَمَّارٍفَلْيُنْظَرْ مَنْ أَخْرَجَهُ .
قَوْلُهُ : ( حَدِيثُرِفَاعَةَ بْنِ رَافِعٍحَدِيثٌ حَسَنٌ )
وَ أَخْرَجَهُأَبُو دَاوُدَوَ النَّسَائِيُّ . وَ قَالَابْنُ عَبْدِ - ص179 - الْبَرِّ :
هَذَا حَدِيثٌ ثَابِتٌ نَقَلَهُ مَيْرَكُ، عَنِالْمُنْذِرِيِّكَذَا فِي الْمِرْقَاةِ .
قَوْلُهُ : ( وَ قَدْ رُوِيَ عَنْرِفَاعَةَهَذَا الْحَدِيثُ مِنْ غَيْرِ وَجْهٍ )
قَالَ الْحَافِظُ فِي الْفَتْحِ : أَخْرَجَهُأَبُو دَاوُدَوَ النَّسَائِيُّمِنْ رِوَايَةِإِسْحَاقَ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ
وَ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَوَ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرٍووَ مُحَمَّدِ بْنِ عَجْلَانَوَ دَاوُدَ بْنِ قَيْسٍ
كُلِّهِمْ عَنْ عَلِيِّ بْنِ يَحْيَى بْنِ خَلَّادِ بْنِ رَافِعٍ الزُّرَقِيِّ ، عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَمِّهِرِفَاعَةَ بْنِ رَافِعٍ،
فَمِنْهُمْ مَنْ لَمْ يُسَمِّرِفَاعَةَقَالَ عَنْ عَمٍّ لَهُ بَدْرِيٍّ ، وَ مِنْهُمْ مَنْ لَمْ يَقُلْ عَنْ أَبِيهِ ،
وَ رَوَاهُالنَّسَائِيُّوَ التِّرْمِذِيُّمِنْ طَرِيقِيَحْيَى بْنِ عَلِيِّ بْنِ يَحْيَى،
عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ عَنْرِفَاعَةَ، لَكِنْ لَمْ يَقُلِالتِّرْمِذِيُّعَنْ أَبِيهِ
وَ فِيهِ اخْتِلَافٌ آخَرُ ذَكَرَهُ الْحَافِظُ فِي الْفَتْحِ